كتبها - عبه محمد الملحم
الأحساء وبعمق تاريخها المجيد الذي يتجاوز الفترة من 500 ق.م مليئة بالكنوز الاثرية والتراثية فأين كانت وجهتك شمالا أو جنوبا أو غربا أو شرقا داخل الأحساء. فآثارها الخالدة ستواجهك مما يؤكِّد مكانتها الحضارية قديما وحديثا. فلا غرو فالاحساء تعد احد اقدم المراكز الحضارية في شبه الجزيرة العربية عطفاً على ما حباها الله من نعم كثيرة من مياه غزيرة وبساتين وافرة بالخير والعطاء إلى جانب موقعها الإستراتيجي الهام.
فما رأيكم لو أخذناكم معنا في جولة سريعة على بعض الأماكن الاثرية في الاحساء واضغط على كلمة بعض أكثر من مرة ففي الاحساء أماكن عديدة في مختلف ارجائها في المدن والقرى وحتى الهجر على حد سواء.
ولكن قبل القيام بهذه الجولة فحري بنا اطلاعكم على موقعها الجغرافي:
الاحساء تحتل مساحة كبيرة من المنطقة الشرقية بل من الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية. فالاحساء هي الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية وتشكل مساحتها 67% من مساحة المنطقة الشرقية و 24% من مساحة المملكة وتمتد حدودها الجنوبية إلى اليمن والشرقية إلى عمان والامارات العربية المتحدة والخليج العربي وقطر وحدودها الغربية تصل إلى مدينة خريص أما الشمالية فإلى مدينة بقيق.
أما واحة الاحساء الأكثر كثافة للاستيطان البشري فتقع بين خطي عرض 21 - 25ْ ، 37، 25ْ وبين خطي طول 33 49ْ - 46 49ْ.
ويتجاوز عدد سكانها مليون ومئتي ألف نسمة.
وتقع مدينة الهفوف عاصمة الاحساء في الركن الجنوبي الغربي من الواحة واما مدنها الاخرى فهي المبرز - العيون - العمران - الجفر، في حين يصل عدد قراها 42 قرية تشكل حواضر سكانية مشمولة بالخدمات والمرافق، بل ان بعضها تحول إلى اشبه بالمدن لاتساع رقعة العمران بها وكثافة سكانها الآخذة في الازدياد ومن هذه القرى الجشة، الطرف، القارة، الجبيل، الفضول، الحليلة، البطالية، إلى جانب آخر من الهجر الكبيرة مثل الغويبة، خريص، حرض، يبرين، سلوى، الخن، جودة، عريعرة والسيح.
مناخ الأحساء
مناخ الاحساء قاري حار صيفا وقد تصل درجة الحرارة إلى 49ْ وشتاء بارد ونادرا ما يسقط البرد.
ولا يزيد متوسط الامطار السنوي عن 75ملم، أما متوسط درجات الحرارة فهو 30ْ. حدها الادنى 4 ،1ْ في شهر يناير وحدها الأعلى 48مْ في شهر يوليه ويبلغ التبخر السنوي 2265ملم. وتتراوح الرطوبة النسبية ما بين 10% في شهر يونيو ويوليو كحد أدنى و 96%. وتبلغ أقصى سرعة للرياح 96 كم في الساعة في اشهر يناير وابريل ومايو ويونيو وأقلها 12 كم في الساعة في شهر ديسمبر والرياح السائدة هي الشمالية وترتفع الواحة عن سطح البحر بنحو 155 متراً.
متحف الأحساء للتراث
الشعبي والآثار
انشئ متحف الاحساء للآثار والتراث الشعبي في مدينة الهفوف على مساحة قدرها 4000م2 وقد تم افتتاحه رسميا برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة الشرقية يوم الثلاثاء 22/12/1417هـ.
ويتحدث الاستاذ وليد عبدالله الحسين مدير المتحف عن محتويات المتحف قائلا: قسم المتحف إلى عدة اجزاء، فالجزء الأول خصص لعرض عدد من اللوحات التوضيحية والخرائط التفصيلية حسب التسلسل الزمني والتاريخي.
أما الجزء الثاني: فيعرض تاريخ وآثار المنطقة منذ 12 مليون سنة وحركة القارات والأزمنة الجيولوجية وعمر الارض ومقارنة آثار المنطقة بآثار المملكة وأهمية المنطقة الزراعية والتجارية .
الجزء الثالث: يوضح فترات العصر الحجري القديم والوسيط والحديث ويعرض نماذج من ادوات ومواقع كل عصر منها.
الجزء الرابع: يعرض نبذة عن الحياة الفطرية بالمنطقة، حيث يبين أهم النباتات الصحراوية والحياة النباتية والحيوانيات البرية ومظاهر الحياة البحرية. وتطور صناعة المراكب وأصنافها.
الجزء الخامس: يبيِّن مواقع الالف الثالث واوائل الالف الثاني قبل الميلاد ومدن العصر البرونزي المحيطة بالخليج العربي وعرض معثورات من مواقع العقير.
الجزء السادس: يبيِّن ابجدية الكتابة واللغات في شرق الجزيرة العربية قبل الإسلام.
الجزء السابع: يبيِّن الفترة الساسانيه في شرق الجزيرة العربية 228 - 622 م واتحاد القبائل العربية.
الجزء الثامن: يركِّز على الفترة الإسلامية والخلافة في شرق الجزيرة العربية وعرض معثورات منها.
الجزء التاسع: يوضح فترة الحكام المحليين للاحساء «العيونيون والعصفوريون، الجبريون»، كما يعرض للاحساء في العصر الإسلامي وحكم بني خالد والفترة العثمانية والدولتين السعوديتين الأولى والثانية والفترة العثمانية الثانية واسترداد الاحساء على يد المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
الجزء العاشر: يحتوي على عرض لمواد وأدوات التراث الشعبي في المجتمع الاحسائي.
الحادي عشر: يعرض عدد من العملات الإسلامية المنوَّعة وعدد من المخطوطات وصورها.
المعالم الأثرية والتاريخية
* مسجد جوانا وهو يقع في الطرف الشمالي الشرقي من قرية الكلابية وقد بناه بنو عبدالقيس بعد إسلامهم وصلوا فيه صلاة الجمعة وهو أول مسجد صليت فيه الجمعة بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* قصر إبراهيم: يعد من ابرز المعالم التاريخية ويقع خلف مبنى محافظة الاحساء في مدينة الهفوف وتقوم إدارة الآثار والمتاحف ممثله في إدارة التعليم بالاحساء بتجهيز مبنى القصر لافتتاحه للزوار متزامنا مع انطلاقة مهرجان المنطقة الشرقية هذه الأيام بعد اعادة ترميمه مؤخراً.
وقصر إبراهيم يشكِّل جزءا من سور المدينة الشمالي الذي تم بناؤه في فترة الاحتلال العثماني الأول للاحساء في الفترة من 956هـ - 1091هـ.
واختلفت الروايات في اصل تسميته بقصر إبراهيم وان كان يعتقد إلى أنه نسبة إلى إبراهيم بن عفيصان أمير الاحساء في عهد الامام سعود بن عبدالعزيز بن محمد.
ولعل ابرز عناصر القصر بالنظر إلى مخططه ما يلي:
* البوابه الجنوبية، الابراج المتعددة وهي مستديرة الشكل وبها متاريس وفتحات لاطلاق النار وفتحات للمراقبة، برج البوابة الرئيسية الغربية، الثكنات العسكرية، مستودع الذخيرة.
* مبنى الاستقبال الرئيسي ويعرف بالديوان وبه يجلس الحاكم للاستقبال وهو مبنى مكون من دورين.
* مسجد القبة الذي بني في عهد سليم الثاني في عام 974هـ بواسطة علي باشا وتم الانتهاء منه عام 979هـ وللمسجد مئذنة جميلة ومميزة وتقع في الركن الشمالي الشرقي.
مجموعة دورات المياه وتحتوي على الحمام التركي وغرف للضباط ومبنى المكاتب، ومقصورة القيادة وهي عبارة عن اربع غرف نوم ويرجع تاريخ بناء القصر الذي تقدر مساحته ب 6500م، إلى عهد الجبرين الذين كانوا يحكمون الاحساء قبل قدوم العثمانيين ما بين 840 ه و941ه.
* قصر صاهود: يقع قصر صاهود في حي الحزم بمدينة المبرز وتبلغ مساحته 000 ،10 وارتفاع اسواره ستة أمتار ويمتاز بأبراجه المستديرة في اطرافه الاربعة بالإضافة إلى ابراجه المستطيله الثلاثة وتتحدث كتب التاريخ بأن هذا القصر قد واجه حصارا عسكرياً مراً عام 1214هـ، حيث حاصرت قوات سليمان باشا بعضا من القوات السعودية القليلة العدد والتي لا تتجاوز المئة في حين كانت قوات سليمان باشا تتفوق بعشرات المرات وظل الحصار مستمراً لمدة شهرين.
* قصر خزام: يقع على مقربة من حي المزروعية في مدينة الهفوف وهو عبارة عن قلعة حربية لا تزيد مساحتها على 2500م وقد شيِّد القصر عام 1220هـ في عصر الإمام سعود الكبير وكان أول الحصون التي سقطت في يد الملك عبدالعزيز عند فتحه الاحساء 1331هـ.
* قصر الوزيه: يقع إلى الشمال من مدينة المبرز وقد شهد معركة تعرف بيوم ناصر باشا وهي معركة وقعت بين قوات ناصر باشا السعدون وقوات الامام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي وذلك سنة 1291هـ ويقال إن قوات ناصر باشا قد باغتت قوات الامام عبدالرحمن وهم يصلون ونالت منهم.
* قصر ميحرس: وهو عبارة عن قلعة حربية صغيرة للمراقبة والحراسة تقع شمال مدينة المبرز شيِّدت عام 1208هـ وقد شهدت معركة بين قوات الامام سعود وقوات زيد بن عريعر وقد نجح الامام سعود في طرد قوات ابن عريعر من شمال المبرز ومن القرى الشمالية بالاحساء.
* ميناء العقير: يقع ميناء العقير على الشاطئ الغربي للخليج العربي وهو ثغر بلاد هجر منذا اقدم الأزمنة ويقع على بعد 70كم إلى الشرق من مدينة العيون. وتكمن أهمية العقير التجارية قديما باعتباره الميناء الرئيسي للمملكة ومنفذها على الخليج العربي. وقد وصف صاحب المناسك بان ميناء العقير فُرضة الصين وعمان والبصرة، وهي منابر البحرين منبر لبني الرجاف ويقال ان اسم العقير أو العجير اسم من قبيلة عجير التي سكنت المنطقة خلال الالف قبل الميلاد.
وقد كانت العقير في الفترة ما قبل الإسلام على درجة من القوة ولعبت دورا قياديا في التاريخ القديم ويعتقد العالم الاثري كارنوال انها موقع الجرهاء المفقود.
وقد ارتبط اسم العقير بالجرهاء قديما حسب ماتشير إليه كتابات المؤرخين وقد اوضح المؤرخ استرابوا ان الجرهاء كانت في الاصل موضعا للكندانيين وكانت ذات تجارة مزدهرة مع أهل بابل.
ويعتبر العقير سوقا من الاسواق التجارية القديمة في الفترة ما قبل الإسلام وارتبط بسوق المشقر وسوق هجر. وبعد دخول قبيلة عبدالقيس في الإسلام ودخول هذه المنطقة طواعية في الإسلام شهد ميناء العقير انطلاقة جحافل الجيوش الإسلامية التي فتحت بلاد الهند وفارس ووصلت إلى مشارف بلال الصين.
ويعد ميناء العقير هو الميناء الرئيسي للمملكة سابقاً ويرتبط بواحة الاحساء بطريق تجاري بري قديم شيّدت عليه عدة قلاع وآبار للمياه من أهمها ام الذر وشاطر وبريمان، ويفد للميناء حاليا هواة صيد الاسماك حيث تشتهر العقير بأسماكها العديدة واللذيذة الطعم مثل الصافي والشعم والهامور والكنعد والحمام، وتوجد بالعقير معالم تاريخية وأثرية لعل من اهمها:
برج ابو زهمول: والبرج قائم على تل تنمو في سفحه اجمة اراك تؤخذ منها اجود انواع المساويك والبرج مشيد على تل مرتفع يشرف على قلعة العقير وقد بني في عهد الاتراك سنة 1291.
مبنى الجمارك ويتكون من قسمين، مستودع الجمارك وإدارة الجمارك، الفرضة وهو فناء مكشوف بمحاذاة مبنى الادارة والمستودعات يوازي رصيف الميناء المستطيل بطول 148 متراً، مبنى القلعة ويتألف من قصر الامارة وتقوم على جانبيه مقصورتان رئيسيتان يزيد ارتفاعهما عن ستة امتار.
* مبنى الخان: ويستعمل كاستراحة للمسافرين ودوابهم ويحتوى على حجرات للنوم وقاعات لعرض البضائع ويقع غرب الميناء وبه غرف صغيرة كانت تستخدم كسكن للعاملين بالميناء وكبار الزوار.
* تلال العقير: وتوجد العديد من المواقع الاثرية وتمثل هذه المواقع تلالا اثرية تمتد إلى الجنوب الغربي من مباني الميناء تظهر بين كثبانها شواهد معمارية كجدران القلاع والمنازل والمدافن الدائرية وقنوات الري حول برج ابو زهمول إلى جهة الغرب. وقد اكدت عمليات التنقيب التي قامت بها الوكالة المساعدة للآثار والمتاحف بوزارة المعارف خلال عام 1413 - 1414هـ عن الكشف عن مبنى إسلامي يرجع إلى القرن الثالث أو الرابع الهجري والمبنى يرتكز على اساسات مبان قديمة ترجع لفترة ما قبل الإسلام.
مواقع اثرية وتاريخية:
والحقيقة انه يوجد في الاحساء بمدنها وقراها وهجراها العديد من الأماكن الاثرية والتاريخية، فالاحساء تاريخها القديم يجسِّد هذه الحقيقة، فمن بين تلك الأماكن القيصرية الشعبية والتي تعرضت في شهر شعبان الماضي لحريق حائل ساهم في تدمير أكثر من 80% من محلاتها وجار العمل على دراسة اعادة بناء القيصرية التي كانت تعد من ابرز الاماكن الاثرية بالاحساء وتشابهه إلى حد كبير سوق الحميدية في دمشق.
المصدر: المجد في الأحساء، الأستاذ خالد أحمد الفريدة.
|