لست متابعاً للنشاطات الرياضية إلا بالقدر الذي يلامس منها الوطنية، فالوطنية نبض وإحساس حيث يسعد كل مخلص، لكل ما يُعلي شأنها في العالم، ومن هنا تألَّمتُ كما تألَّمَ غيري لهزيمة منتخبنا الوطني بثمانية أهداف أمام ألمانيا، ليس لأننا غير معرَّضين للهزيمة، بل لأنها هزيمة غير معقولة، جَرَحتْ الشعور الوطني، ولهذا جاء قرار صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة لدراسة أوضاع الرياضة والأنشطة الشبابية وكرة القدم بشكل خاص، قراراً صائباً في وقته المناسب لنسيان الماضي، ومعالجة مشكلة أصبحت تمسُّ الشعور الوطني ولتشكيل صورة المستقبل بما يرفع شأن الوطن.
في الأسبوع الماضي كتبتُ عن نتائج الثانوية العامة التي جاءت النسب المرتفعة منها (85% فأعلى التي تؤهل لدخول الجامعة) متدنية بحيث لم تزد عن 25% من أسماء الناجحين في منطقة الرياض، والمناطق الأخرى تقاس عليها، لذا أطرح في هذه الأسبوع اقتراح تكوين لجنة على مستوى رفيع لدراسة موضوع خريجي الثانوية والقبول في الجامعات، فهي قد أصبحت مشكلة تمسَّ الشعور الوطني ولم تعد همَّاً يقلق الآباء والأمهات فحسب.
أقترح أن تُكوَّن لجنة من مختلف الفئات الوطنية من التربويين ورجال الأمن والإعلاميين والاجتماعيين ورجال المال والأعمال ورجال الفكر والثقافة والتخطيط وألاَّ تقتصر على رجال التربية في وزارة المعارف والتعليم العالي الذين ينظرون إلى الموضوع من الجانب التعليمي ومدى توفر مكان للطلاب لأن الموضوع أصبح أشمل من كونه تربوياً إلى كونه مشكلة وطنية. فماذا سيفعل هؤلاء الشباب الذين يُعدّون بالآلاف كل عام، يتخرجون من الثانوية ثم يبقون قعيدي المنازل بعد سنوات اعتادوا فيها على الدراسة، فضلاً عن أن كل واحد منهم يتطلع إلى تكوين حياته والتأهيل للحصول على فرصة عمل يقتات منه، وماذا ينتظر الوطن من شباب وفراغ؟!
لن يحل الموضوع مضاعفة القبول في الجامعات، ولا فتح المجال للدراسة في جامعات أهلية خارج المملكة (على ما فيها من محاذير) ولا الجامعات الأهلية في المملكة التي على قلتها تحتاج لرسوم لا تقل عن ثلاثين ألفاً للدراسة وعشرين على الأقل لمصروفات الدراسة والمأكل والمسكن، وأكثر الطلاب يتطلع إلى مكافأة الجامعة لسد احتياجاته فمن أين له بالخمسين ألفاً؟
المسألة أصبحت جديرة بالدراسة الجادة السريعة لا اللجان التي تأخذ جلساتها سنوات، وغالباً ما ينحصر جهدها في حل مشكلة القبول دون النظر لما سيحدث من مشكلات وطنية ممن لم يجد فرصة للدراسة أو العمل وهو في سن مراهقة أحوج ما تكون للرعاية.
لم يعد الأمر همَّاً تربوياً بل همٌّ وطني سيؤدي - لا سمح الله - إلى مشكلات إذا تراكم على السنين، وبخاصة أن عدد من هم دون 15 سنة يشكل 2 ،46% من السكان، فهل من دراسة فاعلة تنسى الماضي وتدرس الحاضر؟
للتواصل ص. ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691 AyEDHB-HOTMAIL.COM |