إعداد : يوسف بن ناصر البواردي
إن المتأمل في حياة الناس قبل بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم يقف حائراً مندهشاً من تلك الحياة فقد عاش الناس في جهالة جهلاء وضلالة عمياء، فالناظر في معتقداتهم يجدهم يعبدون الأشجار والاحجار ويتقربون إليها بنفائس أموالهم ويصرفون توكلهم واعتمادهم على غير الله، يقوم احدهم فيعتقد في الخيط وفي الحلقة النفع والضر من دون الله..
ولقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وليقول للناس كافة ويبين لهم أن سبب الفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة هو التمسك بصراط الله المستقيم والاعتماد والتوكل عليه سبحانه وحده دون سواه.
وان المؤسف له في هذا الزمان أن توجد بعض تصرفات المسلمين التي مازالت مستمرة وتذكر بتلك الجاهلية بسبب ضعف جانب التوحيد من تعليق التمائم والحروز والتشاؤم والطيرة المنهي عنها والاعتماد والتوكل على غير الله تعالى..
ومن هذا المنطلق أكد فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحمدان مدير إدارة الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بأن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى وليس في استطاعة أي مخلوق أن يمنع الضر إذا أراده الله له، فالأمر كله لله وبيده فلا حاجة اذاً إلى الالتجاء إلى غيره في رفع ضر نزل أو منعه قبل نزوله، ولا في إيصال الخير أو استمراره، فالله هو المدعو المستعان المرجو لكشف الشدائد وإزالة المكروهات قال تعالى: {وّإن يّمًسّسًكّ پلَّهٍ بٌضٍرَُ فّلا كّاشٌفّ لّهٍ إلاَّ هٍوّ وّإن يٍرٌدًكّ بٌخّيًرُ فّلا رّادَّ لٌفّضًلٌهٌ يٍصٌيبٍ بٌهٌ مّن يّشّاءٍ مٌنً عٌبّادٌهٌ وّهٍوّ پًغّفٍورٍ پرَّحٌيمٍ (107)}، مؤكداً فضيلته انه بسبب ضعف النفوس وقلة الإيمان لدى بعض المسلمين وجدت ظاهرة خطيرة منافية لكمال التوحيد الا وهي التشاؤم من بعض الطيور كالغربان والبوم ومن بعض الشهور وبعض الأيام وبعض الأمكنة أو الأشخاص أو بعض العاهات والصفات ويظن انه يصيبه منها شر لذاتها لا بقضاء الله وقدره وهذا هو الطيرة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم واخبر انها شرك، لأن المتطير والمتشائم يعتقد أن ما يصيبه من المكاره إنما هو من شؤم المخلوق من زمان أو مكان أو شخص فيكرهه ظنا منه انه يجلب له الشر، وينسى أو يتجاهل أن ما أصابه إنما هو بقضاء الله وقدره، وقد كان أهل الجاهلية أيام وثنيتهم وشركهم وبعدهم عن الله يزاولون هذه الأعمال فقد كان الرجل منهم اذا أراد أمراً جاء إلى عش طائر فهيجه عنه فإذا طار عن يمينه وهو السانح استبشر بذلك ومضى في الأمر الذي يريده، واذا طار الطائر عن شماله وهو البارح تشاءم به ورجع عما عزم عليه فأبطل الإسلام هذا التفكير الخرافي.
مشيراً الحمدان إلى انه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا
القدر ليس بخيوط تربط.. وإنما هو سبق علم الله بالأشياء
طيرة ولا هامة ولا صفر) فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفعل العدوى بنفسها دون قضاء الله وقدره، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا عدوى) قال رجل: يا رسول الله إن الإبل تكون في الفلاة كأنها الظباء فيدخلها البعير الأجرب فتجرب كلها، قال عليه الصلاة والسلام (فمن أعدى الأول) ؟ فأشار عليه الصلاة والسلام بهذا إلى ان البعير الأول قد أصيب بالجرب بقضاء الله وقدره بدون عدوى، وكذلك الإبل أصيبت بالجرب بطريق العدوى بقضاء الله وقدره، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا ينفي العدوى مطلقاً لكونها من الأشياء التي يشهد لها الواقع المحسوس وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يورد ممرض على مصح) فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الإبل المصابة بالجرب أو الهيام أن يوردها على الابل الصحاح، وكذلك الغنم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتقاء أسباب البلاء والمباعدة عن الوباء والعدوى، مع التوكل على الله وقال: (فرمن المجذوم فرارك من الأسد).
موت الفجأة
ويستطرد فضيلته بقوله: وجاء مجذوم مهاجراً فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول البلد، وقال له (ارجع فقد بايعناك)، ومثله المصاب بداء الجدري وغيره لأن الله سبحانه وتعالى ربط الأسباب بالمسببات وجعل لكل شيء سبباً ولأن الوقاية خير من العلاج ، ولهذا ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الوباء بأرض فلا تدخلوها) ولما سافر عمر رضى الله عنه إلى الشام ومعه عدد من الصحابة رضي الله عنهم، فلما قرب إلى البلد تلقاه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه خارج البلد وأخبره أن الطاعون قد وقع في البلد فنزل خارج البلد ثم قال يا ابن عباس ادع لي المهاجرين فدعوتهم له فاستشارهم في دخول البلد أو الرجوع فمنهم من قال: توكل على الله وأدخل البلد ومنهم من قال: ترجع ولا تدخل قوموا عني ثم قال: يا ابن عباس ادع لي الأنصار فدعوتهم له فاتفقت كلمتهم على أن أشاروا إليه بالرجوع وألا يقدم بالصحابة على موضع الهلاك، وكان عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه متغيباً فجاء وقال: إن عندي من هذا علم ولقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اذا وقع الوباء بأرض فلا تدخلوها)، فحمد الله عمر على إصابة الحق، ولما عزم عمر ان يرجع بالصحابة وألا يدخلهم الشام وهي وبيئة فقال: إني مصبح علي ظهر فأصبحوا عليه، فقال له أبو عبيدة: أفراراً من قدر الله يا عمر؟ قال: نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله. مؤكداً فضيلته أن الرسل وأتباعهم يفرون من القدر إلى القدر، ويحكمون الأمر على القدر، مع توكلهم على ربهم، فالمرض الذي يصاب به الشخص من قضاء الله وقدره، والدواء الذي يعالج به ليشفيه هو من قضاء الله وقدره، فمنع المصاب المصاب بمرض معدي من دخول البلد ليس من التطير، وإنما هو من الحزم وفعل أولي العزم، وقد سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته لأنه من باب اتقاء أسباب البلاء، والمباعدة من مواقع الوباء، ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم على حائط مائل أسرع بالسير فقيل له في ذلك فقال: (أخشى موت الفجأة) ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت أدوية نتداوى بها وعوذاً نتعوذ بها، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: (بل هي من قدر الله).
ويواصل الشيخ الحمدان مؤكداً أن القدر ليس بخيوط تربط، أو خرز تجمع أو حلقة توضع في اليد والرجل أو حجاب أو حروف مقطعة، بل هي عبارة عن سبق علم الله بالأشياء، فيجب التوكل على الله تعالى ومن التوكل الأخذ بالأسباب الواقية، قال عليه الصلاة والسلام: (تداووا ولا تتداووا بحرام، فإن الله لم ينزل من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا الموت). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «إن الإعراض عن استعمال الأدوية المباحة المجربة، قدح في الشرع، واعتقاد عدم نفعها نقص في العقل، والمؤمن كامل الإيمان مستعمل الدواء وقت حاجته إليه مع التوكل على ربه»، انتهى كلامه رحمه الله وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الطيرة من أمر الجاهلية وأنها لا ترد مسلماً عن حاجته، فقال عليه الصلاة والسلام: (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأت بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لم تسلم منها هذه الأمة ، الحسد والظن والطيرة، ألا أنبئكم بالمخرج منها؟ قالوا: أنبئنا فقال عليه الصلاة والسلام: إذا
ظننت فلا تحقق واذا حسدت فلا تبغ، وإذا تطيرت فامض) فمن الطيرة المذمومة تشاؤم بعض الناس بشهر صفر، فلا يتزوجون فيه ولا يسافرون ، وهو شيء يجدونه في نفوسهم بدون أن يكون له أصل من الواقع، فإن شهر صفر هو كسائر الشهور، يحدث الله فيه الخير والنصر وينزل فيه الوحي ويستجيب فيه الدعاء، فالتشاؤم به هو من الشرك المنهي عنه، ومثله تشاؤمهم بيوم الأربعاء ويقولون: إنه يوم نحس مستمر وأنه اليوم الذي نزلت فيه الريح على عاد، فهم لا يسافرون فيه ولا يتزوجون، ويوم الأربعاء هو كسائر الأيام لا شر فيه بذاته ولا خير، وفي المسند عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الأحزاب يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الظهر والعصر وقال جابر رضي الله عنه: «فما نزل لي أمر مهم غائظ إلا توخيت ذلك الوقت فدعوت فرأيت الاجابة» أو كما قال رضي الله عنه، ومثله تشاؤمهم بما بين العيدين فلا يتزوجون فيه، وأصل هذا التشاؤم أنه وقع طاعون زمن الجاهلية فمات به عدد من العرائس فكانوا يتشاءمون به، ولما سمعت عائشة رضي الله عنها ذلك قالت: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجني في شوال، وبنى بي في شوال فأيكن أحظى عنده مني) تريد بهذا قطع دابر الطيرة والتشاؤم بالأيام والشهور والأزمنة وبعض الجهلة يتشاءم بأصحاب بعض العاهات البدنية كالأعرج والأعور فإذا ما رأى أعور من صباحه تشاءم بيومه كله عياذاً بالله من ذلك.
التمائم والتولة
ويشير فضيلة الشيخ الحمدان كذلك إلى تعليق التمائم وتسمى التولة وتسمى العزيمة وتسمى العوذة والحرز ويسميها العوام بالجامعة يعلقونها على الأولاد وعلى الأجساد وعلى الدواب عن الجان وعين الإنسان وغالب من يعلقها ويتعلق بها هم الهمج والسذج من العوام وضعفة العقول والأديان ينصرف قلبه عن ربه إليها بحيث يعتقد انها هي النافعة الضارة وما شعر هؤلاء الذين يعلقون الحروز على أجسادهم وعلى أولادهم ودوابهم أنهم قد استعجلوا وقوع البلاء والشر ثم يصابون بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم حيث قال: (من علّق تميمة فلا أتم الله أمره أي لا أتم الله له أمره ومن علّق ودعة فلا ودع الله له أي لا
يجعله في دعة وسكون بل في قلق واضطراب) ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل تعليقة فقال: ما هذا؟ قال: علقتها من الواهنة والواهنة مرض معروف عند العرب قال عليه الصلاة والسلام: (انزعها فإنها لا تزيد إلا وهناً، وانك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً) فأخبر صلى الله عليه وسلم أن وضع الحلقة والتعلق بها وعليها لا ينفعه بل يزيده مرضاً وضعفاً، وأنه لو مات وهي عليه لن يحصل له الفوز والفلاح ولما جاء جماعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعونه على الإسلام فبايعهم الا واحداً، فقالوا: يا رسول الله بايعتهم إلا هذا؟ فقال: (إن عليه تميمة فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال: من تعلق تميمة فقد أشرك) مؤكداً الحمدان أننا مأمورون بالاعتماد على الله أولا وقبل كل شيء، ثم أخذ بالأسباب المشروعة فكل عمل وكل سبب لم يؤذن لنا فيه يجب علينا تركه والابتعاد عنه، فتعليق الحروز، ثم الأخذ بالأسباب المشروعة فكل عمل وكل سبب لم يؤذن لنا فيه يجب علينا تركه والابتعاد عنه، فتعليق الحروز يوقع في الشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من علق شيئا فقد أشرك)، ولما رأى ابن مسعود رضي الله عنه على زوجه خيطاً فقال: ما هذا؟ قالت هذا خيط رقي لي فيه،إذا علقته سكنت عيني وإذا حللته قذفت عيني، فقطعه ابن مسعود ثم قال: إنكم يا آل مسعود الأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من علق شيئا فقد أشرك) إنما يكفيك أن تقولي: «اللهم رب الناس، اذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك لا يغدر سقماً»، فالمؤمنون بالله لا يعلقون على أجسادهم ولا على أولادهم شيئا من الحروز والعزائم والجامعات، وإنما يلجأون إلى الأوراد والدعوات الشرعية فهي الحصن الحصين والجانب المنيع فيقولون: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، وقد أنزل الله المعوذتين {قٍلً أّعٍوذٍ بٌرّبٌَ پًفّلّقٌ}، {قٍلً أّعٍوذٍ بٌرّبٌَ پنَّاسٌ }، للاستعاذة بها من كل ذي شر وكان النبي عليه الصلاة والسلام ينفث في جسد، فهذا هو الحصن الحصين، فاحفظ الله يحفظك.
شهر صفر
ويختتم الشيخ الحمدان خطبته بالإشارة والتأكيد على أن ما يصيب العباد من الشر والعقوبات فإن الله قدّره عليهم تعالى: {وّمّا أّصّابّكٍم مٌَن مٍَصٌيبّةُ فّبٌمّا كّسّبّتً أّيًدٌيكٍمً وّيّعًفٍو عّن كّثٌيرُ }، فليس للمخلوق يد في تقديره وإيجاده قال عليه الصلاة والسلام: (واعلم ان الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)، وهذا لا يتنافى أن يجعل بعض مخلوقاته سبباً للخير أو للشر ولكن ليست الأسباب هي التي تحدث هذه الأمور وإنما ذلك راجع إلى مسبب الأسباب وهو الله تعالى، ومطلوب من العبد أن يتعاطى اسباب ويتجنب اسباب الشر قال تعالى: {وّلا تٍلًقٍوا بٌأّّيًدٌيكٍمً إلّى پتَّهًلٍكّةٌ وّأّّحًسٌنٍوا إنَّ پلَّهّ يٍحٌبٍَ پًمٍحًسٌنٌينّ }، قال الحافظ بن رجب رحمه الله: «وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع أفعال بني آدم، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو شؤم عليه»، فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى فالمعاصي والذنوب تسخط الله تعالى وإذا سخط الله على عبده شقي في الدنيا والآخرة، كما أن الطاعات ترضي الله تعالى وإذا رضي الله عن عبده سعد في الدنيا والآخرة، والعاصي مشؤوم على نفسه وغيره، فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس خصوصاً من لم ينكر عليه عمله، فالبعد عنه متعين، مشيراً فضيلته أيضاً لأماكن المعاصي فيتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما مروا على ديار ثمود بالحجر: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم)، فهجر أماكن المعاصي وهجران العصاة من جملة الهجر المأمور بها فإن المهاجر من هجر مانهى الله عنه، فالواجب الحذر من الذنوب فإنها مشؤومة، وعقوبتها وخيمة، ولنعمر بيوتنا وأوقاتنا بطاعة الله ولنعلق قلوبنا بالله خوفاً ورجاءً ومحبة ولنلم أنفسنا ولنعلم أن ما أصابنا مما نكره إنما هو سبب ذنوبنا لا بسوء عمل الإنسان، ومن تشاءم بشهر من الشهور أو بيوم من الأيام أو ساعة من الساعات أو سب شيئاً من ذلك فإنه إنما يسب الله تعالى كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) وفي رواية (لاتسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)، فالعرب كان من شأنها ذم الدهر عند النوازل لأنهم كانوا ينسبون إليه مايصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها فكان مرجع سبها إلى الله تعالى إذ هو الفاعل في الحقيقة وما يجري في الدهر من خير أو شر فهو بإرادة الله تعالى، فالخير تفضل من الله، والشر بسبب ذنوب العباد ومعاصيهم، فالواجب تعليق الآمال بالله والتوكل عليه حق التوكل (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً).
|