أذّنت في مسمعي عندالصباح
أيها النائم هيا للكفاح
أنت أشعلت بأعماقي جراحي
فصحا نومي على عزف نواحي
أنت فجرت مآقيَّ دما
فجرى يخضب وجهي عندما
كنت أرجوك لدائي بلسما
فإذا حبك يغدو علقما
قلت ما أحسنتِ يا زوجي اصطحابي
قد ملأت الكأس في خمر التلاحي
أنت أوثقتِ بأشجاني سراحي
أنا طير بك مقصوص الجناح
بك أصبحت عجوزاً معدما
سكن الهم بقلبي واحتمى
صنعت كفك مني سُلّما
كم على الأرض من الناس دُمَى
قالت الصيف سموم جائرة
وشظايا من جحيم ثائرة
في خيالي أمنيات حائرة
ولدت منذ السنين الغابرة
دارنا في الصيف واد من سعير
تسكب الشمس شآبيب الهجير
والرياح الهوج باللفح تغير
كل ما فيها شهيق وزفير
قلت في حكمك أنت الجائره
أرضنا ذات رياض ناضرة
تتجلى بالفتون الساحرة
تقبل الدنيا إليها صاغرة
والندى يختال فواح العبير
في ربى نجد وأبها والظفير
جنة عذراء من صنع القدير
ضمخت بالعطر أثواب الأثير
قالت الأمس أتتني صابرة
أسكرتني بمناها العاطره
سوف تختال بقلب القاهرة
وترى نيسا عروساً سافره
فأفق فضلاً أنر أيامنا
حقق اليوم لنا أحلامنا
عصر الصيف لنا أجسامنا
وبرت رمضاؤه أقدامنا
قلت لم تنبئك إلا ما كره
وعجوزاً في خطاها عاثرة
تعيش البذخ طريقاً خاسرة
تشتري الدنيا بطيب الآخرة
ترتدي النصح تُقَى قدامنا
وهي تنوي خفية إعدامنا
قد أضعنا بالهوى أحلامنا
ورفعنا للغوى أعلامنا
قالت الشوق بأحشائي استعر
ورؤى الأحلام تلهو بالفكر
والمنى ترسو بشطآن القمر
فازرع الدرب شموعاً للسمر
لاتعللني فما تروي العلل
ظمأ النفس وأشواق المقل
نحن كالأيتام في دنيا الأمل
عيشة ضنكاً وعمراً من خجل
قلت للطائف شفاف الصور
كم زرعناه بأحلام الصغير
كم لنا بين مغانيه ذكر
باسم الخضرة فواح الزهر
فيه أيام صبانا لم تزل
راقصات تتهادى بالقبل
والشجيرات نديات الخصل
نضرات بأناشيد الغزل
قالت الطائف بالدور انصهر
لم يعد كالأمس مغنىً للنظر
غاله العمران زحفاً وانتشر
والهَدَى جف على فيه الشجر
خلعوا عن جسمه أحلى وشاح
فبدأ سخرية بين الملاح
مسخت رونقه أيدي الرياح
ألبسته كمداً منها الجراح
قلت فالباحة فردوس الجمال
لوحة للحسن والسحر الحلال
تلثم السحب بها هام التلال
وبها النرجس خمري الظلال
صبحها ان شع مخضل الجناح
والندى يزهو على خد البطاح
يحتسي الفتنة من ثغر الأقاح
غرة تشرق في وجه الصباح
قالت الباحة بكر لا تزال
تعشق الخدر وتهوى الاعتزال
كل من يحلم منها بالوصال
جرعته المر قبل الاتصال
غادة تجفل من أقرانها
ما رعاها العطف من سكانها
قصة تقرأ من عنوانها
عبث الأيام في جدرانها
قلت أبها روضة تجلو النظر
عَطَّر الفل بها ذيل السحر
وعلى جبهتها يلهو المطر
والأزاهير على الصدر درر
تمرح الانسام في أحضانها
ويموج النور في وديانها
ونشيد الحب من غدرانها
يُرقصُ الطير على أغصانها
قالت المسكن في أبها امر
تتلظى مثلما تلظى سقر
ينزف الجيب ولا يبقى الاثر
كيف تقوى كيف تستطيع السفر
أنت في القاع وأبها في القمم
كفك المعتل منخور الهمم
عاشق الدرهم اعمى واصم
صنم في الحب من لحم ودم
قلت في نجران هيفاء الجنوب
جدول تلهو بشطيه القلوب
مسرح للسحر عطري الجيوب
ترفل النسمة نشوى للطيوف
هي للسائر في البيد علم
روضة تعبق دوما بالكرم
اشرقت فتنتها منذ القدم
فتغنى بهواها كل فم
قالت الصيف بها فصل غضوب
تضل الرمضاء بالنار الدروب
وبه الاخدود بالحمى يؤوب
كم عليها أنفس ظمأى تذوب
كم عليها تعزف الريح اللحون
تخرس الأفواه فيها والعيون
وهي للمصطاف في أتون
أي قلب نبضه جمر حنون؟
قلت يا أم بني الأربعة
إن في الإسراف للمرء ضعه
فدعينا بين أفياء الدعه
نزرع الحب ونجني المنفعة
لا تضيعي العمر يا زوجي المصون
بين لذات ولهو وفتون
عمرنا تسرقه منا السنون
وما بأيدينا كما شئنا نكون
قالت الأنفس منا مترعة
وجد الحرمان فيها مرتعه
ليس في القلب سعه
من يمت لا يحضن المال معه
أنعيش العمر أسرى في فلاه
وسوانا مترف ملء الحياة
صيفه في أرضه مثل شتاه
يزهر الصخر وتفتر المياه
قلت مهلاً لا تكوني إمّعه
لا تثيري في رحابي زوبعه
فالبلى يرصد سير المعمعه
في جناح البذخ يلقى مضجعه
راحة الإنسان في العمر تقاه
جنة فيها رياحين النجاه
يجتني من حضنها الحاني مناه
والرضى يغمر بالنور خطاه
قالت الأيام اسقتني الفرق
فليالي أراجيح أرق
ومصابيحي تباريح قلق
إن عمري بك يا زوجي انحرق
أنت أحرقت بأعماقي الشعور
كلما أخلصتك القول تثور
تصبغ الفكرة مني بالقصور
أنت ضب عاشق دفء الجحور
قلت عمري بك مخنوق الشفق
أنت ما أبقيت لي إلا الرمق
إن للمرأة عقلاً ذا خرق
كلما حركه الوهم انطلق
يزرع الأحلام في صدر الصخور
ويغني للهوى بين القبور
تائهاً يرفل في ثوب الغرور
زينة المرأة في الدنيا القشور