Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رياض الفكر رياض الفكر
دعاة «الداخل» هل يناسبون الخارج؟!
سلمان بن محمد العُمري

من افضل الاعمال التي يمكن ان يعملها الانسان هي عملية الدعوة الى الله، يقول الله تعالى:{وّمّنً أّحًسّنٍ قّوًلاْ مٌَمَّن دّعّا إلّى پلَّهٌ وّعّمٌلّ صّالٌحْا وّقّالّ إنَّنٌي مٌنّ پًمٍسًلٌمٌينّ} ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لان يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم».
والمسلم بطبيعته وفطرته وحياته هو داعية، ولكن لا نقصد هنا الدعوة بعمومها، بل نقصد الدعوة بخصوصيتها، الدعوة التي يقوم بها الداعية المتخصص المتفرغ، الدارس للامر، المخصص كل وقته لهذا العمل الكبير.. وشروط تحقيق بناء هذا الداعية معروفة ومدونة بكتب الشرع، ويضاف لها على الدوام شروط اضافية حسب تطورات العصر والزمان، فالاساس هو ثبات العقيدة وسلامتها، وتأتي من بعد ذلك المواهب الشخصية، والمقدرة، والتزود بالعلم الصافي الديني والدنيوي، وكذلك الاحتياط من النواحي اللغوية لايصال الفكرة لمن يخاطبهم ويناقشهم، وكذلك المعرفة بالمشاكل، والخصوصيات في المجتمع ذي العلاقة، والالمام بتقنيات العصر وخصوصاً الكمبيوتر والانترنت، ومواكبة العصر سياسياً، واجتماعياً، وثقافياً، واقتصادياً، وغير ذلك.
وبلاد الحرمين الشريفين المباركة قد منَّ الله عليها ومنذ بدء دعوة الاسلام بمهمة ابلاغ الدعوة لارجاء المعمورة واصقاعها، وقد اخذت المملكة منذ تأسيسها والى عصرنا الحاضر الى ما شاء الله، كانت وما زالت على قمة هرم الدعوة الاسلامية الوسطية الصحيحة.
ان الدعاة ينطلقون من هذه البلاد ويتوجهون بزادهم ومتاعهم لبث الخير في كل مكان.. ولكن أليس من حقنا ان نبحث في زادهم سعياً نحو تدعيمه وتقويته وجعله اقدر على مواجهة متطلبات الدعوة، فكم من داعية عرف لغة القوم الذين سيتوجه اليهم، ولكن لم يكن علمه الشرعي كافياً وعلى المستوى المطلوب، لقد فاتته امور في غاية الاهمية، وعلى العكس تجد البعض بحراً في العلوم الشرعية ولكن تعوزه اللغة المناسبة، وعكس هذا وذاك هناك من يفتقد المعرفة بعلوم الدنيا واهتمامات الناس، وهذا امر في غاية الاهمية لمخاطبة البشر.
اما البعض الآخر فانه يخرج في الدعوة ولاول مرة، ويواجه مجتمعات لا يعرف كيف يعايشها، وهذه صعوبة لا تحل الا بأن يرافق هذا الداعية غيره من الدعاة حتى يقوى عوده ويشتد عزمه ومن ثم يخوض غمار التجربة بقوة اكبر وعطاء اكثر.
اننا نعرف - ومن معايشة الواقع، والحياة اليومية، والاجتماعية - ان البعض وللاسف ليس له جهود دعوية في الداخل، فليس له كلمات، او مشاركات، او غير ذلك مما يسهم في تطوير نفسه وخدمة الدعوة بشكل افضل بإذن الله، وهذا لا يأتي من فراغ، فمن يخوض غمار الحياة ولديه المؤهلات والمواهب لابد ان ينجح في مسعاه بإذن الله.
ان من الاشكاليات الكبرى قضية الذهاب الى المجتمعات الغربية وهي مجتمعات لها اشكالياتها ومخاطرها وهمومها وميزاتها وصفاتها، فيذهب الداعية الى هناك ولاول مرة في حياته فلا يعرف عن تلك المجتمعات الا اليسير الذي سمعه من اجهزة التلفزيون، او الصحف، او المجلات، او سمعه من الاصدقاء، وبالتالي ليس لديه صورة صحيحة عن الواقع هناك، وليس لديه تصور مسبق لما سيعمله او سيقوم به، وماهي المهام التي تنتظره، وماهي القضايا التي عليه ان يلم بها تماماً.
ان من الصعوبة بمكان على هذا الداعية ان يعرف بالتالي ماهي المشاكل التي يواجهها المسلم هناك، وبالتالي فانه قد يخاطب الناس وكأنه يخاطب سكان الرياض، او بريدة، وبذلك يصنع حجاباً كاتماً بينه وبين الناس، وقد يفتح على نفسه باب السؤال، والخوض بالقضايا السياسية وذات الحساسيات!.
كما انه قد يخشى الاقتراب من بعض القضايا واجاباتها، وبالتالي تظهر نقاط ضعفه، وهذه تهزمن مكانته وتخل بامكانية قيامه بواجبه بالشكل الامثل.
وهنا نعود لقضية اللغة، فالذي لا يلم بلغة لابد وان ينعكس ذلك على اسهامه بقضية الدعوة، فكيف تخاطب قوماً تتلعثم بلغتهم، فالعربي الذي يذهب الى بريطانيا مثلاً ولا يجيد الانجليزية، فانه سيتقوقع على بني جلدته، وبالتالي سينفر منه المسلمون الاعاجم، وسيشعرون انه انما ارسل لقوم غيرهم، وهذه سلبية يجب تداركها وتلافيها بكل السبل.
الدعوة هي عماد من اعمدة الدين، وكل ما يخدمها هو عمل مطلوب ان نقبل عليه بكل ما اوتينا من قوة، وما كلماتنا الا صرخة لكل من يعنيه الامر كي تسير الامور من طيب الى اطيب، ومن رائع الى اروع، وما النصر إلا من عند الله، والله ولي التوفيق.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved