Sunday 19th May,200210825العددالأحد 7 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

على ضفاف الواقع على ضفاف الواقع
والحزن .. يختصر الحزن أحيانا..!!!!
غادة عبدالله الخضير

« .. لا زلت أفكر في الخسارة والمكسب .. في من له أن يكسب عن جدارة ومن له أن يخسر أيضا عن جدارة .. إذ أنه يحدث أحيانا أن نستمتع بالهزيمة تماما كاستمتاعنا بالنصر .. ونبذل جهودا في هزيمتنا أقوى من تلك التي تبذل كي ننتصر ..
غير أنني أعود دوما إلى نقطة الانتكاسة إذا صح لي التعبير .. تلك النقطة التي نبدأ من خلالها اجترار الأسئلة والفهم الأعمق الذي قد يكون الأسوأ أحياناً ..
نبدأ من نقطة الحزن .. تلك التي يسبقها براح من الغفلة.. والرضى ..
يا الله كم هو الحزن .. قادر على إعادتنا حيث يجب ..
حيث ينبغي أن نكون..
إنه يعيدنا إلى .....
الابتهال ..
إلى الإدراك الحقيقي لمعنى الأشياء ..
يعيدنا إلى الذات التي تتيه بعض الزمن في العمر الفارغ إلا من ... التفاهات لأكثر ..
يعيدنا إلى الإنسان الذي نتجاهل وجوده بين حنايا الروح والقلب منشغلين عنه بما هو الأقل دوما
منشغلين عنه بما يشوهه فقط..!!!
بما يزيده تشويها لا أكثر ...!!!!!
عندما نبدأ من نقطة الحزن .. نستطيع أن ندرك تماما تلك اللحظات الصادقة التي يمر بها الإنسان مع الإنسان .. كيف يتشاركون في الشعور .. فيختصران الحزن ..
ألا يحدث للحزن .. أن يختصر الحزن أحياناً ... أن يختصر تلك المسافة من الألم التي قد تفتك بروح ما .. حد النزف..؟؟؟؟
ألا يحدث للسيد الحزن أن يوحدنا .. فيقوينا .. ويشرع لنا منافذ من .. الرؤى ..؟؟؟
ألا يحدث له أن يجعلك تبتسم فرحا .. أن هناك من هم مثلك يسكنون في المحاولة الجادة لجعل الحزن .. أرقى مما هو عليه ..؟؟
يحتفظون له برونقه حتى لا يدنس من .. أولئك الذين يمارسونه تماشياً مع آخر ألوان الموضة ..
فيتلون بدوره ....
حزن أزرق ....
حزن أخضر ....
حزن وردي ....
حزن بألوان قوس قزح .. يستخدم في كل المناسبات...!!!!!!!!!!!
وحزن أسود نتدثر به عندما ... يسكننا الليل .. والوجع الأول
عندما تسكننا الذاكرة الأولى ..
عندما نقرر في لحظة حزن أيضا .. أنها قد تكون بدورها الذاكرة الأخيرة ..
عندما يدركنا حزن آخر .. تحصنا منه ببرج مشيد .. فاكتشفنا أن كل حزن يأتي بعد الحزن الأول ما هو إلا تعود..
ما هو إلا .. استدعاء سخي للحزن الأول ..!!!!
وقوف على الأطلال .......... لا أكثر ..!!!!
محاولة فاشلة ... تذكرنا ..
أن الحزن يختصر الحزن ...
لكن الملامح العالقة كمصباح منير .. لا تُبدل بملامح أخرى..
وكيف تبدل ... وقد خُتمت الذاكرة بالحنين ... والاكتفاء معا ..!!!!
ربما بسبب ذلك .. يصبح الإنسان منا أكثر تركيزاً على إنسانية الآخر أكثر من كونه .. مرتبطا به لحاجة ما .. ربما أيضا هذا الذي يجعل علاقاتنا أقوى ... وأكثر نضجا .. واستمراراً ..
هذا الذي يجعلنا نلتقي روحياً .. ويسمو بنا فوق رغباتنا.. وفوق طبائعنا ..
يلعب الحزن الإنساني دوره هنا .. عندما نصادف من يستهلكون أنفسهم في الرغائب لا أكثر..
حتى تتزلزل الأرض من تحتهم أقدامهم وهم لا يشعرون.. يخسرون أنفسهم عن جدارة في حين أن الفرص أمامهم كي يكسبونها عن جدارة ..
خاتمة:
هناك مسافة متسعة بين ما نرغب وما لا نرغب .. والعقلاء وحدهم .. العقلاء فقط .. يستطيعون أن يدركوا .. كيف يمكن للإنسان أن يمارس الزهد عندما يقترب مما يرغب .. في أنه يتقن الاحتساب عن قوة .. عندما يبصر معالم ما لا يرغب ..!!!
وفي ذلك الاتساع يهرول الإنسان عادة ... بين ما يحب وما يكره .
بين ما يحزن وما يفرح ....
ربما هو هكذا ... يعطي لروحه ................. معنى ؟؟؟؟

الرياض 11447 ص ب 28688

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved