* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
سوق المال السعودي يمشي بخطى ثابتة نحو التقدم والازدهار ويعد من أكبر الأسواق المالية حجماً حيث بلغ حجم التداول اليومي 500 مليون دولار، وسيشهد طفرة كبيرة في الأيام القادمة حيث ينبع من داخل اقتصاد قوي ومتنوع إلى جانب زيادة الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية والتي تنعكس على نمو وربحية الشركات داخل البورصة إلى جانب درجة الأمان للأسهم.. «الجزيرة» تتعرف على أهم مؤشرات هذا السوق ومعوقاته من خلال هذا التحقيق:
يؤكد خبراء المال أن السوق السعودي شهد طفرة كبيرة فقد ارتفعت أسعار الأسهم بنسبة 50% خلال الثلاث سنوات الماضية، نتيجة لارتفاع أسعار البترول، وشهد سوق المال إقبالا من المواطنين بعد أن سمحت السلطات السعودية للأجانب بالاستثمار وأشاروا إلى أن المملكة هي الدولة العربية الوحيدة المؤهلة لإنشاء بورصة عربية تكون قادرة على جذب الأموال العربية والأجنبية من الخارج.
ارتفاع الأسهم 20%
يقول محمد مجدي المدير التنفيذي لشركة سيجما لتداول الأوراق المالية إن السوق السعودي شهد نقلة حقيقية منذ بداية العام الحالي حيث ارتفعت الأسهم بنحو 20%، لكنه انخفض في الأيام الحالية نتيجة لترقب المستثمرين لطرح شركة الكهرباء السعودية للتداول داخل البورصة وتبلغ قيمتها نحو 48 مليار دولار، ويوجد جزء من هذه الشركة متداول في البورصة وتنوي الحكومة طرح باقي الأسهم للتداول في ظل خطتها لخصخصة الشركات الحكومية، كما سيتم طرح بعض الشركات الأخرى مثل شركة الاتصالات ومزمع دخولها البورصة في اكتوبر القادم، ولكن تواجهها مشكلة عدم وجود قانون لتنظيم الاتصالات، ويمنع أوجه الاحتكار التي يمكن أن يتعرض له هذا القطاع الحيوي، ويمس المواطنين مباشرة وطرح شركة «سابك» والتي تعد أكبر شركة بتروكيماويات في الوطن العربي وضمن الشركات الكبرى في العالم ويصل حجم الرأسمال السوقي لها نحو 49 مليار ريال سعودي، وهذه الشركات تتمتع بضخامة قيمتها السوقية مما يحقق عائدة ربحية مرتفعة للمستثمرين.
مرجعية للمستثمر
ويضيف محمد مجدي أن ضعف الاستثمارات الأجنبية في المنطقة يرجع إلى عدم وجود القوانين والتشريعات المنظمة لدخول الأجانب وعدم وجود المرجعية لهؤلاء المستثمرين حيث لا توجد جهة خاصة يمكن التعامل معها لحل أي مشاكل أو معوقات تواجههم في السوق والحل الوحيد هو الاتجاه إلى الوزير المختص مباشرة، وهذا يصعب على المستثمر الأجنبي، ففي ظل وجود القوانين والضوابط يستطيع المستثمر اتخاذ قراره الاستثماري بدقة، كما أن أسعار الأسهم في السوق السعودي مبالغ فيها بشكل كبير وتصل إلى أربعة أضعاف نفس السهم داخل مصر.
بالإضافة إلى أن المملكة كانت مغلقة على نفسها ولفترة طويلة ولا يسمح لغير السعودي بالاستثمار في البورصة، مما جعلها تعاني من نقص في الأبحاث المختصة بتحليل أسواق المال والاقتصاد، وتقتصر هذه الأبحاث على مؤسستين فقط ونستطيع أن نجمل أن ما يعانيه السوق السعودي هو عدم وجود البنية الأساسية التي تؤهل لاستقبال الأموال الأجنبية وهو ما يستدعي تشكيل إدارة خاصة بالبورصة تكون المرجعية للمستثمرين.
الاستقرار والأمان
وأشار الخبير المالي إلى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر وما شهدته الاستثمارات العربية في الخارج من الملاحقة والمطاردة كانت سبباً في عودة جزء من الاستثمارات إلى المنطقة وخاصة السعودية، كما أن البعض اتجه إلى دول شرق آسيا وأوروبا، والسوق السعودي مؤهل لاستقبال الأموال العربية.
مشيراً إلى أن السوق السعودي يتميز بالاستقرار، ولا توجد القرارات المفاجئة، وتعدد القوانين، ومصادر الدخل معروفة والفرص الاستثمارية واضحة للمستثمرين، إلى جانب أن الفرصة متاحة لزيادة الإنفاق على المرافق والمصانع مما يزيد حركة الدورة الإنتاجية من خلال زيادة مصانع الاسمنت والمقاولات والبناء وغيرها، وهذا ينعكس على مضاعفة الربحية وفرص أكبر للمستثمرين داخل البورصة، والأرقام توضح ذلك فقد بلغ ما انفق على شبكات الصرف والمرافق خلال الخمسة أشهر من العام الحالي 9 ،2 مليار ريال في حين بلغ ما انفق على شبكات الصرف والمرافق خلال العام الماضي نحو 1 ،3 مليار ريال، كما أن المنتجات اللازمة للبناء و التي يتم استيرادها زادت بنسبة 30% العام الماضي على العام السابق. بالإضافة إلى طفرة الاستهلاك في جميع المجالات فأكثر من نصف السكان تحت العشرين سنة، ومستوى التعليم تطور في 20 سنة الماضية، وبالتالي تطور في الصناعات المختلفة ومنها زيادة المنتجات الاستهلاكية وأوضح أن عودة الاستثمارات سينتج عنها انخفاض في الأقراض لدى البنوك، كما أن مشروع السكك الحديدية التي تزمع المملكة إقامتها سيعطي فرصا كبيرة للشركات ويزيد العمالة، ولعل التحرر يزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة و المستثمر الأجنبي لا يستطيع التعامل داخل المملكة إلا من خلال مواطن سعودي يكون شريكا...
بورصة بدبي
كشف محمد مجدي الخبير المالي أن أكبر منافس للمملكة هي مدينة دبي والتي تقوم حالياً بإنشاء بورصة بالتعاون مع «الناذدك» nasdce وهي بورصة شرق أوسطية أسهمها عربية وأمريكية وغيرها أي أنها تسجل أسهم شركات قائمة في بلادها وهي تعد بورصة لشركات الإيداع الدولية وتكون أموالها في مأمن، من الممكن أن تكون المملكة أكبر منافس «لدبي» لما تتمتع به من اقتصاديات قوية وبها صناعات كبيرة، وحجم سكانها 17 مليون نسمة إلى جانب 5 ملايين أجانب وتصل القوة الشرائية عشرة أضعاف القوة الشرائية في مصر وكل المؤشرات تؤهل المملكة بأن تكون بورصة عربية قوية في المنطقة.
وطالب الحكومة بخلق فرص استثمارية داخل السعودية، موضحاً أنها قادرة على القيام بدور قيادي على مستوى المنطقة من خلال ما تقوم به من إجراءات الخصخصة، وتحسين البنية الأساسية ووضع قوانين منظمة للتداول فهي الدولة الوحيدة في الدول العربية القادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية من الخارج، وقال إن مدينة دبي استطاعت أن تحقق طفرة غير طبيعية في الاستثمارات وأدخلت مجالات التكنولوجيا وأصبحت أكبر مركز مالي لدول مجلس التعاون الخليجي بعد البحرين، والمملكة مؤهلة لتكون أكبر مركز مالي حيث فرص تسويق الاستثمارات أكبر وشركات الصناعات التقليدية بدأت تأخذ موقعها من جديد وهذه الصناعات تتمتع بها المملكة وبدأت تتراجع شركات التكنولوجيا نتيجة لأن تقييمها مبالغ فيه و لا تحقق الربحية المتوقعة.
الأموال الساخنة
سمح للمستثمر الأجنبي بالدخول في أسواق المال السعودي وهو ما دفعنا إلى تذكر «الأموال الساخنة» التي كانت سبباً في انهيار العديد من البورصات، وهي أموال تدخل لتحقق أرباح 200%، 500% ثم تخرج فجأة من السوق فيؤدي للانهيار.. فما موقف سوق المال السعودي من هذه الأموال. أجاب حسين عبدالحليم محلل مالي يشارك في إعداد تحليل مالي عن السوق السعودي تمهيداً لجذب المستثمرين لهذه الأسواق أن الأموال الساخنة لا تحدث بالمملكة لأنه لا توجد ربحية 200%، 500% حتى تدخل هذه الأموال ثم تنسحب وهي تحدث عادة في الأسواق الناشئة مثل مصر في بدايتها عام 1993، 1994 وغيرها أما المملكة فحجم اقتصادها كبير وكل دول العالم تتابع اقتصادها باهتمام، وهناك أشخاص كثيرون ضاربوا و حققوا 500%، أما في المملكة فهي تدخل ببطء في اقتصاديات السوق الحر، ففي البداية سمحوا بالتداول وذلك منذ فترة طويلة، وكانت قاصرة على السعوديين، فقط، وبعد ذلك سمحوا لمواطني الخليج بالاستثمار في البورصة وذلك ما عدا بعض البنوك، وأخيراً اتيح للأجانب الاستثمار عن طريق صناديق الاستثمار، وبصفة مباشرة، وفي كل الشركات باستثناءات محدودة.
فرص استثمارية غير كافية
وأضاف أن الأسباب الحقيقية وراء عدم عودة الأموال العربية وهجرتها من البداية يرجع إلى عدم وجود فرص استثمارية كافية في المنطقة العربية إلى جانب درجة الأمان لهذه الأموال، و معدل الربحية، خاصة وأن أي رأس مال يتجه نحو الأسواق التي تحقق له أعلى معدلات ربحية و أيضاً تتمتع بالاستقرار في القوانين والتشريعات الاقتصادية، لا يخرج قرار أو قانون فجأة كما يحدث في بعض البلدان العربية فيؤدي إلى انهيار أسهم بعض الشركات وبالتالي هروب بعض المستثمرين الأجانب والعرب أيضاً إلى أسواق أكثر استقراراً وهو ما نرى أن المملكة تتمتع بهذه المميزات حسب الاستقرار كما أن الصراع العربي الإسرائيلي تأثيره محدود والسعودية آمنة ولا يمكن التوقع بدخولها حرباً.
بورصة عربية
وأشار إلى أن البورصة العربية الموحدة ستعمل على جذب المستثمر الأجنبي إلى هذه البورصة وذلك لضخامة حجم استثماراتها، فالمشكلة تتمثل في أن البورصات في الدول العربية صغيرة وحجم تداولها ضعيف، مما يجعل المستثمر الأجنبي يتجه إلى البورصات ذات الأحجام الكبيرة، ويترك البورصات العربية المتشتتة إلى جانب أن للبورصة العربية الموحدة منظورا وطنيا في تقريب الشعوب العربية، وذلك من خلال المصالح المشتركة، وخاصة أن أوروبا رغم الاختلاف الشديد بين شعوبها إلا أنها تجمعت وشكلت اتحادا وعمله واحدة.
وقال ان شركة سيجما تقوم بنظام متطور في تداول الأوراق المالية وخاصة أنها الأولى في الشرق الأوسط، وتتحكم في التداول عن طريق الانترنت مثل الشركات الأجنبية وتعطى للمنطقة العربية الأولوية وهدفها الترويج للسوق السعودي عن طريق البيع وتوجد مجموعة من الأحداث والعوامل التي تؤثر على قرارات الشراء والبيع منها تغير القوانين والقرارات، وعدم الاستقرار في المنطقة.
|