Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حسن الخاتمة حسن الخاتمة
علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما اما بعد:
فان حسن الخاتمة امنية يرجوها كل مؤمن ومؤمنة، وسوء الخاتمة دركة يستعيذون الله منها الحاحاً وعبودية، ولذا اشفق الصالحون منها ورغبوا في حسن العواقب حيث استقر في قلوبهم اصل عظيم وجليل، وهو أن السعادة والشقاوة مناطة بخاتمة الانسان، حيث الاعمال بالخواتيم.
والاصل في هذا ما صح في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، وفي اصحابه رجل لا يدع شاذة ولا فاذة الا اتبعها ليضربها بسيفه، فقالوا ما اجزأ منا اليوم احد كما اجزأ فلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو من اهل النار.
فقال رجل من القوم، انا اصاحبه فاتبعه، فجرج الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه على الارض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على نفسه فقتل نفسه فخرج الرجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشهد انك رسول الله، وقص عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الرجل ليعمل بعمل اهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار، وان الرجل ليعمل بعمل اهل النار فيما يبدو للناس وهو من اهل الجنة، انما الاعمال بالخواتيم».
وهذا يتفق مع حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً وفيه «فوالله الذي لا اله غيره ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار ويدخلها، وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها»، متفق على صحته، فالحديثان يفسران بعضهما ويؤكدان على اهمية حسن الخاتمة، والتحذير والتنبيه من سوئها.
ومن هاهنا تظهر عقيدة المؤمن تجاه خوف الله ورجائه، فهما كما ذكر العلماء جناحا المؤمن يطير بينهما الى ربه، مع تغليبه حال الصحة جانب الخوف ليحذر معصية الله واسباب سخطه وغضبه، ويغلب في جانب الموت والاحتضار جانب الرجاء ليبلغ بأمنيته رحمة به ورضوانه ثقة به واعتماداً عليه.ولحسن الخاتمة علامات يسبقها توفيق الله وهدايته لعبده والهامه رشده، ومن ذلك الموت عقب عبادة كحج او عمرة او صلاة ونحوها، او يحدث في اثناء عبادة من العبادات أو يختم له بكلمة التوحيد ونحو ذلك.ولسوء الخاتمة علامات يسبقها تقدير الله وقضاؤه الكوني القدري العام، ومن ذلك الموت عقب معصية، ولاسيما المعاصي الظاهرة كرياء في عبادة او شرب خمر او غناء او زنى او كفر وشرك بالله.
فالواجب على الراغب الراهب الى مولاه الحذر الشديد من سوء الخاتمة وسوء المنقلب والحرص الشديد ايضاً على حسن العاقبة وجميل الخواتيم بسؤال الله ذلك بالحاح وانطراح بين يديه، والمداومة على العمل الصالح وان قل ومراعاة موضوع النوايا واخلاصها وتمحيصها لله عز وجل قصداً وعملاً وقولاً بتجريد التوحيد لله عز وجل بالمحيا والممات وبسائر العمل والقول.
هذا ولا يجوز التلاعب والاستهزاء والسخرية بالالفاظ الشرعية والاوصاف الدينية كلفظ الشهادة، ووصف الانسان بها عيناً إلا من وصف له بذلك الشارع الحكيم في الوحيين الشرعيين.
لان الشهادة يلزم عليها مغفرة ذنب الشهيد ووجوب الجنة له ونجاته من النار لذا كان من عقيدة اهل السنة والجماعة، عدم الشهادة لمعين بجنة ولا نار الا من شهد له النص من كتاب الله وسنة رسوله.وانما ترجى الشهادة لمن حقق اوصافهاوانتفت عنه موانعها وعليه فلا يليق ولا يصح وصفها لمن عرف بالفسق واشتهر بالمعاصي، واخشى ان يكون ذلك من التألي على الله، والتحكم عليه، والاستهزاء وابتذال دينه ولاسيما في باب الاسماء والاحكام، فلينتبه الانسان لنفسه في مقاله وفعله ومقصده فالسالم من سلمه الله، وليجعل الانسان الله عند قوله وفعله ونيته والله اعلم.

(*) المدرس بكلية اصول الدين بالرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved