نَجْمَةُ الفجر ذَوَّبَتْ مُقَلَتيْها
بلظى الظَّمْأى أشعلت شفتيْها
وَبَكَتْ في جفُونِ لَيْلَى حكايا
يَمْتَحُ اللَّيلُ مِنْ دُجَى بَرْدَيْها
فَكَأنَّ الدُّنَا مطوقة قَدْ
تَرَكَتْ غُصْنَهَا يَنُوحُ عليها
وتصابَى السُّها بَصْدرِ سُهَيْلٍ
مثل هذا الريحان في فوْدَيها
أنت من أنت ياسهاد السوافي
طلت إطرَاقاً في عفا أَسْوَدَيْها
وَنَأتْ حُورُ الغِيد فيكِ وراحَتْ
تَنْسُجُ النور مِنْ رضا مَلَكَيْها
وبهرت الورى بحُسْنكِ حَتَّى
قَطَّعَتْ في مُدَى الهوى كَفَّيْها
كيف يَغْشَى شُمُوسَ جِلْفَارَ لَيْلٌ
وَالفْضَاءُ الفسيحُ مُلْكُ يَدَيْها
ها هُوَ الكَوْنُ المُسْتَديرُ تَخَلَّى
عن جنا حَيْه في ذُرَي قَطْبيْها
ها هُوَ البحر المُسْتَحيلُ تبدَّى
أزرق اللَّوْن مِنْ نَوَى عَيْنَيْها
وَشَكَا المَوْجُ للشّراع رِيَاحَاً
عاتياتٍ قد طَوحَتْ شاطِئيْها
خَلْفَ دَهْرٍ يًسْتَفني دُوَنَ لَيْلَى
وَبَكَى منّي كُلُّ يَوْمٍ لَدَيْها
وَتَغَنَّى بِلَحْنِ شَوْقٍ وَوَلَّتْ
شَارِداتي والفُجْرُ يُومي إلَيْها
والأعاصيرُ في جُمادَى هُمُوم
مِنْ يَبَاب تثورُ فيَّ عَلَيْها
هائِمٌ لَيْتَ غُربتي وأفولي
نَقَشَتْني على ثرى مِعْصَمَيْها
أطلقي الفرقدين لا تَحْمَلِيها
فَجَمَالُ السَّمَاءِ في فَرْقَديَهْا
أرسليها هُنَاكَ حَيْثُ الدَّياجي
يرفلُ البَدْرُ في سنا لحظيها
يا إلهي والحزن لف عروقي
ويرى الليل في الضنى قَمَرَيْها
هذه الأرضُ مَا لَهَا في بُكَاء
وشهيق أشْقَتْ به رئَتَيْها
حَزَنَاٌ تحتسي مدامع صَمْتي
مِنْ سُكُوني جَثَتْ على رُكْبتَيَهْا
فتوارتْ في بُرْقعِ الليل تبكي
في نزيف ما حَلَّ في أبويها
سيدي نايفٌ فَدَتْكَ نُجُومي
والثَّريّا قد أرسلتْ قَدَمَيْها
طِبْتَ في مَجْدكَ الذي تَعِبَتْ
فيه المعالي حَتَّى شَكَتْ رِجْلَيْها
كَمْ حُدُوداً جَاوَزْتها وَخُطُوبَاً
كَشَفَتْ في ساحِ الوَغَى سَاقَيْها
بِخُشُوعٍ سَمَتْ صَلاَتكَ حَتَّى
كِدتَ أنْ تَسْعَى بَيْنَ تَسْلِيمَتيْها
هذه الأرضُ تَحْمَدُ الله لمّا
بَشَّرُوا فيكَ سَيِّدي رُكْنَيْها
وَتَعلّتْ في أُفْقِهَا مِن سُرُورٍ
وَأَنَارَتْ عَلَى المَدَى شُعْلتَيْها
هذه الأيامُ التي استَعْبرت في
جَوْهَرِي حَتَّى عَصَّبَت حَاجِبيْها
حِيْنَ هَزّتْ جُذُوعَ تِلْكَ المآقي
لَمْ تُسَاقِط إلاَّكَ مِنْ نَخلَتَيْها
قَدْ زَهَت مِن بُشْرَاكَ نَشْوَى فَأَلَقَتْ
فِي خُطَاكَ الشُمُوخَ مِنْ تَاجيها
سِيِّدي نَايفٌ يَقَرُّ بِعَيْنِي
ثَابِتاً كالشُمُوسِ في مَشرِقَيْها