Friday 12th July,200210879العددالجمعة 2 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يقظة القلوب يقظة القلوب
د. محمد بن سعد الشويعر

مثلما أن القلوب منها الحي ومنها الميت، ومنها الصحيح ومنها المريض، فكذلك توجد الأشياء المتضادة في السمع، وما يلتقط والنظر وما يبصر، ألم يخبرنا الله سبحانه عن فئات من البشر، عندما تبتعد عن أمر الله وما يدعو إليه أنبياء الله، وخاصة خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، يقول جل وعلا في تصوير حالهم: {لهٍمً قٍلٍوبِ لاَّ يّفًقّهٍونّ بٌهّا وّلّهٍمً أّعًيٍنِ لاَّ يٍبًصٌرٍونّ بٌهّا وّلّهٍمً آذّانِ لاَّ يّسًمّعٍونّ بٌهّا} [الأعراف )(179)].
فلقد كانت قضية فلسطين خاصة وقضايا العرب عامة، لا تحظى منذ أكثر من نصف قرن باذن تسمع، ولا قلب يعي، ولا عين تبصر.. فكان الإعلام الغربي، المتعاطف مع الإعلام الصهيوني في قلب للحقائق مع إثارة للرأي العام ضد الإسلام، بأفكار مسمومة، ودعايات مغرضة.
لكن ربما صحت الأبدان بالعلل، فبعد حادث مركز التجارة بأمريكا، بدأ الغرب ومفكروه يبحثون عن ماهية الإسلام، ويتعمق المنصفون في تعاليمه، دراسة وتتبعاً، وهل فيها ما يدعو للإرهاب، ذلك الشبح الذي أخافهم، فصاروا يطلقونه على كل ما يتخوّفون منه.. واستغل الإعلام الصهيوني هذا الشعار وما وراءه من مخاوف، ووجدوا فيه مكسباً، يحقق مآربهم، حيث تزعّم ذلك قاعدة وعملاً: قادة دولة العدوان في فلسطين، بعد أن أقضَّ مضاجعهم، وأيقظ بعض الضمائر الميتة، أطفال الحجارة، في انتفاضتهم التي وجهت المفكرين، إلى قضية شعب، يناضل صغاره لاسترداد بلدهم من الغاصبين بعد معاناة طويلة من الفقر والتشرد فما عرف في التاريخ: أن عصابات منبوذة في الأرض، ومطاردة في كل بلد يحلوّن فيه، لأنهم كما تفضحهم بروتوكولات زعمائهم، وما يسمونه: حكماء صهيون: ما حلّوا في مكان إلا وأفسدوه، وما جاوروا شعباً إلا ظلموه، وانتهكوا حرماته، حتى ضجت منهم شعوب الأرض فنالهم بين وقت وآخر، نكال من الله على أيدي بعض شعوب الأرض، وعقاب عاجل بكذبهم على الله، وتكذيبهم أنبياءه، عناداً وإصراراً.
ولكن الصهاينة مثل ماء التبن، يختفي تحت التبن، ولا يحس به الرائي، ويفعل أعماله المضرّة، ليدرك غايته ولو بعد فترة من الزمن.
وجد هؤلاء الصهاينة بغيتهم في التضليل ليصفوا عملهم الإجرامي: في انتهاك الحرمات، وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهدم البيوت على المستضعفين، وتسليط أحدث الأسلحة فتكاً، وبأعيرة مدمرة: فالطائرات من الجوّ، والدبابات والمدرعات في الأرض، والسفن والصواريخ من البحر، كل هذه الأجهزة الحديثة سخّرت وبضراوة، لمقاومة وإبادة سلاح المستضعفين أطفال الانتفاضة، في معادلات معكوسة ومقاييس مجحفة.. بل حتى في الشعارات الإعلامية: سمّوا العزّل الذين يطالبون بأرضهم وممتلكاتهم: إرهابيين، فالقاتل المغتصب، المعتدي المنتهك للحرمات فهو في نظرهم صاحب حق يدافع عن نفسه لينطبق عليهم قول الشاعر:


قتل امرىء في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
مسألة فيها نظر

وفي هذه المواقف المدلهمة، والمعادلات الجائحة، أعجبني ما تنشره الجزيرة بين وقت وآخر، عن أصوات ظهر لها الحق المسلوب، والتحيز البارز للعيان، يظهر ذلك في نقل ما تنشره صحافة العالم، ومن ذلك مقال الصحفي البريطاني في الاندبندنت: روبرت فيسك، تحت عنوان: لماذا دول العالم دائمة.. إلا الدولة الفلسطينية؟.. المنشور على الصفحة 32 بالجزيرة يوم الأحد 19/4/1423هـ.
حيث انتقد في هذا المقال المطول الذي أنصح بقراءته، لما فيه من يقظة قلب، وتحليل للواقع، بدون التأثر بالإعلام الصهيوني الموجه، ولا بشراء الضمائر لتتحدث عما يرضي عصابة الصهاينة الذين يريدون من كل كاتب أن يسخّر قلمه لهم، ومن كل لسان ألا يتحدث إلا وفق ما يرغبون أو يهدد بالويل والثبور.
انتقد هذا الصحفي البريطاني.. ومثله اليوم كثير، حتى في داخل أمريكا، وبين اليهود أنفسهم لا حباً في العدالة ولكن من الذلة التي كتبها الله عليهم، وأولهم شارون، لو تخلى عن أسياده في البيت الأبيض الذين ينصرونه في مظالمه، ويحمون ظهره في جرائمه وكبريائه، ويوافقونه في وصف نفسه بالمدافع عن النفس وغيره بالإرهابيين.
انتقد هذا الصحفي الرئيس الأمريكي بوش في مشروعه حول قضية الشرق الأوسط، ليجعل الحل عائماً، حيث قال ما الذي حصلنا عليه من السيد بوش في مشروعه؟.. إنما هو التسويف والتأخير، والأفكار المشوشة، التي لا معنى لها ولا منطلق، ثم خطة هلامية مبهمة، تدل على أن الإدارة الأمريكية تنوي تجاهل «حق عودة اللاجئين الفلسطينيين» ونسيان أمر الوضع النهائي للقدس والمستوطنات مع ضرورة إيجاد لغة جديدة، ليكون الحل حسب رغبة اليهود ومفاهيمهم، وتهميش الفلسطينيين وقضتيهم.
وينتقد أشهر المحامين اليهود في أمريكا: ناثان لوين في أفكاره، وما يريد تنفيذه في أمر الأفراد الذين يقومون بالعمليات الاستشهادية، بدعوته إلى تنفيذ حكم الإعدام.. ولا شك أن هذا الرأي مدفوع الثمن من الجهات التي أملت عليه الصيغة، فاليهودي لا يهمه إلا منفعته الشخصية.
ثم يعترض هذا الصحفي البريطاني على بوش، وهو الذي لم يثقل ميزانه في انتخابات الرئاسة إلا بأصوات المسلمين في فلوريدا، إذ كان بدونها سيخسر الانتخابات، وأين وعوده لهم بأن ينصر القضايا الإسلامية في العالم عامة، وفي جانب مسلمي أمريكا بصفة خاصة، لأنه بميله إلى اليهود حيث أرضاهم بهذا الحل المهزوز قد أغضب المسلمين في أمريكا، وسوف يفقد أصواتهم الانتخابية في الجولة القادمة، إن الدولة المؤقتة اختراع جديد لم يعرف، حيث لم يسمع به أي فرد من قبل، إنها الدولة التي لا رابط بينها وبين أرضها، أو شعبها.
ثم عرج على محاولة بوش ونائبه في تهدئة العرب بحل مرض لقضية الشرق الأوسط، حتى يمهد لضربه أفقر دولة في العالم، أفغانستان، وبعد أن ظفر بما يريد تجاهل وعده، وتمهيداً لضربه العراق، أرسل نائبه تشيني للشرق الأوسط ليعطي وعوداً غير صادقة في حل قضية فلسطين، وتمخض ذلك بحلم بوش في تحقيق دولة مؤقتة، وهذا الاقتراح يرضي اليهود فقط.
فتح تستر
قال ابن كثير: كان ذلك في السنة السابعة عشرة من الهجرة: وكان سبب ذلك أن يزدجرد كان يحرّض أهل فارس في كل وقت ويؤنبهم بملك العرب بلادهم، وقصدهم إياهم في حصونهم، فكتب إلى أهل الأهواز وأهل فارس، فتحركوا وتعاهدوا وتعاقدوا على حرب المسلمين وأن يقصدوا البصرة، فكتب عمر لما بلغه الأمر إلى سعد وهو بالكوفة أن ابعث جيشاً كثيفاً إلى الأهواز مع النعمان بن مقرّن وعجّل، وليكونوا بإزاء الهرمزان.
فهرب الهرمزان إلى تستر، فلما تجمَّعت الجيوش، وجدوا الهرمزان قد حشد خلقاً كثيراً وجمعاً غفيراً، فكانت قيادة أهل البصرة والكوفة لأبي سبرة، فحاصروا الفرس أشهراً وكثر القتل بين الفريقين حتى إذا كان في آخر الزحف، قال المسلمون للبراء بن مالك وكان مستجاب الدعوة: يابراء أقسم على ربك ليهزمهم لنا، فقال: اللهم أهزمهم لنا، واستشهدني.. فهزمهم المسلمون حتى أدخلوهم خنادقهم واقتحموا عليهم، ولجأ المشركون إلى البلد فتحصنوا فيها، وقد ضاقت بهم البلد وطلب رجل من أهل البلد، الأمان من القائد المسلم فأمَّنه، فبعث يدل المسلمين على مكان يدخلون منه إلى البلد، وهو مدخل الماء إليها، وجاء رجال من شجعان المسلمين فدخلوا كالبطّ وذلك في الليل، وفتحوا الأبواب، وكبّر المسلمون فدخلوا البلد وذلك في وقت الفجر.
أما الهرمزان فقد لجأ إلى القلعة فتبعه جماعة من المسلمين، فعرض عليهم أن يؤمنوه ويسلّمهم يده، فذهبوا به إلى عمر بن الخطاب في المدينة، وتسلّموا البلد وما فيها، واقتسموا الفيء بعد رفع الخمس (البداية والنهاية 7:85-86).

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved