* تحقيق منار الحمدان
شأننا شأن كل مجتمع، فنحن نملك سماتنا الإيجابية التي نعتز بها، ونكون عرضة حيناً لسلبيات لا يخلو منها الوجود البشري أينما كان.
لسنا استثناء عن الظواهر الشاذة.. فكوننا أمة تتسنم مراقي الخلق القويم امتثالا لتعاليم الدين الحنيف.. لا يعني أننا بمنأى عن ممارسات نادرة والصورة في إطارها العام زاهية بكل ما يرفع الرأس شموخاً، لكنها محاولة لملامسة بعض مكامن الأدواء التي قد تتغلغل.. فالتشخيص المبكر ما زال الوسيلة المثلى لعلاج كل داء قبل استشرائه.
عبر الأسطر القادمة.. نفرد مساحة لممارسة لا يجب أن نغمض أعيننا عنها.. ولا يجب أن يحول الحياء دون تسليط الضوء عليها، فهي ماثلة ومتجسمة، ورغم محدودية انتشارها في بلادنا ولله الحمد لكنها وباء حري بنا السعي لمحاصرته، لتظل الصورة كما هي دوما جلية وباهرة.. تنطق بكل ما يتمتع به شعبنا من خلق وأصالة وقيم تحت مظلة ديننا الحنيف.
موضوعنا هو الشذوذ وسط الفتيات.. هذه الممارسة المقيتة .. إنها إفراز له أساليب محددة وإشارات وعبارات بعينها.. تتحول رموز الداء الى لغة تفهمها من تقع في الحبائل.. لتصبح جانية ومجنيا عليها في مهاوٍ لا قرار لها من عوالم الظلام! ...فإلى تفاصيل هذه القضية:
في البدء كان حديث الفتيات حيث تحدثنا «نهلة» عن تجربة شاهدت وقائعها عياناً بياناً.. تقول وعلامات الدهشة ما زالت ترسم خطوطها على وجهها:
لاحظت إحدى حالات الشذوذ في احد بيوت الأفراح أثناء دخولي لدورة المياه فقد كان منظراً يبعث الحزن والخوف في آن واحد، ولم أكن أتصور أنني سأرى فتاتين في مثل هذا الوضع الشائن المحرم المخل بالادب والاخلاق.
الشيخ الجبرين: الشذوذ محرم ووسائل الوقوع فيه محرمة ومنها المبالغة في الحب والاعجاب
بالاخريات
رغبة !!
أما سامية فتقول: ان احدى صديقاتها هداها الله كانت ترغب في مثل هذه الممارسة لدرجة أنها في احدى المرات رأت احدى الطالبات التي لفتت نظرها فأمسكت بطرف مريولها وهي تسير، حتى انخرطت في البكاء لكن رغبتها كانت جامحة في عدم تركها، حتى أوصلتها إلى باب المعلمات وصرخت مستنجدة بالمعلمات عندها قامت بافلات المريول وهربت.
لم تتركها خالتها
وتقول احدى النادمات عن تجربتها مع هذا الوضع الشاذ المحرم: في أحد بيوت الأفراح وجدت احدى الفتيات التي انجذبت اليها. ولقد حاولت الاقتراب من احدى مرافقاتها وهي خالتها وسألتها عن اسم ابنة اختها إلا أنها كانت حذرة متخوفة مني وشعرت من خلال نظرتي برغبتي فلم تفلت ابنة أختها وحتى حينما رغبت في الذهاب لدورة المياه ظلت معها، مما حال بيني وبين الفتاة.
بعد الإغواء
أما «ندى» فترى ان الأغلبية من ممارسات الشذوذ لا يأتين ويقدمن إلا بعد التحري والاستثارة وتقول في نبرة خجل وندم: كنت احدى الفتيات الممارسات لذلك السلوك وكنا لا نأتي ونقدم إلا بعد الاستثارة، إما بالعبارة كقول «أنتي حلوة»، أو بالاشارة... وتضيف ندى. ولكن هناك من الفتيات من تكون جاهلة لعباراتنا، فعبارة «أنتي حلوة» وجهتها لاحدى زميلاتي في الثانوية كنت قد أعجبت بها، وأكثر من مرة أقول لها تلك العبارة فتقول «الله يسلمك».
اعتراف
وتقول «رقية» اعترف بأنني كنت من الفتيات الممارسات لذلك السلوك في وقت من الأوقات.. ولا أعلم لماذا أقدم على مثل ذلك العمل.. ولا أعرف أسبابه ولكني ابتليت بذلك لكنني لجأت إلى الله وتبت وأسالة تعالى ان يغفر لي .
هكذا يتم ايقاعها
وتكشف نعيمة أحمد وهي «معلمة» بعض سمات هذا السلوك فتقول: يصطحب هذا السلوك مسبقاً استثاره من قبل «الراغبة» والعياذ بالله عن طريق الحركات أو الكلام الذي يعقبه التعرف على الضحية، فقد تكون لا تعرفها أساسا ولأول مرة تراها؛ وتضيف المعلمة نعيمة: أنا ذكرت ذلك بهدف التنبيه، فالبنات حسنات النية واللواتي يجهلن ذلك قد يقعن ضحية لسلوك يوحي بصداقة نزيهة.. ويوجد نوعية أخرى من هؤلاء الفتيات قاصدات السوء يستخدمن الألفاظ للاستثارة بدل الحركة أو الاشارة، ويكون ذلك بصفة سؤال مثل «هل أنتي مشغولة»، فحينما تكون الموجه لها السؤال جاهلة بمدلول المقصود من هذا السؤال فسيكون ردها على الفور بالنفي.. وهي في تلك اللحظة في أي مكان للتجمع فقد تكون غير منشغلة بأي عمل.. ولكن لو كان لديها الادراك التام للمعنى المقصود فالأمر سيصبح غير الأمر المعتاد عليه، بالاضافة الى عبارة «أنتي حلوة».. ولكن قد تقولها فتاة بنية حسنة للإطراء ولكن نحن ذكرنا العبارات السابقة للحيطة وليس كل من ذكرها هدفه سيئ، ويجب قبل الادلاء بالاجابة التحري والاستفسار حتى لا تظلم من هدفها شريف ونزيه.
سلوكيات شاذة
كما أوضحت المعلمة هيفاء محمد ان الأمر في علاقات البنات ببعض مبني على سلوكيات شاذة محرمة ومسخطة للرب عز وجل، وقد امتدت الأمور الى أمور أخرى، فقد تعامل احدى الصديقتين صديقتها الأخرى معاملة زوج وزوجة فلا تذهب إلا بإذنها، والغريب في الموضوع ان الصديقة التي تمثل دور الزوج تتمثل بالرجل هيئة وصوتا!!
منظر سيئ
أما الطالبة رجاء عبدالمقصود فتقول:
اسمع عن كلمة شذوذ وسلوكيات غير حسنة ومحرمة ولكن لم يتم لي مشاهدة ذلك سوى مرة واحدة وللأسف داخل المدرسة وتمنيت من الرحمن أني لم أر ذلك المشهد. كم سبب لي من توتر نفسي أعجز عن وصفه.. لقد كان المنظر سيئاً جداً لدرجة ان ذلك ترك أثراً نفسياً سيئاً لازمني لمدة أشهر، ونحن نعيش في مجتمع اسلامي قوامه الخلق والسلوك الحسن ومثل هذه الأمور نادرة جداً ولله الحمد و لا تمثل هذا المجتمع الطيب.. ولكننا نتحدث عنها للتحذير من عواقبها الخطيرة.
دور الأمهات
والتقينا «أم هشام» التي قالت: الأمر هذا قد لا يتوقف على الفتيات البالغات فحسب؛ لذلك يجب علينا كأمهات تنبيه الصغيرات منذ دخولهن المدرسة.. وان نخبر الطفلة أنها مهما يقدم لها لممارسة هذا السلوك فإن عليها أن ترفض ولو حدث لطفلة أمر كهذا فرفضت وأخبرت أمها فإن على الأم أن تكافئها لمحاربة ذلك السلوك الدنيء.
تأثيرات صحية خطيرة
ولاستكمال جوانب هذه القضية استطلعنا الرأي الطبي حول الأضرار الصحية المترتبة على تلك السلوكيات أوضحت الدكتورة فرات سنكري اخصائية نساء.. وولادة ان مثل هذه النوعية من الفتيات الممارسات لتلك الممارسة المحرمة والعياذ بالله معرضات للاصابة بجميع الأمراض الجنسية وأخطرها الايدز بطبيعة الحال الذي قد ينتقل بمثل هذا السلوك الشاذ وستزداد العدوى وتنتشر حسب حجم تلك الممارسات وتعددها ومن كل شاذة ستنتقل للأخرى، وهكذا أيا كان نوع المرض المعدي.. فهذه الممارسات وسيلة للأمراض والعدوى.
مستقبل مهدد بالفشل
كما توضح الدكتورة ميرفت سعيد عبدالحميد اخصائية نساء وولادة من مستشفى المبارك خطورة هذه الممارسة على مستقبل الفتاة كزوجة فتقول: بالنسبة للرأي العلمي فأي امر لا يسير وفق الطريقة الشرعية الدينية فله عواقبه السيئة دينيا وصحياً فالعلاقات الجنسية التي تتم بين الأزواج طبيعية ولا تترك مشاكل بخلاف الشذوذ المحرم الذي ينجم عنه مشاكل صحية مثل الالتهابات الشديدة وقد تفقد الفتاة غشاء البكارة، هذا غير ما ينجم من التهاب في الحوض وذلك بدوره يؤثر على الحمل أو يمنعه أو تحتاج لعلاج مكثف.
هذا غير ما يتركه من أثر على الوضع الجنسي للفتاة حيث تتعرض لبرود جنسي وتفقد أنوثتها وبالتالي لا تكون لديها رغبة للزواج فالطريقة العادية المتعارف عليها «العلاقة بالزوج» ترفضها ولا يرضيها سوى ممارسة الشذوذ واختتمت الدكتورة اللقاء بقولها أتمنى من أي فتاة ان تفكر في الموضوع قبل الاقدام على الممارسة لأن ذلك محرم أولا ثم ان ذلك سيؤثر على حياتها مستقبلا وقد تكون صغيرة السن لا تدرك أو تقدر مدى خطورة ذلك السلوك على سمعتها وسمعة أهلها أيضا.. هذا غير ما تتعرض له من مشاكل صحية..
فيروس الهربس التناسلي
وأشارت الدكتورة فادية أبوالنيل اخصائية نساء وولادة من مركز عمر العجاجي الطبي انه بالنسبة للشذوذ الجنسي بين الفتيات من الممكن انه ينتقل عنه مرض الايدز وكل الأمراض المعدية جنسيا كالفطريات والتراكوما فالايدز ففترة الحضانة فيه تأخذ ما بين ثمانية أسابيع الى خمسة عشر عاماً ولهذا نجد انه من أخطر وأشهر الأمراض التي تنتقل من الشذوذ الجنسي بين الفتيات أو الشذوذ الجنسي بين الفتيان ناهيك إذا كانت البنت مصابة بالوبائي الكبدي أو مرض معدي جنسياً كفيروس الهربس التناسلي أو الايدز يصعب التعامل مع هذه الأمراض بالنسبة للهربس له دواء يقلل من ظهور الأعراض إما لا يوجد علاج ينهيه نهائياً، وكذلك الحال بالنسبة للوبائي الكبدي الذي حينما ينتقل للجسم فسيبقى طيلة العمر مرافقاً للمريض، وهو ما ينتقل عن طريق الشذوذ الجنسي.
ستحارب الزواج الشرعي
والتأثير المستقبلي لتلك السلوكيات مؤكد فالفتاة التي تمارس مع فتاة أخرى ستجد لا حاجة لها مع الجنس الآخر أي الرجال، وبذلك سترفض الزواج.. وتحارب الممارسة الشرعية مع زوجها مستقبلا.
وأضافت الدكتورة فادية أنه يجب إعداد برامج تعليمية تعنى بذلك الجانب يتضمن عنواناً لتعريف الشذوذ الجنسي وآثاره سواء تأثيرات سلبية صحية أو مستقبلية فطالما هذا المرض موجوداً فيجب التعامل معه مثل أي مرض عضوي.. فأتمنى توضيحه كما وضح مرض الإيدز دراسيا بحيث يتضمن ذلك التوضيح مجمل آثاره السيئة التي تحدث بين الفتيات وكيفية انتقال العدوى تذكر بصور مبسطة من خلال المنهج الدراسي للأحياء مثلا.
انعكاس سلبي
وحول التأثير المستقبلي لفتاة الشذوذ وبالذات انعكاسه على زوجها تحدثت الاخصائية النفسية سعاد الدباسي من مركز النخبة حيث ترى ان الانحرافات الجنسية ومنها الجنسية المثلية بين الفتيات لها تأثير سيئ للغاية على الفتيات أولها ان ذلك السلوك والممارسة محرمة شرعياً ولا يجوز التحدث بها على أنها أمر عادي. ثم ان الفتاة تكره التعامل مع الزوج أو الرجال وسينعكس ذلك على نفسية الزوج في حالة كونه متزوجاً من امرأة تعاني من ذلك الانحراف فسيترتب على ذلك رفضها وتخلق له المشاكل ليبتعد عنها.
وأشارت الاخصائية للأسباب التي دعت الفتاة لسلوك ذلك الطريق والممارسات المحرمة فتقول السبب الأول البعد عن الايمان بالله وضعف الوازع الديني والسبب الثاني الانفتاح بسبب القنوات الفضائية وثالثاً عدم مراقبة الأهل للفتيات أو الزوج.
وختمت القول بارشاد ان من كان لديها هذه المشكلة وتريد التخلص منها التوجه للعيادات النفسية حتى تساعدها على التخلص من تلك المشكلة والابتعاد عن صديقات السوء.
أسبابه ودواعيه
وحول هذه القضية تحدث الدكتور محمد عبدالمحسن الغرباوي اخصائي الامراض النفسية والعصبية من مستشفى المبارك.. فقال إن ديننا الحنيف وشرعنا القويم يمنع ارتكاب تلك الممارسات الخاطئة ويسمي الطب النفسي تلك الممارسات باسم الاستجناس او الجنسية المثلية او اللواط وهو يصل لنسبة 1822% في بريطانيا والولايات المتحدة ولم يصل لنا كبلاد اسلامية لهذه النسبة ولله الحمد ويكثر في الاماكن الآهلة بنفس الجنس كالمدارس الداخلية والمعسكرات.
واسبابه عوامل وراثية وتم اثباتها بنسبتها العالية في التوائم المتشابهة، كذلك العامل النفسي للفتيات يكون عن رغبة لا شعورية في السيطرة غيرة من الرجال ايضا اضطرابات في الغدد الصماء واضطراب في افراز الهرمونات الجنسية من الغدة النخامية، اما العامل الشرطي فبتكوين فعل منعكس شرطي مرضي يؤدي الى اقتران الجنس وبدايته مع نفس الجنس كذلك العوامل البيولوجية ويرى الدكتور الغرباوي ان علاج تلك الممارسات يتم بالعلاج السلوكي وكذلك بعض العلاجات التي تمنع تلك الممارسات وتساهم في القضاء على القلق والتوتر النفسي المصاحب لتلك الممارسات ويجب معالجة مثل تلك الممارسات مبكراً على الفور لدى اخصائي للطب النفسي.
ليست ظاهرة
بعد ذلك انتقلنا الى المدارس ومؤسسات التعليم لنستطلع الآراء حول هذا الموضوع، حيث تحدثت في البداية الباحثة الاجتماعية في المرحلة الثانوية مها العنزي قائلة: انها موجوده لكنها لاتصل لحد الظاهرة والله الحمد رغم انها موجودة ولكن بشكل نادر جداً وليست في مدرسة بعينها دون غيرها او في حي دون غيره.
واوضحت مها العنزي الاسباب التي تدعو الفتاة لمثل ذلك السلوك فقد يكون مصدرها الاعجاب او يعود لاسباب نفسية.. او لكونها وحيدة اهلها بين ذكور او لحقدها على الجنس الآخر هذا في حالة كون الفتاة غير سوية اساساً ولاشك في ان الانفتاح على الغرب وتأخر الزواج ذريعة لذلك السلوك السيئ الامر ينطبق على غير السويات فالسوية، على العكس تماما واود ان اهمس في اذن كل ام ألا تكون بعيدة عن ابنتها ترشدها وتحذرها من جميع السلوكيات المحرمة والخاطئة منذ الصغر.
وتضيف مها العنزي كما اود توضيح نقطة مهمة ان رسائل الجوال بين البنات قد يكون لها دور في الاثارة واشارت الى ان الثقة العمياء من الاسرة بصفة عامة سواء الام او الاب هي احد اسباب انهيار سلوكيات الفتاة، فيجب التحذير من قبل الاهل وذكر سرد قصصي من الواقع لتنوير الفتاة.
مريضة نفسياً
اما معلمة علم الاجتماع والاخصائية النفسية ختمة الغامدي فقد اشارت للاسباب التي تدعو الفتاة لتلك الممارسات حيث تقول ان السبب قد يكون مرضاً نفسياً.. ويترتب على ذلك المرض حدوث اضطراب نفسي وبهذه الطريقة تبحث عن اشباع حتى لو كان ذلك الاشباع خاطئا اما سلبيات ذلك لاحقاً ففتاة تمارس هذا السلوك السيئ سترفض الزواج قطعياً ويزداد رفضها وفشلها في الزواج حينما تكون من الممارسات لذلك بكثرة وعن قناعة ورغبة.
وكما ذكرت سيفشل زواجها ويوجد للاسف من الفتيات من تعتبر ذلك سلوكاً او ممارسة من الحضارة والتمدن.
أين الأم؟!
وشاركتنا مساعدة ومديرة مدرسة مريم الدسيماني حيث ترى ان الام لها دور كبير في ذلك حيث تنشئ فتياتها على محاربة تلك السلوكيات والممارسات وتقوي الوازع الديني لابنتها او فتياتها وتحذرهن وتخوفهن مما قد يتعرضن له من تأثير من جراء ذلك الاقبال على تلك السلوكيات الخاطئة.. واشارت الى ان فقد الحنان وتأخر الزواج من اسباب الوقوع في الخطأ والقسوة المفرطة من الام وذلك لايعني ترك الفتاة بدون مراقبة واحتراس فخير الامور اوسطها، وهذه الظاهرة نادرة الحدوث ونحن بدورنا نريد ان نساهم في الحد منها وحتى في حالة وقوع الفتاة في خطأ ما فيجب الانتباه والاحتراس ومحاربة ماهي عليه.. وعدم تركها تتمادى في طريقها الخاطئ.
إعجاب شيطاني
وحول هذه القضية واستكمالاً لجوانب الموضوع التقينا الشيخ محمد المسند عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض حيث قال:
اولاً: هذه الظاهرة يسميها البعض ب «الاعجاب» وانا لديّ تحفظ حول هذه التسمية، فهي من باب تسمية الاشياء بغير اسمائها، لأن الاعجاب في حد ذاته ليس شيئا مذموماً، فما من انسان إلا وله اعجاب بشيء ما، او شخص ما، او اكثر، والنبي صلى الله عليه وسلم كانت تعجبه اشياء، كالفأل الحسن، والرؤيا الحسنة، والريح الطيبة.. إلخ، وقديما قالت العرب: «كل فتاة بأبيها معجبة»، وهو اعجاب فطري جبلي.. والأولى ان تسمى هذه الظاهرة.. «التعلق»، او «العشق الشيطاني»، او بالاصطلاح المعاصر «الشذوذ الجنسي»، وبهذا يكون الاسم موافقاً للمسمى، ومعبراً عنه.
ثم ان هذه الظاهرة، في الغالب تتفشى بين المراهقين، وقد تستمر بعد ذلك الى ما شاء الله، وان من اهم اسبابها امرين رئيسين، احدهما وهو الاصل فراغ القلب من محبة الله وتعظيمه واجلاله «الفراغ الروحي»، والثاني وهو فرع عن الاول الحرمان او مايسمى ب«الفراغ النفسي العاطفي».. وكثير من الآباء يساهم من حيث لايشعر في نشوء هذه الظاهرة لدى ابنه المراهق، وذلك حين يهمل تربيته التربية الايمانية الصحيحة، وفي الوقت نفسه يقسو عليه ويحرمه من الحب والعطف والحنان الذي هو في امس الحاجة اليه مما يدفعه الى التعلق بالآخرين بحثاً عن الحنان المفقود ومن هنا تبدأ المشكلة.
قلق واكتئاب
واضاف الشيخ المسند: ان هذه الظاهرة ليست كما يظن البعض مقصورة على مجتمع الفتيات، بل هي في مجتمع الفتيان ربما تكون اشد ضراوة، حتى ان بعضهم وصل به الحال الى الاجهاز على نفسه بمسدس كما نشرت الصحف المحلية قريباً بسبب مشكلة عاطفية مع شاب آخر.
اما اضرار هذه الظاهرة فهي كثيرة، منها: ماسبق من ازهاق الانسان نفسه بغير حق، وقد يزهق روح غيره، فيخسر المجتمع واحداً من افراده كان بالإمكان ان يكون عضوا نافعاً منتجاً.
ومنها: القتل المعنوي للنفس وذلك بتعلقها بغير خالقها سبحانه، وما يترتب على ذلك من الشقاء والحسرة، والانشغال عما ينفع بما يضر، وما احسن قول الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميْت ميّت الأحياء
ومنها: حرمان الأمة والمجتمع المسلم من طاقات شبابه، بما يضعفه، ويقوّي أعداءه عليه.
ومنها: الاضرار النفسية التي تلحق بصاحبها من قلق واكتئاب وغيرهما.
ومنها: إيذاء الآخرين ومضايقتهم، وإضاعة الأوقات الثمينة عليهم.
ومنها: الوقوع في الفتنة، وربما الفاحشة والعياذ بالله تعالى.
ومنها: الفشل الدراسي، وضعف التحصيل العلمي، وما يترتب على ذلك من ضياع المستقبل.
ومنها: سقوط الكرامة وذهاب المروءة.
ومنها: سوء الخاتمة والعياذ بالله، كما حصل لكثير ممن ابتلوا بهذا التعلق الشيطاني.
الى غير ذلك من الاضرار.
ابحثوا عن السعادة الحقيقية
وقال الشيخ المسند ختاماً فإن اخاطب في هذا الشأن فئتين:
الاولى: فئة الفتيات والفتيان الذين ابتلوا بهذا الداء، فأقول لهم: انكم لو ذقتم حلاوة الايمان ولذته ونعيمه، وتعلقت قلوبكم بالله وحده، لعرفتم حقيقة ما انتم فيه، ولوجدتم السعادة الحقيقية التي تبحثون عنها.
وإن أردتم العلاج، فهو سهل ويسير على من يسره الله عليه، المهم ان يكون الانسان صادقاً في طلبه، ويمكن تلخيصه فيما يلي:
1 تطهير القلب من كل ما سوى الله، وذلك اولاً بالتوبة النصوح بشروطها المعروفة، ثم المحافظة على الصلوات الخمس وما أمكن من السنن الرواتب والنوافل.
2 اللجوء الى الله بصدق وإخلاص، لاسيما في اوقات الاجابة كالثلث الأخير من الليل.
3 تذكر الموت وسكراته، والقبر وظلمته، والخوف من سوء الخاتمة.
4 المداومة على ذكر الله، ولاسيما قراءة القرآن، وأذكار الصباح والمساء بتدبر وتفكر.
5 قطع الصلة بكل من تعلق به القلب غير الله والبعد عنه، وعن كل مايذكر به، فالزمن كفيل بإخراجه من القلب.
6 قراءة الكتب النافعة والاستماع الى الاشرطة المؤثرة، ومن أحسن ما كُتب في ذلك ماكتبه الإمام الجليل ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابيه «الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي» و«إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان»
7 الابتعاد عن العزلة، والمشاركة الفعالة في النشاطات المفيدة، سواء العائلية او غيرها، بقدر ما تسمح به الظروف والأحوال.
اما الفئة الثانية، فهي فئة الآباء والمربين، فهؤلاء عليهم المسؤولية الكبرى في تربية النشء تربية ايمانية صحيحة منذ الصغر، وغرس محبة الله في قلوبهم، بحيث لاتتسع لغيره، ومنحهم مزيداً من الحب والحنان والعطف والرعاية لاسيما في فترة المراهقة بلا إفراط ولا تفريط.
وبعد:
فإننا لم ندخل بعمق في «تشريح» الظاهرة أخلاقياً ودينياً ومجتمعياً.. فالإفراز كما قلنا طبيعي في كل مجتمع بشري، وحسبنا ان الامر عندنا مازال نادر الحدوث، وقد لايلحظه الكثيرون.. لكننا على أي سعينا لفتح «ملف» مازال صغيراً جداً، عسى ان يكون بوابة نعبر من خلالها ركام الحياء السلبي.. إلى التعاطي الايجابي امام ماقد يقلق مجتمعنا، ولعلنا بذلك الاسطر قد علقنا الناقوس.. وتبقى مهمة الجهات المهتمة بدراسات المجتمع وعلم النفس ان تسعى ل«التشريح»، كما يبقى من قبل مهمة التربويين في المجالات الدينية والاكاديمية لمعالجة الامر وفقاً للرؤى المرعية المتخصصة.. فنسلم جميعاً من شرور تعصف بالبشر.. ولا نملك ان نكون استثناء من آثارها!
الواجب التوجيه والتنبيه
وفي اجابة لفضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن جبرين في كتاب «اختي الطالبة» الذي اصدرته دار القاسم حول سؤال يقول: كثر في المدارس ظاهرة «الاعجاب» وذلك ان تتعلق الطالبة بحب معلمة من اجل اناقتها او جاهها او جمالها «محبة دنيوية»، او تتعلق طالبة بطالبة اخرى فتكثر من الحديث عنها وكتابة اسمها على دفترها، وقد ترسل لها رسائل اعجاب بشخصها، وبالجملة تكون «محبوبتها» وهي شغلها الشاغل، فما حكم هذه المحبة الدنيوية؟ وما الفرق بينها وبين الحب في الله، علماً بأن بعض صاحبات الاعجاب قد وقعن في الشذوذ الجنسي والعياذ بالله ؟!
فأجاب فضيلة الشيخ الجبرين قائلاً: ورد في الحديث الصحيح «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه الا لله» الخ، فالمحبة الجائزة او الواجبة هي المحبة لله وفي الله، ومن آثارها: ان يقتدي بالمحبوب في اعماله الصالحة، ويطيعه في نصائحه، وان ينصحه عند وقوعه في خطأ او زلل.
فأما مثل هذه المحبة التي هي من آثار الاعجاب بالجمال والاناقة واللياقة، والتي يكون من آثارها: التعلق بالمحبوب، ومحاكاة افعاله، وتقليده في سيره ومنطقة وسائر احواله، مما يدل على تعلق القلب به، فانها محبة شهوة وعشق وميل الى فعل الفاحشة، وسواء كانت محبة رجل لامرأة وشغفه بها، بحيث يكثر من ذكرها ويتضمن ذلك في شعره كما حصل من «مجنون ليلى» و«كثير عزة»، او محبة رجل لرجل كالذين يعشقون المردان من الشباب ويحاولون الالتصاق بهم مهما استطاعوا، او من امرأة لرجل كما حكى الله عن امرأة العزيز مع يوسف عليه السلام قال تعالى: {وّقّالّ نٌسًوّةِ فٌي پًمّدٌينّةٌ \مًرّأّةٍ پًعّزٌيزٌ تٍرّاوٌدٍ فّتّاهّا عّن نَّفًسٌهٌ قّدً شّغّفّهّا حٍبَْا إنَّا لّنّرّاهّا فٌي ضّلالُ مٍَبٌينُ} [يوسف: 30] وهكذا قد يكون من امرأة لاخرى وذلك قليل في التاريخ، لكن لا يستغرب حدوثه في هذه الازمنة التي حصل فيها ما يثير الغرائز ويدفع الكوامن ولو من المرأة مع اخرى وهو ما يعرف «بالسحاق ويعرف الآن بالشذوذ الجنسي» هو محرم، وكذلك وسائله من المبالغة في الحب لمجرد الجمال والحسن وهكذا ما يؤدي الى ذلك، فالواجب التوبة عن جميع ما ذكر، وتعلق القلب بالله تعالى والله اعلم.
|