Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

د. عبدالرحمن الجمهور الأستاذ بجامعة الإمام لـ الجزيرة : د. عبدالرحمن الجمهور الأستاذ بجامعة الإمام لـ الجزيرة :
علاقة الداعية بالقرآن علاقة وثيقة تنطلق من الفهم والتطبيق

* الجزيرة - خاص:
اكد الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الجمهور الاستاذ بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ان علاقة الداعية بالقرآن علاقة وثيقة تنطلق من الفهم والتطبيق، فالاعتماد على القرآن في كل موقف دعوي وفي كل رأي يعصم الداعية من الزلل والبعد عن الحق، مشيراً الى ان هناك ظاهرة تاريخية ينبغي ان يقف امامها اصحاب الدعوة الاسلامية في كل ارض وفي كل زمان، وأن يقفوا امامها طويلاً، ذلك انها كانت ذات اثر حاسم في منهج الدعوة واتجاهاتها. لقد خرجت هذه الدعوة جيلاً من الناس - جيل الصحابة رضوان الله عليهم - جيلاً مميزاً في تاريخ الاسلام كله، وفي تاريخ البشرية جميعه. كان النبع الاول الذي استقى منه ذلك الجيل هو نبع القرآن.
وأفاد الشيخ الدكتور الجمهور ان ابن القيم يقول «حاجة الناس الى الشريعة اعظم من حاجتهم إلى النفس والطعام والشراب. لأن غاية ما يقدر في عدم التنفس موت البدن، وأما ما يقدر عنه عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة، وهلاك الابد وشتان بين هلاك هذا وهلاك البدن بالموت» والشريعة ممثلة بمصادرها الرئيسية القرآن والسنة المطهرة.
وقال فضيلته: اننا نجده -رحمه الله- يؤكد على اهمية اتخاذ القرآن والسنة نبراساً ومشعل نور يضيء الطريق، أما الداعية اذا اعتمد القرآن وسيلة من وسائل الدعوة فهو بهذا يخط منهجاً ربانياً كاملاً متوازناً بعيداً عن القصور البشري، وهذا بلا شك اساس متين في الدعوة إلى الله تعالى، ففيه العقيدة الصحيحة التي يدعو لها الداعية وتبين علاقة العبد بربه قال تعالى: {وّمّا خّلّقًتٍ پًجٌنَّ وّالإنسّ إلاَّ لٌيّعًبٍدٍونٌ} فأسست هذه العقيدة نظرة متميزة للانسان والحياة.
وأفاد الشيخ الدكتور عبدالرحمن الجمهور انه اذا ما بنى الداعي دعوته على اساس متين يستمد شرعيته من القرآن تصبح له نظرة ثاقبة في الامور ويزنها بميزان الشرع المستقيم، فقد كان عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه- معروفاً بالحكمة والرفق، وفي يوم من الأيام، دخل عليه احد ابنائه، وقال له: يا ابت! لماذا تتساهل في بعض الامور؟ فوالله لو اني مكانك ما خشيت في الحق احداً. فقال الخليفة لابنه: لا تعجل يا بني، فان الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في المرة الثالثة، وأنا اخاف ان احمل الناس على الحق جملة فيدفعوه «اي اخاف ان اجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضوه» فتكون فتنة فانصرف الابن راضياً بعد ان اطمأن لحسن سياسة ابيه، وعلم ان رفق ابيه ليس عن ضعف، ولكنه نتيجة تطبيق ما فهمه من القرآن الكريم. وذات يوم جاء بعض الناس إلى الامام الشافعي، وطلبوا منه ان يذكر لهم دليلاً على وجود الله عز وجل. ففكر لحظة، ثم قال لهم: الدليل هو ورقة التوت. فتعجب الناس من هذه الاجابة، وتساءلوا: كيف تكون ورقة التوت دليلاً على وجود الله؟! فقال الامام الشافعي: «ورقة التوت طعمها واحد، لكن إذا أكلها دود القز أخرج حريراً، وإذا اكلها النحل اخرج عسلاً، وإذا اكلها الظبي اخرج المسك ذا الرائحة الطيبة.. فمن الذي وحّد الاصل وعدّد المخارج! انه الله - سبحانه وتعالى- خالق الكون العظيم. وبهذا نجد ان الداعية الذي يتخذ من القرآن نبراساً يهتدي به في دعوته ويطبقه ويفهمه يوفق بعون الله في دعوته.
وأوصي الاستاذ بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية الشيخ الدكتور عبدالرحمن الجمهور الداعية بالتحلي بالاخلاص لله في القول والعمل، وان يستشعر
الداعية انه يقوم بعمل قد كلف الله به الأنبياء قبله، وأن خير البشر صلى الله عليه وسلم سار عليه وعلى دربه سار الخلفاء الراشدون وخير القرون بعد قرن رسول الله ، وأن على الداعية تحديد الأولويات. وأن يباشر الأمور حسب ترتيبها كما بين ذلك الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، وعلى الداعية ايضا التصرف بفطنة في أمور الدعوة فقد كان عبدالله بن المبارك عابدا مجتهداً، وعالماً بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس، ليتعلموا من علمه الغزير.
وأضاف فضيلته في السياق نفسه قائلاً: وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله، فنظر اليه ابن المبارك، ليلفت نظره الى ان حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم ان حافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه، فأراد ابن المبارك ان يجعله يعمل بهذه السنة دون ان يحرجه، فسأله: أي شيء يقول العاطس اذا عطس؟ فقال الرجل: الحمد لله، عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله. وما قصة تعليم الحسن والحسين رضي الله عنهما الاعرابي كيف يتوضأ الا دليل على فطنة الداعي وتخير الوسيلة المناسبة للدعوة.
واستطرد فضيلته قائلاً: ولنا في قصة خليفة المسلمين عمر بن الخطاب عبرة في حسن تصرف الداعية فقد خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ذاهباً إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة وفي الطريق علم ان مرض الطاعون قد انتشر في الشام، وقتل كثيراً من الناس، فقرر الرجوع، ومنع من معه من دخول الشام، فقال له الصحابي الجليل ابوعبيدة بن الجراح : أفراراًً من قدر الله يا أمير المؤمنين؟
فرد عليه امير المؤمنين : لو غيرك قالها يا ابا عبيدة! ثم أضاف قائلاً: نعم نفر من قدر الله الى قدر الله! أرأيت لو أن لك ابلاً هبطت وادياً له جهتان: احداهما خصيبة «أي بها زرع وحشائش تصلح لأن ترعى فيها الابل»، والاخري جديبة «أي لا زروع فيها، ولا تصلح لأن ترعى فيها الأبل»، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved