من أكثر أمراض الكبد شيوعا في العالم هو التهاب الكبد الفيروسي الوبائي، ففي الوقت الحاضر هناك العديد من الفيروسات التي تسبب التهاب الكبدي الفيروسي أ،ب،ج،د،هـ وتشترك هذه الفيروسات في الأعراض الناتجة عن الاصابة وذلك بسبب تكسر والتهاب خلايا الكبد.
البعض من هذه الفيروسات يسبب التهاب حاد فقط مثال ذلك أ،ه في حين ان فيروسات «ب»، «ب+د»، «ج» تسبب التهاباً حاداً ومن ثم التحول الى التهاب مزمن في بعض الأحيان بنسب متفاوتة «أ، ه» يصيب الأطفال عادة. فبعد انقضاء فترة الاصابة بفيروس «أ، ه» واختفاء مرحلة الاصفرار تعود وظائف الكبد الى الوضع الطبيعي وتحدث مناعة كاملة ولا تؤدي الى التهاب كبدي مزمن أو تليف في الكبد.
في حين يقدر أن 5% من سكان العالم أي حوالي 300 مليون شخص مصاب بالتهاب كبدي مزمن نتيجة الاصابة بفيروس «ب» فعند اصابة الكبار بفيروس كبدي «ب» أكثر من 95% منهم يشفى ويتخلص الجسم من هذا الفيروس تماما ومن ثم تتكون مناعة مستديمة، في حين عند اصابة الأطفال بهذا الفيروس أكثر من 80% منهم لا يستطيعون التخلص من هذا الفيروس ويؤدي الى اصابة مزمنة ويرجع هذا الى ان الأطفال بالذات الرضع يفتقرون الى جهاز مناعة متطور يساعدهم على التخلص من الفيروس.
وكذلك 2% من سكان العالم أي حوالي 100 مليون شخص مصاب بالتهاب كبدي مزمن نتيجة الاصابة بفيروس «ج»، فالاصابة بفيروس كبدي «ج» يؤدي الى التهاب حاد بسيط جدا وفي الغالب بدون أعراض بعد ذلك 85% من المصابين يتحول المرض لديهم الى مرض مزمن وبعد فترة طويلة من الزمن «حوالي ما يقرب من 20 عاما» قد يتطور المرض الى تليف في الكبد.
أما فيروس كبدي «د» يحدث فقط بعد الاصابة بفيروس كبدي «ب» بمعنى أنه بمفرده لا يسبب التهاب كبدي لذلك التطعيم ضد فيروس «ب» يمنع الاصابة بفيروس «ب» و«د».
طرق الإصابة:
أما ما يتعلق بطرق الاصابة بالفيروسات الكبدية فهي مختلفة بحسب نوع الفيروس فمثلا فيروس «أ، هـ» ينتقل عن طريق تناول ماء أو طعام ملوث وعادة ما تصيب الأطفال أما بالنسبة لفيروسات «ب،ج،ب+د» فطرق العدوى تكون في الغالب عن طريق التعرض لدم أو شيء من سوائل جسم الشخص «الحامل» المصاب بأحد هذه الفيروسات مثال ذلك استخدام أدوات الحجامة أو الحلاقة الملوثة أما بالنسبة لنقل الدم كطريقة للعدوى في الوقت الحاضر فلا يؤدي بشكل عام الى الاصابة بفيروسات الكبد ب،ج حيث ان الدم يفحص بدقة ولا ينقل إلا بعد التأكد من خلوه من هذه الفيروسات وفيروسات أخرى.
التشخيص:
تعتبر الأعراض والعلامات السريرية وبالذات وجود اليرقان من أهم عناصر تشخيص المرض فالأعراض المصاحبة للالتهاب الحاد هي عبارة عن اصفرار في العينين «اليرقان»، ارتفاع في درجة الحرارة، فقدان الشهية، الغثيان وأعراض أخرى تشابه أعراض الأنفلونزا، في حين ان اعراض الالتهاب المزمن تكون بسيطة جدا وعبارة عن تعب وارهاق في الغالب.
فالتشخيص النهائي يمر بمراحل الفحص الاكلنيكي والمخبري الدقيق لنوع الفيروس ومن ثم الأشعة الصوتية للكبد وانتهاء بعمل عينة من الكبد فقط في حالات التهاب الكبد الفيروسية المزمنة.
فالتشخيص الدقيق أهم مراحل العلاج ويحدد مراحل المتابعة في المستقبل.
العلاج:
يعتبر عقار الأنترفيرون العلاج الرئيسي في علاج التهابات الكبد الفيروسية المزمنة سواء «ب» أو «ج» وهو علاج متعارف عليه وفرصة الاستجابة المبدئية لهذا العلاج هي في حدود 40% بالنسبة لفيروس «ب»، 20-30% بالنسبة لفيروس «ج» وتوجد الآن أبحاث عديدة لايجاد أدوية جديدة أو مساعدة لعلاج الأنترفيون لتحسين ورفع نسبة الشفاء من هذه الفيروسات ومنها دواء الرايبافيرن بالنسبة لفيروس «ج» على سبيل المثال الذي يعطى مع عقار الأنتروفيرون وأدى الى زيادة نسبة الاستجابة لعقار الأنتروفيرون مع الملاحظة ان أخذ دواء الرايبافيرن بمفرده لا يؤدي الى الاستجابة المطلوبة ولا ينصح باستخدامه بمفرده.في حين انه لا يوجد علاج خاص لالتهابات الكبد الفيروسية الحادة والتخلص من اصفرار العينين «اليرقان».
الوقاية:
لقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات رائدة وسباقة في جميع مجالات الرعاية الصحية ومن ضمن ذلك مجال الطب الوقائي حيث ان الوقاية خير من العلاج ولقد كان ادخال التحصين ضد فيروس الكبدي «ب» ضمن برنامج التحصين العام لدى الأطفال منذ عام 1409هـ من الخطوات الرائدة من قبل وزارة الصحة وبذلك كانت المملكة من الدول الأوائل الرائدة التي اهتمت بمكافحة هذا الفيروس، ومن ثم السعي الى انحسار والقضاء على انتشاره وبذلك التخلص من مخاطره.ويتوقع بعد عشرات السنوات ان الاصابة بهذا الفيروس «ب» تعتبر شيئا نادراً، فهذا التحصين فعّال جدا لمنع الاصابة بهذا الفيروس بعد تكوين المناعة اللازمة والتحصين يتكون من ثلاث جرعات يفصل بين الجرعة الأولى والثانية شهر وخمسة أشهر للجرعة الثالثة.
ولا يقتصر اعطاء التحصين على الأطفال فقط بل هناك فئات يجب اعطاؤها التحصين مثال ذلك المخالطين المباشرين لمريض مصاب وبالذات الزوج أو الزوجة حيث امكانية الانتقال عن طريق الجماع.
كذلك هناك تحصين ضد التهاب كبدي «أ» تم الانتهاء حديثا من مراحل الترخيص له ويعطى في حدود ضيقة. أما بالنسبة لفيروس «ج» فلم يتم التوصل حتى الآن الى تطعيم لكن هناك أبحاث عديدة جادة لايجاد هذا التحصين.
د. بندر عبدالمحسن القناوي استشاري ورئيس قسم الجهاز الهضمي والكبد مستشفى الملك فهد للحرس الوطني
|