Friday 31th May,200210837العددالجمعة 19 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المستقلة.. والمرأة السعودية المستقلة.. والمرأة السعودية
د. محمد بن سعد الشويعر

قرأت ما نشره عبدالله السّمطي، في الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن عدد الأحد 7/3/1423هـ تحت عنوان «المستقلة تناقش اليوم وضعيّة المرأة في السعودية، عبر رنين الجوالات»، وقد أعجبني مدخله للموضوع عندما قال: أنهت قناة المستقلة الفضائية، التي تبث من لندن، مناقشة كل القضايا العربية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم يتبق أمامها اليوم سوى قضية وضعية المرأة السعودية، وبعدها ستنصرف إلى مناقشة قضايا الفضاء والكواكب الأخرى، فالمرأة السعودية وحدها، في العالم العربي التي لها قضايا، وهي وحدها التي تعاني وحدها من القمع والاضطهاد فيما ترى هذه القناة.
هذا الموضوع بعد أن قرأته برؤية نقدية من الكاتب، شدني إلى أن أحرص على مشاهدة هذا النقاش، وإن كنت لست ممن يعتاد مشاهدة الفضائيات، أو يعرف مسمياتها ومواعيد برامجها.. ولكن للضرورة أحكام.
فكانت الندوة يديرها المذيع، ومعه اثنان هما: الدكتور فالح عبدالجبار عراقي، وعبدالعزيز الخميس سعودي.. وليت أن في هذه الندوة عالم شرعي متمكن، ليدلي برأيه من المنظور السليم عن الله وعن رسوله وعن العلماء المعتبرين.
بدأ الحوار بعرض مكالمات هاتفية من بعض النساء، ورسائل، شاركن بذلك في نفس الموضوع، وأدركت من مداخلاتهن، حرصهن على التمسك بالآداب الإسلامية للمرأة، واعتزازهن بذلك، في الحجاب والتستر، ولم يأت من أقوالهن تأييد أو مطالبة بقيادة السيارة، بل إن من سمت نفسها نورة، انتقدت من قمن بمظاهرة قيادة السيارات، قبل سنوات، وقالت: إن هذا العدد قليل لا يبلغ الرقم العشرين، ولسن يعبرن عن رأي المرأة السعودية، التي خصها الإسلام بولاية الرجل وقوامته عليها.. إلى غير ذلك من الكلام الذي تحدثت به، هي وغيرها..
وإنما الذي عرض من واحدة فيما يظهر أنها من جنوب المملكة: تأييد ما صدر عن ولاة الأمر بضم تعليم البنات إلى وزارة المعارف، ورغبتها في أن يتحسن الوضع في فرص العمل للمرأة، وتخفيف معاناة اللواتي يعملن في القرى ويتحملن مشقة الذهاب للعمل والعودة يومياً، لما في ذلك من مخاطر..
كما علقت على ما يعمله بعض أولياء الأمور وخاصة كما قالت في الجنوب من التحكم في زواج بناتهم بمن يكبرهن سناً بثلاثين أو أربعين سنة، ثم أخذ المهر ليتزوج به الأب بنفس الطريقة..
وعندما طلب المذيع أو مدير الندوة، من الدكتور فالح عبدالجبار، التعليق خرج عما جاء في المداخلة، أو أطال في حديثه، ويفهم من خلاصة رأيه: عدم الحجاب للمرأة، حتى تستطيع مشاركة الرجل في جوانب الحياة.
ورأيه هذا يذكرني بما جاء في صحيفة: «واشنطن بوست» تحت عنوان «حررت أمريكا المرأة الأفغانية، فلماذا لم تحرر المرأة السعودية».. وما قاله رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية، قبل فترة من الزمن: لن يستقر لنا قرار، ما لم تنزع المرأة المسلمة الحجاب عن وجهها، وتغطي به المصحف.
*} لم يتركه عبدالعزيز الخميس ليجيب، بل أحبّ أن يجيب عنه، لعله مجاملة أو لسبب آخر..
فحكم على الآية الكريمة، وليته ترك الجواب لغيره قائلاً: هذه الآية تفيد الأمر بالحجاب، وبعضهم يرى أنها ليست في الحجاب.. وليست أدري من أين جاء بهذا المفهوم.. مع أن الأمر إلزامي «قل»، ومطلق ليس لنساء النبي وحدهن، بل لهن ولبناته صلى الله عليه وسلم ولنساء المؤمنين.
ذلك أن من تكلم في غير فنه يأتي بالعجائب، لأن من دخل في مثل هذا التقسيم فعليه أن يسند لمصدر من أقوال العلماء، أو فهم المفسرين.. لأن ما بين أيدينا من آراء العلماء، ومقولة المفسرين الذين يعتد بهم أن الأمر يقتضي الوجوب.
وهذا الرأي له ولما قاله الدكتور عبدالجبار يعرض على المحك لنعرف هل رأي شرعي.. أم رأي شخصي؟
ثم بعد عرضه لقصاصات من الصحف وما فيها من عام 75، وأظنه الميلادي وليس الهجري، وما نسبه لسمو الأمير فهد بن سلطان عندما كان وكيلاً لوزارة العمل للشؤون الاجتماعية فإنه: بعد ذلك قال في موضوع قد يكون رآه حلاً لما يسميه معاناة المرأة المتمثل في الحجاب وقيادتها للسيارة، وعملها إلى آخر ما تحدث عنه الدكتور عبدالجبار.
* ذلك أن ما يأتي عن البشر خاضع للقصور، والحق لا يتبع الأهواء.. والمناوئون لدعوة الرسل ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم، تراهم يعترضون على الرسالة، ويريدون تبديلها بما يحلو لهم.. ونظائر هذا في الحوار القرآني كثير لمن يتتبعه.
ولكن كما السمطي في مقاله السابق: بأن القائمين على القناة، يريدون أن يصطادوا في الماء العكر، وأزيد عليه ليتهم بحثوا قضايا المرأة الغربية من احتقار واغتصاب وامتهان، وأخذ ذلك من أفواه العجائز في دور المسنين.
في بلاد المعبر:
يصور ابن بطوطة رحلاته ومشاهداته، ومما قال: سافرنا بقصد بلاد المعبر التابعة للهند، وقويت الريح وكاد الماء يدخل في المركب، ولم يكن لنا رائس عارف، ثم وصلنا إلى حجارة كاد المركب ينكسر فيها، ثم دخلنا بحراً متغيراً، فتجلس المركب، ورأينا الموت عياناً، ورمى الناس بما معهم وتوادعوا، وقطعنا صاري المركب فرمينا به، ثم وضع البحرية معدية من الخشب، وكان بيننا وبين البر فرسخان، فأردت أن أنزل في المعدية، وكان لي جاريتان وصاحبان من أصحابي، فقالا: أتنزل وتتركنا؟ فآثرتهما على نفسي، وقلت: انزلا أنتما والجارية التي أحبها، فقالت الجارية: إني أحسن السباحة، فأتعلق بحبل المعدية، وأعوم معهم، فنزل رفيقاي، والجارية معهما والأخرى تسبح، وربطوا في المعدية حبالاً وسبحوا بها، وجعلت معهم ما عز علي من المتاع والجواهر والعنبر، فوصلوا إلى البر سالمين، لأن الريح كانت تساعدهم، وأقمت بالمركب، ونزل صاحبه إلى البر على الدفة، وشرعوا في عمل أربع معديات، فجاء الليل قبل تمامها، ودخل معنا الماء فصعدت للمؤخر، وأقمت حتى الصباح.
وجاءنا نفر من الكفار في قارب لهم، ونزلنا معهم إلى الساحل ببلاد المعبر، فأعلمناهم أنا من أصحاب سلطانهم، وهم تحت ذمته، فكتبوا إليه بذلك، وهو على مسيرة يومين في الغزو، وكتبت أنا إليه أعلمه بما اتفق علي، وأدخلنا أولئك الكفار، إلى غيضة عظيمة، فأتوا بفاكهة تشبه البطيخ، ثمرها شجرة المقل، وفي داخلها شبه قطن فيه عسلية، يستخرجونها، ويصنعون منها حلواء يسمونها «التلّ»، وهي تشبه السكر، وأتوا بسمك طيب، وأقمنا ثلاثة أيام ثم وصل من جهة السلطان، أمير يعرف بقمر الدين، معه جماعة فرسان ورجال.
وجاؤوا بالدولة وبعشرة أفراس، فركبت وركب صاحباي، وصاحب المركب وإحدى الجاريتين، وحملت الأخرى في الدولة.
ووصلنا إلى حصن «هركاتو» وبثنا فيه، وتركت فيه الجواري، وبعض الغلمان والأصحاب.
«رحلة ابن بطوطة 2:688».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved