Friday 3rd May,200210809العددالجمعة 20 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الثأر لا يموت الثأر لا يموت
د. محمد الشويعر

الشعب الفلسطيني المسلم، يعاني الويلات والتشريد، منذ عام 1948م 1367ه عندما حققت الدول ذات النفوذ، وعد بلفور بإيجاد وطن لليهود في فلسطين، وكما هو شأن العدو الصهيوني المكر والخداع والاتكاء على أكتاف من أعطوهم الوعود.. لعدم قدرتهم الانفراد بالعمل.. لأن الله ضرب عليهم الذلّة..
حدثت في تلك الأيام مجازر في عدة أماكن أبرزها الانتهاكات والتّصفيات في دير ياسين، ثم في كل عام يكون لهم فيه جولة بقوة مدعومة: سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، يتباكون ليزيدوا الدعم وهم المتسلّطون.. كما فعل أجدادهم من قبل: عندما حاولوا قتل أخيهم يوسف عليه السلام، فرموه في الجب «البئر العميق» وجاءوا على قميصه بدم كذب، ليوهموا نبيّ الله يعقوب عليه السلام، عندما دخلوا عليه وهم يبكون ليخبروه بأن أخاهم قد أكله الذئب.
وقد تباكى شارون، وهو ينفّذ المذابح في صبرا وشاتيلا، بلبنان كما تباكى من قبله من نفّذ مذابح دير ياسين، وها هو اليوم يفتخر ويتعالى بمذابحه للنساء والأطفال والضعفاء العزْل في جنين، وما حولها، بعد أن استعمل قواته الأمريكية الصنع، المتطوّرة علميّاً وصناعيّاً، في ضرب المدن الفلسطينية لمدة ثمانية أيام بالبر والبحر والجوّ.. وقد شهد العالم بما حصل للفلسطينيين في جنين وغيرها من تدمير وتقتيل ووحشيّة وصدق الله في قوله الكريم عن صفات هذه الفئة التي لعنت في كتاب الله عدة مرات، إذ يقول {لا يٍقّاتٌلٍونّكٍمً جّمٌيعْا إلاَّ فٌي قٍرْى مٍَحّصَّنّةُ أّوً مٌن وّرّاءٌ جٍدٍرُ بّأًسٍهٍم بّيًنّهٍمً شّدٌيدِ تّحًسّبٍهٍمً جّمٌيعْا وّقٍلٍوبٍهٍمً شّتَّى" ذّلٌكّ بٌأّنَّهٍمً قّوًمِ لاَّ يّعًقٌلٍونّ (14)} [الحشر: 14]
هذه الأعمال والإبادة الجماعيّة، ومحاولة تصفية القيادات الفلسطينية، يظنّها المجرم شارون ومن على شاكلته من حزبه، قاضية على الحقّ الفلسطيني.
لقد أخطأوا في هذا الفهم، لأن الحق لا يضيع وخلفه مطالب، فالجنود الصهاينة، الذين استسلموا لقيادتهم، بالوحشية والفتك، سيذوقون ألم ما عملوه، لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: «بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين».
إن الألم الذي تجرّعته غصص الفلسطينيين في عام 1948م، وما تلا ذلك من مذابح وتصفيات في دير ياسين وغيرها من مدن فلسطين، قد انبعث من جديد، حيث توارثت الأجيال، آثار الألم، وما تركته المآسي من ندبات الجروح، في آماق الأمهات، وآهات في قلوب الثكالى، وحرقة في قلوب العجائز، فنبعت الحماسة في قلوب شباب الانتفاضة، الذي لم يجد ما يعبر به ، بعد أن سدت المنافذ أمامه بالسلاح والقوة، فكان سلاحه الحجر، وقوته بإيمانه المستقر في قلبه.
يعبّر عن ذلك ما قرأته منذ أيام في إحدى صحفنا، بأحاسيس من دخل أحد المخيمات الفلسطينية حيث رأى عجوزاً مع حفيدها الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، وبجوارهما شيخ كبير ظنّه في بادئ الأمر والد الغلام وإذا به جدّه..
تحدّث مع الصّغير الذي قد أعدّت له جدته، علبة صغيرة يحّصل فيها ما عزم على توفيره، فساقه الفضول لسؤال هذا الصغير، ماذا يريد أن يعمل؟ قال: إنني أريد أن أوفر ما أستطيع به شراء سكين.. فقال: وماذا تعمل بها؟ قال: لأقتل بها من قتل أبي من هؤلاء اليهود، الذين اغتصبوا أرضنا، وشردونا، وقتلوا أبي وآباء وأمهات الأطفال من أبناء فلسطين.
إن شعباً هذا أمنيات صغاره، وأمة هكذا تنشىء في الأبناء والأحفاد، جيلاً بعد جيل، الآلام التي عاناها ذووهم منذ دنّس اليهود أرض فلسطين، بأقدامهم وتجمّعوا من آفاق الدنيا ليأخذوا بالقوة الأرض والممتلكات، وينشئوا لهم وطناً، لم يعرف في التاريخ أنه ملكهم.
هذا الشعب لن تخمد في قلوب أبنائه الحماسة مها طال الزمن، ولن يجمد الدم في العروق مهما استعمل السفّاحون من أساليب، ولكن أدرك الغرب الأوروبي، وفي المقدمة بريطانيا التي احتضنت في البداية الوعد ثم التنفيذ بقيام دولة صهيونية في فلسطين، فقد تخلّوا عنها بعدما طالعوا وتحققوا من مساوئ شارون وبطانته.
ولسوف يأتي اليوم الذي يستيقظ فيه العقل الأمريكي، الداعي للحقائق التي تجاوزت فيها حكومة شارون الصهيونية، المبادئ والأعراف الدولية، والقوانين الشرعية.
فكثرت المخالفات، وبانت الفضائح بما لا يستطيع تغطيتهم، إلاّ من أعمى الله قلبه قبل بصره.. إن اليهود لا يستطيعون مقاتلة المسلمين بأنفسهم، لجبنهم وخساستهم، وللذلة التي كتبها الله عليهم، إلا بحبل من الله، وحبل من الناس..
فحبلهم مع الله قد انقطع، لما أخبرنا الله عنهم في القرآن: من كذبهم على الله، وقتل أنبيائه، وقولهم قلوبنا غلف، وقولهم يد الله مغلولة وقولهم عزيز ابن الله، وقولهم إن الله فقير ونحن أغنياء إلى آخر الكلام الذي استحقّوا به غضب الله وعقابه، ولعنته، وأنّهم كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله.
أما حبل النّاس فقد بدأت أوروبا تتخلّى عنهم، وسيدرك الشعب الأمريكي وزعامته، خطر هؤلاء اليهود عليهم، وحرصهم على الإضرار بأمريكا ومصالحها، في بلدهم وفي العالم.. كما أدركه وأوصى به من قبل الرئيس الأمريكي بنيامين فرنكلين، عندما نبّه الشّعب الأمريكي إلى خطر اليهود، وأعلن ذلك في المؤتمر الذي انعقد لاعلان الدّستور الأمريكي عام 1779م، حيث قال: هناك خطر عظيم يهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك الخطر، هو اليهوديّة، ويجب منع هجرة اليهود إلى أمريكا بموجب الدّستور.
ذو الوجهين:
ذكر المبرد في كتابه الكامل: أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الخليفة الأموي الأول، لمّا نصب ابنه يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء، فجعل الناس يسلمون على معاوية، ثم يميلون على يزيد، ويسلمون عليه.
جتى جاء رجل ففعل ذلك، ثم رجع إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، إعلم أنك لو لم تولّ هذا أمور المسلمين، لأضعتها.. والأحنف بن قيس جالس: فقال له معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟ فقال: أخاف إن كذبت عقاب الله، وأخافكم إن صدقت: فقال: جزاك الله عن الطّاعة خيراً، وأمر له بألوف.
فلما خرج الأحنف من عند معاوية، لقيه الرجل بالباب، فقال: يا أبا بحر إني لأعلم أن شرّ مَنْ خلق الله هذا وابنه، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال، بالأبواب والأقفال.. فلسنا نطمع في استخراجها إلا بمما سمعت.
فقال له الأحنف بن قيس وهو سيد تميم، وأحد عظماء العرب الدهاة الفصحاء : يا هذا أمسك.. فإن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً.
«الكامل للمبرد 1 :30».

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved