Sunday 9th June,200210846العددالأحد 28 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إضاءة إضاءة
التعايش مع الإعاقة عملية صعبة ولكنها غير مستحيلة
سامي السقا

ان تربية الأطفال، كل الاطفال، وتنشئتهم النشأة الصحيحة مسؤولية كبيرة، ومهمة صعبة وشاقة، واذا كان الامر كذلك بالنسبة للاطفال العاديين وهو حقا كذلك، فان تربية الطفل المعوق اكثر صعوبة، واكثر مشقة، لماذا؟ لأن اسرة الطفل المعوق تتعرض لمشكلات وتتصدى لتحديات خاصة، اضافة الى تلك التي تواجهها الاسر جميعا فالاعاقة غالبا ما تنطوي على صعوبات نفسية، ومادية، وطبية، واجتماعية وتربوية، وعلى اي حال، فليس بمقدورنا ان نتحدث عن نتائج متشابهة للاعاقة على جميع الاسر. فكل اسرة لها خصائصها الفردية، وتتمتع بمواطن قوة محددة، وقد تعاني من مواطن ضعف معينة. ولهذا السبب نجد ان الدراسات العلمية التي بحثت في هذا الموضوع انتهت الى نتائج مختلفة. ففي حين اشارت بعض الدراسات الى ان اعاقة الطفل تقود الى تقوية العلاقة الاسرية، اشارت دراسات اخرى الى عكس ذلك فبينت ان اعاقة الطفل قد تؤدي الى مشكلات في الحياة الاسرية وبخاصة منها تلك المرتبطة باساءة معاملة الطفل جسميا او نفسيا وتأثر العلاقة الزوجية.
وتجدر الاشارة الى ان هذه الدراسات اجريت في الدول الغربية وليس هناك - لسوء الحظ - دراسات كافية حول هذا الموضوع في الدول العربية ومن يدري كيف يكون الامر لدينا بدون دراسات جادة؟ فالانطباعات العامة لا تكفي، والخبرة الشخصية لا يمكن تعميمها على الجميع.
ومهما يكن الامر، فباستطاعتنا ان نتحدث عن مجموعة من ردود الافعال العاطفية العامة التي يتوقع ان تحدث لدى معظم الآباء، والامهات بدرجة او بأخرى وقد اخترنا الحديث عن هذا الموضوع في هذه النشرة للتأكيد على ثلاث قضايا اساسية هي:
1- ان الاعاقة قد تفرض على الوالدين تغيرات مهمة في مجرى حياتهما، وهي قد تقود الى شعور بالحزن، قد يختفي احيانا ولكنه قد يعود فيظهر مجدداً.
2- ان الاعاقة شيء غير متوقع فكل اب وام في الدنيا ينتظران طفلا عاديا لا بل قل مثاليا. ولذلك فليس غريبا ان تمثل اعاقة الطفل صفعة قوية للآمال، والامر الغريب هو ان يتقبل الوالدان اعاقة طفلهما دفعة واحدة، وبدون صعوبات في البداية.
3- ولما كانت الاعاقة تشكل ازمة حقيقية، فانها تحدث ردود فعل نفسية قد تكون شديدة، وما ينبغي التأكيد عليه هنا هو ان مثل هذا الامر طبيعي وهناك من يقول انه صحي ولكن طالما كانت ردود الفعل ضمن حدود معينة.
ان ردود الفعل هذه قد تأخذ اشكالاً متنوعة مثل الشعور بالصدمة عند اتضاح اعاقته والحداد والحزن على الطفل العادي الذي كان منتظراً، ولكنه لم يأت، وعدم الاعتراف بالاعاقة على المستوى النفسي الداخلي مما يؤدي الى التنقل بالطفل من اخصائي الى آخر، والشعور بالخوف على مستقبل الطفل، ووضعه في المجتمع، والشعور باليأس في ضوء فشل كل المحاولات لمعالجة الطفل والغضب وربما حتى الشعور بالذنب.
فاذا كنت قد مررت بأي من هذه المراحل، او بكلها فكن مطمئنا الى ان الامر طبيعي، فلست وحدك الذي حدث له ذلك وليس الامر طبيعيا فقط لانه حدث لغيرك ولكن لان الخطوات التمهيدية لقبول حقيقة ان الطفل لديه اعاقة، وانه لا اعتراض على مشيئة الله، وانه لابد من البحث عن الجهة التي تستطيع توفير الخدمات التربوية المناسبة، التي من شأنها تلبية الحاجات الخاصة للطفل.
إننا ندرك ونتفهم طبيعة الصعوبات التي ربما كنت قد واجهتها في الماضي، او التي تواجهها الآن، ولا ندعي اننا احرص على طفلك منك، او اننا اكثر معرفة منك، ولكننا سنقدم لك في الجزء الاخير من هذه النشرة بعض المقترحات التي توصف بأنها مقترحات بناءة ومفيدة في التعامل مع الاطفال المعوقين.
1- تقبل الطفل كما هو، حاول ان تتعرف الى افضل الطرق لتعليمه حيث انه لن يتعلم بالقوة، ولا تتوقع منه ان يتعلم كل شيء باستخدام نفس الطرق التي يتعلم بها الاطفال الآخرون.
2- ان كون الطفل معوقا لا يعني ابدا عدم محاولة تغيير سلوكه او عدم توضيح قواعد السلوك المناسبة له.
3- كافىء الطفل على التحسن الذي يطرأ على ادائه، حتى لو بدا التحسن بسيطا، فتعزيز التحسن يقود الى المزيد منه.
4- اعطي الطفل فرصاً كافية لتأدية السلوك المطلوب، لا تفعل له ما يستطيع هو القيام به، نعرف ان ذلك قد يستغرق وقتا طويلا ولكنه في مصلحة الطفل على المدى الطويل، فتحلى بالصبر.
5- لا تنظر الى الطفل من زاوية اعاقته فقط، انظر الى الصفات المقبولة في ادائه، ووفر الفرص لتطويرها.
6- تبني المواقف الواقعية من الطفل. فاذا كانت توقعاتك متدنية جداً او اذا كانت تفوق بكثير قدراته الحقيقية، فالنتيجة هي الاحباط، وفقدان الدافعية في الحالة الاولى والفشل والشعور بالعجز في الحالة الثانية، وبهذا الصدد يجب التأكيد على اهمية عدم اعطاء العمر الزمني للطفل اهتمامك كله بل ينبغي التعامل معه على ضوء عمره العقلي والاجتماعي ايضا.

* المدير التنفيذي للمركز

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved