الصداقة موضوع حساس يجتمع له رجال العلاقات الإنسانية مرة كل عام في جامعة نيويورك وفي آخر اجتماع لهم قالوا: (إن من تعتبره صديقاً يجب أن يتحلى بصفة أساسية هي القدرة على أن يكون وفيّاً لنفسه أساساً وان يحترم كلٌّ منكما ضعف الآخر) فهل الصداقة أن تنصح وتعتب على صديقك فتصبح عدوه؟ وهل أصبح في هذه الأيام العتاب الصادق يوصل إلى الجفاء والابتعاد عن شروط الصداقة والأخوة؟ وهل الصديق فقط لوقت الصفاء؟ وهل ترتبط بالمظهر وبالود المزيف والمظاهر البراقة وتكشف لك الأيام بعد فوات الأوان عكس ذلك؟ هل الصداقة أن تتخلى عن صديقك حينما يمر بتجربة قاسية ومحنة أليمة في وقت يحتاجك فيه أكثر من ذي قبل؟
ومع غروب كل شمس تغرب مئات الصداقات ونرى ونسمع ونحيا الموقف وكأن شيئاً لم يكن.
فلماذا إذن تغيرت الصداقة؟ هل يا ترى حدث خلل في مفاهيمنا أم هي مجرد جرثومة انتشرت واندمجت مع ذرات الهواء الذي نستنشقه فأصابنا منه ما أصابنا، كل إنسان حسب مناعته ومقاومته إلا من رحم ربي.
إن الصداقة في أقوى معانيها شعور اقوى من الحب، لأن الحب قد ينطفئ ويخبو ولو نظرنا لأي زواج كتب له النجاح فبالتأكيد أنه بدأ بالحب واستمر على الصداقة فهي تقوم على الوفاء والتضحية وإنكار الذات ومع الأسف نجد انه في الغالب لا توجد علاقة صداقة حقيقية ولو استمرت الأخوة سنوات نسمع فجأة بأن تلك العلاقة الرائعة اندثرت وماتت وضاعت بلا مبررات ولاكتشف أصحاب العلاقة بأنها كانت سطحية ومذبذبة.فالصداقة لا تخاف الصراحة ولا الاعتراف بالخطأ، فكل صديق يكشف عيوبه وأخطاءه وتجعل الحب يكبر يوماً بعد يوم ولا يحال إلى التقاعد أو يطلب الاستقالة وعندما يكبر الحب يصنع المعجزة في الاستمرار والسكن الدائم في القلوب.
* صدق الله العظيم...... وهل علينا في هذه الأيام أن نسير على قاعدة (تباعدوا تحابُّوا) فكم من الصداقات الجميلة والتي كانت مضرباً للأمثال..... صداقة استمرت سنوات طويلة فيها من المودة والاهتمام والرعاية والأخوة ما فيها وتكون أقوى من صلة الرحم وفجأة تتحول إلى كره وضغينة وتشاحن وتسبب الانفصال والقطيعة.... فما سبب هذه الظاهرة إذا صح التعبير أن أقول عنها ذلك!!!!
وهناك من يسمى بالعدو الصاحب ممن يدَّعي بأنه صديق فيظهر لك حب الخير وأعماقه تشتط حقداً وغيرة الذي تأخذ من طلاوة لسانه وحلاوته وتملقه ونفاقه ما يجعلك تثق بكلامه وتفعل ما يريد.. وتكون ما يريده.. فيفرح لغمّك ويحزن لسعادتك وتراه يلازمك ليعرف أخبار تقدمك أو نجاحك أولاً بأول ليسعى بدون أن تشعر إلى تدمير ما يمكن تدميره.
فالصداقة رباط مقدس بين من يقدِّرون تلك الكلمة الصغيرة في حروفها والكبيرة في معناها لأن لها حقوقاً وعليها التزامات، فالصاحب الحق هو صاحب الكلمة الطيبة، هو من ينصحك بلا دافع سوى مصلحتك وستجد في بعض الأحيان كلامه وتصرفاته ما لا يلائم هواك وتحسبه عدواً لك من شدة قوله ولعدم نفاقه وإطرائه، فهو يلتزم بواجباته نحوك ويقدم لك المشورة والرأي الصائب ويقف بجانبك في حالات الشدة ويفتح أمامك الباب لتمر مشكلاتك بأقل الأضرار.
لحظة سكون:
... إن الصدفة هي العامل الأساسي الذي يجمع الناس ليرتبطوا والظروف هي التي تقارب أو تفرق بينهم، فلا صداقة بدون حب ولكن اصبح من الصعب في هذا الزمن وجود الخِل الوفي في أفعاله وأقواله وأحاسيسه.
|