يبدو أن معسكر السلام الإسرائيلي قرر الاستيقاظ من سباته الذي استمر أكثر من عشرين شهرا وأدرك خطورة ترك الأمور للحكومة الإسرائيلية الحالية التي لا تجد غير الوسائل العسكرية حلا لما يحدث في المنطقة. فقد تجمع أكثر من خمسين ألف إسرائيلي في ميدان إسحاق رابين بمدينة تل أبيب للتعبير عن رفضهم للسياسات الإسرائيلية الحالية ومطالبتهم بإنهاء الاحتلال العسكري للمناطق الفلسطينية وتحقيق السلام مع الفلسطينيين. تعد هذه المظاهرة التي نظمتها حركة السلام الآن الإسرائيلية وعدد من التنظيمات اليسارية في إسرائيل هي الأضخم منذ 20 شهرا تقريبا. ويبدو أن اختيار ميدان رابين مكانا لتجمع المتظاهرين كان له دلالة حيث إن رابين هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي تم اغتياله عام 1995 على يد متطرف يهودي بسبب قرار رابين المضي قدما في عملية السلام مع الفلسطينيين.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة.
كان اليسار الإسرائيلي قد التزم صمتا مريبا طوال الشهور الماضية تجاه المواقف الرسمية الإسرائيلية التي شهدت تصعيدا خطيرا في استخدام القوة العسكرية ضد الفلسطينيين.
وكان معسكر اليسار الإسرائيلي قد انضم إلى سرب شارون الذي كان ينادي بأن الفلسطينيين ليسوا شركاء سلام للإسرائيليين، ولكن يبدو أن المظاهرة الأخيرة محاولة من جانب اليسار للعودة على مساره التاريخي المؤيد للسلام ولإنهاء الاحتلال وإزالة المستوطنات.
وقد شاركت المطربة الإسرائيلية الشهيرة يافا ياروكوني في المظاهرة رغم أنها تعرضت لهجوم عنيف خلال الفترة الأخيرة بسبب حديثها مع راديو جيش إسرائيل قبل أسابيع وأعربت فيه عن تعاطفها مع جنود الاحتياط الإسرائيليين الذين رفضوا الخدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة.
كما أدانت الجرائم الإسرائيلية في مخيم جنين، كما تأتي مشاركة ياروكوني في المظاهرة رغم وجود تهديدات بقتلها بسبب مواقفها تلك.
وقالت ياروكوني: «لقد تعبت من هذه الحروب يجب ان نبحث عن السلام ونحاول الوصول إليه».
جاءت المظاهرة الإسرائيلية الضخمة تلك لتلعب دورا مهما في الضغوط التي تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي للتراجع عن قراره بمهاجمة قطاع غزة بعد ان كانت قوات الجيش الإسرائيلي قد أنهت استعداداتها لشن الهجوم حيث تم استدعاء الاحتياط للخدمة واحتشدت الدبابات الإسرائيلية بالقرب من قطاع غزة قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي تعليق العملية العسكرية بسبب فقد عنصر المفاجأة كسبب معلن من جانب الجيش الإسرائيلي.
افتتاحية «لوس أنجلوس تايمز» |