لم يزل بعض النقاد يعيب على الكاتبة تناولها جدلية العلاقة الإنسانية المشوهة في كثير من جوانبها المهمة التي تربط الرجل بالمرأة.. ويبدي هؤلاء النقاد تذمرهم ومللهم من هذه النوعية من الكتابات الفنية بكل أجناسها الأدبية المتنوعة وكأن المشاكل الاجتماعية التي تُهدر فيها إنسانية المرأة على يد بعض الرجال في مجتمع يلتزم الصمت أمام أصوات نسائية كثيرة يتداعى صداها الحزين وشكواها المقهورة دون حلول تعيد إلى المرأة كرامتها التي حفظها لها الإسلام وكأن هذه المشاكل الاجتماعية قد انتهت وليس من حق الكاتبة أن تبعث فيها الحياة مجدداً.
وكأن الأمور كلها على ما يرام.. وليس ثمة نساء لم يزلن يواجهن ظلم بعض الرجال باستسلام وخنوع..
الإشكالية الاجتماعية الورطة التي تقع المرأة في مأزقها يحتم على الكاتبة أن تظل تنزف حرفها وهجاً وألماً وصوتاً يعلو ليضيء لتكون أداة مؤثرة لفعل التغيير.. هذه الأداة ليس لها زمن معلوم ولكنها تظل قائمة بمهمتها الفاعلة لمساندة المجتمع في طرح قضاياه.. وتعتبر قضايا المرأة الاجتماعية بشكل خاص محوراً هاماً يجب على الكاتبة أن تلتزم بمسؤوليتها الثقافية والإنسانية تجاه بلورتها طرحاً موجعاً وكاشفاً ومؤملاً لحلول تساعد المرأة على الخروج من النفق المظلم الذي يدفعها إليه الرجل بتجاهله لكيانها كإنسان..
هذا الأمر البائس والمحزن ليس من ابتداع الكاتبة ولم تكن مولعة بالغوص في أوجاعه ترفاً أو إفلاساً أدبياً في اختيار الموضوعات ولكن لما تراه ماثلاً أمامها.. ولما تقرأه من سرد لكثير من القصص الواقعية التي تكون المرأة فيها ضحية لعنجهية الرجل ولأساليب تربوية موروثة حول ملكية الرجل للمرأة!!.
التأزم الإنساني لم يزل قائماً كوضع قاسٍ ومأساوي تقيمه أخلاقيات متضعضعة تنتهجها سلوكيات غير واعية لذكورية التسيد عند البعض من الرجال.. مستغلة ضعف المرأة وقلة حيلتها وصوتها الذي يكاد لا يُسمع وتظل المرأة الكاتبة الأقرب إلى إيصال ذلك الصوت المتداعي الواهن.. تصبّه في ضمير المجتمع كفعل تنبيه يشعل الحس الإنساني في القلوب والضمائر الحرة وتشعل هاجس الصحو في الزوايا المعتمة.
القلم النسائي أكثر إمعاناً في رؤية ما لا يُرى لكون الكاتبة تعيش في عمق هذا العالم الأنثوي المتضاربة أعماقه.. المشحونة هواجسه بهموم المرأة ومعاناتها.. ولكونها الأكثر إحساساً وتمازجاً بانهزامية فكر المرأة وشعورها وتراجع ثقتها بذاتها..
لهذا كله لن يتوقف قلم الكاتبة عن الخوض في الواقعية الانهزامية التي تعاني منها المرأة ومعالجة مكامن القصور في العلاقات العائلية المفككة كفعل تنويري يعد من صميم التزامات الكاتبة الواعية المدركة لحجم الدور المناط بها.
|