Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إشاعة سقوط ياسر عرفات سابقة لأوانها في خطاب بوش إشاعة سقوط ياسر عرفات سابقة لأوانها في خطاب بوش

* عمان - الجزيرة:
ترى صحيفة معاريف الإسرائيلية ان دعوة الرئيس جورج بوش الحاسمة في خطابه، بتغيير عرفات والقيادة الفلسطينية تحولت إلى قشة نجاة لصالح رئيس السلطة إذا كان عرفات قبل الخطاب يضطر إلى مواجهة الهيجان المتزايد وسط شعبه والمطالبة باصلاحات حقيقية ومكافحة الفساد، فقد اعتبرت اقوال الرئيس الأمريكي بنظر الفلسطينيين مساسا بكرامة الرئيس وتدخلاً سافراً في إدارة السلطة الفلسطينية. والنتيجة: المطالبة بالاصلاحات اجتازت بنفسها عملية اصلاح وتحول إلى وقوف صلب إلى جانب الرئيس، الأمر الذي وفَّر لعرفات الوقت الثمين لتهدئة أبناء شعبه.
وقال حنان شلاين كاتب المقال في صحيفة معاريف الإسرائيلية الصادرة أمس انه بعد ان انهى الرئيس الأمريكي خطابه اصيب الجمهور الفلسطيني بصدمة: «كان هذا خطابا كتبه اريئيل شارون بالعبرية وتمت قراءته بالانجليزية»، قالوا في السلطة. ولكن سرعان ما تحولت الصدمة إلى وحدة صفوف وراء عرفات الذي فهم انه يستطيع الآن التخفيف من وتيرة الاصلاحات كما يطلب الشعب واستبدالها باقصاء شخصيات في السلطة يفضل ابعادهم وترقية آخرين يريد رفع مكانتهم.
قبل الخطاب بأسبوعين اشتم عرفات ما سيحدث وفي محاولة منه لتحسين صورته في الشارع الفلسطيني استبدل خمسة وزراء وعين وزير داخلية، حسب مطلب الأمريكيين والاتحاد الاوروبي. حتى ذلك الحين كان منصب وزير الداخلية محفوظا لعرفات نفسه. حتى ان عبدالرزاق اليحيى، وزير الداخلية الجديد تلقى صلاحيات اخرى واخضعت أجهزة الأمن لقيادته. ومثل هذه الخطوة كان من المفترض ان تسكت المطلب بتقليص أجهزة الأمن في السطلة. بعد خطاب بوش مباشرة عقد عرفات اجتماعا لمقربيه وبعد التشاور معهم قرر تنفيذ القرار المبدئي بتركيز أجهزة الأمن في اطار واحد. لم يكتف عرفات بذلك وأرفق هذه الخطوة بعدة إقالات. كان اولها إقالة غازي الجبالي، قائد الشرطة الفلسطينية منذ إقامة السلطة الفلسطينية. والجبالي غير محبوب وسط الجمهور الفلسطيني على ضوء الاتهامات بانه مرتبط بالفساد. وهكذا ضرب عرفات عصفورين بحجر واحد.
والمُقال الآخر كان جبريل الرجوب رئيس الأمن الوقائي في الضفة الغربية وعيِّن بدلا عنه زهير مناصرة محافظ جنين. فكر عرفات انه سينجح في اجراء تبادل بين الاثنين وان الرجوب سيشغل منصب محافظ جنين لكنه لم ينجح في ذلك. والذي نجح في الافلات من نفس المصير هو محمد دحلان رئيس الأمن الوقائي في غزة ومن مقربي عرفات. اعلن دحلان الذي توقَّع ما سيحدث عن استقالته، وقلق على ترتيب امور نائبه رشيد ابو شباك. وفسر مقربوه هذه الخطوة بان دحلان ينظر إلى الأمام إلى اليوم الذي يلي سلطة عرفات. واللحظة الزمنية هذه التي يرنو اليها الكثيرون، حيوية في فهم المجريات التي تحدث في السلطة اليوم. ومن بين القيادة السياسية - الداخلية التي تحيط بعرفات، لا يشعر رئيس السلطة بخطر من ابو مازن، ابو العلا، صائب عريقات، نبيل شعث وياسر عبد ربه. حيث يدور الحديث عن اشخاص نشطاء ولكن بدون قوة، ومن هنا يستقون قوة البقاء تحت ظل عرفات. مقابل ذلك يقف وراء قادة الاطر الأمنية (دحلان والرجوب) مؤيدون كثيرون منهم نشطاء التنظيم لفتح لذلك يضطر عرفات إلى الرقابة عليهم. حتى لو كانت مكانته قوية فهو يعرف انه يجب الحذر من الاشخاص الاقوياء ودحلان والرجوب يعتبران من هؤلاء.
في غزة، وعلى الاقل ظاهريا، حلت مشكلة عرفات ذلك لأن دحلان اخلى مكانه. ولكن حتى في مكتب عرفات، كما يقول مصدر أمني كبير في إسرائيل، يعون حقيقة ان دحلان اخلى مكانه لصالح رشيد ابو شباك نائبه ونصيره. وفي الضفة الغربية الوضع يختلف. لم يكن سراً ان عرفات سيقيل الرجوب، حيث ان شبكة العلاقات بينهما شهدت المد والجزر وفي عام 1996 اقال الرجوب للمرة الأولى وعيّن بدلا عنه حسين الشيخ، في نفس المساء اعلن رجال الرجوب للخليفة الموعود انه من الافضل له البقاء في البيت. ولم يمض طويل وقت حتى تصالح الرجوب وعرفات وألغيت الاقالات. وفي هذا العام وخلال احدى زيارات الرجوب إلى مكتب عرفات، وحسب مصادر فلسطينية امتشق عرفات مسدسه في وجه الرجوب في لحظة غضب.
ادعى مقربو الرجوب طوال الوقت ان الذي يحرض عرفات هو محمد دحلان الذي يرى بالرجوب خصماً محتملا في أيام ما بعد عرفات. وهذه التقديرات تسارعت بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي على قيادة الرجوب في بيتونيا، التي في نهايتها اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي مطلوبين من حماس وفتح. بث دحلان رسائل إلى الإعلام بأن الرجوب تصرف خلافا لما هو متوقع من قائد في فتح، وأدلى مقرب آخر من عرفات، محمد رشيد بتصريحات أمام وسائل الإعلام بأن الرجوب عمل خلافا لأوامر ياسر عرفات بعدم الاستسلام.
في نفس اليوم تحولت الكراهية بين الرجوب ودحلان ورشيد إلى أمر مكشوف، وقالت مصادر فلسطينية في رام الله انه منذ ذلك الحين ورشيد يمضي معظم وقته خارج البلاد خوفاً من رد الرجوب. وفي رام الله ينسبون الهجوم على الوزير حسن عصفور، مقرّب من دحلان، إلى رجال الرجوب. لقد أدخل عصفور إلى المستشفي بعد ان تعرض إلى الضرب على يد مجهولين في مدخل منزله. في الاسبوع الماضي سجلت مرحلة أخرى في العلاقات بين عرفات والرجوب مع إقالة الأخير.. ورداً على هذه الخطوة قال عيسى ابو غنيم ضابط في الأمن الوقائي في الضفة الغربية ومن انصار الرجوب «لا خلاف بيننا وبين عرفات ولكن فليكن واضحاً اننا لن نستقبل أي قائد يأتي من الخارج».
تقول مصادر فلسطينية ان رئيس المخابرات المصرية هرع لمساعدة الرجوب وهذا هو السبب وراء الدعوة المفاجئة للرجوب للمشاركة في اللقاء بين عرفات وبين عمر سليمان مساء أمس الأول، يقولون ان عرفات فهم الرمز ومن الممكن ان يكون المخرح للازمة مع الرجوب هو الاستجابة لمطلب جهاز الأمن الوقائي بتعيين أحد الضباط قائداً له بعد مناصرة.
مساء أمس اضيف في المناطق مُقال جديد لقائمة عرفات. رئيس المخابرات العامة في الضفة الغربية توفيق الطيراوي. اصدر قائده، أمين الهندي، رئيس المخابرات العامة في السلطة، نفيا للنبأ ولكن في المناطق يقولون انه لا دخان بدون نار ويعتقدون انه في نهاية الأمر سينهي الطيراوي مهام منصبه. أشار كبير فلسطيني إلى ان إبعاد الطيراوي هو أمر مفاجىء على ضوء ولائه المطلق لعرفات. من جهة ثانية لا يجب ان ننسى ان الطيراوي مطلوب من قبل إسرائيل بعد ان اعترف أحد الفلسطينيين ان الطيراوي زوَّده بسلاح وأرسله لتنفيذ عمليات. وقال مصدر فلسطيني «ان هذا الادعاء يجبر عرفات على ابعاد الطيراوي الموالي له. هذا ثمن صغير بالنسبة للفائدة التي يجنيها عرفات أمام بوش في إسرائيل».
في المجلس التشريعي ثمة من ينظر بإيجاب إلى هذه التغييرات التي نفذت حتى الآن. يقول موسى ابو صبحة عضو المجلس «انه لا يمكن تجاهل المطالب الواضحة للاتحاد الاوروبي والأمريكيين الذين يريدون تقليص الاطر الأمنية واضعافها واخضاعها تحت سقف واحد».
وقال ان عرفات يدرك هذه المطالب وينفذها بالتزامن مع الاصلاحات التي بدأ بها. وامتنع ابو صبحة عن التفصيل ولكنه يلمس النقطة المركزية التي تقلق وتغضب الجمهور في المناطق. وهي الادعاءات ضد عدد من مقربي عرفات الذين يتمتعون بدخل جانبي يقدر بملايين الدولارات بدل انفاقها على الأجهزة العامة.
وقال مصدر فلسطيني كبير فضَّل عدم ذكر اسمه انه «اذا نجح عرفات في خطته واذا قصد حقاً ذلك، سيضطر مقربوه إلى التنازل عن دخل سنوي بعشرات ملايين الدولارات وصلت إلى جيوبهم في اطار صفقات مختلفة وغريبة واحتكارات حصلوا عليها تحت غطاء مصلحة الشعب الفلسطيني».
ويقول عضو آخر، حاتم عبدالقادر، من قادة فتح في منطقة القدس: «في السابق كان هناك عدد قليل ممن طالبوا باصلاحات. اليوم الافراد القلائل هم الذين يتحدثون عن امور أخرى. مطلب الجميع هو القضاء على وباء الفساد». ويضيف «انا غير مقتنع بالتغييرات التي يحدثها عرفات. حتى الآن يدور الحديث عن اصلاحات غير كافية. لا نطالب بتغييرات تجميلية، بل حقيقية، لذلك يجب تنفيذ مطلب المجلس التشريعي باستبدال كل الوزراء وليس فقط خمسة».
عرفات، ثعلب المعارك المخضرم، اثبت مرة أخرى انه في الحالات الصعبة يعرف شيئاً عن السياسة الداخلية والبقاء. صحيح انه من الصعب معرفة ماذا سيحدث في السياق ولكن حتى الآن، ومثلما ان الاشاعات عن حالته الصحية الخطيرة كانت سابقة لأوانها فان الاشاعات عن اقتراب لحظة سقوطه سابقة لأوانها ايضاً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved