شهدت المناطق الفلسطينية أواخر آذار 2002م ولغاية إعداد هذه الدراسة سلسلة من اجتياحات لقوات الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية والمعروفة باسم مناطق «أ».
اختلفت التحليلات السياسية العربية والأجنبية في تفسير أهداف ودوافع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لكن هناك إجماع كامل على أن هذه الاجتياحات كانت قد استهدفت كافة نواحي الحياة الفلسطينية ومؤسسات الشعب الفلسطيني الحكومية منها وغير الحكومية. الأمر الذي ألحق خسائر فادحة بالشعب ومؤسساته المتنوعة.
مثلما اختلفت وتباينت الآراء في دوافع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أيضاً تختلف الآراء الفلسطينية حول مدى جاهزية واستعدادية المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الفلسطينية لمواجهة نتائج الاجتياحات الإسرائيلية، لا سيما وأنها باتت نهجاً ثابتاً لدى الاحتلال، الأمر الذي زاد من حدة الخسائر وحالة الفوضى وانتشار الشائعات الواهية وسط الشعب الفلسطيني، وهذا ما سيتم التطرق إليه لاحقاً في هذه الدراسة.
تعددت وتنوعت مصادر الاضطهاد والقمع التي يتعرض لها شعبنا بكل فئاته وشرائحه منذ ثلاثة عقود ونيف، بدءاً من ممارسة سياسة القتل والجرح والاعتقال وهدم البيوت وتدمير الممتلكات الأمر الذي أوجد مناخاً ملائماً لإحداث انعكاسات نفسية واجتماعية أعاقت القدرة على التأقلم ومواكبة متطلبات الحياة اليومية، لا سيما لدى فئة اليافعين الفلسطينيين الذين تزداد حدة معاناتهم حين ندرك أن هذه الفئة كانت ولا تزال هدفاً رئيسياً لممارسات القمع والاضطهاد الإسرائيلي من اعتقال وتعذيب، حرمان من الوصول إلى المدارس والمراكز الثقافية والترويحية، هدم منازل أسرهم.. الخ، الأمر الذي يعتبر عاملاً مركزياً آخر ساهم في بلورة رؤى اليافعين الفلسطينيين نحو الاجتياحات الإسرائيلية وأهدافها وسبل التصدي لها.
هدف الدراسة
يكاد لا يخلو بيت فلسطيني من تجربة أو حادثة سببها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال الاجتياح، الأمر الذي عزّز الشعور بالاضطهاد، الكبت، الإهانة، اليأس، مما أدى إلى تغذية الكراهية والعداء للطرف الآخر.
تهدف هذه الدراسة للوقوف على وتحليل بعض تجارب اليافعين الفلسطينيين خلال فترة الاجتياح من 29/3 -1/6/2002م للعديد من المناطق الجغرافية الفلسطينية:
(مدن، مخيمات، وقرى) كيف كان سلوكهم وما هو الطابع الغالب على هذا السلوك؟ ما هي مصادر الإلهام والتزود بالطاقة، وما هي مشاعرهم حيال الطرف الآخر، ومن ثم تقديم التوصيات والاقتراحات.
آلية الدراسة
بداية حدد الدارس الفئة العمرية للعينة وهي من سن 14 - 16 سنة وهي قد وُلدت إما قبيل انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو خلالها، وفي كلتا الحالتين، عايشت هذه الفئة كل أصناف القمع مباشرة أو بشكل غير مباشر.
بشكل عشوائي، اختار الدارس مجموعة من هؤلاء اليافعين زاد عددهم على مائة ينحدرون من مناطق جغرافية مختلفة ومن طبقات اجتماعية واقتصادية ومؤسسات تعليمية مختلفة.
طلب الدارس من اليافعين الكتابة والتعبير بشكل حر عن:
- رأيه في انتفاضة الأقصى وأهدافها.
- تجربة شخصية مر بها أثناء الاجتياح الإسرائيلي لمناطق السلطة الوطنية خلال الفترة الزمنية المحددة، حاصراً هذه التجربة في مكان سكنه واقامته.
- كيف تصرف أثناء هذه التجربة وما هي المشاكل التي واجهها.
- التعبير عن مشاعره حيال الطرف الآخر.
- ذكر بعض المعلومات الشخصية (الاسم اختياري) مثل العمر ومكان السكن والمنطقة الجغرافية.
للأسف لم تشتمل هذه الدراسة ردود فعل الإناث اليافعات وذلك أولاً لضيق الوقت لدى الدارس، لتعذر الوصول إليه في مناطق جغرافية مختلفة، لكن يأمل الدارس متابعة الدراسة هذه وتطبيقها على اليافعات مستقبلاً.
التحليل
أولاً: رأي في الانتفاضة وأهدافها - انتفاضة الأقصى - وما هي دوافع هذا الاجتياح الإسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
يشترك غالبية اليافعين من العينة العشوائية الطيارة في أن انتفاضة الأقصى هي وسيلة من أجل تحرير القدس وفلسطين، وان الشهادة في سبيل ذلك هي مرضاة لوجه الله تعالى واستجابة لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني. يقول أحدهم: «إن أجمل الأمهات تلك التي تنتظر ابنها عائداً شهيداً».
يمكن إجمال آراء اليافعين بخصوص دوافع الانتفاضة وأهدافها بما يلي:
- الرغبة في التخلص من الاحتلال وسيطرته على الشعب الفلسطيني.
- الرغبة في تحقيق الهدف المنشود: إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
- الرغبة في إرساء جذور الديمقراطية وسيادة القانون في المجتمع.
- الرغبة في التأكد على مسؤولية الشعب الفلسطيني لتحرير وطنه.
أبدى بعض اليافعين وجهة نظر سلبية من انتفاضة الأقصى، وقد عللوا ذلك بما يلي:
- بسبب الانتفاضة تعرض هؤلاء إلى الضرب والتعذيب من جنود الاحتلال.
- بسبب الانتفاضة فقد هؤلاء أشخاصاً سواء ذوي درجة قربى أولى أو ثانية أو أصدقاء «معارف» جيران.
- بسبب الانتفاضة يعاني هؤلاء من غياب الاستقرار الاجتماعي والأسري والاقتصادي والنفسي، ناهيك عن مداهمة البيوت وإغلاق الطرق.
- بسبب الانتفاضة يعاني هؤلاء من الملل والضجر، جراء إغلاق المدارس، إقامة الحواجز ومصادرة حرية التنقل.
أما عن أسباب الاجتياح الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فرأوا الأسباب كما يلي:
- استمرار لنهج التنكيل بالشعب الفلسطيني بدءاً من مجزرة دير ياسين وحتى يومنا هذا.
- إقدام المقاومة الفلسطينية على اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، ومحاولة اعتقال أمين عام الجبهة الشعبية ورفاقه الذين كانوا محاصرين في مقر محافظة رام الله.
- محاولة اعتقال المتهم بتدبير سفينة الأسلحة العميد فؤاد الشوبكي.
- جاء الاجتياح باتفاق أمريكي إسرائيلي لقمع المقاومة الوطنية الفلسطينية.
- لا يستبعد بعض هؤلاء اليافعين اشتراك البعض من الأنظمة العربية في هذه المؤامرة لتصفية الشرفاء ووقف الانتفاضة.
- العمل من أجل إرضاخ السلطة الفلسطينية للعمل وفق المطالب والمعايير الإسرائيلية.
ثانياً: تجارب شخصية أثناء الاجتياح: تنوعت التجارب الشخصية لليافعين أثناء الاجتياح الإسرائيلي، ورغم تنوعها وتعددها، إلا أنها اتسمت بالتشابه والتكرار لدى العديد منهم، ولا غرابة في ذلك إذ إن أداة التنفيذ واحدة - جيش الاحتلال، وأهداف الاجتياح واضحة - القضاء على كافة أنماط الحياة الفلسطينية الناهضة، والفئة المستهدفة واحدة هي أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. من خلال اجابات اليافعين، تمكن الدارس من تسجيل التجارب الشخصية التالية لهم ولذويهم:
مداهمة البيوت والتخريب والعبث بها، سرقة الأموال - والذهب وبعض الوثائق العائلية، اعتقال له أو لقريب أو صديق أو شخص يعرفه، منع التجول، إرهاب النساء والأطفال عند اقتحام البيوت - الخوف من صوت الصواريخ (خاص بمخيم جنين)، الضرب المبرح، إبعاد أقرباء، الاضطرار إلى ترك البيت وهجره، هدم البيوت أو تفتيشها، جرف الأراضي الزراعية ومنع المزارعين من الوصول إلى الحقول لقطف الثمار، انقطاع المياه والكهرباء، التحرش جنسياً بالنساء والفتيات، تحويل البيت إلى مقر لجنود الاحتلال لوقت معين، منع الوالد / الوالدة من الوصول إلى مكان العمل مما أثر سلبياً على حياتهم، اقتياد البعض منهم كدرع بشري، الهرب من البيت إلى الجبال خوفاً من موت شنيع وليس مواجهة الشهادة.
ثالثاً: السلوك الشخصي: مثلما اختلفت التجارب الشخصية، اختلفت أنماط السلوك حيال هذه التجارب ولعل عوامل العمر، البيئية، والتجربة السابقة قد لعبت هي أيضاً دوراً في ذلك. صحيح أن مشاعر الخوف واليأس قد سادت ولو بنسب متفاوتة، إلا أنه يمكننا رصد الملامح السلوكية الآتية لهؤلاء اليافعين وذلك وفقاً لما عبّروا عنه:
- انتشار الاحساس والشعور مع الآخرين.
- القلق الدائم على مصيرهم لاسيما بعد رؤية حادثة الرجل (من بيت لحم) الذي فقد أمه وأخاه وبقيت جثثهم معه في البيت لفترة طويلة، وكذلك حالة الدفن الجماعي في ساحة مستشفى رام الله والإعدام الجماعي أو الفردي وفقاً لما كانت تبثه وسائل الإعلام المحلية والعالمية، العربية منها والأجنبية.
- الرغبة في عدم النوم.
- الاستياء والسخط جراء تسليم المعتقلين وإبعاد بعض المحاصرين إلى غزة والبعض الآخر خارج حدود الوطن.
- مواصلة الدعاء والاستعانة بالله وطلب الصبر والعون منه.
- الجاهزية لمواجهة المصير: وهنا أود أن أستخدم كلمات بعض اليافعين «يا قطاع الروس حط رأسك بين ها الروس» «جهزت نفسي وحضرت هويتي وقلت يا رب موتني شهيد»، «ما إحنا ميتين ميتين، شو بدنا عيشة ها الذل».
- الإحساس بالصمود والأمل - رغم قساوة أساليب القمع المتبعة، إلا أن بعض اليافعين قد عبر عن احساسه وشعوره بالأمل والتصدي لجنود الاحتلال، قائلين «لم يهزوا شعرة من شعري» «سيأتي يوم النصر» «لا بد لليل أن ينجلي».
- وجد بعض اليافعين في حمل صورة الرئيس العراقي صدام حسين، وتعليقها في البيت أثناء الاجتياح الإسرائيلي - سلوكاً يجلب له الرضى عن الذات ويعزز من ثقته وأمله وصموده ورباطه.
- الرغبة الجامحة في دوام الاتصال والتواصل مع أقربائه سواء وجهاً لوجه - أو عبر الجهاز الخلوي- وذلك كمصدر اطمئنان، حصول على معلومات والشعور بالأمان والانتماء إلى المجموعة.
- اختلفت توجهاتهم إلى العديد من الأمور الحياتية ولا سيما مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الأغاني وموديلات اللباس، إذ سيطرت على توجهاتهم الرغبة في الاستماع ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والأغاني الوطنية والتراثية، كما لجأ بعضهم إلى ممارسات الألعاب الذهنية أو تعلمها مثل لعبة الشطرنج، لقضاء الوقت بأقل درجات من المملل.
أما عن مصادر الإلهام والطاقة التي تزودوا بها أثناء تجاربهم الشخصية الصعبة، فقد تمركزت حول:
- الإيمان بأن «الله معنا».
- القناعة المطلقة بعدالة القضية والموقف الفلسطيني.
- المقاومة المسلحة خلال الاجتياح والاشتباكات العنيفة التي جرت بين رجال المقاومة الفلسطينية وجنود الاحتلال وما أوقعته من خسائر بشرية ومادية وسط صفوف جنود الاحتلال.
- بعض التحصينات والتدابير البسيطة التي اتخذها الناس على عاتقهم الشخصي من تموين واسعاف.
- وسائل الإعلام والمتابعة الآنية الفورية لمجريات الأحداث.
- يقول بعض اليافعين: لعل أكثر ما شد من أزر الناس، وكان مصدر إلهام قوي هو حالة التعاضد والتكامل الاجتماعي التي سادت خلال أيام الاجتياح، إذ تقاسموا كسرة الخبز وكأس الماء، كما كان للوحدة الوطنية بشكل عام، ووحدة الموقف المسيحي الإسلامي في مجابهة ومقارعة جنود الاحتلال وحكومته أثر كبير.
أبدت مجموعة ليست بقليلة، من العينة العشوائية الطيارة ارتياحاً وانبهاراً بالموقف الانساني الكبير الذي سجّله أهلنا داخل الخط الأخضر، حيث كما يقول هؤلاء، كان لوقفتهم وإقدامهم الشجاع، الأمر البالغ في تعزيز وتقوية المعنويات. ذكر بعضهم الموقف النوعي لسكان مخيم جنين حين رفضوا استلام المساعدات الأمريكية، احتجاجاً على السياسة الأمريكية المتحيزة، واعتبروا هذا الموقف بمثابة مصدر إلهام وتعزيز قوي.
رابعاً: المشاعر نحو الآخر: رغم تباين الرؤى حول دوافع الاجتياح الإسرائيلي لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ورغم حالة التناقص واللا استقرار التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء ذلك، إلا أن هناك حقيقة واضحة وهي اتساع الفجوة والهوة بين رؤية الشعب الفلسطيني للسلام ورؤية حكام إسرائيل لمفهوم السلام. ترك الاجتياح الإسرائيلي آثاراً كثيرة لن تساعد على اندمال الجرح الفلسطيني بسرعة، بعبارة أخرى كان هذا الاجتياح بمثابة سكب الوقود على أتون الكراهية والحقد على الاحتلال ورموزه، ولننظر إلى اجابات اليافعين وتفحصها:
- ترى هذه العينة أن الهدف من الاجتياح هو تدمير البنية التحتية للشعب الفلسطيني حتى لا تقوم له قائمة.
- وصف عمليات القتل والاغتيال بدم بارد، وقلوب من حجر لا ترحم ولا تخاف.
- ربطت هذه العينة بين ما جرى خلال الاجتياح ونكبة 1948م من تشريد وقتل ونهب وإبعاد.
- الاقرار بقدرة إسرائيل العسكرية المتفوقة، لكن ذلك لم يفقدها الأمل والاصرار على الاستشهاد.
- ترى هذه العينة أن الممارسات القمعية لحقهم لا تفرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة.
- كتب أحد أفراد العينة قائلاً «إن شارون يهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني بأكمله وأتمنى لو أشرب من دم كل من أقدم على قتل الشهداء في مخيم جنين».
- حدد البعض من العينة أسباب الكره والحقد على الإسرائيليين لأنهم لم يدعوا الشعب الفلسطيني يحقق أمانيه في الحياة، وإن كل الناس لها وطن تعيش فيه إلا الشعب الفلسطيني لا وطن له، والبعض الآخر رأى في اقتحام ومحاصرة مقر الرئيس عرفات مصدر حقد وكراهية ليس فقط للحكومة الإسرائيلية بل أيضاً للمجتمع الإسرائيلي الذي لم يحرك ساكناً. البعض الآخر قام بتذويب مصدر الكراهية والحقد موظفاً تجربته الشخصية بعد أن أخرجوه من البيت واعتقلوه، إذ كتب قائلاً «حين دخلوا منزلي واقتادوني أمامهم إلى العمارة المجاورة، شعرت بأنني خلقت لأستغل من جنود الاحتلال، وحين زجوا بي في سجن عوفرة، شعرت أنني حيوان».
خامساً: استنتاجات وتوصيات: أبدأ هنا بتلخيص ما استنتجته من كتابات وآراء العينة.
- رغم صعوبة الأوضاع النفسية والاقتصادية، والاجتماعية لكل شخص من هذه العينة، إلا أنهم أعطوا مسألة اقتحام ومحاصرة مقر الرئيس عرفات الأولوية في اهتماماتهم وجعل ذلك أحد المصادر الرئيسية في اذكاء الكراهية للمجتمع الإسرائيلي. لقد عبّرت غالبية العينة عن تأييدها للرئيس عرفات مكررين كتابة «نحن معك للأبد «ومرددين كلماته»، «يريدونني إما قتيلاً أو أسيراً أو سجيناً، وأنا أقول لهم شهيداً شهيداً شهيداً».
- الرغبة والاستعداد العالي في استمرار المقاومة الوطنية لتحقيق الأهداف المنشودة، إقامة الدولة المستقلة وبناء المجتمع الديمقراطي الحر، ولو كان ذلك عبر الاستشهاد والتضحية بالذات.
- الإصرار على مجابهة ومقارعة الاحتلال ورموزه لتحرير الأراضي المحتلة والافراج عن المعتقلين.
- الإصرار القوي والرغبة الجامحة للإثبات للعالم بأننا شعب يستحق الحياة بعزة وكرامة.
- الشعور بالثقة والأمل والفخر والاعتزاز بكل ما هو فلسطيني.
- انطفاء مفهوم التعب أو التخلي عن مواجهة الاحتلال، إذ إن هذا الاجتياح قد عزز لدى الفلسطينيين الثقة بجدوى المواجهة وعدالتها.
- ترسيخ القناعة الفلسطينية بأن سبب العلة الرئيسي هو الاحتلال وليس الرغبة الفلسطينية في ديمومة الصراع المسلح، وقد اعترف بذلك شمعون بيرس في خطاب ألقاه بتل أبيب قائلاً «إن إسرائيل تنتج» ارهاب المنتحرين دون أن تتعمد ذلك. وقد تطرق بيرس في خطاب ألقاه أمام أعضاء «النادي التجاري والصناعي» في مدينة تل أبيب إلى الحواجز والأطواق التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين بقوله:ربما نحن نمنع الارهاب، ولكن الأوضاع الاقتصادية المتردية عند الفلسطينيين تؤدي إلى وضع نُنتج نحن فيه «فلسطينيين يفجرون أنفسهم دون أن نقصد ذلك».
«المصدر : جريدة القدس 25/5/2002م»
أمام هذه الاستنتاجات وما تعكسه من قدرة اليافعين على امتصاص الصدمات ومجابهة مصادر الخوف والقلق والاحباط، لضمان استمرارية المشروع الوطني الفلسطيني، يجد الدارس لزاماً عليه تقديم التوصيات الآتية:
- ضرورة تكثيف البرامج التربوية والتثقيف العقائدي لشبابنا، بعيداً عن الشعارات الوهاجة التي انقلبت علينا من نعمة إلى نقمة.
- ضرورة إشراك الشباب في البرامج الوقائية ومحاولات الاستعداد لمواجهة نتائج أي اجتياح آخر.
- توسيع النشاطات التربوية والاجتماعية لتشمل كافة المناطق الجغرافية - تكون مهمتنا تسليح الأهالي والشباب بالمبادئ والأسس التي يتوجب اتباعها في حالة الأزمات.
- زيادة عدد المؤسسات الترويحية والثقافية ومدها ببرامج قادرة على مسايرة حالة الغليان والقلق التي يعاني منها اليافعون.
- نشر الثقافة الوطنية لإثارة الحماس الموجه وطباعة وتوزيع دليل عملي يبين ما الذي يجب فعله من قبل الأهالي واليافعين والمؤسسات العاملة مع الشباب، في أوقات الاجتياح. بالتأكيد هناك العديد من التوصيات الأخرى الفاعلة، لكن آثرت هنا تقديم بعض منها، تاركاً المجال مفتوحاً للتفكير والاجتهاد وفق ما يلائم بيئة ومجتمع واحتياجات كل منا.
دكتور غسان عبدالله/CARE - رام الله |