Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

تلميحة تلميحة
تربية الذوق.. أولاً
محمد المنيف

الكثير من الدراسات الغربية والعربية تخصصت في أهمية الجمال وكيفية التعامل معه والبحث عن سبل تربية الأجيال على تذوقه والاستمتاع به، وكان للفنون البصرية ومنها العمارة والنحت والتصوير «اللوحة التشكيلية» وبكل مضامينها حظ وافر من تلك الدراسات يستند الكثير منها على مراجع علمية محضة منها ما يتعلق بكيميائية اللون وبناء العمل الفني وأصوله وأسسه ومنها ما يتحدث عن فلسفة الجمال الظاهر في أشكال الواقع بكل عناصره أو الباطن في علم النفس.
وإذا كانت الدراسات الغالبة في مجال الجمال عنيت بالصورة المباشرة أو الشكل المرئي فإن هناك دراسات أخرى لا تقل أهمية بل تزيد نتيجة لدورها في كشف حقائق هامة في بناء المجتمعات بتخصصها في العقل والوجدان وكيفية تأثير الحياة بكل عناصرها الجميلة التي فطر عليها الإنسان ومن ثم انعكاس معطياته على أشكال وأنماط السلوك البشري وإذا تلمسنا بعضاً من تلك السلوكيات وتأثير المحيط البيئي والاجتماعي عليها لوجدنا اختلافات كثيرة في كيفية تعامل الفرد مع بقية أفراد مجتمعه تبرز مباشرةعبر التلميح أو الإيماء أو الكلمة أو في كيفية الحركة والسير كمن يجر إزاره خيلاء أو بالتنطع بالعبارات وإعطاء نفسه أكبر من حجمها وإضفاء المعرفة والفهم والتقليل من حجم وعي ومعرفة الآخرين، تلك السلوكيات ناتجة عن قصور في مستوى التربية الوجدانية التي تبنى بها الأخلاق وترتقي بمستوى العلاقات والتعامل الإنساني، هذه التغيرات في السلوك التي تخالف فطرة الإنسان تأتي نتيجة ردود فعل لتغير مفاجئ يحدث للفرد في حياته بأن يكون متوسط الحال فيصبح غنياً أو أن يكون موقعه الوظيفي أقل ثم يتحقق له منصب أكثر أهمية والبعض الآخر تأتي تصرفاته غير المتوازنة وغير المتطابقة لما يجب أن يكون عليه في حال تحكيمه العقل، هذه الأمور وغيرها كما قلنا لا تولد مع الإنسان، فالإنسان يولد ومعه امكانيات سلوكية فطرية ذات قيمة إيجابية وعليه بعد بلوغه الرشد أن يختار حالتين أما تطوير تلك الامكانيات الإيجابية وتشكيلها بناء على واقع محيطه ونحن ولله الحمد ننعم بمحيط إسلامي حر من مبادئه حسن الخلق وحب الجمال فالله جميل يحب الجمال أو أن يترك للواقع أياً كان مستوى السوء فيه أن يغيره ويبدله كما يشاء، وحينما نشير إلى أن الإنسان يولد ومعه ملكاته الفطرية الخيرة نجد تأكيد بعض العلماء لها ومنهم هربرت ريد الذي يقول: «إن المربي يبدأ من لغز لا يقبل التفسير ويعني عقل الطفل الحديث الولادة مع عدم إعطاء الشواهد التجريبية مثل الشواهد الانثروبيولوجية أو الشواهد الفسيولوجية أو السيكلوجية دلالة محددة حول طبيعته ويضيف أنه رغم ذلك يمكن أن تثار أسئلة استكشافية بنسبية كاملة لعالم الأخلاق منها كيف تنشأ هذه الدوافع وكيف تنمو وأي منها يأتي أولاً وأي منها أكثر ارتباطا بالواقع» انتهى قول «ريد».
أما الأكثر غرابة فهو أن التربية الوجدانية وتربية الذوق لا تصلح ولا يمكن تطبيقها إلا على الإنسان وأن الواقع هو أول أسباب التغيير والتبديل في سلوك أفراده أما نحو الشر أو نحو الخير وفي مقدمتها الأسرة ثم التعليم الذي يتحمل مسؤولية بناء المجتمعات.
وإن القيم السليمة والدالة على طرق النجاة لا توجد أو تتواجد إلا في مجتمع متمسك بالقيم والمبادئ السامية في دينه.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved