Friday 31th May,200210837العددالجمعة 19 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أبناؤنا والقبول في الجامعات أبناؤنا والقبول في الجامعات
د.سليمان بن عبدالرحمن العنقري

التعليم حق للجميع كالماء والهواء وهو ما لا جدال فيه هذه حقيقة.. ولكن هناك أكثر من حقيقة بل هي واقع بكل أسف على نفس المستوى من الأهمية وهي اختيار نوع التعليم وبخاصة التعليم الجامعي - وهذا ما يحدث في الدول المتقدمة علميا - فالشاب والفتاة هناك كل منهما يختار نوع الدراسة التي يريدها والتخصص الذي يميل اليه ويرى نفسه انه سوف يواصل دراسته فيه وبالتالي يستفيد ويفيد دون توجيه وضغط من ولي أمره أو تدخل من الجامعة التي تقدم لها كما يحدث عندنا بكل أسف مع بداية كل عام دراسي حينما تعلن نتائج نهاية المرحلة الثانوية ويبدأ القبول في الجامعات ونبدأ معها الضغوط النفسية ما بين الشاب والفتاة وذويهم ويمكن أيضا الجيران يتدخلون من منطلق حرصهم على ابناء جيرانهم وكذا الأمر مع الجامعات إلا من رحم وتسلح بسلاح لا يخفى على فطنة القارىء الكريم.
ان هذا الصراع - ان صح التعبير - الذي يحدث في كل بيت نهاية كل عام دراسي وبداية عام دراسي جديد له عواقب وخيمة إذ ان اجبار بعض الأسر لأبنائها ومن ورائهم الجامعات على دخول كليات معينة فيه تدمير لهؤلاء الأبناء وفيه خسارة كبيرة على المجتمع من وراء ذلك إذ ان النتائج إما الرسوب، وهي ما يسمى بالفاقد أو التخرج من الكلية التي وجه لها دون رغبة بدون معلومة ثابتة مما يعود سلبا على المجتمع.. كما أن للمشكلة بعداً فالأسرة تنفق الكثير على أبنائها خلال مراحل التعليم ما قبل الجامعي بما في ذلك الاستعانة بعدد من المدرسين الخصوصيين واعلان حالة الطوارىء في البيوت ثم يتخرج الابن أو الابنة وتبدأ مشكلات التخصص وضغط الأسرة ونسب الكليات من حيث التنافس البشع بين المجاميع في الثانوية العامة مما أدى الى تضييق فرص الاختيار وهذه هي الطامة الكبرى.
إنني لا القي اللوم على الشباب في هذه الحالة الذين يحققون رغبة والديهم في دخول كليات معينة حيث انهم في هذه السن يكونون أحيانا غير مدركين لمصلحتهم أو محددين تحديداً دقيقا لميولهم.. فالأساس هنا هو الأسرة التي يجب ان تتفهم ميول وقدرات أبنائها من الصغر وتنميها فيهم وتساعدهم على ادراك ما يناسبهم وما يمكنهم الابداع فيه. لا ان تلجأ الأسرة الى ما تطمح له دون الأخذ في الاعتبار قدرات وميول أبنائها وأيضا طموحاتهم ولا ان يلجأ الأب إذا كان مثلا طبيبا ان يصير ابنه طبيبا مثله أو الأب المهندس ان يصير ابنه مهندسا مثله فالحق سبحانه وتعالى خلق البشر بقدرات مختلفة وامكانات متغايرة متنافرة وليس بالضرورة ان يكون الابن نسخة من أبيه والبنت نسخة من أمها..
ان مثل هذا السلوك للأسرة في المملكة العربية السعودية قد يتسبب في حرمان المجتمع من نوابغ في مجالات كثيرة كما سوف يتسبب في زيادة حجم البطالة سواء بعد الثانوية العامة أو المرحلة الجامعية وبخاصة في مثل هذه الظروف التي نمر بها أو بعد تطبيق الخصخصة بشكلها الواسع لأن الشركات والمؤسسات سوف تختار الشباب ذوي الخبرة والشخصية القوية المبتكرة بعد ان كانت الحكومة تستوعب الخريجين بشكل عشوائي غير منظم. ان هذا التدخل من قبل أولياء الأمور وكذلك الجامعات فيما يسمى بمجاميع الثانوية العامة أدى الى الاكتئاب والاحباط في نفوس أبنائنا وبناتنا وقتل قدراتهم على الابداع والابتكار وبالتالي فقدان المجتمع لقدرات عقلية ومهارات شابة كثيرة.. كما ان المسألة لها بعد آخر أخطر وهو تعميق الفجوة بين الآباء والأبناء لأن شعور الابن أو البنت بأنه تم اجباره أو اجبارها من قبل الأسرة أو الجامعة على دراسة مجال أو تخصص لا يرغبه أو لا ترغبه ولا يميلان اليه قد يجبرهما على الغش ويجعلهما يسخطان على المجتمع وقد يعرضهما للاحباط والمعاناة النفسية فيصير الواحد منهما انطوائيا أو عدوانيا وعلى المستوى العام يكون المردود سلبيا على المجتمع بأسره حيث ان نسبة غير المنتجين وغير الأكفاء سوف تزداد وبذلك يندر المبدعون والمبتكرون وهنا يخسر الجميع بما في ذلك المجتمع ويقع الندم حين لا ينفع الندم.
لذلك اتمنى بأن تلاحظ الأسرة قدرات وامكانات أبنائها وان تعيد الجامعات سياسة القبول التي تسير عليها خاصة وان لائحة الامتحانات الحديثة التي أصدرتها وزارة المعارف تشكل عبئا ثقيلا على أبنائنا وبناتنا ولاشك ان خطوة وزارة التعليم العالي بعد ان أنشأت المركز الوطني للقياس والتقويم والذي سوف يتولى ابتداء من العام المقبل 1423- 1424هـ اختبارات القدرات للقبول في بعض الجامعات لقياس قدرات الطلاب المتقدمين دون ان يكون بديلا لنظام اختبارات الشهادة الثانوية سوف تقضي على الكثير من المشاكل لما فيها من حيادية وموضوعية لأن هناك من الطلاب من كان يشتكي من اختبارات القبول في بعض الجامعات وشكك فيها ومن هنا فإن الاختبارات التي سوف تطبقها وزارة التعليم العالي سوف تساعد في اختيار الطالب الأفضل لدخول الجامعة وليس شرطا ان الذي حقق نسبة متدنية في الثانوية العامة هو طالب سيئ إنما تحصيله العلمي لم يكن جيدا لكن هذا لا يمنع من أن يكون الطالب ذا قدرات عالية جدا فيما لو حقق درجات عالية في اختبارات القدرات والقبول في الجامعات وبذلك يكون هذا المركز قد حقق الكثير من الأمل في المساهمة في ايجاد حل لما يعانيه الطلاب وأولياء أمورهم للحصول على مقاعد في جامعات المملكة راجيا ان يتم تعميم هذه الخطوة الواعية لتشمل بقية الجامعات والكليات الجامعية وكذلك كليات البنات وبهذا تكون وزارة التعليم العالي ممثلة بمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري الذي يتابع شخصيا جهود هذا المركز وكذلك سعادة وكيل الوزارة للشؤون التعليمية الدكتور خالد بن صالح السلطان المشرف على المركز قد حققت ما كان يطمح له كل طالب وطالبة وساهمت مساهمة فاعلة في التخفيف من الكثير من المعاناة والضغوط النفسية التي يعاني منها كل بيت لديه ابن أو ابنه بداية كل عام دراسي جديد.
والله من وراء القصد.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved