يشعر الإسرائيليون حاليا بمأزق غريب، فهم لا يريدون التخلي عن احتلالهم للمناطق الفلسطينية ولكنهم في الوقت نفسه لا يستطيعون تحمل نتائج استمرار هذا الاحتلال وما تستتبعه من حدود شبه مفتوحة بين الأراضي الفلسطينية والأراضي الإسرائيلية.
فهل تحتاج إسرائيل إلى سور الصين العظيم لتمنع تسلل الغضب الفلسطيني إليها؟.
بالفعل بدأت إسرائيل في إقامة حاجز فاصل على خط الأخضر الفاصل بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل ولكنه يثير جدلا واسعا بين الإسرائيليين.
يقوم هذا السياج وسط أشجار الزيتون بهدف منع تسلل الفلسطينيين من الضفة الغربية والدخول إلى مدينة القدس المحتلة وهو الإجراء الأمني الذي سوف يعقد حياة المئات من الفلسطينيين الذين كانوا يدخلون إلى المدينة المحتلة بحثا عن عمل.
والآن على هؤلاء العمال البحث عن طرق أخرى للدخول إلى المدينة المقدسة عبرالمساحات التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وزرعتها بالمستوطنات في الضفةالغربية.
و عندما وجد الإسرائيليون سيل العمليات الاستشهادية بدأوا التوسع في إقامة الحواجز والحدود والخنادق وتقسيم المناطق الفلسطينية المحتلة لمنع تسلل الفدائيين الفلسطينيين. وطوال العام ونصف العام الماضيين كان اقتحام القرى الفلسطينية وشق الخنادق فيها وإقامة نقاط التفتيش بها ممارسة عسكرية يومية من جانب القوات الإسرائيلية والتي غالبا ما يصاحبها سقوط قتلى في صفوف الفلسطينيين. ولكن الآن يدعو عضو حزب العمل البارز حاييم رامون الذي يتطلع إلى رئاسة وزارة إسرائيل في الانتخابات القادمة إلى إقامة حدود وحواجز أكثر كثافة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل بحيث يمكن إقامة فصل من جانب واحد بين المناطق الفلسطينية والمناطق الإسرائيلية.
وتتلخص خطة رامون في إقامة منطقة حدودية بطول 400 كيلومتر في الضفة الغربية وقطاع غزة بحيث لا يمكن لأي شخص أن يتحرك عبرها دون تصريح من إسرائيل. وقال انه لا يعرف بعد إذا كانت مثل هذه الحدود ستتضمن زراعة ألغام أرضية أم يتم الاكتفاء بسياج سلكي فقط لأن هذه مسألة ثانوية وإنما المهم أن يكون لدينا خط أو حد فاصل أياً كان اسمه.يقول المحللون ان فكرة الفصل من جانب واحد بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتمتع بدعم واسع بين الإسرائيليين الذين يعتبرونها الوسيلة الوحيدة لتجنب العمليات الاستشهادية. ولكن من الناحية السياسية هناك عقبات كثيرة تحول دون إقامة مثل هذا الجدار الواقي.
ويعارض مؤيدو رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون فكرة إقامة مثل هذا الجدار لأنه ينطوي على ترك أراض للفلسطينيين مهما تكن مساحتها على الجانب الشرقي من هذا الجدار أياً كان موقعه. في حين يعارضه بعض عناصر اليسار الإسرائيلي مثل يوسي بيلين والذين يرون أن الأمن لن يتحقق لإسرائيل دون السلام مع الفلسطينيين.
وهناك أكثر من شكل للفصل أحادي الجانب بين الفلسطينيين والإسرائيليين فمثلا يطالب رئيس الكنيست الإسرائيلي إقامة مثل هذا الحاجز داخل المناطق الفلسطينية نفسها وليس على طول الخط الفاصل بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية وفقا لحدود قبل حرب 1967 أما وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر فيؤيد إقامة حاجز أمني بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية ولكن من خلال مفاوضات مع الفلسطينيين بشأن القضايا الأمنية وغيرها من الموضوعات. أما حاييم رامون فيقول انه يمكن إزالة 75% فقط من المستوطنات وهي المستوطنات البعيدة، مستوطنات قطاع غزة بالكامل على أن يتأجل تحديد الحدود النهائية إلى مرحلة لاحقة.ولكن منظمة بيت سليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان تقول ان أي حدود تتم إقامتها داخل الضفة الغربية سوف تمثل انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة لأنها ستفصل الكثير من الفلسطينيين عن أعمالهم وأهاليهم فالكثير من القرى والمدن الفلسطينية الصغيرة تعتمد في كل خدماتها على مراكز الخدمات والمستشفيات الموجودة في المدن الفلسطينية الكبرى مثل نابلس ورام الله وبالفعل فقد مات الكثيرمن الفلسطينيين عندما منعت إسرائيل انتقالهم من أماكن وجودهم إلى مراكز الخدمة الطبية في المدن الفلسطينية الكبرى بسبب الحواجز ونقاط التفتيش التي أقامتها القوات الإسرائيلية حول قراهم بالضفة الغربية.
وتساءل الباحث الإسرائيلي «حزقيل لاين»: أين سيحصل هؤلاء الفلسطينيون على ما يحتاجون إليه من الرعاية الطبية؟ إن إقامة مثل هذا الفصل سوف يدمر حياة الفلسطينيين الذين سيقعون على الجانب الغربي من هذا الحاجز.أما السياسية الفلسطينية حنان عشراوي فتقول ان الحاجز الوحيد المقبول هو الذي يقام على طول خط حدود عام 1967.
أما غير ذلك فسيعتبر ليس فقط فصلا عنصريا وإنما يعني أيضا اغتصاب المزيد من الأراضي الفلسطينية وسيولد هذا المزيدمن الغضب الفلسطيني. ووفقا لتقرير الباحث الإسرائيلي لاين فإن المستوطنات الإسرائيلية تسيطر حاليا على 9 ،41% من أراضي الضفة الغربية.
أما أستاذ الجغرافية السياسية في جامعة بن جوريون الإسرائيلية دافيد نيومان فيقول «نظرا لأن المستوطنات الإسرائيلية توجد في كل مكان وفي أي مكان بالضفة الغربية وقطاع غزة فإنه من المستحيل إقامة خط فاصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون إخلاء أغلب هذه المستوطنات».ورغم كل ذلك ولما كان بعض الإسرائيليين يريدون الضفة الغربية لإسرائيل فإن فكرة الفصل أحادي الجانب لا يحظى بشعبية واسعة بين أعضاء حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. في حين يرى نيومان أن الفصل الأحادي الجانب لن يضيف المزيد من الأمن لإسرائيل.
«كريستيان ساينس مونيتور» - خاص |