لا يخفى على الكثير من المهتمين بشأن التعليم وأهل التربية الدور المهم والفعال للقراءة ليس في كسب المعلومة فحسب لكن في تنمية المهارات اللغوية إذ إن القراءة هي مفتاح التعلم وأولى الخطوات إلى عالم الثقافة والمعرفة، فالقراءة تعد عاملاً هاماً وبارزاً في تكوين وتشكيل عقل الطالب وثقافته حيث تكسبه القدرة على التعبير السليم والفهم فإذا أصبح قارئاً جيداً وخصوصاً في مراحل التعليم الأولى التي تعد اللبنة الحقيقية في مسيرة التعليم فإن هذا سينعكس على تقدم الطالب في بقية المواد وفروع المعرفة في مراحل التعليم المختلفة. إن القراءة تفيد الفرد في حياته حيث تفتح أمامه أبواب الثقافة والاطلاع على نتاج العقل البشري.
لاشك أن القراءة تعد عملية ذهنية معقدة، وسواء كان المراد بالقراءة نطق الكلمات، أو كان المراد بها التعرف على الكلمات للوصول إلى تحصيل المعنى، إلا أن هناك دوراً هاماً وفعالاً للوالدين في تنمية حب القراءة بما يتناسب مع الميول والرغبات، حيث يؤكد كثير من الباحثين في مجال تعليم القراءة أن كثيراً من الطلاب المتميزين في القراءة قد نشأوا في بيئات ذات اهتمام بالقراءة كأن يكون الوالدان لديهم اهتمامات في مجال القراءة ومن ثم يحاولون صنع الجو المناسب لأبنائهم لتعلم القراءة.
تقول الباحثة الأمريكية mary leonhardt ميري ليو نهاردت «1997»، إن هناك أسباباً تؤكد على الآباء ضرورة مساعدة أبنائهم في محبة القراءة، ومن هذه الأسباب مايلي:
1 يجب أن يحب الأطفال القراءة ليصبحوا قراء جيدين ومتميزين، فالطفل عندما يحب القراءة فإنه سينفق وقتاً كبيراً في القراءة مما سيجعله متفوقاً في القراءة وبالتالي يساعده هذا في التفوق في المواد الأخرى.
2 إن القارئ الجيد يكتسب المهارات اللغوية المعقدة، فهو يتحدث ويكتب ويتعامل مع الأفكار المعقدة بصورة أفضل من غيره.
3 القراءة تساعد الأطفال في التعرف والاطلاع على مجموعة كبيرة من المراجع مما يجعل عملية التعلم لديهم تسير بشكل يسير.
4 في المرحلة الثانوية، يكون التفوق واضحاً للطالب القارئ إذ باستطاعته التفاعل مع مختلف المواد التي تتطلب مهارات مختلفة، وبالتالي فإن الطالب القارئ يصبح متفوقاً في دراسته الجامعية.
5 القراءة تعطي الأطفال القدرة على تحديد وجهات النظر في الموضوعات التي يتعرضون لها، كما أنها تساعد الأطفال على فهم آراء الآخرين.
لهذه الأسباب وغيرها كثير يتضح بجلاء أهمية القراءة بشكل عام، وأهمية الدور الملقى على عاتق أولياء الأمور من الآباء والأمهات في سبيل ترغيب أبنائهم في القراءة وتوفير الكتب المناسبة لهم من حيث السن والميول.
لقد شاهدت بنفسي أثناء دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية عناية الآباء بالقراءة لأبنائهم، وقيامهم بتسهيل حصول أبنائهم على الكتب المناسبة لأعمارهم وميولهم، بل إن كثيراً من أولياء الأمور يشاركون في البرامج الصيفية التي كانت تعقد من أجل مساعدة الطلاب الضعفاء في القراءة.
إني هنا أدعو أولياء الأمور كل أولياء الأمور إلى إعطاء هذا الجانب القدر الكبير من الأهمية، فلقد حان الوقت لأن نتجاوز مرحلة توفير المتطلبات المدرسية للأبناء وأخذهم من وإلى المدرسة إلى المشاركة بفعالية في المرحلة التعليمية لبناء جيل قارئ مثقف.
«*» أستاذ المناهج وطرق التدريس المساعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|