Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المناهج المناهج
عبدالحليم بن إبراهيم العبداللطيف

يعرف علماء التربية «المنهج»، بتعريفات عديدة ومنها انه الخبرات التربوية التي تتيحها المدرسة «النابهة» للتلاميذ داخل حدودها أو خارجها بغية مساعدتهم على نمو شخصيتهم في جوانبها المختلفة نمواً يتفق مع الأهداف التعليمية النبيلة والمعلم ركن هام وكبير من أركان المنهج الصحيح، والمنهج المراد تربوياً ينتج من تفاعل وتكامل عوامل أربعة، التلميذ، والمدرس الكفء، والبيئة المحلية الخصبة والمنبتة نباتاً طيباً، وثقافة واهتمام الأمة.ولكل أمة فلسفة تربوية ولها اهتمام معين، ينبغي للتربويين النابهين إدراكهما والاهتمام التام بهما ويخطئ كثيرا بعض القادة التربويين عندما لا يهتم بهذا الجانب ويقعون في اخطاء بشرية كثيرة عندما يخططون ويبرمجون في مكاتبهم أو مع بعض من أصحابهم ومن هم حولهم أو عندما يستوردون فكرة تربوية من بلد آخر، قد تكون صالحة نوعاً ما أو غير صالحة أصلاً أو تجاوزها الزمن أو تركها أصحابها والذين قال قائلهم «وياليت قومي يعلمون»، يقول هذا القائل «إن التربية بضاعة وطنية لا تستورد ولا تصدر»، إن المنهج الصحيح ورسم الخطط الدراسية المعتبرة يجب أن يشارك فيها أولاً وقبل كل شيء المتميزون في الميدان وما أكثرهم في المدارس والإدارات التعليمية، ثم بعد ذلك تطرح الفكرة المراد تطبيقها على التربويين بوجه عام وما أكثرهم أيضاً من المتخصصين والممارسين والمهتمين والمتابعين والكتَّاب التربويين، والخطأ التربوي الذي يقع في بلاد عديدة وخاصة ما يسمى بالنامية أحياناً يأتي من عدة أمور:
1 - إما النقل والتقليد لأمم أخرى بدون تمييز أو تمحيص وما أكثر هذا وما أعظم خطره وضرره، فثوب مثلا خيط لبدين قد لا يصلح لآخر ودواء وصف لشخص قد لا يصلح لثان وثالث وقد يضره، وهذا مشاهد ومحسوس وملموس ولا يحتاج أحيانا إلى كثير بيان.
2 - العجلة في تطبيق بعض النظريات والأفكار التربوية بدون تمحيص أو دراسة متأنية من قبل أصحاب الشأن جميعاً والمشار إلى بعض منهم في هذا البحث آنفاً.
3 - الظهور أحيانا بمظهر التجديد والترقي بدون نظر أحيانا إلى شراك وأشواك الطريق، وما أكثرها في دنيا الناس.
4 - الظهور أحيانا بمظهر حب التجديد ولو إلى الأقل بقصد لفت الأنظار أو عدم الجمود كما يسمون ويدعون.
5 - مخالفة من سبق ولو كان أحياناً هو الأفضل والأجمل وهذه ظاهرة كثيرة الظهور والحضور، عندما يأتي مدير أو مسئول بدلاً من آخر فالسمة لدى البعض أو الميزة التغيير والتبديل، حيث يتصور هذا البعض خاطئا أن الناس يحبون أو ينتظرون ذلك مع أن الأصل البناء والتشييد ومواصلة الجهد على ما تركه الأسلاف وخصوصاً المقتدرين منهم إلا ما ندر وظهر حيفه وزيفه فهذا أمر آخر، إن المنهج الصحيح لا يمكن الحكم له أو عليه إلا من خلال تجربته ومتابعة تنفيذه من قبل أصحاب الشأن وفرسان الميدان، أنا هنا أركز كثيراً على هذه النقطة أعني الخبرة والقدرة والندرة والتخصص الدقيق للحكم على أي عمل كان وتأتي التربية والتعليم في مقدمة هذه الأمور كما أنه لا يكفي لاقرار منهج أو خطة مهما كانت بمجرد قراءة خطته وعناصره المكتوبة أو دراستها في بلد «ما»، أو مشاهدة تطبيقها في رحلة أو زيارة عابرة أو دورة قصيرة ذلك أن المنهج الواحد يطبق في عدة مدارس ونرى الفرق شاسعاً وواسعاً في ذلك بين بلد وآخر ومدرسة وأخرى وقديماً قال العرب «السيف بضاربه لا بحامله»، وقالوا أيضاً:


فما تنفع الخيل الكرام ولا القنا
إذا لم يكن فوق الكرام كرامُ

وإذا كانت الثقافة والمعرفة لهما وطن ومكان فالمنهج كذلك ذو وطن ومكان فهو ينبثق كما يرى اصحاب الشأن من آمال الأمة وأهدافها وتطلعاتها وثقافتها ودينها كما أن الخبرة الصحيحة والأصيلة هي وحدة بناء المنهج المفيد لا المعارف وحدها حيث ان الخبرة أشمل وأدق وأعمق من المعرفة. والخبرة تتنوع بتنوع مواقف الحياة. وهنا لابد من الإشارة إلى عاملين أساسيين لتؤتي المناهج ثمارها أولهما: المعلم الكفء ونريد بالكفء هنا صفات وسمات ومواصفات هذا المعلم الذي ليس همه التلقين والالقاء بل تهيئة المناخ الملائم للمتعلم، وإثراء الجو المدرسي بالمثيرات المناسبة والمفيدة وتهيئة الدوافع للمتعلم والاهتمام بوسائل الجذب والتشويق، والمدرس بهذه الصفة مرشد وموجه والمدرس الإيجابي يعلم طلابه بالنقاش والحوار الحي البهي والقاعدة التربوية المثلى تقول «علِّم التمليذ بالتلميذ» والمنهج هنا والكتاب أحد مصادر المعرفة لا كلها وقد يقوم المعلم الكفء في بعض الأحوال مقام المنهج والكتاب وهذه مرحلة هامة وكبيرة يرتقي إليها بعض المعلمين النابهين، أما من قصر باعه وقلّ اطلاعه وهم قليل إن شاء الله فلابد من الكتاب ثانيهما: لابد أن يوصل بالمتعلم إلى مرحلة من النضج التربوي بحيث يتعلم الطالب بالنقاش والحوار وتبادل الأدوار مع غيره، بعيداً عن السلبية من الطالب والمعلم أحياناً الأمر الذي جعل بعض الطلبة داخل الصف يتصف بالملل والضجر والكسل وضيق النفس، يستثقل أحياناً بعض المدرسين وحصته ولعل من أهم أسباب ذلك أن أصبح الكتاب في بعض المدارس هو المصدر الوحيد للمعرفة والمدرسة أحياناً خالية من سوى ذلك مما يساعد على طرد السأم والملل ويساعد على التعليم الذاتي وإذا كان العلم بطبيعته تراكمياً فإننا بأمس الحاجة إلى تأصيل هذا الاتجاه.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved