Sunday 23rd June,200210860العددالأحد 12 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في خطاب بوش المقبل في خطاب بوش المقبل
الحسم الأمريكي مطلوب تجاه عدوانية إسرائيل

سوف يقوم جورج بوش بإعلان أهداف إدارته للسلام فيما يخص الشرق الأوسط في بيان له في القريب العاجل.ولكن على الرغم من أن سبب المبادرة بهذا الإعلان ينبع من تزايد العنف الإسرائيلي الفلسطيني المتبادل، إضافة إلى اجتماعاته المكثفة مع قادة الدول العربية التي يمكن أن نطلق عليها «معتدلة»، فإن خطبة بوش القادمة متوقع لها أن تكون مخيبة للآمال.
فقد صرح المتحدث باسم وزارةالخارجية ريتشارد باوتشر أن الولايات المتحدة أرادت أن تتقدم بخطة استراتيجية على ثلاثة محاور: استئناف الحوار السياسي، التعاون الأمني بين الأطراف المتنازعة، والإصلاح المؤسسي للسلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات.
وقال باوتشر: سوف نعمل على السير في المحاور الثلاثة دفعة واحدة. ولكن هناك تباين في الآراء في واشنطن فضلا عن الشرق الأوسط نفسه عن كيفية تطبيق هذه المحاور بصورةعملية، أما فيما يتعلق بالحوار السياسي فلا يزال وزير الخارجية كولن باول يحاول أن يرتب عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية هذا الصيف، وبمراقبة الأطراف الدبلوماسية الأربعة: الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، وسوف يتم عقد اجتماع رباعي تحضيري مقرر له في واشنطن ولكن يبدو أن الرئيس بوش قد اختزل فكرة المؤتمر عندما التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون في البيت الأبيض قبل حوالي اسبوعين، وعلى الرغم من محاولة بعض المسؤولين بعد ذلك من تحسين تعليقات بوش فقد اقترح بوش بوضوح بأنه يعتقد «مثل شارون»، بأن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا المؤتمر فقد قال: إن الظروف ليست مواتية بعد وعقب باول قائلا: لم نستعد لهذه الفكرة بعد. وهذه ليست أول مرة يظهر فيها الشقاق بين الإدارة الأمريكية بشأن ما يجب فعله فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ولا يزال ذلك هو ديدنهم فيما يتعلق باستئناف الحوارالسياسي، فشارون يصر على أن عرفات ليس بالشريك الموثوق به في عملية السلام ولن يتعامل معه، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة «وبقية الأطراف الأربعة»، تقول إنه لابد أن يتم قبوله «عرفات»، كقائد فلسطيني، ولكن الواقع يقول إن بوش يتفق بصورة واضحة مع شارون، فقد رفض أن يقابل أو يتحدث مع عرفات وقام بازدراء محاولة الزعيم الفلسطيني الأخيرة بشأن إصلاح إدارته وجهازه الأمني، وخطبة بوش القادمة لا يتوقع لها أن تتغلب على تلك المشاعر المليئة بالكراهية، واستئناف التعاون الأمني بين الفلسطينيين وإسرائيل وهو «المحور»، الأمريكي الثاني وينطوي على الكثير من المشكلات وقد حاولت الإدارة الأمريكية في السنة الماضية عدة مرات أن تقوم ببناء جسور من أجل استعادة الثقة فقد أرسلت كبار المبعوثين مثل مدير المخابرات جورج تينيت وفي كل مرة تفشل الجهود بعدما تحدث هجمات استشهادية أو غزو عسكري إسرائيلي ويقول الإسرائيليون إن هذا يثبت وجهة نظرهم بأنه لا يمكن أن يكون هناك تعاون ذو معنى فيما يتعلق بالقضايا الأمنية «أو أي شيء آخر»، من دون وقف مسبق للعنف وفترة تهدئة طويلة نسبيا، وبأن عرفات غير مخلص أو غير مؤثر «أو كلاهما معا»، عندما يتحدث عن كبحه لجماح الانتفاضة، وفي المقابل فان الفلسطينيين وخاصة صغار السن منهم العديد من المسلحين حتى من غير فصائل فتح يقولون: إنه لا يوجد وقف لإطلاق النار طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
أما بالنسبة إلى المحور الثالث وهو إصلاح السلطة الفلسطينية فإن الفلسطينيين يحتجون ومعهم بعض الحق ويقولون إن هذا ليس إلا تكتيكاً إسرائيلياً للتعطيل وعذراً لاستئناف بناء المستوطنات وفي النهاية متى يمكننا أن نحكم بأن برنامج اللإصلاح يخضع لكل تلك المقاييس ويدار بواسطة عرفات قد أصبح كاملا؟ ومن الذي سوف يصدر هذا الحكم؟وفي الوقت الحالي يشكك عرفات، ومعه الحق مرة ثانية، بأن مفهوم شارون للإصلاح يشمل استبداله هو شخصيا أو تجنيبه في أحسن الأحوال ليكون مجرد رمز وبالمثل فإن بوش «والاتحاد الأوروبي الذي لا حول له ولا قوة»، يبدو أنهما يساندان حجة شارون التي لا مبرر لها، إصلاح غير مفهوم وبلا حدود لابد أن يكون هو الشرط المسبق الوحيد لبدء أي مفاوضات مستقبلية ولاحتمالات إنشاء الدولة الفلسطينية، بل أسوأ من ذلك فمن وجهة النظر الفلسطينية أن شارون أوضح عدة مرات أنه حتى لو استطاع على المدى البعيد اقناع التحالف الحكومي بفكرة إعلان الدولة الفلسطينية فإن مثل تلك الدولة لن تشمل أجزاء كبرى من المستوطنات في الضفة الغربية بعبارة أخرى فإن ما سيحصل عليه الفلسطينيون يمكن أن يعتبر أقل مما كان معروضا منذ سنتين في قمة كامب ديفيد، ثم يأتي بوش بعد ذلك ويقول إنه من جانبه لن يضغط على شارون، وبوجود كل تلك العوائق والإنذارات فإن العداء الشخصي والصراع العلني بالإضافة إلى الانقسام الداخلي في الإدارة الأمريكية عن هوية الأصلح لخلافة عرفات فمن المتوقع أن يكون خطاب بوش بمثابة تهرب من الأفكار الطموحة كافة والتركيز- بدلا من ذلك - على أهداف مطاطة بعيدة المدى.
وسوف تتجنب على سبيل المثال أي إشارة إلى إنشاء خريطة جديدة أو جدول زمني للسلام، ومن المرجح أن يرضي ذلك شارون، كما أنه سوف يرضي اللوبي الموالي لإسرائيل في الكونجرس الأمريكي الذي يقوم الآن بالتحالف مع اليمين المسيحي من الإنجليكيين، والصقور المتشددين الذين يتبنون «الحرب على الإرهاب»، في الوقت الذي لن نجد أي أطراف أخرى ترضى عن هذا الوضع، أوروبا في الوقت الحالي سوف تتهم الولايات المتحدة مرة ثانية بفشلها بإثبات أحقيتها بمسؤولياتها كدولة رائدة.
فحتى الآن وبغرابة شديدة ساهم تجنب بوش لهذه القضية في الإضرار بالمصالح الأمريكية أيضا، في الوقت الذي أكد فيه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أثناء زيارته للكويت أن «تغيير النظام»، في العراق لا يزال على رأس أولويات بوش فيما يتعلق بالشرق الأوسط ولكن غزو العراق أو أي نوع آخر من أشكال العمل الموحد ضد صدام حسين سوف يكون أشبه بالمستحيل إذا ما كان العالم العربي كله يحتج بشدة على الأوضاع في فلسطين، وللمرة الثانية سوف تحتاج الولايات المتحدة إلى حلفائها من العرب والمسلمين إذا ما أرادت أن تمد حربها على الإرهاب إذا ما استمرت الولايات المتحدة في فشلها في جهود حفظ السلام وإذا ما بدت أنها منحازة بشدة إلى صالح إسرائيل.
فإن هؤلاء الحلفاء سوف يذهبون بعيدا، هذا إذا لم يتحولوا إلى الجانب الآخر تماما وينحازوا إلى الجانب المعادي للولايات المتحدة وأخيرا وليس آخرا فإن الأزمة الفلسطينية لديها الكوامن إذا ما سمح لها بالتعمق أو الانتشار أن تحرف مسار العلاقات الاستراتيجية الأمريكية مع كل دول الشرق الأوسط حتى إذا ما فكرنا بتعال وغرور كما فعل رامسفيلد واستبعد هذه الأفكار عندما كان في الكويت فلن يغير ذلك من هذه الحقيقة شيئاً. فكلما ازدادت حمامات الدم في فلسطين. ازدادت خسائر الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية تدهورا وباختصار فمهما كانت مشاعر بوش عن إسرائيل وعرفات فإن لديه أسباباً قوية ومقنعة لكي يتحرك بحسم وذلك من أجل المصالح القومية الأمريكية لأجل حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ونكرر ثانية أن الحقيقة هي أنه ليس من المحتمل أن يفعل ذلك وهذا يتناسب تماما مع ضعفه وغياب رؤيته الاستراتيجية.

سيمون تيسدال /الجارديان

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved