Friday 10th May,200210816العددالجمعة 27 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مدرسة الاحتساب ومحك صدق الدعاة... الصبر مدرسة الاحتساب ومحك صدق الدعاة... الصبر
طريقٌ محفوف بالشوك.. نهايته نعيم وظفر (2 -2)

* تحقيق عبدالله بن ظافر الأسمري:
كان الحديث في العدد الماضي عن الصبر، وأهميته في حياة الداعية في سبيل الله، وتم التطرق الى الفضائل والحكم التي ينطوي عليها الصبر، ثم تواصل الحديث عن أقسامه والتعليمات المهمة الموصلة بإذن الله الى تربية النفس على الصبر، وكذلك الأسباب المعينة للداعية على الصبر في دعوته، وفي هذا العدد بإذن الله نتناول قضايا ومحاور أخرى في هذا الموضوع البالغ الأهمية، ويتحدث لنا فيها نخبة من المشايخ الفضلاء، وذلك استكمالاً واستيفاء للموضوع.
شقائق الرجال والدعوة إلى الله
في محور مهم وجانب آخر من جوانب الصبر المتعددة يستهل الحديث «للرسالة» فضيلة نائب مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة نجران الشيخ تركي بن نادر الدوسري، الذي تناول فضيلته موضوع المرأة المسلمة ودورها في الصبر في الدعوة، و كذلك الصبر مع زوجها وتحمل المشاق فقال فضيلته:
قال تعالى موجهاً نبيه عليه الصلاة والسلام: {وّاصًبٌرً نّفًسّكّ مّعّ پَّذٌينّ يّدًعٍونّ رّبَّهٍم بٌالًغّدّاةٌ وّالًعّشٌيٌَ يٍرٌيدٍونّ وّجًهّهٍ وّلا تّعًدٍ عّيًنّاكّ عّنًهٍمً تٍرٌيدٍ زٌينّةّ پًحّيّاةٌ پدٍَنًيّا}، وقد أمرنا الله تعالى بالاقتداء بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام في أمره ونهيه وحياته كلها قال تعالى: {لّقّدً كّانّ لّكٍمً فٌي رّسٍولٌ پلَّهٌ أٍسًوّةِ حّسّنّةِ لٌَمّن كّانّ يّرًجٍو پلَّهّ وّالًيّوًمّ الآخٌرّ}.
فليس أمامنا أقرب من التأسي به في صبره على الدعوة وصبره على أقاربه في مكة المكرمة ولا سيما قبل الهجرة النبوية الشريفة فإذا لم نقتد به فبمن نقتدي أليس هو القائل عليه الصلاة والسلام: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون)، أليس هو القائل عليه الصلاة والسلام عندما ذهب إلى أهل الطائف وكذبوه ورجع من الطائف مهموماً ثم جاء إليه ملك الجبال ليستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين يعني جبال مكة فقال عليه الصلاة والسلام فيما معناه (انه يريد أن يخرج من أصلابهم من يقوم بهذا الدين).
صبر الزوجة مع زوجها
ويواصل فضيلته حديثه عن دور المرأة في صبر زوجها على هموم الدعوة فيقول:
وأما دور المرأة في صبر زوجها على تحمل أعباء الدعوة والاستمرار فيها، كذلك لنا قدوة حسنة في زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في صبرها على تحمل أعباء الدعوة مع زوجها وهي خديجة بنت خويلد القرشية رضي الله عنها وأرضاها التي صبرت عند الصدمة الأولى وهي صدمة إخراج العباد من عبادة الأصنام إلى عبادة الله قال عليه الصلاة والسلام (إنما الصبر عند الصدمة الأولى، والصابرات بعدها يقتدين بها، ولكنها هي أول من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم من النساء فآمنت به حين كذبه الناس ونصرته حين طرده الناس وعرفت ذلك من ابن عمها ورقة بن نوفل عندما قال ذلك عند نزول الوحي في بداية الإسلام، فخديجة بنت خويلد هي التي طمأنت زوجها حين جاء من غار حراء وهو خائف أشد الخوف وقال لها زمليني زمليني ودثريني دثريني فقالت أبشر والله لايخزيك الله فأنت تصل الرحم وتعين على نوائب الحق إلى آخر ما قالت له رضي الله عنها وأرضاها، من أجل ذلك بشرها الله بالجنة عن طريق جبريل عليه السلام فقال جبريل هذه خديجة وفي يدها إناء أبلغها ان الله سبحانه وتعالى يُقرئها السلام.
فماذا بعد هذه المنزلة من منزلة وهي من سيدات نساء الجنة وكل أولاده وبناته منها عدا إبراهيم.
فيا أختي المسلمة لك في زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة وكذلك أزواجه، من بعدها عائشة بنت الصديق أم المؤمنين العالمة بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأحب نسائه إليه كيف كانت تعين الرسول صلى الله عليه وسلم على أعباء الدعوة وتنقل إلينا بأمانة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم سلمة التي جاء إليها النبي صلى الله عليه وسلم مهموماً في صلح الحديبية حين أمر الناس بالإحلال من العمرة وأن يحلقوا رؤوسهم فشق ذلك عليهم فأرشدته أن يحل ويحلق رأسه ثم تتابع الناس بعد ذلك ففعلوا مثله ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الرأي السديد من أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وغيره من أزواج المصطفى عليه الصلاة والسلام.
صور وعبر
بعد ذلك أشار فضيلته إلى صور من صبر النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والدروس التي ينبغي الاستفادة منها فيقول: وللرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث وقصص سجلها التاريخ منا من الصبر وتحمل الأذى والمشقة ما الله به عليم ومن ذلك:
صبره على قومه حين كذبوه في بداية الوحي وحين جمعهم على جبل الصفا ولقي من عمه أبي لهب ما لقي من أشد التكذيب.
صبره عليه الصلاة والسلام حين أُخرج من مكة المكرمة وهي أحب البقاع إليه وأخرج من داره ودار آبائه وهي مهبط الوحي.
وصبره على القتال في سبيل الله حين اجتمعت له قبائل قريش وأعداء الإسلام في معركة بدر الكبرى، وكذلك صبره في معركة أحد حين أرادوا قتله وكسرت رباعيته وشجوا رأسه عليه الصلاة والسلام فقال (والله لايفلح قوم شجوا رأس نبيهم) الحديث.
وقبل ذلك صبره في مكة حين ألقوا عليه سفهاء قريش سلا الجزور وضحكوا على فعلهم السيئ ولم يبعده منه إلا ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها.
وصبره حين خير بين أن يكون عبداً لله يجوع يوماً ويشبع يوماً أو أن يكون له من الأموال والذهب مايكون، فاختار عليه الصلاة والسلام الجوع حين قالت عائشة رضي الله عنها كان يهل الهلال ثم الهلال مايوقد في بيوت محمد نار من قلة الزاد وصبره على الجوع حين ربط على بطنه الشريف الحجر في غزوة الأحزاب التي كانت أعداء الإسلام يريدون بها استئصال الإسلام جذرياً وإبادة جميع المسلمين.
وكان خلقه القرآن حين قال تعالى {\دًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ وّالًمّوًعٌظّةٌ پًحّسّنّةٌ وّجّادٌلًهٍم بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ}، فهذه هي القاعدة (القاعدة الأساسية لكل من أراد الدعوة إلى الله) قديماً وحديثاً.
أيها الداعية احذر
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم آل سلطان المحاضر بكلية الملك فهد البحرية حيث يشير إلى أمر يجب التنبه له من قبل الدعاة إلى الله تعالى، فيقول فضيلته:
كيف يتحقق هدف الدعوة بلا صبر: هذا إن لم يقع العكس من ازدياد الباطل وتمكنه، وأكتفي هنا بإشارتين قرآنيتين للمتأملين:
(48) لّوًلا أّن تّدّارّكّهٍ نٌعًمّةِ مٌَن رَّبٌَهٌ لّنٍبٌذّ بٌالًعّرّاءٌ وّهٍوّ مّذًمٍومِ }.
الثانية: عجلة موسى عليه السلام وعدم صبره وانتظاره.. حتى تمنى الرسول صلى الله عليه وسلم أن لو صبر لنسمع عجباً من أخبارهما ومزيداً من الفائدة.
كما أشار فضيلته الى الجانب الآخر المضيء للصبر فقال: أما الثمار التي يجنيها الدعاة الصابرون، فهي:
النجاح، فإن لم يستجب المدعو، فعلى الأقل لن يزيد خصومه، وربما كسب الداعي القلوب بالعفو والصفح، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة حين فتحها قال تعالى {\دًفّعً بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ}، إقناع للآخرين بصدق قضية الداعية ونصحه، أما الثواب فبالاحتساب، حتى إن الصوم حين كان صبراً عظم الله ثوابه بأن اختص بتقديره وهو الكريم سبحانه.
كمال إيمان وحسن إسلام
وبفوائد جلية يختتم الحديث عن الصبر فضيلة إمام مسجد التعاون بحي الدار البيضاء بالرياض الشيخ عبدالله بن مرزوق آل محمد، الذي تحدث في إجمال سريع عن فوائد الصبر والمصابرة فقال: للصبر فوائد معتبرة ملموسة ومحسوسة، فهو ضبط للنفس عن السأم والملل لدى القيام بالأعمال، والصبر يضبط النفس عن الغضب في النفس ومحرضات الإرادة للاندفاع بطيش لاحكمة فيه، كما أنه يضبط النفس عن الخوف لدى مثيرات الخوف في النفس، ويضبط النفس عن الطمع لدى مثيرات الطمع، وهوأيضاً يكبح جماح النفس عن الاندفاع وراء أهوائها وشهواتها وغرائزها، ويحمل النفس على تحمل المتاعب والمشقات والآلام الجسدية والنفسية، وهو دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام ولأنه يورث الهداية في القلب ويثمر محبة الله ومحبة الناس، جالب لمعية الله للصابرين، سبب للأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، كما أنه مظهر من مظاهر الرجولة الحقة وعلامات حُسن الخاتمة، وتذكر أيها الداعية أن صلاة الله ورحمته وبركاته على الصابرين.

top0077@maktoob.co

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved