Monday 6th May,200210812العددالأثنين 23 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وعلامات وعلامات
خصوصية الثقافة العربية في عصر العولمة! (7)
عبدالفتاح أبو مدين

وأكبر الظن أنني غير محتاج في بحثي السريع هذا، أن أقدم الشواهد والأدلة عن تلك المصادر التي أشرت إليها آنفاً، كعمق ومرتكزات للثقافة العربية.. فلا الكتاب العزيز، دستور المسلمين، ولا سنة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، ولا الفقه الإسلامي، وكذلك تاريخنا العربي، في حاجة إلى أن أدلل عليها، وكذلك الحال في الأدب العربي، وخاصة الشعر، فإن كل أديب ومثقف، تحفل مكتبته بهذه المراجع، إلى جانب السير والتراجم وروافد الثقافة العربية المختلفة، التي حفلت بها المكتبة العربية، مما أنجز المؤلفون عبر مئات السنين إلى اليوم، وما زال الباحثون يسعون إلى المكتبات الضخام في العالم كله، منقبين عن التراث العربي، الذي تبعثر وضاع، وهرب وبيع بدراهم إلى الغرب، ليثري به مكتباته.. ذلك أن الثقافة العربية والإسلامية ثرية بتلك الكنوز، التي ألفها العلماء العرب عبر التاريخ، فأصبحت مراجع وثروة تدل على عمق الثقافة العربية في عصورها الذهبية، يوم كان لها أنصار ولها مقدرون، يحتفون بها وبأصحابها الذين أنشأوها، وسهروا الليالي، وتعبوا السنين، في تلك البدايات، ليسجلوا لأمتهم كنوز المعرفة في الأرض، التي كتبت بمختلف اللغات يومئذ. فقد كان آباؤنا طامحين ومجاهدين، لم تشغلهم الدنيا بزخرفها، وإنما شغلهم العلم النافع، والثقافة الثرية بأعماقها، لأنهما ثروات الشعوب، الحية الباقية، وقد كنا أمة حية تبني وتشيد للمستقبل.. وبعد تتالي الأيام إثاقلنا إلى الأرض، وصحت أمم أخرى، جدّت في حياتها، فتثقفت وشادت حصونها ومصانعها بمعارفها الجديدة، وبذلك حكمت الدنيا. أما أمتنا، فقد نامت، لأن طموحها نام قبلها، فلم يعد لها طموح إلا إلى الدنيا وزخرفها.. وقد كانت خير أمة، ثم صارت، غثاء كغثاء السيل، فتداعت عليها الأمم.
* يخبرنا التاريخ البشري، أن الجماعات، إنما ترفع راية انتماءاتها وهوياتها، وتلح على جذورها في فترات المصائب والعدوان، حين ينالها العسف من أجنبي غازٍ أو عدو محتل. حينذاك تكون عواطفها أقوى في غوصها نحو أعماق تراثها. وفي التاريخ القريب لم يبدأ استعمال عرب وعروبة بمعناه المعاصر، إلا في منتصف القرن التاسع عشر في لبنان وسوريا وفلسطين، بفعل سياسة التتريك، ثم رفع شعار الإسلام كخصوصية ضد الاستعمار الأوربي (الصليبي) بعدها.. أما رد الفعل الوطني في المغرب العربي فكان في اتجاهين: إسلامياً ضد التنصير والتبشير، وعربياً ضد السياسة البربرية.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved