حوار عبدالله الرفيدي
صناعة الشماغ بالمملكة استثمار بدأ قريباً كتحد أظهره رجال الأعمال خصوصاً المستوردين له وذلك رغبة في توفير أهم السلع التي تعد من ضمن الشخصية السعودية.
وتعد سوق الشماغ من الأسواق ذات التنافسية العالية التي دخلت فيها الكثير من الاستثمارات والأسماء وعدد من المنتجات الجيدة والرديئة مما جعل كبار المستثمرين يتسابقون على تقديم الأفضل في الجودة وبالسعر المناسب والتقاسم في بيع 12 مليون قطعة قيمتها 600 مليون ريال. ولم تبتعد السوق عن الغش في النوعية بل أصبحت هناك وسائل تتبع للخداع في الجودة.
ولالقاء الضوء على هذه السوق الصعبة والتي تعاني من منافسة شديدة واختلاط الغث بالسمين التقت «الجزيرة» بالأستاذ عمران المالكي مدير عام شركة دسار للتسويق.
* هل لمستم تحدي البداية لدى المستوردين؟
السوق واسع، كبير، يتسع للجميع، نحن نعتبر أنفسنا شركاء في السوق، لدينا مهمة هي تطوير أداء هذا السوق من خلال المنافسة الشريفة التي تعتمد على أساليب التسويق الشريف لحماية هذه الصناعة الوطنية الوليدة. ذلك من خلال تطويرنا لمفهوم التعامل مع الأسواق من خلال انشاء شبكة توزيع لمنتجاتنا تغطي معظم مدن المملكة وآلية التعامل النبيل مع المستهلك من خلال ارساء معايير قياسية لجودة الشماغ ليتمكن المستهلك في المستقبل من مقارنة ما يعرض في الأسواق اعتمادا على هذه المعايير، التي تعتبر هي الضامن له من بعض عمليات التلاعب التجاري التي تجري في الأسواق من قبل بعض ضعاف النفوس.
من بعض التحديات التجارية التي بدأت تأخذ شكل ظاهرة ملفتة للنظر هي قيام بعض الجهات بعمليات اغراق تجاري للأسواق بدعم من قبل بعض المصنعين الخارجيين وذلك إما من خلال تخفيضات كبيرة في أسعار منتجاتهم، التي انعكست بشكل واضح على انخفاض مستوى الجودة، الدقة لهذه المنتجات، أو من خلال منح تسهيلات تجارية كبيرة، لفترات طويلة لصغار التجار، مما سينعكس بشكل سلبي، مباشر في كلتا الحالتين على أداء الأسواق، بالتالي على أداء الجهات التي تدعم هذا التوجه، لقد استطعنا بفضل من الله ثم بفضل الرؤية الواضحة لخصوصية السوق السعودي من خلال أساليب التسويق الحديثة التي تعتمد على تغطية احتياجات المستهلك الفعلية تخطي الكثير من التحديات بالاضافة الى طرحنا لأي من منتجاتنا الجديدة لا يأتي بشكل عشوائي أو كردة فعل لحدث ما في السوق وإنما تحركنا وفق سياسة اقتصادية تهدف بالأساس الى تنمية صناعتنا الوطنية بشكل واقعي مع مجريات السوق السعودي وتلبية رغبة المستهلكين من شتى الجوانب.
* أرقام كثيرة تناولت حجم سوق الشماغ.. ما هو الحجم القريب من الصواب لديكم؟
التقديرات كما هو معروف غير موثقة وكلها اجتهادات وتختلف من شخص لآخر لكن التقديرات الأقرب الى الواقع تشير الى نحو «600» مليون ريال، أما الترجمة العددية لهذا الرقم فهي تتراوح بين «1012» مليون شماغ سنويا من مختلف الشرائح، ومن واقع هذه الأرقام فإن حجم مبيعات دسار بلغت نحو 5 ،7% حجم السوق خلال العام الماضي ونتوقع زيادة في العام الجاري الى 12% أي زيادة تقريبا 60%.. وذلك من خلال نجاحنا في مخاطبة حاجة المجتمع السعودي بجميع شرائحه وفئاته.. الذي يستهلك 95% من مجمل الانتاج العالمي للشماغ، وفي سوق تتنافس عليها شركات محلية كثيرة بالاضافة الى شركات عالمية لها اسمها في عالم الموضة والأزياء.
* ما هي خبرات هذه الشركات العالمية التي تتنافس على السوق؟
في مجال تصنيع الشماغ خبراتهم متواضعة، اعتمادهم بالكامل في تصنيع الشماغ على عدد محدود من المصانع التي لديها القدرة والخبرة، ولكن خبراتهم كشركات عالمية لها اسمها المدعم بالشهرة والمستوى الراقي تبرز من خلال المحافظة على مستوى تسويقها، أسعارها المرتفعة، من خلال تقديم بعض التصاميم المتميزة، التي لاحظنا مؤخراً أنها بدأت تتبع التصاميم المقدمة من قبل دسار.
ومن هنا وضعنا هدفاً مهماً في صناعتنا الوطنية وهو الوقوف عند مستوى صناعي بمقاييس ومعايير عالية تصنف بمستوى خاص بين المستهلكين الباحثين عن الجودة والمتانة والألوان الدقيقة ونوعية الخطوط والنسيج تصميماً وصناعة وتسويقاً.
ونجحت فرق البحث العلمي لدينا في وضع المعادلة التي تركز على مثلث الصناعة الجيدة المتمثلة بالخيوط ذات المستوى الرفيع والتصاميم الراقية والخدمة المتقدمة، واستطعنا تثبيت هذه المعايير بشكل يساعد على التطور والتقدم مع احتياجات السوق.
* كيف تنظرون الى محاولات الغش والخداع التجاري في سوق الشماغ؟
هذا يجعلنا نتحدث عن رحلة المستورد وللأسف هناك أسماء تجارية معروفة تصنع منتجها في كوريا، الصين على سبيل المثال وتدخل السوق السعودي عبر عدة طرق أهمها اعادة التصدير بشهادات منشأ جديدة عن طريق بعض دول مجلس التعاون الخليجي تبين ان هذه المنتجات ذات مصدر انجليزي أو سويسري. أي أنها تدخل السوق بطريقة ملتوية وبصفة غير حقيقية وهذا أمر يعرفه الجميع حيث ان الكثير من الأشمغة التي ترفع شعار صناعة انجليزية أو سويسرية هي بالفحص والتمحيص والواقع تستخدم طرقا خادعة للمستهلك. لذا لا بد من كشفها واتخاذ الاجراءات المناسبة بحق مستورديها من قبل الجهات المختصة.
* ما هي تأثيرات هذه التصرفات على السوق؟
التأثير على المستهلك للأسف الشديد كبير، ولكن الوعي الذي بدأ يتنامى لدى المستهلك السعودي يجعله يفرز الغث من السمين، الأصلي من المقلد، بالطبع في النهاية للمستهلك حرية الاختيار ما يناسبه من المنتجات وفق حساباته الخاصة والأساسية وهي الجودة والألوان والذوق وغيرها، فالشماغ للمواطن السعودي سلعة حية يستخدمها يوميا وانطلاقا من ذلك فهو قادر على التميز وبدقة الى جانب تطور ذوقه باستمرار مما يؤهله لاختيار الأفضل.
فالشخص يسعى لارتداء الشماغ الراقي الذي يحافظ على مظهره وتميزه ويتناسب مع نمط حياته العملية.. وكما تعلم ان زيادة عدد السكان رفع من نسبة الاستهلاك ونمو حجم مبيعات الشماغ في المملكة.
* أنتم بدأتم بصناعة الشماغ هل لكم أهداف صناعية أخرى؟
بحمد من الله كان لنا الفخر أن تكون لنا الريادة في صناعة الشماغ في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، أن نكون أول من أنشأ مصنعاً متكاملاً لصناعة الشماغ «بكافة مراحله: تحضيرات النسيج النسيج التجهيز التعبئة التغليف» في العالم.. ونحن كمصنعين لدينا أهداف مرحلية تتعلق بالتطوير المستمر في صناعتنا من ناحية الانتاج والتسويق وعندنا مشاريع أخرى جديدة حيث سندخل قريبا صناعة الغتر البيضاء اضافة الى تصنيع أقشمة المشالح الراقية كمرحلة ثانية، وتسعى مجموعة دسار لترسيخ صناعة النسيج في المملكة بشكل متقدم وترويج منتجاتها من الأشمغة من خلال 1500 معرض على مستوى المملكة تحت الشعار الذي نعتز به «رمز تراثنا نصنعه بأيدينا»، تأكيدا على فخرنا بهذا الانجاز يوضع على كل منتج علامة «صنع بفخر واتقان في المملكة العربية السعودية».
ومن خططنا المستقبلية صناعة الملابس الداخلية وذلك بناء على دراسات السوق لتقديم منتج سعودي من خلال منتجات صناعية نسيجية وطنية متكاملة، وكما هو في صناعة الأقمشة يهمنا دراسة تقنية هذه الصناعة واحتياجات السوق وندرس حاليا مشروعاً لصناعتنا من حيث التسويق والانتاجية وواقع متطلبات السوق الراهن.
* المنافسة وحرب الأسعار ماذا تقول عنها؟
لدينا رؤية واضحة تجاه هذه المسألة فهي تضر بالمستهلك، وتحاورنا مع عدد من الشركات المحلية ذات الأسماء الكبيرة لمعالجتها وللحد من أضرارها من خلال انشاء منتدى لمسوقي الشماغ يتم من خلاله التواصل مع الغرف التجارية الصناعية ووزارة التجارة لمنع الضرر بالسوق والمستهلك.. الذي لابد من حمايته وهذا شيء أساسي ومهم سيما أننا قد لاحظنا ان حالات الغش تتوسع وتتلون للهروب من الرقابة والحوار على أساس الشراكة في السوق الذي يجب ان تكون المنافسة فيه شريفة كما ان الغش يجب ان يخرج من دائرة السوق وبشكل نهائي.
* هل تتوقع دخول مصنعين جدد في السوق؟
كما أسلفت لك ان نجاح تجربتنا كان الدافع الى اقدام بعض المستثمرين على انشاء مصنع آخر في مدينة الرياض بالاشتراك مع احدى الشركات الانجليزية المصنعة حسبما تم نشره في الصحف المحلية. أعتقد ان السنوات المقبلة ستشهد توسعا في هذه الصناعة ونحن كمصنعين نسعى لكي نكون متواجدين في هذاالحقل بصناعة جديدة تعزز في ارساء طرق حديثة في التصنيع والتصدير وهذا ما لمسناه من خلال صناعة الشماغ أن نؤسس صناعة وطنية تعتمد على الذوق والتصاميم عالية المستوى من خلال تواصل دائم مع المستهلك النهائي لتلبية رغباته.
ويعد السوق السعودي سوقاً واسعاً ومجالاً رحباً لمختلف الاستثمارات الوطنية والأجنبية كما يعتبر من أكثر الأسواق العربية استهلاكا للشماغ فمن الطبيعي إذاً دخول مستثمرين ومصنعين جدد.
|