الآثار في محافظة العلا عديدة وهامة فهناك موقع الخريبة ومحلب الناقة ومقابر الاسود وعكمة والمابيات وام درج، واليكم معلومات موجزة عنها:
الخريبة
تقع الخريبة شمال مدينة العلا بنحو «3» كم، وتحوي هذه المنطقة على مقابر منحوتة بالجبل ومنها مقابر الاسود حيث تم نحت أسُود بجانب هذه المقابر لحمايتها بظنهم.
وتدل البقايا الاثرية بالخريبة بان هذا الموقع كان مركزا سياسيا واقتصاديا وحضاريا هاما لكل من الديدانيين واللحيانيين والمعينيين وان مدينة ديدان كانت تقوم في هذا الموضع وتقرأ الكتابة المسجلة فوق مدخل قبر يعتليه تمثالان خرافيان على شكل أسود كالتالي:« هاني بن وهب الله من عشيرة مليح يعاني من الذنوب ويطلب من الآلهة نكرح و ود غفران خطاياه عندما ينقل الى هذا القبر..».
محلب الناقة
عبارة عن حوض حجري منحوت يطلق عليه العامة «محلب الناقة» نسبة الى ناقة صالح عليه السلام، ويوجد هذا الحوض بالخريبة، ويذكر المؤرخون ان هذا الحوض يستعمل للغسل قبل دخول المعبد.
وحقيقة منطقة الخريبة على اسمها فهي خربة حيث الاحجار المتراكمة على بعضها البعض والتي تخفي تحتها كنوزاً من المعلومات التاريخية مما يدفع الى توجيه سؤال الى وكالة الآثار وهو لماذا لا يتم دعوة الباحثين بالتنقيب والبحث في هذه المنطقة؟ ولماذا توقَّف التنقيب الاثري من قبل الوكالة هذه السنين العديدة؟
المابيات
هذا الموقع اكد الدكتور/ عبدالله بن آدم نصيف في كتابه «العلا - دراسة في التراث» انه موضع مدينة «قرح» وقد شهد خلال العصرين الاموي والعباسي حضارة مزدهرة، وتنتشر على ارضه قطع كثيرة من الفخار.
أم درج
وتقع على مدخل «ساق»، وتحوي على درج، ويوجد في قمة الجبل معبد يحوي عددا من التماثيل ولكن الصعود اليه الان مخاطرة، فقد لقي شابان قبل عدة سنوات مصرعهما لمحاولتهما الصعود الى القمة فسقطا، ومن هنا ندعو الى العمل على تسوير هذا الجبل وتعيين حارس عليه وانشاء طريق للوصول الى القمة ليصبح هذا الموقع من المواقع السياحية.
عكمة: وتقع في قرية العذيب وتحوي على كتابات ورسومات اثرية متعددة، وقد قام احد ابناء العلا وهو الدكتور/ حسين ابو الحسن باعداد بحث عنها.
البريكة: تقع شمالا على طريق سكة حديد الحجاز وهي محطة وتحوي بركة كبيرة تمتلئ بالمياه من السيول.
القلعة الاسلامية: وهذه القلعة توجد في الحجر وقد بنيت كاستراحة للحجاج، ويوجد بداخلها بئر.
البلدة القديمة «الديرة»
هذه البلدة هي العلا قديماً بيوت مبنية من الحجارة والطين عمرها اكثر من 700 عام بنيت على مرتفع لتكون بعيدة عن الوادي «وادي القرى» فهي في مأمن عن السيول، وبيوتها تتكون من دورين وتكاد تكون على نمط واحد في التصميم ومتلاصقة لبعضها البعض فكأنها مبنى واحد، وهذه المدينة لها خمسة عشر بابا تفتح عند النهار وتغلق ليلاً لقلة الامن في ذلك الوقت وهناك أزقة تحوي على رحاب ودكاكين للبيع والشراء.
والشخص الغريب الذي يدخل في ازقة هذه البلدة لا يكاد يستطيع ان يهتدي الى الخروج منها الا بارشاد دليل.
ويوجد في هذه البلدة قلعة موسى بن نصير والتي بنيت في اعلى جبل صغير يسمى ام ناصر او الجبيل، كذلك هناك مسجد العظام ومسجد الصخرة ويقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهما او باحدهما اثناء توجهه الى غزوة تبوك.
وذكر الاستاذ/ احمد محمد عبدالكريم رئيس بلدية العلا سابقا بان هذه البلدة تحوي اكثر من 760 بيتا، وكل من زارها قال انها تشبه فأس بالمغرب وطليطلة بالاندلس.
ويضيف «العبدالكريم» بان بلدية العلا قد نوت في فترة من الفترات ازالة هذه البلدة الا ان تدخل الدكتور/ عبدالرحمن الطيب الانصاري عدل البلدية عن رأيها.
ويذكر الاستاذ/ سالم محمد الحداد بأن هذه البلدة كان الحجاج القادمون من الشام يستريحون فيها ويتزودون من الماء والطعام ويضعون اماناتهم عند اهلها الى حين عودتهم من اداء فريضة الحج.
وقد قامت الجزيرة بجولة على هذه البلدة فوجدت انها تناشد وكالة الآثار والهيئة العليا للسياحة للتدخل فورا لانقاذها لتكون موقعا سياحيا هاما في المنطقة وابناء العلا يسعون الي ذلك فقد اقاموا في العيدين الماضيين معرضا للتراث الشعبي والحياة القديمة في هذه البلدة. اما الآن فقد بدأت تتساقط اجزاء كبيرة من هذه البلدة الاثرية يوما بعد يوم بسبب تآكل اسقفها وتأثير الامطار عليها، وستذهب احجار اثرية مكتوب عليها تم استخدامها في بناء هذه البلدة والتي تم احضارها من موقع الخريبة الاثري.
والآن اصبحت البلدة خطرا كبيرا على الزائرين لها، والمارين بالطريق الرئيسي الذي يمر بجوار جبل ام ناصر الذي تعلوه قلعة مبنية من الحجار علي وشك السقوط علي الطريق.
وانصح المار بجانب هذا الجبل بأخذ الحيطة والحذر من خطورة سقوط احجار القلعة التي تعلو الجبل.
وقد امر صاحب السمو الملكي الامير/ سلطان بن سلمان الامين العام للهيئة العليا للسياحة اثناء زيارته مؤخرا للعلا بترميم مسجد الصخرة من حسابه الخاص، كما ان الاستاذ/ صالح بن احمد الامام وهو احد ابناء العلا قام بترميم مسجد العظام على نفقته الخاصة، ليبقى هذان المسجدان من المعالم الاثرية الهامة داخل العلا.
والحقيقة ان العلا عبارة عن متحف مفتوح فهناك العديد من المواقع الاثرية فلا يكاد يخلو جبل من كتابات او رسومات، ولكن نجهل الكثير من المعلومات عن هذه الآثار.
الزراعة في العلا
في مدينة العلا اعتمد اهلها وبشكل كبير ورئيسي على الزراعة وذلك لعدة اسباب اهمها: خصوبة ارضها، ووفرة مياهها، وملاءمة جوها للعديد من الزراعات.
فقد كانت بالعلا اكثر من 80 عيناً وجميعها كانت في حالة خراب ماعدا عينين هما: عين تدعل وعين المعلق فقام اهالي العلا في ظل نظام دقيق بإحياء اكثر من خمس وثلاثين عينا.
ومن هذه العيون عين العوجاء، الجديدة، صلاح الخميسية، السعادة، البحرية، الرزيقية، القراه، الحميدية، البركة، المحمودية، اليسيرة، المنشية، المنصورة، صدر، مقيلة، مستورة، السهالة، فتح الخير، السعة ، الصالحية، الزهرة، العزوة، العطية، عين ضبعة.
وكانت توزع مياه العيون على اهل المنطقة وفق نظام دقيق وجميل من قبل مجلس خصص لذلك، وتسمى كل حصة بالوجبة والوجبة 24 ساعة ويكون نصيب كل شخص حسب بما يملكه من مساحة زراعية، ويستعينون بتوزيع الوجب او الحصص بالساعات الشمسية خصوصا «الطنطورة» وهي عبارة عن بناء من الحجر بشكل هرمي يوزع من خلال ظلها ماء العيون وكذلك يعرفون من خلالها دخول مربعانية الشتاء بملامسة ظلها حجر صغير مغروس في الارض ولازال كبار السن يتابعون دخول المربعانية حتى وقتنا الحاضر.
ومعرفة المزارعين بدخول المربعانية مهم جدا، ومزارعو العلا لديهم معرفة تامة بالزراعة ومواعيد الزراعة وممما قالوه في الزراعة: «اذا هبت العواء وزرعك ما نبت.. كثحه بالسبخه ثم اسقه» ويراد به اذا هبت رياح الخماسين والمزارع لم يزرع زرعه عليه ان يضع الطين المالح عليه ومن ثم يسقيه كي يموت ويستريح ولا يخسر وهذا من السخرية، اي انتهى موسم الزراعة وبالتالي لن يصلح زرعه، وقد تم تجريب ذلك بان تم زرع احدهم قمحا في صباح آخر يوم للمربعانية وسقى جزءاً منه قبل الظهر وسقى الآخر عصر نفس اليوم اي بعد خروج المربعانية فنبت الزرعان ولكن الذي زرع عصرا لم ينتج بذورا مع انه استهلك من الماء والعناية مثل ما استهلك الذي تم سقيه في الصباح والذي انبت بذورا.
من قوانين الري بالعيون في العلا
هناك قوانين عديدة بالعلا تخص الري بالعيون ومن هذه القوانين:
اولاً: لكل عين رئيس او رئيسان غالباً ما يكونان هما اللذان وجدا العين وقاما باحيائها.
ثانياً: قسم الماء الى ورقة وهي الاساس في التوزيع قابلة للزيادة او النقص حسب طول النهار وقصره.
ويخبرنا العم سعد بن جمعة عن كيفية حساب الورقة فيقول: في النهار تحسب بواسطة ظل عصا او حجر وتوجد تقسيمات على الارض كلما وصل الظل الى واحدة منها تحسب ورقة.
اما في الليل فيتم حساب الورقة بواسطة الماء حيث يتم احضار قدر كبير مملوء بالماء و يوضع داخل هذا القدر قدر صغير او طاسة صغيرة مثقوبة من اسفل فيبدأ الماء بالدخول الى هذا القدر الصغير حتى يمتلئ فينزل داخل القدر الكبير ومن بداية وضع القدر الصغير الى امتلائه ونزوله تسمَّى هذه الفترة الزمنية ورقة.
وعن حساب الفترة الزمنية للورقة اثناء ظهور الساعات يقول العم عبدالله رشيد القاضي مقوم عين تدعل الورقة تحسب من سبع دقائق الى ثماني دقائق، فهناك مزارعون يأخذون العين خمس ورقات وآخرون عشر ورقات وهكذا.
ثالثاً: المقومي: وهو الرجل الذي يتولى توزيع الماء في الاربع والعشرين ساعة بين المزارعين.
اما الآن فان جميع هذه العيون قد توقفت، فعين تدعل توقفت عام 1401هـ وعين ضبعة عام 1404هـ ، وقد عم الحزن اهالي العلا خصوصا كبار السن الذين يتذكرون طفولتهم وصباهم اثناء عملهم بهذه العيون.
ومن اهم منتوجات العلا الزراعية:
تعتبر العلا من اهم مناطق المملكة زراعيا فهي تنتج التمور والحمضيات بانواعها ولبرتقال العلا شهرة فائقة بلذة طعمه وكبر حجمه وهناك الاترج بالاضافة الى الخضروات والحبوب والفواكه والاعلاف، كما نجحت مؤخرا زراعة الزيتون والمانجو في العلا.
والآن لا تكاد تخلو شوارع العلا من النخيل، كما تم الان البدء بزراعة الزيتون في مداخل العلا الرئيسية.
الصناعات اليدوية:
كانت الصناعة تتمحور حول النخلة فكانوا يصنعون منها مأكلهم ومشربهم ومسكنهم واثاث منازلهم، وأوانيهم، ومما صنعوا منها:
«المكتل» وهو: وعاء يستخدم لنقل المنتوجات، «القفة»، وهو وعاء صغير يستخدم لجمع الرطب.
المجلاد وهو: وعاء لحفظ التمر، «الخصفة» وهي حصيرة .«المهفة» وهي مروحة من السعف.
خطورة مزارع العيون حاليا:
بعد ان كانت تستقي من العيون واعطت من انتاجها اجيالاً واجيالاً، فهاهي اليوم تموت النخيل وهي واقفة فالعيون جفت والمهتمون بها منهم من تعب ومنهم من رحل.
فمناسبة بدء حملة الدفاع المدني للسلامة تحت شعار الوقاية هي الغاية فهذا المطلب لابد من تحقيقه في كل شيء.
فقد قامت «الجزيرة» بجولة على المزارع القديمة والتي كانت تسقى بالعيون، والتقطت عدستها صورا توضح مدى الخطورة البالغة لهذه المخلفات الكثيفة من سعف وجريد وجذوع النخل الذي تراكم فوق بعضه البعض لينذر بخطر الحريق في اي لحظة فتكفي سيجارة يرميها احد مرتادي الطريق الرئيسي الذي يربط شمال العلا بجنوبها وهو شارع موسى بن نصير، لتأتي على الاخضر واليابس.
والجدير ذكره انه قد نشب حريق هائل قبل عدة سنوات في جزء من هذه المزارع واستمرت الحرائق عدة ايام واستدعت جهودا كبيرة ليتم السيطرة عليها فليست هناك طرق تمكن سيارات الدفاع المدني من الاقتراب من موقع الحريق، وقد كان الحريق ينتقل من مزرعة الى اخرى بسرعة مذهله في جميع الاتجاهات، حيث يتطاير الشرار بالجو متجاوزا مئات الامتار.
والاسئلة التي تطرح نفسها الى متى تبقى هذه المزارع علي هذا الوضع الخطير؟ لماذا لا يقوم الدفاع المدني بالتنسيق مع فروع وزارة الزراعة والبلدية ليتم تنظيف هذه المزارع وشق طرق بها للطوارئ؟
لنحقق هدف شعار حملة الدفاع المدني.
|