آية وتفسير:
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: {يّا بٍنّيَّ إنَّهّا إن تّكٍ مٌثًقّالّ حّبَّةُ مٌَنً خّرًدّلُ} التي هي أصغر الأشياء وأحقرها. {فّتّكٍن فٌي صّخًرّةُ} أي: في وسطها {أّوً فٌي پسَّمّوّاتٌ أّوً فٌي الأّرًضٌ} في أي: جهة من جهاتهما {يّأًتٌ بٌهّا پلَّهٍ} سعة علمه، وتمام خبرته وكمال قدرته. ولهذا قال: {إنَّ پلَّهّ لّطٌيفِ خّبٌيرِ} أي: لطف في علمه وخبرته، حتى اطلع على البواطن والأسرار، وخفايا القفار والبحار. والمقصود من هذا، الحث على مراقبة الله، والعمل بطاعته، مهما أمكن، والترهيب من عمل القبيح، قلّ أو كثر. {يّا بٍنّيَّ أّقٌمٌ پصَّلاة} حثه عليها، وخصها لأنها أكبر العبادات البدنية. {وّأًمٍرً بٌالًمّعًرٍوفٌ وّانًهّ عّنٌ پًمٍنكّرٌ} وذلك يستلزم العلم بالمعروف، ليأمر به، والعلم بالمنكر، لينهى عنه.
والأمر بما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به، من الرفق والصبر، وقد صرح به قول: {وّاصًبٌرً عّلّى" مّا أّصّابّكّ} ومن كونه فاعلا لما يأمر به، كافاً لما ينهى عنه، فتضمن هذا تكميل نفسه بفعل الخير وترك الشر، وتكميل غيره بذلك، بأمره ونهيه.
ولما علم أنه لابد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس، أمره بالصبر على ذلك فقال: {وّاصًبٌرً عّلّى" مّا أّصّابّكّ إنَّ ذّلٌكّ} الذي وعظ به لقمان ابنه {مٌنً عّزًمٌ الأٍمٍورٌ} أي: من الأمور التي يعزم عليها، ويهتم بها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم.
من مشكاة النبوة
عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) رواه مسلم.
وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً، أو يقول خيراً) متفق عليه. وفي رواية مسلم زيادة، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
فتوى الأسبوع
أذهب لرحلة كل عام في الخارج أنا وزوجتي وطفلتي ونقضي فترة أسبوعين في البحر والجزر الجميلة والحدائق كنوع من الفسحة البريئة، هل يجوز ذلك؟ مع العلم أنني أحافظ على الصلاة أنا وزوجتي زوجتي لا تكشف عن جسدها لا نأكل إلا الفواكه، لا نحتك بالأجانب ورؤية عوراتهم، أفيدونا بذلك.
لا يجوز السفر لبلاد أهل الشرك إلا لمسوغ شرعي وليس قصد الفسحة مسوغاً للسفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا برىء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) رواه أبو داود.
ولذلك ننصحك بعدم الذهاب لتلك البلاد ونحوها للغرض المذكور؛ لما في ذلك من التعرض للفتن، والإقامة بين أظهر الكفار، وقدصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا برىء من كل مسلم يقيم بين المشركين)، وجاء في هذا المعنى أحاديث أخرى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
كلمات مضيئة
تتفاوت القلوب في الخشوع بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له، وبحسب تفاوت مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع، فمن خاشع لقوة مطالعته لقرب الله من عبده، واطلاعه على سره وضميره المقتضي الاستحياء من الله تعالى ومراقبته في الحركات والسكنات، ومن خاشع لمطالعته لجلال الله وعظمته وكبريائه، المقتضي لهيبته وإجلاله، ومن خاشع لمطالعته لكماله وجماله للاستغراق في محبته، والشوق إلى لقائه ورؤيته، ومن خاشع لمطالعة شدة بطشه وانتقامه، وعقابه المقتضي للخوف منه وهو سبحانه وتعالى جابر القلوب المنكسرة لأجله، فهو سبحانه وتعالى يتقرب من القلوب الخاشعة له كما يتقرب من وفده وزوار بيته (الوافدين بين يديه، المتضرعين إليه في الوقوف بعرفة، ويدنو ويباهي بهم الملائكة وكما يتقرب من عباده (الداعين) له، السائلين له، المستغفرين من ذنوبهم بالأسحار، ويجيب دعاءهم، ويعطيهم (سؤالهم)، ولا جبر لانكسار العبد أعظم من القرب والإجابة.
الإمام ابن رجب رحمه الله
* العلاقات العامة والإعلام برئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر |