إذا كان كل مجتمع يسعى الى التطور فلابد ان تكون البداية من التعليم فهو حجر الاساس، وعليه فلابد ان يكون التعليم راقيا وجيد النوعية حتى نحصل على مخرجات بشرية تمتلك عقولا وابداعات تضاهي عقول وابداعات مخرجات التعليم في الدول المتقدمة، وهذا من الصعب الحصول عليه مالم يتوفر التمويل الكافي، فأي مشروع يتطلب تأمين التمويل اللازم من رأس المال الثابت ورأس المال العامل.
والميزانيات المخصصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية لتمويل العملية التربوية قد عجزت عن مواجهة تكلفة التعليم المتزايد، فهناك موارد محدودة وهي مدخلات العملية التعليمية ونريد لها ان تتحول الى مخرجات ذات كفاءة عالية ولهذا يجب التشغيل الامثل لهذه الموارد، فلا استهلاك بلا إنتاج ولا إنتاج بلا استثمارات ولا استثمارات بلا تمويل، ومن اجل ذلك تتبارى الانظمة الاقتصادية في اكتشاف نظم تمويلية تتسم بدرجات عالية من الكفاءة والفاعلية ادراكا منها لعظم ما يترتب على هذه الانظمة ايجابا او سلبا.
ويولي الاقتصاد الاسلامي عملية توليد المدخرات كل عناية واهتمام، والنصوص الاسلامية صحيحة وصريحة فيما يتعلق بترشيد الاستهلاك وتجنب الاسراف في كل مجالات الانفاق وذلك سيؤدي حتما الى تنمية الدخل، فالمبدأ الاقتصادي العام هو ندرة الموارد المتاحة وحاجتنا الفعلية الى استثمارها على افضل وجه ممكن، ولهذا كان لابد من ايجاد حل علمي مدروس ومقنن لزيادة التمويل وترشيد النفقات في ميزانية التعليم في المملكة العربية السعودية فكان القرار الصائب وكان الدمج بين الرئاسة العامة لتعليم البنات وبين وزارة المعارف ناتجا من حاجة المجتمع الى التغيير نحو الافضل، وليس معنى هذا ان من اداروا دفة تعليم البنات قبل الدمج لم يؤدوا ما اوكل اليهم من اعمال، بل قد قاموا مشكورين بجهد كبير في هذا المجال، ولا ان الدمج الآن يملك العصا السحرية التي من خلالها، دون النظر الى الظروف المحيطة ومؤثراتها، سيحقق كل ما ماهو مطلوب منه بفعالية عالية وكفاءة نادرة على المدى القصير، ان الامر في الحقيقة لا ينظر له من هذه النظرة غير الواقعية، وانما كل ما نريد التأكيد عليه هو ان الدمج ستتم الاستفادة منه اقتصاديا من اوجه عديدة منها على سبيل المثال:
1- وفورات الحجم عند عقد الصفقات، وبها ستتحقق الكفاءة للعملية التعليمية وذلك لانها ستمكن المسئولين من الحصول على افضل المنافع بأقل التكاليف.
2- بعد ان تم توحيد القرار التعليمي للبنين والبنات سيتم توجيه الاموال للجهات ذات العجز والحاجة بعد تجميعها من الجهات ذات الفائض، وبغير هذا التوصيل وسداده وفعاليته فان الاموال سوف تعطل او يساء استخدامها والاموال ما جمعت الا لتستخدم الاستخدام الامثل وهذا جوهر فكرة الكفاءة والفعالية التمويلية.
وما جاء في هاتين الفقرتين سيفيد العملية التعليمية من خلال مقومين لا غنى لنجاح اي مشروع استثماري عنهما وهما التمويل، والتوجيه الصائب للاموال.
3- وفي ظل الدمج ايضا ستكون هناك درجات من الضمان في ترشيد النفقات والمصروفات الادارية من خلال دمج اللجان والادارات. وهذا الانفاق يعتبر انفاقا استهلاكيا ومن ثم تحويل الفائض منه الى الانفاق الاستثماري ونفي ذلك تماما امر غير وارد.
4- كما ستتوحد اساليب المحاسبة والرقابة على النفقات بعد اختيار الافضل منها.
وسوف تتزايد الاستفادة من الدمج يوما بعد يوم بالمزيد من الممارسة والخبرة، والمزيد من الدعم والتشجيع من جميع الاطراف المنفذة، والمسئولين والعلماء والباحثين، حتى يأتي الدمج بثماره ويعكس آثاره الايجابية على تطوير التعليم، حيث ان المبالغ التي سيتم توفيرها ستصرف على الطلبة والطالبات وهم محور العملية التعليمية، وعلى تحسين جودة التعليم والحصول على مخرجات افضل قادرة على النهوض بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية لوطننا الحبيب خير قيام.
وعلينا ان نقف وراء هذا الدمج حتى يستقيم تماما على الجادة بدلا من محاولة اجهاضه والاجهاز على في مهده، وعليه فإني اقترح اقامة العديد من الندوات لتعريف المواطنين والمواطنات بأهمية الدمج ومميزاته والفوائد التي سيتم الحصول عليها من خلاله.
مديرة وحدة الدراسات في الإدارة العامة لاقتصاديات التعليم |