في حمأة الشجن المأساويّ الحزين الذي نشهده هذه الأيام ونتمزق حسرةً وألماً تجاه وضع الإخوة الأعزاء في فلسطين وما يتعرّضون له من تقتيل ومداهمة وتمزيق وتشتيت وتشريد وتقويض لكل المعالم والملامح والقيم من قبل العدو الصهيوني المفتري في ظلمه وعدوانه وطغيانه، وفي أهوال ما نشهده من تخاذل وتفاقم وعجز وإحباط يفجعنا الموت باختطاف ثلاثة من أقطاب الفكر والأدب والثقافة في بلادنا.. كان لهم دورهم الفاعل في تنمية الوعي الثقافي، وكان لهم حضورهم الأثير في نسيج الفكر والفقه والأدب هم:
1 الشيخ أبوتراب الظاهري.
2 الشاعر الأستاذ حسين محمد عرب.
3 الشاعر الأستاذ محمد هاشم رشيد.
كان الأوّل عالماً متمكناً في اللغة والتراث وفقه اللغة، موسوعياً في الثقافة الأدبية الواعية، وكان الثاني صوتاً شعرياً معبّراً، وإدارياً مبدعاً، وكان الثالث حكيماً في الإدارة والتعامل والصياغة الشعرية، وكان كلٌّ من هذه الأعمدة الثقافية ذا قلم وريادة واهتمام بشئون المجتمع والأمّة، تشهد لهم إسهاماتهم المتصلة المتجددة عبر مشوارهم العمريّ المديد حيث تجاوز كلٌّ منهم السبعين من العمرواستمَّر عطاؤهم بعدها بما انغرس في نفوسهم من حبّ وتفانٍ وإيثار وتوتر فعّال هادف إلى البناء والمبادرة إلى البذل بما يملكونه من رصيد معرفي اختزنته الذاكرة، واعتمر به الوجدان، لذلك كانت خسارة المجتمع والبيادر الأدبية والثقافية عظيمة فادحة برحيل هذه النخبة الثمينة الأثيرة، وكم كان يعزّ على كلّ عاشق للفكر والأدب، مقدّر لقيمة الثقافة وأبعادها في نسيج الحياة فراق تلك الأشجار اليانعة التي استفاد من ثمارها كلّ من عاصر تجلّياتها وتفيأ ظلالها، واقتطف من جناها، وأفاد من تجاربها الرائدة في ميدان الفكر والأدب، وكم كنت أتمنى لو سخّرت أشتات من الطاقات، وانطلقت نماذج من المبادرات الوفيّة لاحتضان أعمال كلّ الأدباء والمفكّرين الذين يصطخبون في حمأة المعاناة، ويصطلون بوهجها ليضيئوا للآخرين مسارب الحياة، ولعلّ رحيل نماذج من الروّاد يشعل أضواء اليقظة في نفوسنا لاستقطاب أشتات من الإنتاج الرائد والإسهام في نشره للإفادة منه في صياغة أنسجة التّواصل والارتقاء، وتفتّق أسرار الإبداع والابتكار لدى الناشئة عشاق الكلمة والمعنى والتجليات الرائعة، وإلى أن يعي كلّ منا دوره نحو من غادروا وكلّ من له مكانته وحضوره في نسيج الذاكرة وأعماق الوجدان.. نبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمدهم برحمته الواسعة، وأن يمنحنا طاقات من الوفاء لهم ولكلّ المخلصين.
|