Tuesday 9th July,200210876العددالثلاثاء 28 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يا ابن عساكر قد مضيت حميداً يا ابن عساكر قد مضيت حميداً
عبدالحكيم بن محمد العجلان / جامعة الإمام كلية الشريعة

في سكون ليلة الجمعة ضجت الآفاق وتنادت الأرجاء حينها استقر صداها في الأعماق إنها فاجعة قارنها الذهول رحل أبو عبدالله محمد بن عبدالرحمن بن عساكر بل رحلت خلال عظيمة وأخلاق كبيرة كالجبال رساوة وكالمعين صفاء تجسدت في ذلك الرجل الأشم والشخصية الشهمة؛ تنادى الناس بالخبر وتحادث الأحباء في الأثر. ليواسوا انفسهم في المصاب ويبادروا الصلاة لينالوا الأجر والثواب، ازدحم المسجد تسابقت العبرات ارتفعت الدعوات، تتابع الناس الى المقابر افواجاً اجتمعوا جماعات كثيرة وجهاء وعلماء، أقارب وأصدقاء، محبون وفقراء يتبادلون العزاءويرفعون أكف الضراعة والدعاء ومثلهم وامثالهم كثير ممن لم يدركوا الصلاة ملئت مجالسهم حديثاً وثناء وأعظم من ذلك من نأت بهم الديار في بلاد كثيرة متفرقة راسلوا بالعزاء وواسوا بالدعاء او نادوا بإقامة صلاة الغائب كجوامع كثيرة في باكستان وغيرها. قل لي بربك يا ابا عبدالله ما الذي حملهم على ذلك اهو مالك وثراؤك أو هو قدرك وجاهك فقد رأينا من هو اكثر منك مالأ واعظم ثراء واكبر جاهاً ماتوا لم يبلغ ذكرهم ومصابهم في الناس هذا المبلغ. انك وسعت الناس بحسن خلقك وطول بسمتك وجودك وكرمك وحسن منطقك وتواضعك بها عمرت مجالسك وعليها عاهدت نفسك. لم تتخلف تلك الخلال لاختلاف الأحوال او تغير المزاج او حدوث ظروف او نزول بغيض او ثقيل لقد وسعت الناس بجميل صفحك وحسن جوابك وتلطفك، لفد زخرت مجالسك بأهل العلم والفضل تتيح لهم الحديث وتبادلهم المشاعر في ذكر الاقليات المسلمة ومعاناتهم، لقد كنت شفيقاً ويبدو وجهك كئيباً اذا ذكر حال المنصرين ودعوات المفسدين، وربما كانت مجالسك منبراً للشعر والأدب تستحسن منها المعاني الكبيرة في الحث على معالي الامور ولا تمانع مما يكون فيه فسحة للنفس مالم يكن مخلاً، وكثيراً ما عمرت مجالسك بحوارات هادئة ومناقشات هادفة. كانت مجالسك عامرة بذكر الناس والعجب ألا تذكر ولا يذكر عندك الا مآثرهم وحسن فعالهم ولم اعهد في مجلسك ولا مرة واحدة تتبع عثرة او ذكر معين بنقيصة او زلة. فتح الله لك جنته يوم فتحت قلبك بيتك مزرعتك مخيمك ليصل اليه الحبيب والقريب والعزيز والفقير والقاصي والعاني تهللت اسارير وجهك برؤيتهم وسعدت بحضورهم دون ملل كل يوم يعاود الزيارة يكون كالضيف الجديد وكالأخ العزيز فرحمك الله يا ابا عبدالله يوم تأممت الكرم وبلغت في الخلق القمم وأخذت بمجامع القيم. ورحمك يوم بلغت الأجل المسمى ووسدت الثرى فذاع في الناس ذكرك وعلا بين الورى قدرك وطيب محتدك وشاع في المجالس فضلك وعطرت الساحات والمنتديات بالثناء عليك وصدق فيك قول الشاعر:


علو في الحياة وفي الممات
حقاً إنها لإحدى المكرمات

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved