* بقلم : المدرب الوطني - فهد العايد
عند انتهاء عقدي مع نادي الشباب تحدثت عن حال وأحوال درجات الشباب والناشئين في المملكة وعن رأيي الشخصي في المعوقات التي تواجه تطور هذه الفئة من اللاعبين في الأندية ومستقبل الكرة في المملكة العربية السعودية إذا استمر الأسلوب المتبع الحالي، لا أحد يختلف على أن هذا الأسلوب والمعمول به منذ الثمانينات الميلادية قد عمل على تطوير الكرة السعودية، من ذلك الوقت إلى المستوى الحالي إلى حد ما، ولكن لنرى ونقيم هذه الفئات على المستوى الدولي لنا ولنتائجنا على ذلك المستوى لنرى انه عندما عمل بهذا البرنامج والأسلوب في ذلك الوقت قد تحقق عليه الأهداف المرجوة من ذلك الوقت وهي:
- تطوير المستوى العام للكرة السعودية.
- تطوير المستوى الفردي للاعب السعودي.
- تطوير مستوى الدوري بسبب المواهب المصنوعة من ذلك المستوى «شباب - ناشئين».
- التأهل إلى كأس العالم للشباب والناشئين والحصول على كأس آسيا شباب وناشئين في الثمانينات.
وهذه أسباب كافية للحكم على أي نوع من البرامج التطويرية بالنجاح بأعلى الدرجات، ولكن متى حصل الحكم على انتهاء فترة هذا البرنامج والحاجة إلى برنامج جديد يواكب ويحافظ على الإنجازات؟
نحن دائما بحاجة إلى متابعة ومراقبة البرامج التي يعمل بها في الدول المتطورة اذا نحن اعلم من الغير بأحوالنا وظروفنا التي تعيق تطبيق هذه البرامج كما هي في فرنسا حالياً أو البرازيل والأرجنتين وإيطاليا واسبانيا، فلماذا لا نرى الأساليب والبرامج المنسقة إلى حد ما في اليابان وأمريكا وبعض من دول أمريكا اللاتينية والتي هي أقرب إلى وضع مستوى كرتنا ولاعبينا.
أعتقد شخصيا أنه باستطاعتنا التطبيق والعمل بهذه الأنظمة بطريقين هما الإداري والفني وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل:
1 - الإداري:
وهو ما يجب أن نكيف ونعدل أنظمتنا الاحترافية في الإعداد والبرامج للوصول إلى ما وصل إليه اليابانيون واللاتينيون الأقرب إلينا من الدول الأوروبية المتقدمة في أنظمة الاحتراف والتطوير، فالكل يعلم ويلاحظ ما وصلت إليه اليابان في السنوات العشر الأخيرة وهي المسيطر فنياً وإدارياً في القارة الآسيوية.
ربما يقول شخص ما إن المادة قد ساعدت اليابانيين على تطبيق هذه الأنظمة، وأنا اختلف في هذا الرأي عن الآخرين فالعمل بالأساليب القديمة هو ما يمنعنا من القيام بذلك
فأنظمة تسيير الأندية التي من المفروض أن تكون محترفة لا تزال هاوية فلا دخل ثابت أو مدروس لها وإنما لا تزال تعتمد على هدايا أعضاء الشرف بينما هي شركات ومجلس إدارات تسير النظام في هذه الدول. فهنا تذاكر المباريات لا تزال تباع من قبل الاتحاد وتعطى نسبة للفريق الضيف كما هو الاحتراف في معظم دول العالم، إضافة إلى استغلال الدعايات، النقل، شعار النادي الخ.
في اليابان وأمريكا على سبيل المثال وكما هي في معظم الدول المحترفة في أوروبا والأمريكيتين فإن النادي يكون غالباً مختصاً في لعبة إلى أربع ويكون مملوكاً لشخص ما أو شركة تدير هذا النادي بتفرغ وليس خدمة تطوعية، ويكون العاملون في ذلك النادي متفرغين ومتخصصين في كل وظيفة ليكون عملهم وبرامجهم وأراؤهم مختصة ومتخصصة وليست ارتجالية فقط ومن ثم تأتي المميزات من وجود ناد ما في مدينة ما، فلو كان هذا النظام مطبقاً في السعودية لأصبحت أندية مثل الوحدة أو الطائي من أفضل وأغنى الفرق أو الأندية وذلك لوجود الأسباب الكافية لنجاحها بعكس أندية الرياض وجدة لوجود التنافس في الموارد والتنافس على اللاعبين من درجتي الشباب والناشئين، فالموارد ستصب من صالح تلك الأندية في تلك المدن لأن مواطنيها سيدعمون فريق مدينتهم للأسباب التالية:
الأول: لإبقاء اسم مدينتهم معروفاً ومتداولاً داخلياً وخارجياً.
الثاني: لأن معظم اللاعبين الموجودين في الفريق إما من الأقارب أو الأصدقاء.
بينما الأندية من جدة والرياض فإن هذين السببين لن يكونا هاجساً أو هماً لمواطني هاتين المدينتين ليقوموا بدعم فريقهم المفضل.
الثالث: وجود أكثر من فريق كبير ومعروف ببطولاته على المستوى المحلي والخارجي.
الرابع: إذا كان هناك أسهم تجني عليهم بالارباح من الدخل العام للنادي. أما بالنسبة للاتحاد وهو المظلة الكبرى للرياضة السعودية فإن هناك عدة تغييرات من شأنها أن تطور الكرة السعودية من جديد، فإن كان الهدف من تطوير مستوى وأنظمة الاحتراف في المملكة على المستوى الآسيوي فإننا لسنا في حاجة إلى ذلك كثيراً لأننا - ولله الحمد-، من أفضل أربع دول في آسيا في العشرين سنة الماضية. ولكن إذا كان هدفنا هو الوصول والتطور إلى المستوى العالمي فإننا يجب أن نطور البرنامج بأكمله وهذا لا يعني التغيير والتطوير معاً.
فعلى سبيل المثال زيادة عدد الفرق ليس بالهدف للتطوير المنشود في الوقت الحاضر لأنه يفضل أن تبقى الفرق على نفس العدد بسبب قلة المنافسة في الدوري ولوجدنا أنها نفس الأسماء تتكرر وذلك لوجود السبب الرئيسي للمنافسة وهو المادة في المقام الأول.
فإذا لم نغير في أسباب الحصول على المادة لكل فريق أو ناد فلا داعي لسؤال الاتحاد إلى زيادة عدد الفرق لأن ذلك سيؤدي إلى ضعف المنافسة لزيادة عدد الفرق الضعيفة في الدوري والتي لا تملك أي نوع من مقومات المنافسة. اذاً نستخلص من ذلك أنه يجب علينا إيجاد نظام تجاري للأندية السعودية عامة أولاً ثم المطالبة بإيجاد المنافسة والندية ثانياً.
السبب الثاني في عدم المطالبة بزيادة الأندية هو أن المسابقة مضغوطة بشكل كبير بالمقارنة بمستوى وإمكانيات اللاعب السعودي البدنية والفنية والامكانيات المادية بالنسبة للأندية.
فالامكانيات البدنية والفنية لها أسبابها الأولية والثانوية فالأولية أن اللاعب السعودي لا يؤسس على الشكل الاحترافي الصحيح منذ السنوات الأولى في مرحلتي الناشئين والشباب والتي سوف أتحدث عنها لاحقا بالتفصيل.
والثانية أن اللاعب السعودي محترف على الورق فهو لا يقوم بالتدريبات المطلوبة في حياة الاحتراف الصحيح بأن يقوم بتدريبات صباحية للتقوية ومسائية للتكتيكية والفنية وبالنظر إلى ضعف الإمكانيات المادية للأندية فإن المدربين والإداريين لا يجرؤون على مطالبة اللاعبين بالحضور إلى النادي للتدريب في الصباح لأنهم غير قادرين على دفع مستحقات اللاعبين ومن ثم غير قادرين على إنزال عقوبات مادية عليهم لعدم حضورهم إلى هذه الفترات التدريبية لذا فإن فترة واحدة مسائية لا تؤدي الغرض والهدف لبناء وتأهيل اللاعبين لأداء مباريات قوية بهذا العدد.
وهناك أيضاً ما يقارب من ثلاثة إلى أربعة أندية تشارك بمسابقة أو مسابقتين خارجية سنويا وهي غالبا نفس الفرق مما يؤدي إلى ارهاق النادي واللاعبين من ناحيتين النادي مادياً بسبب انفاق مبالغ كبيرة للسفر والمكافآت وغيرها واللاعبين بسبب المعسكرات والسفر والتمارين وخوض مباريات على مستويات عالية وهم مطالبون بتحقيق نتائج إيجابية دائماً.
ويضاف إلى ذلك أن معظم لاعبي المنتخبات الأولى والأولمبية من لاعبي تلك الأندية الأغنى على المستوى المحلي. لذا اعتقد أن من أهم الحلول هي تغيير أنظمة المسابقات المحلية «بالطبع بعد تأمين الأنظمة المالية»، على النحو التالي:
أولاً: كأس الأمير فيصل بن فهد بأن يكون لسن 23 سنة لجني الفائدة منه وتأهيل لاعب المنتخب الأولمبي في المقام الأول. فلو نظرنا إلى لاعبي هذا المنتخب لوجدناهم إما مَن لعب لمنتخب الشباب في المسابقة الماضية أو لاعبين يرشحون من قبل النادي لأنهم اصغر من 23 سنة إلا ما ندر وخير مثال لذلك اللاعب محمد الشلهوب الذي لم يلعب لأي منتخب من الفئات السنية مع العلم بأنه مسجل في كشوفات النادي منذ سن مبكرة. لذا نجد أن نتائج هذا المنتخب هي الأقل على مستوى وتاريخ منتخبنا. ويجب أن يستبدل دوري أو كأس الاتحاد المفتوح سنياً إلى دوري تحت 23 سنة للحصول على الفائدة من النقاط التالية:
أولاً: المدربون: نجد أن معظم الأندية تدفع مبالغ عالية للتعاقد مع مدربين على مستوى عال ولكنه مع جهازه الفني يعمل لمدة ساعتين يومياً فقط، لذا فإنه في حالة إنشاء هذا النظام فإن هذا الجهاز سوف يقوم بتنظيم العمل وإنشاء برامج للفئتين تحت 23 سنة والفريق الأول على أن يقوم نفس الجهاز بالإشراف على الفريق في التدريب والمباريات للوقوف على مستويات هذه الفئة من اللاعبين لصقلهم وإعطائهم فرصاً أكبر باللعب على مستوى أعلى من السابق والأهم هو اعطاء مدرب المنتخب الأولمبي الفرصة لاختيار لاعبين مؤهلين فنيا مع الخبرة الكافية وليس من مقاعد الاحتياط من تلك الفرق.
ثانياً: اللاعبون: معظم لاعبي درجات الشباب ينتهي مشوارهم الكروي على مستوى الأندية بعد آخر سنة لهم من درجة الشباب مع العلم أن معظم لاعبي العالم تبدأ إمكانياتهم بالنضج والنجومية من 25 - 30 سنة، فكيف نريد أن نحكم على هؤلاء اللاعبين ونقوم بتنسيقهم من سن العشرين، ومن الجانب الآخر فلا يتحكم على الأندية أن تتعاقد مع هؤلاء على أنهم محترفون وإنما هواة لأن معظمهم في المرحلة الجامعية لذلك فإننا سنقوم بتشجيع معظم لاعبي هذه الفئة على مواصلة دراستهم مع الاستمرار في الأندية.
ثالثاً: يجب أن يكون دوري هذه الفئة على طول الموسم الرياضي لا أن يكون في أول الموسم فقط كما هو معمول به في كأس الاتحاد بحيث تكون مباريات هذه الفئة في وسط الأسبوع «الاثنين والثلاثاء»، وغير منقولة تلفزيونيا وعلى ملاعب الأندية وتكون مواعيد مباريات الدوري في نهاية الأسبوع، أما من ناحية مدة الدوري فيجب أن يبدأ الدوري مبكراً بعدة أسابيع والتي كانت تستغل لدوري الاتحاد وإضافتها للدوري العام ومسابقة تحت 23 سنة لتجنب ضغط المباريات والمسابقات الخارجية على حساب اللاعب.
فبهذا الأسلوب أو النظام نكون قد ضمنا للمسابقات السنوية بصورة جيدة من دون أي إرهاق أو إصابات بسبب الضغط مع تحقيق النتائج المرجوة داخلياً وخارجياً. والدليل على تأثير ضغط الدوري والمسابقات المحلية على اللاعب هي كثرة الاصابات بالإضافة إلى أسباب اخرى من ضمنها الاعداد الجيد والبناء الأساسي للاعب من مرحلتي الناشئين والشباب والتي سوف أتحدث عنها لاحقاً.
بطولة الكأس: أن تقام بنظام الذهاب والإياب وتكون مباريات الكأس في منتصف الأسبوع على طول مدة الدوري الثاني وتكون هناك راحة لا تقل عن أسبوع ما بين كل مرحلة من دوري ال 16 إلى النهائي لتعويد اللاعب والفرق السعودية على هذا النظام المعمول به في جميع الأنظمة المحترفة في العالم للأندية والمنتخبات. والسبب في المطالبة في إدخال هذا النظام هو قلة خبرة وتصرف اللاعب السعودي في مثل تلك المناسبات والدليل على ذلك هو عدد البطولات القارية والتي خسرها المنتخب الوطني والأندية المحلية أمام نظيراتها من المنتخبات والأندية التي تعمل بهذا النظام في بلادها. وللعلم فقط لم يحقق منتخبنا الوطني أي بطولة لعب عليها أو نافس للتأهل للدور الثاني بهذا النظام. وكذلك الأندية السعودية والتي خسرت في عدد المناسبات عن عدد الربح في مثل هذا النظام والتاريخ هو من يسجل.
لذلك أطالب أن يعمل بهذا النظام لرفع مستوى تعامل اللاعب السعودي مع مثل تلك المباريات وظروفها الفنية والنفسية والذهنية وأن يكون بنفس النظام الدولي عند الرجوع إلى الأهداف.
الاحتراف الخارجي:
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يعقل أن يتأهل بلد إلى كأس العالم ثلاث مناسبات متتالية ويكون بطلاً للقارة أو الوصيف في العشرين سنة الماضية ولا يوجد له أي لاعب محترف في أوروبا؟ الجواب بالطبع نعم. ولكن إذا كانت المسببات انه لا يوجد لاعب سعودي خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية مؤهل بأن يحترف في الخارج فإن مستوى الكرة السعودية لا يؤهلها بأن تحقق جميع تلك الإنجازات. ولكن المصيبة أن هناك عدة أسماء مؤهلة وعرض عليها الاحتراف في الخارج ولكن المعوق الأكبر هو تصرف وردة فعل الأندية البدائية والتي لا تزال تصر على المغالاة في بيع بطاقات اللاعبين وهنا اعتقد أن الاتحاد السعودي يجب أن يتدخل في إرغام الأندية على الموافقة بالسماح للاعبين السعوديين من اللعب في أوروبا أو في الأنظمة الأعلى مستوى الدوري السعودي وهنا بعض من نتائج الاحتراف خارجياً:
1 - زيادة الموارد المالية للأندية.
2 - ظهور بدائل عن المحترفين خارجيا بسبب إعطائهم الفرص مبكراً للبروز.
3 - مضاعفة الجهد والأمل عند اللاعبين الشباب والناشئين للحصول على نفس فرص المحترفين في المستقبل.
4 - لإضفاء صفة الاحتراف على أداء اللاعبين والمنتخب السعودي في البطولات العالمية والقارية.
وجميع هذه الأساليب متبعة في دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا والتي تنتج أعلى عدد من النجوم حول العالم عن أي قارة أخرى مما دعا اتحادها إلى إقامة بطولاتها كل سنتين لتعويض هؤلاء النجوم وتعريف الجدد إلى سكان القارة وسماسرة الكرة العالميين.
ولكن يجب ان يعلم الجميع أن أغلب هؤلاء اللاعبين لم يلعبوا للأندية الكبيرة في أوروبا في أول سنة بل تعاقدت معهم الأندية الصغيرة أو غير المشهورة وبعد أن أثبتوا وجودهم وتأقلموا على نظام الاحتراف الحقيقي غادروا إلى الأندية الكبيرة وهذا أحد أهم أسباب عزوف الأندية في أوروبا عن التعاقد مع لاعبي الأندية السعودية بالإضافة إلى المغالاة في الأمور المادية. لذا يجب أن تكون هناك لجنة في الاتحاد تسمى لجنة اللاعبين ويكون مهامها ما يلي:
1 - إعادة حقوق اللاعبين داخلياً مع أنديتهم.
2 - تثقيف اللاعبين عن الأمور المالية والقانونية في عقودهم.
3 - تعريف اللاعبين بالسماسرة المعترف بهم.
4 - رفع التوصيات إلى الاتحاد لإجبار الأندية بالموافقة للاعب على العرض الخارجي.
المرحلة السنية المتقدمة
عند الحديث عن برامج هذه المرحلة فإنه يجب أن يؤخذ في الحسبان بأن هناك عدة جوانب في مجتمعنا قد تعيق بناء الأنظمة المعمول بها في تلك البلاد وهي ما قد يعيق تطبيقها من الناحية الإدارية لتلك البرامج ولكن هناك عدة طرق لبرمجة هذه الأنظمة للتطابق مع ما هو الأفضل لنا لنصل في نهاية المطاف إلى النتيجة التي وصلوا إليها في النواحي الفنية والاحترافية.
المراكز التدريبية
هناك برامج ومراكز تدريبية يتم فيها بناء سكن خاص باللاعبين ليقضوا معظم أوقاتهم في تلك المراكز بحيث يتم تدريبهم وتعليمهم في نفس الوقت والهدف من ذلك هو أن يتم إبعاد الأطفال عن المناطق غير الآمنة لتدريبهم وإرغامهم على التعليم عن طريق مساعدتهم في مذاكرة دروسهم اليومية. وللعلم فإن هذا النظام معمول به في نادي النصر الإماراتي منذ عدة سنوات. ولعدم وجود علاقة حميمة بين الأهالي والأندية ولعدم رغبة الأهالي في الغالب لمصاحبة أبنائهم إلى الأندية أو لقضاء أوقاتهم هناك فإنه لا يمكن القيام بهذا النوع من البرامج في وقتنا الحالي.
والسبب الآخر هي المواصلات حيث لا يمكن لكل ناد أن يوفر باصات لجميع المراحل السنية من 8 - 18 سنة بسبب المادية ولعدم تفرغ الوالد أو الأخ لنقل الطفل إلى مراكز التدريب كل يوم فإن أفضل طريقة أن تقام ملاعب في جميع الأحياء ويعين عليها مشرف إداري ومدربون مخصوصون لتلك الفئات «8 - 10، 11 - 13»، ليؤدوا دورا مفيدا وفعالا في صقل هؤلاء الأطفال وتدريبهم على مبادئ الكرة الصحيحة منذ الصغر. ويجب أن يكون المعد في هذه المراكز لاعبا سابقا وحاصلا على شهادة لدورات متخصصة في مثل هذه الأعمار. أما نوع البرامج التدريبية فيجب أن تنحصر على أبجديات الكرة فقط من دون التعمق في الأمور الفنية «مثل التمرير الصحيح، التحكم بالكرة، الاستقبال، الجري بالكرة مع رفع الرأس.. الخ». أما الاختيار الآخر فهو المدارس بحيث يكون هناك اتفاق ما بين الاتحاد السعودي ووزارة المعارف على أن يقوم الاتحاد بعمل دورات تدريبية خاصة لمدرسي مادة الرياضة في المدارس وتأهيلهم بذلك للقيام بهذه المهمة بحيث تكون مادة الرياضة تدريبية وليس بنفس النظام المتبع حضور وغياب ومن ثم رمي الكرة من الملعب وتكملة كأس الشاي. من هذه الملاعب المدرسية والأحياء يأتي الانتاج العلمي والصحيح للاعب منذ الصغر أما الأندية فيجب أن يكون لديها كشافون بحيث يقومون بزيارة هذه الملاعب من وقت لآخر للبحث عن المواهب لتسجيلها في أنديتهم. ويكون هناك إلزام على ألا يسجل أي من هؤلاء الصغار إلا بعد أن يتم 13 سنة للأسباب التالية:
1 - اعطاء هؤلاء اللاعبين الوقت الكافي بأن ينموا لواجبهم الاساسي وهو المحافظة على دراستهم.
2 - إدخال نوع من الثقة ما بين الأهالي والمدربين والإداريين.
3 - إعطاء هؤلاء المدربين الوقت الكافي لكي يعملوا من دون تدخل الأندية وذلك عن طريق إغراء اللاعب قبل انتهاء مدة تدريبه السنية.
4 - عدم تدخل وسائل النقل في إبعاد اللاعب عن التمرين إما لعدم توفرها أو لعدم تفرغ أولياء الأمور.
أما الإداري في هذه المراكز فتكون المهام الموكلة له كالتالي:
1 - أن يقوم بتسجيل واتصال الأندية مع اللاعبين لعلاقته المباشرة مع الأهالي.
وللمعلومية فإنه يوجد مثل هذه المراكز في حي المنار في مدينة الرياض ويشرف عليه بعض من الشباب المتطوعين ولكن ليس بالنظام الذي يمكن أن يعتمد عليه لإنتاج مواهب يمكن أن تقود الكرة السعودية للعالمية ولكنها محاولة جيدة.
قطاع الناشئين
تختلف أهداف الأندية في المملكة في إشرافها على هذا القطاع المهم والذي هو من أهم نقاط التحول عند أي لاعب في حياته الكروية. فهناك من يهدف إلى تحقيق نتائج في نفس السنة كالفوز في بطولة إما بالمادة للمواهب أو بتصغير أعمار لاعبيهم. وهناك من يهدف إلى الخروج بلاعب أو لاعبين في آخر السنة لخدمة الفريق في المستقبل. وهذه الطرق ليست علمية للاشراف على هذه الفئات السنية. فالإعداد لبناء هذا القطاع مبني على قواعد فنية وإدارية أولاً وأخيراً.
الإدارية:
للإشراف على هذا القطاع وهو ما بين «14 - 16»، سنة يجب أن يكون الإداري مختصا في هذه الفئات السنية المراهقة لتطويعها وتسهيل التعامل معها.
الفنية:
عن اختيار الاندية للمشرفين الفنيين لهذا القطاع فإنك لا تجد من يقوم باختيار الشخص المناسب من عدة نواح فالمشرف الفني على هذا القطاع يجب أن يتوفر فيه التالي:
1 - أن يكون لاعباً سابقاً ليسهل عليه تطبيق التمارين أمام اللاعبين.
2 - أن يكون قد حضر عدة دورات لتطوير المفاهيم الفنية لديه.
3 - أن يكون معدا وليس مدربا في المقام الأول وهذا أهم ما يجب أن يكون في المشرف الفني على هذا القطاع للأسباب التالية:
- انه يفترض فيه أن يعد اللاعب منذ الصغر كلاعب وليس كناشئ.
- أن يعد اللاعب من جميع المهارات الأساسية.
- أن يوضع لكل لاعب مهام وواجبات المركز الذي يراه المعد أنه الأصلح له.
- تدريب الالعاب على واجبات النواحي الفنية الدفاعية والهجومية الفردية والجماعية.
- ان يقوم بوضع برامج تقوية وتغذية لكل لاعب لبناء جسمه منذ الصغر وليس عند الوصول إلى الفريق الأول. «وهذا ما لا يعمل به في أنديتنا لقناعة بعض المشرفين على هذا القطاع والأندية بأن اللاعب لا يزال صغيراً في السن للقيام بتمارين تقوية وحديد بالإضافة إلى برنامج غذائي».
فهل يعقل أن يرى شخص ما إلى لاعبي أي منتخب في كأس العالم وإلى لاعبي المنتخب السعودي ويقارن الأجسام والقوة ويصل إلى النتيجة النهائية بأن كلا المجموعتين قد بدأوا تمارين القوة بعد سن العشرين. والإجابة الصحيحة هي بالطبع لا، فالصحيح هو أن جميع اللاعبين يوضع لهم برامج تقوية وحديد منذ مرحلة الناشئين ومن ثم تصل إلى مرحلة الشباب ثم الأعلى في الفريق الأول.
4 - أن يكون مناسباً ومتبعاً لنفس نظام وطريقة لعب الفريق الأساسي «الأول»، وهو الأهم وليس الجنسية من أين أتى المدرب أو طول فترة دخوله في هذا المجال. والحاصل في الأندية السعودية هي أن الإدارة تبحث عن كبار السن لكي يطلق على هذا الشخص لقب «خبير»، وعند نهاية السنة أو عقد هذا الخبير يكون مستوى البناء أو المواهب لا يصل إلى مستوى الإعداد في تلك الدول أو ما نرجو الوصول إليه لبناء مستقبلنا للعالمية. والدليل على ذلك انه عندما حضر برشتوش إلى منطقة الخليج وأخيرا في السعودية وحقق جميع تلك النجاحات في تطوير المواهب فلأنه كان يعلم ماذا يريد وما يحتاج اللاعب الناشئ والشباب من مواهب وأساسيات اللعبة. ومن ثم بدأت الأندية في البحث عن برشتوش آخر وتوالى كبار السن والمتقاعدون إلى أنديتنا ولكن لم نر برشتوش آخر فهل كل مدرب كبير في السن خبير كبرشتوش؟ الجواب بالطبع لا ولكن الأفكار والأسلوب والطريقة هي ما نبحث عنه وليس السن لتطوير لاعبنا وبناء الأساسيات لديهم بالطرق الحديثة والعلمية والصحيحة.
درجة الشباب:
عند وصول اللاعب إلى هذا المستوى أو العمر فمن المفترض أن تكون أبجديات الكرة من تحكم وتمرير وتسديد والتكوين الجسدي وغيرها قد اكتملت من النواحي الذهنية لدى اللاعب ويجب أن يكون الإعداد في هذه المرحلة مختلفاً بشكل عام حيث يجب أن يكون التالي:
الجهاز الفني:
1 - أن يكون المشرف على هذه المرحلة من نوعية المدرب المعد وليس المعد المدرب والسبب هو:
- أن اللاعب قد وصل في مرحلة الإعداد إلى مستوى متقدم لتقبل النواحي التكتيكية والفنية بعد اكتمال النواحي التكنيكية.
- أن اللاعب في هذا السن يكون مقبلا على المرحلة الأهم في حياته الكروية وهي الاحتراف لذا يجب أن يكون قد وصل إلى مرحلة متقدمة لتفهم وتطبيق الخطط والنواحي الفنية في الملعب.
- أن ترفع نسبة تمارين التقوية والحديد وذلك لوصول اللاعب في هذا السن إلى مرحلة بداية اكتمال تكوينه الجسمي وخصوصا العضلات والعظام لذا يجب أن تقوى طالما أن هناك فرصة لتمديدها وتقوية بنيتها.
2 - يجب أن يكون المدرب في هذه المرحلة من نفس أسلوب ومدرسة الأجهزة الفنية في الفريق الأول وذلك لعدة أمور هي:
- لتجهيز اللاعب للدخول في الأسلوب العام للفريق.
- تجهيز اللاعب لتفهم مهام كل مركز في النظام العام للفريق.
- لتجهيز ما يحتاجه الفريق الأول من لاعبي الشباب لاستمرار جاهزية لاعب في كل مركز لأي سبب طارئ في أي وقت من الناحية العددية وعدم دخول أسلوب جديد للمجموعة من الناحية الفردية والفنية.
3 - يجب إدخال نظام لعبة الفوتسول «كرة القدم في الصالات»، ومن فوائد هذه اللعبة وخصوصا لهذا السن كالتالي:
- رفع مستوى التحكم في الكرة لدى اللاعب.
- رفع مستوى التفكير السريع لدى اللاعب.
- تعويد اللاعب على اللعب من لمسة أو لمستين في مساحات ضيقة وقصيرة.
- تعويد اللاعب على الحركة من دون كرة ورفع الرأس.
- رفع المستوى اللياقي لأي لاعب يجب أن يجري ليدافع أو يهاجم.
النتائج المتوقعة من هذه البرامج:
فنياً:
1 - رفع مستوى اللاعب السعودي الذهني والفني والفردي «مهارياً وجسمانياً».
2 - رفع مستوى اللعبة في المسابقات المحلية مما سيجني ثمارها في المستوى الخارجي.
3 - بناء نظام احترافي على مستوى عال مما سيضفي صفة النظام على اللاعب في التمثيل الخارجي.
4 - تسهيل مهمة اللاعب السعودي على التأقلم إذا ما حصلت له الفرصة في الاحتراف الخارجي.
5 - رفع عدد النجوم المؤثرين في الدوري العام وعدد الفرق المنافسة على البطولات الداخلية والخارجية.
6 - تسهيل مهمة مدربي المنتخبات السعودية في الاختيار وتعويض النجوم في أسرع وقت.
7 - رفع المستوى العام للكرة السعودية في المحافل العالمية.
8 - استغلال وجود المدربين في الأندية بأن يعملوا بقدر ما يحصلوا عليه من المادة.
إدارياً:
1 - تأمين الدخل العام للأندية.
2 - إدخال النظام الاحترافي الإداري والتسويقي.
3 - تأسيس وتفعيل اللجان في الاتحادات والأندية.
هذا البرنامج سبق وأن تحدثت عنه في أحد اللقاءات السابقة عبر جريدة «الجزيرة»، ووجهت طلبي إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد وصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بالسماح لي بتقديم هذه البرامج التطويرية. وعندها أيضا وجهت نداء إلى الاتحاد السعودي والاندية السعودية بأن يلاحظوا بأن هناك خطراً كبيراً في مستقبل الكرة السعودية وذلك للأساليب الخاطئة في الإعداد وخصوصا في المرحلة السنية «الشباب، الناشئين وصغار السن».
وقد قمت بإرسال هذه البرامج إلى الاتحاد السعودي منذ ما يقارب من السنتين ولكن لم أجد أو أسمع أي رد علما بأنني قد حذرت من هذا والآن الجميع يرى ما حدث في كأس العالم والفارق الشاسع ما بين مستويات الفرق الكبرى والصغرى في البطولة ومستوى المنتخب السعودي فنيا وفرديا وجسديا ولماذا لم يستطع لاعبو منتخبنا من الارتقاء بمستوياتهم إلى مستوى البطولة كغيرهم من الدول المشاركة الأخرى.
|