Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

هل أصبحت أمة لا غنى عنها ؟! هل أصبحت أمة لا غنى عنها ؟!
آفاق الدور الأمريكي في إعادة تشكيل العالم

* لندن - خدمة الجزيرة الصحفية:
عندما كتب دين أتشيسون وزير الخارجية في حكومة ما بعد الحرب لهاري ترومان سيرته الذاتية اختار عنواناً بليغاً قوياً لوصف السنوات التي قضاها بالحكومة.
فيذكر أنه كان حاضرا لعملية الخلق وكان يعني بذلك : عملية بناء عالم جديد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وذلك على أنقاض عالم ما بعد الحرب العالميةالثانية، بناء العالم الجديد، العالم الحر، في حين اضطلع الإتحاد السوفيتي الحليف الذي تحول إلى عدو ببناء النصف الآخر.
وقد اقتبس أتشيسون مقولة للملك الإسبانى ألفونسو العاشرالذى حكم في القرن الثالث عشر والتي قال فيها بخيلاء مساو: لو كنت حاضراً لعملية الخلق لكنت قد منحت عناية لمزيد من الترتيب للعالم.
إعادة تشكيل العالم
واليوم ثمة شيئان أبعد كثيراً من الأنقاض يدعوان الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تشكيل العالم.
هذان الشيئان هما: ماتخلف عن الهجمات الإرهابية الفظيعة التي تمت في نيويورك و واشنطن وبنسلفانيا في الحادي عشر من سبتمبر2001م ، الشيء الثاني والذى يعد أقدم، هو ما تخلف عن انهيار سور برلين في التاسع من نوفمبر عام 1989م.
فمرة أخرى ربما قد نكون حاضرين لوقت من أوقات الخلق وقت منح العناية وقتاً يستلزم استجابات جديدة لعالم اعتاد على الفوضى.
فمرة ثانية نحن بإزاء أسلوب بلاغي جزل لوصف الأشياء بيد أن هذا العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قد لا يتشابه مع الحقبة التي عاشها أتشيسون خلال منتصف القرن العشرين عندما منيت كل من ألمانيا واليابان بالهزيمة، وتعرض العديد من دول أوربا وآسيا للدمار. وكذا عندما كان سجلُّ الترتيبات الدولية على استعداد لكي ينظف لإخلاء الطريق أمام لعبة جديدة. فالولايات المتحدة اليوم تقود العالم ثانية في العديد من المجالات القوية مثل: المجال العسكري والاقتصادي والثقافي والعلمي بما يتجاوز الحد المتاح لسكانها.
ولكن سجل العالم لم يعد نظيفاً أو على استعداد لأن ينظف فإن عمليات استخدام القوة وكذا القائمين على استخدام هذه القوة قد باتوا أكثر تعقيداً وتفاوتاً، وأمريكا نفسها قد سلمت قيادتها لرئيس يفتقر إلى الحنكة و الخبرة، يتسم بالتفاهة أحياناً، يميل إلى المهام الهزيلة بشكل يكاد يفوق الرئيس ترومان الذي كان يفتقر هو الأخر للحنكة والخبرة.
أعنى بتلك المهام «الحرب على الإرهاب».
إدارة بوش المترنحة
علاوة على ذلك فإن المسئولين الذين يقودهم جورج بوش لم يتم منحهم الثقة حتى الآن لكي يعرفوا ما هي مجموعة السياسات الأشمل التي عليهم اتباعها، فما بالنا بمدى إمكانية سعيهم لإعادة تشكيل العالم.
فقد قام هؤلاء المسئولون بتعريف حربهم ضد الإرهاب بأنها حرب يخوضها «الخير»، ضد «الشر»، أو أنها حرب تخوضها الحضارة والمدنية ضد الإرهاب، ثم ينطحون رؤوسهم بعد ذلك في جدارالطوب الملطخ بالدماء الذي يتنازع بشأنه الفلسطينون والإسرائيليون. يتحدثون حول تغيير نظام الحكم في العراق. ولا يفعلون سوى القليل إزاء ذلك، أعلنوا أنهم يؤيدون الديموقراطية، ولكنهم ترددوا في التنديد بمحاولة الإنقلاب التي جرت في إبريل الماضي ضد رئيس فنزويلا هوجو شافيز.
ذكروا أنهم يؤيدون التجارة الحرة، ولكنهم بعد ذلك فرضوا تعريفاً جمركياً على واردات الصلب وقرروا إعانات مالية للزراعة.
استهجنوا المساعدات الأجنبية ثم قبلوا بها لمساندة إجراءات الإفلاس للدول في أزماتها الاقتصادية، ثم عادوا فعارضوها.
ربما أظهرت هذا السلوكيات أن تلك الإدارة الأمريكية حمقاء أو على الأرجح هي إدارة غير ملائمة، فهى تبدو قياسا لكل الإدارات الأمريكية السابقة عليها إدارة مترنحة كثيرة التعثر.
فمن المؤكد أنه لا يوجد في الوقت الراهن في مكتب البيت الأبيض أى مخطط تفصيلي لتغيير العالم، إلا أن ذلك لا ينبغي أن ينسينا أن بوش قد وضع على الدرب مشروع تطوير النظام الوطني للدفاع الصاروخي الذي تعهد من خلاله أن تتبدل كلية خلال العقد القادم أو يزيد الطريقة التي يتعامل بها العالم مع ترسانة الأسلحة النووية، وأن يتم الحد من استخدامها.
وإن كان الجدل مازال ثائراً من قبل الكثيرين حول ما إذا كان هذا النظام سيعمل أم لا؟ ولكن منح أموال أمريكية وتكنولوجيا هو أمر ربما يكون عديم الحكمة، ومقامرة شديدة في غير صالحها.
ففي سبيل تحقيق هذا المشروع من المرجح أن تؤدي الجهود المبذولة فيه إلى إحداث تغييرات في العلاقات بين الولايات المتحدة وبين القوى النووية الكبرى الأخرى إلى جانب تداعيات أخرى كثيرة.
دواعي القوة
علاوة على ذلك، هناك أمران عاجلان يرجحان النشاط على صعيد تغيير العالم أكثر من الركود: أولهما هو هجمات الحادي عشر من سبتمبر والخشية من حدوث هجمات مستقبلية أكثر تدميراً، وهو ما منح الولايات المتحدة دافعاً جديداً أكثر قوة لخوض غمار نشاط عالمي في الوقت الذي تعمل فيه على إقناع أغلب الدول مهما كان حجم انتقادها أو استيائها بعدم الوقوف في طريقها على الأقل في الوقت الحاضر.
الأمر الثاني أن الأفعال الناجمة عن هذا الدافع سوف تجر الولايات المتحدة على الأرجح إلى القيام بتصرفات جديدة والدخول في أنماط جديدة من التعهدات سواء أرادت ذلك أم لم ترد .ومع الأخذ في الحسبان ما هو حادث مؤخراً فإن كلاً من المهام والفرص التي كانت مطروحة أمام الرؤساء روزفلت و ترومان وأيزنهاور في الفترة من 1945إلى 1955 كانت تبدو واضحة المعالم نوعاً ما ولكنهم لم يفعلوا الكثير في ذلك الوقت.
فقد كتب أتشيسون قائلاً: ببطء اتضح لنا أن بنية مجتمع القرن التاسع عشر قد ولت وأن الكفاح من أجل تغيير هذا العالم سوف يوجه من الآن فصاعداً من جانب واشنطن وموسكو، ولأول وهلة تم الاستخفاف بالحاجة إلى الإغاثة والعون و إعادة الإصلاح إذ لم يعط العناية التي يستحقها.
وتم النظر إلي هذه الأمورغالباً بوصفها القدرة على منح صدقة شبه خاصة. فقد استغرق الأمر ثلاث سنوات قبل أن تطور الولايات المتحدة مشروع مارشال لإعادة إحياءاقتصاد أوربا الغربية.
وفي السياق الحالي الذي يبدو مختلفاً كلية فمن المرجح أن تحدث تطور مماثل.
إن التحدى الذي فرض نفسه خلال الأيام و الأسابيع التي أعقبت الحادي عشر من سبتمبر سيتغير حتما ولكنه أيضا قد يتنامى بفضل النصر السعيد في أفغانستان وأدى إلى التوصل إلى لم شمل هذا البلد التعيس، وضمان أنه لن يمثل مكاناً لاستضافة الارهابيين وكذلك وهو الأهم أنها لن تخل بالتوازن مع جارته النووية باكستان التي يتكرر وقوفها على شفا الحرب مع الهند، وهناك مهمة المشاركة في نزع فتيل العنف المسلح في دول أخرى بوسط آسيا.
بقى أن نذكر العالم العربي حيث التعقيدات الدموية بين الفلسطينيين والإسرائيلين، وحيث الرغبة في تغيير نظام الحكم في العراق، وهو ما سوف يستلزم تدخلاً أمريكياً للمساعدة في بروز نظام جديد للحكم، وهي المحاولة التي ربما ينجم عنها أيضا ضغوط على دول عربية أخرى لتغيير مسالكها. وينبغي أن ينحى جانبا «التابو»، القديم الخاص ب «بناء الدولة»، الخارجية، ثم هناك الأعمال الكبيرة قطعاً الخاصة بمعالجة العلاقات الشائكة مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين والهند واليابان والاتحاد الأوروبي والتي سوف تتأثر مصالحها من جراء هذه الأنشطة سواء بالمكسب أو بالخسارة.
وبينما تقود هذه المهام إلى مهام أخرى وبينما تحدث نتائج غير متوقعة، فإن جسامة المهمة التي تحاول الولايات المتحدة القيام بها من شأنها أن تبدأ في الظهور لخلفاء أتشيسون. هل سينجحون ؟ بعد عام 1945 مباشرة فإن الإجابة الوافية هي: نجاح جزئي فقط. بيد أن هناك أسساً طيبة تدعو للتفاؤل. تقوم على طبيعة و مصادر التغيير الذي سوف يحدث.
تغيير تدريجي
ويمكن القول إن العالم لن يتغير كلية ودفعة واحدة من جراء الحادي عشر من سبتمبر من العام الماضي. بل الأحرى القول بأن العالم يتغير بشكل تدريجي منذ عام 1989 بعد زوال الشيوعية على الأقل.
وقد كانت هذا التغييرات في الغالب تغييرات للأحسن .فمن هذه التغيرات: نهاية الصراع الأيديولوجي بين القوى العظمى ، تزايد أعداد الدول الراغبة في تبني قوانين حرية التجارة من أجل الاندماج في السوق الاقتصادي وهو ما جعلها تخطط مصالحها بحيث تتوافق بشكل رئيسي مع مصالح الغرب، الابتكارات التكنولوجية التي جعلت عملية تدفق الأفكار عبر الحدود أمراً ميسوراً، الارتفاع الكبير في عدد الدول التي عمدت إلى اختيارحكوماتها وتنظيمها وفقاً للأسس الديموقراطية.
ولكن كانت هناك تغيرات للأسوأ، يمكن إجمالها في التغيرات الثلاثة التالية: انخراط عدد من الدول منهكة القوى في حروب ونزاعات أهلية عندما تمت إزالة دعامات وقيود الحرب الباردة. التغير التكنولوجي الذي هدد بوضع القوة التدميرية والمنظمة في أيدى مثيري الاضطرابات.
وأخيراً ظهور نوع جديد من مثيري الاضطرابات الذين يمكن أن يطلق عليهم «الإرهابيون المبشرون»، والذين تجمعوا وجندوا الأتباع و ازدادت قوتهم.
لقد أحدث الظهور المثير للإرهاب في الحادي عشر من سبتمبر تغيراً فجائياً في الولايات المتحدة ذاتها، والتغير الفجائي في الولايات المتحدة يعني تغيراً فجائياً في العالم فالدولة التي أصبحت تدريجياً تنفر من التورط في تعقيدات خارجية طبقاً للمقولة الشهيرة لجورج واشنطن التي ألقاها خلال خطاب الوداع: امتلكت عزيمة جديدة كما وضعت نصب أعينها غاية أخرى.
مظاهر القوة
وخلال عقد التسعينات من القرن العشرين لم يعد هناك مكان للشريف الممانع لتدخل الولايات المتحدة في التعقيدات الخارجية.
إذ لم يكن هناك مجال للمتكاسل أو للانعزالي، فقد عبأت الولايات المتحدة قوة عسكرية قوامها 500 ألف جندي لحرب الخليج عام 1991. وفي نهاية هذا العقد قادت الولايات المتحدة بشكل فعال الحرب التي شنها حلف الناتو ضد الصرب بشأن كوسوفو. وخلال تلك السنوات العشر كانت التدخلات العسكرية الأمريكية حول العالم وفي أعالي البحار تتسم بكثرة عددها. هذا على المستوى الأصغر و إذا أغفلنا العقود الأربعة الخاصة بحقبة الحرب الباردة عندما استطاعت الولايات المتحدة أن تزيح عن كاهلها عقدين من المتاعب الاقتصادية وانخفاض الأداء ازدادت ثقتها بنفسها أكثر. كما لعبت الوساطة الأمريكية دوراً دولياً نشطاً في مجالات أخرى من قبيل:القواعد التجارية، الأزمات الاقتصادية، حقوق الإنسان، جرائم الحرب، ولكنها بدت أكثر ترددا إزاء تراجع المصالح الوطنية الداخلية في الشئون الخارجية «وهو الأمر الذي تشاركها فيه أوربا»، إذ تصرفت في هذا الصدد بشيء من الارتجال ودون وعي وإحساس بوجود هدف ودون إستراتيجية متماسكة، كما لم تعر الأمر الاهتمام الكافي.
وهذا هو ما تغير الآن، ربما لا توجد حتى الآن إستراتيجية متماسكة ولكن هناك بالتأكيد وعي وإدراك للهدف، هناك توحد في الرؤية بين الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعناصر الرئيسية للسياسة الخارجية وهوالأمر الذي كان غائباً حتى أثناء حرب الخليج، ولقد كشفت استطلاعات الرأي أن هناك تأييداً ضخماً من جانب الشعب للأنشطة الخارجية.
أما الأصوات التي تدعو الولايات المتحدة إلى الانسحاب من الأنشطة الدولية أوالتقليل منها فهي قليلة ولا تكاد تسمع فطالما ظل الإحساس بالتهديد باقياً فليس ثمة احتمال أن يتحول الانتباه بعيدا عن الأنشطة الدولية. في عام 1997 كتب ريتشارد هاس كتاباً أسماه «أمريكا»: الشريف الممانع يقول هاس الموجه الأن للخطط السياسية لوزارة الخارجية الذي يعتبر معتدلاً بالنسبة لإدارة بوش انه لو أعاد كتابة هذا الكتاب الآن فسوف يحذف منه كلمة الممانع.
الإمبراطورية الامريكية
الكلمة الأخرى التي تعتبر أكثر جرأة والتي باتت أمراً عادياً في الملتقيات العلمية السياسية والبرامج الجماهيرية هى: الإمبراطورية. قبيل سبتمبر الماضي أنجز أندرو باسفيتش رجل الجيش الذي تحول إلى أستاذ للعلاقات الدولية بجامعة بوسطن المسودة الأولى لكتاب حول الدور العالمي لأمريكا ووضع له عنواناً فرعياً هو: أمة لا غنى عنها. هذا الكتاب وضع له عنواناً آخر هو : الإمبراطورية الأمريكية.
وسوف ينشر الكتاب في هذا الخريف عن دار نشر جامعة هارفارد وعلى الرغم من أن باسفيتش وغيره يتحدثون عن القادة العسكريين الأمريكيين بوصفهم قناصل موالين لأمريكا إلا أنهم لم يرد بخاطرهم شيء يتعلق بمستعمرات أو بامبراطوريات، بيد أن هناك شعوراً قوياً بأن أمريكا لديها الفرص والالتزامات والتهديدات التي تجعلها تنضم لإمبراطوريات الماضي، تلك الإمبراطوريات التي كانت تضع القواعد التي تحكم العلاقات الدولية، بينما هي نفسها قد تتصرف خارج إطار هذه القواعد، ولكنها أيضا هى الوحيدة التي تستطيع إجبار الأخرين على اتباع هذه القواعد، وهو الدور الذي يجعلها الهدف الرئيسي لوجهة كل شخص حتى ولو كان يكرهها .
بعد عقد من حث أمريكا على بذل المزيد على المستوى الخارجي، فإن بعض الدخلاء يتملكهم القلق الآن بأن هذه القوة العظمى المنفردة بالعالم سوف تفعل الكثيرخلال عقد التسعينات. كان هناك تحمس لفكرة: أن الدول ينبغي أن يتدخل بعضها في شئون بعض، ويفضل أن يتم ذلك كلية من خلال الأمم المتحدة. وذلك على عكس ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945. وردت هذه الأفكارعندما اعتقدوا أن بعض الدول تقوم بأشياء فظيعة ضد مواطنيها، ومثل هذه السلوكيات الفظة تستلزم على حد قول لجنة سليمان الدولية، التخلي عن الحقوق الطبيعية للسيادة.
واليوم تطور الولايات المتحدة ادعاء مماثلا في تدخلها في شئون الدول الأخرى ففي قضية مثل قضية العراق، حيث تشتبه في قيام الرئيس العراقي بتطويرأسلحة دمار شامل وعلى ذلك فانه يعتبر مخالفاً ومتغطرساً وغير قانوني و ينبغي إرجاعه إلى الحظيرة الدولية. وإن كان هناك سعي من جانب الولايات المتحدة نحو اكتساب حقوق جديد ة، إلا أن عليها أيضا أن تنعش حاستها نحو الالتزام، و أبرز مثال على ذلك هو التحول في طريقة التفكير في موضوع يعطي صورة مصغرة لسياسة خارجية عقيمة وعاجزة ألا وهو موضوع : مساعدات النمو ففي مارس وخلال قمة الأمم المتحدة بمونتري بالمكسيك، باغت الرئيس بوش الوفود من خلال إعلانه زيادة قدرها 50% في ميزانية المساعدات الأمريكية البالغة 10بلايين دولار وذلك قبل عام 2006.
ويمثل هذا صعوداً كبيراً « يعد هذا أقل من نصف ميزانية المساعدات التي تقدمها دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة والتي غالباً ما سوف تصل قبل عام 2006 إلى 4 ،0% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول. والذي سوف يزيد ثلاثة مرات ، ولكن ذلك صاحب رمزاً آخر بعث شعورا بأن تلك بداية جديدة وليست مجرد إشارة. ولقداستطاع أحد اعضاء جماعات الضغط والذي كان موجوداً إلى جوار الرئيس بوش أن يقنع أحد الشخصيات صعبة المراس وهو السناتور جيسي هيلمز بأن يوجه تمويلاً خاصاً إلى جانب علاج مرض الإيدز بالقارة الأفريقية. والمساعدات العامة يتم ربطها بشروط ينبغي تحقيقها تتعلق بالسلوك الحكومي للدول التي تتلقى هذه المساعدات. وإذا ما تم تنفيذ هذه الشروط بشكل ملائم فسوف تمثل نموذجاً حياً للتدخل في شئون الأخرين ، ولكنها من ناحية أخرى سوف تضفي المصداقية على مساعدات التنمية.
ولا يؤمن الرئيس بوش بأن هناك حاجة لتلك المساعدات على أساس أن الفقر يسبب الإرهاب فإرهابيو الحادي عشر سبتمبر لم يكونوا فقراء كما أن معظمهم لم يأتوا من دول فقيرة.
ما ينبغي أن يتغير في طريقة التفكير هو تقوية الاعتقاد بأنه من مصلحة الولايات المتحدة على المدى الطويل مساعدة الدول لكي تأخذ مكانها في عملية التجارة الدولية والاستثمار ونقل التكنولوجيا وهو ما يعرف بشكل شائع بالعولمة، ولتحقيق ذلك فإن هذه الدول في حاجة إلى حكومات مستقرة، يمكن إخضاعها للمساءلة، وفى خطابه إلى جمعية السياسة الخارجية بنيويورك في إبريل الماضي وصف السيد هاس ذلك بأنه: صعود لمذهب التكامل.
مشروع مارشال أفغاني
هذه العملية وجميع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عنها، ربما كانت بالفعل جزءاً مما أثار غضب الإرهابيين بما يقوى نزعة التمرد أكثر من نزعة التكيف.
وعلى المدى القصير فإن نفس الغريزة قادت الرئيس بوش إلى الدعوة لخطة مارشال جديدة لإعادة بناء أفغانستان.
رغم أنه مازال حتى الآن بعيداً عن المحددات الخاصة بمن سيقوم بذلك ومن الذي سيموله وهو أيضاً يقف قطعاً في سياسته التجارية موقفاً معادياً للدمج والتكامل عندما صدّق على التعريفات الخاصة بالصلب، الانفتاح على التجارة الذي يتضمن العالم الجديد على اتساعه على طريق التحرر والذي تم التعهد به في نوفمبر الماضي بقمة الدوحة هو أمر مكلف لجماعات الضغط أكثر من المساعدات .هذه المقاييس تدعو للأسى ولكنها غير قابلة للإلغاء.
إن القيادة في المجال التجاري مازالت أمراً مأمولاً وهكذا يبدو الموضوع واضحاً فمن خلال تشجيع التكامل والتصرف كشريف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بالكثير من الأمور الجيدة للعالم خلال السنوات القليلة القادمة ليس من خلال الإمساك بحقائب النقود والتلويح بها فحسب، بل من خلال بذل الجهد وتوسيع نطاق قوتها، وإجبار الناس على تغيير دروبهم، وهى الفكرة التي تجعل معظم الناس منزعجين. هل ستكون هناك حركةعكسية ضد الرئيس الأمريكي أحادي الجانب؟.
من البديهي بالطبع أن الولايات المتحدة قامت بأشياء سيئة وارتكبت أخطاء، وأن الآخرين سوف ينتقدونها أو يتجنبونها وينأون عنها أو حتى معارضتها، ولكن من المستحسن التفكير في قوة أمريكا و قيادتها للعالم بثلاث طرق:الطريقة الأولى: أن قوة أمريكا مناسبة لخصومها ولغيرهم بما في ذلك حلفائها، الطريقة الثانية: أن قوة أمريكا مناسبة للتحديات التي تجابهها على الصعيد العالمي ولما يمكن أن تنجزه من خلال استخدام هذه القوة، الطريقة الثالثة: أن قوة أمريكا مناسبة لإرادتها في استخدام هذه القوة وبالقدرة على تحمل على نفقات هذه القوة لاستمرار استخدامها.

(*) المصدر: «الايكونوميست »،

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved