يعتبر ما كتب عن الحروب والنزاعات سواء في العصر الجاهلي أو في صدر الإسلام مصدرا مهما من مصادر التاريخ ولقد اعتنى من كتب في التاريخ في هذه الحوادث فكتبوا عنها في تواريخهم.
ولقد كان لحروب الردة دور كبير في تدوين ما حدث عندما ارتدت بعض القبائل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بدور كبير في حرب من ارتد ونظرا لخطورة الموقف فكان لا بد من قائد يقوم بهذه المهمة فتم اختيار خالد بن الوليد سيف الله المسلول رضي الله عنه حيث حارب المرتدين وقضى عليهم.
ويعتبر ما كتب عن حروب الردة مصدراً مهماً عن تاريخ منطقة نجد حيث كان في اليمامة بعض القبائل التي ارتدت وذلك بامتناعها عن أداء الزكاة ولقد كتب كثير من المؤرخين عن حروب الردة في عدد من مؤلفاتهم التاريخية فمنهم من اختصر الحوادث ومنهم من أطال فيها وذكر تفصيلاتها.
ولقد سبق لي ان اطلعت على مجموع الشيخ ابن عيسى في شهر ربيع الآخر عام 1419ه ووجدت فيه معلومات يظهر منها انها نقلت من أحد كتب السيرة ولقد قام الشيخ رحمه الله بنقل ما يهمه من أنساب ومواضع خاصة بمنطقة نجد حيث ان الأحداث وقعت في نفس المنطقة ونظرا لعدم وضوح بعض الكلمات في المخطوط فقد واجهت صعوبات في قراءتها وعجزت عن البعض فتركت مكانها نقاطا وهذه النقولات لم أجد لها ذكرا حسب ما اطلعت عليه من كتب التاريخ التي تخص المنطقة مما يعني ان هناك مصادر تاريخية عن المنطقة ما زالت مخطوطة وقد كان للشيخ ابن عيسى دور في نسخها ولكن ما هو المصدر الذي نقل عنه الشيخ، فقد ذكر الشيخ في خاتمة نقله قوله: وباقي السيرة لا حاجة إليه انما المقصود ما نقلت هنا فقط. مما يعني انه ينقل من احد كتب السيرة وهذا الكتاب طويل فنقل منه الشيخ ما يخص المواضع والأنساب وسوف أذكر النص حسب ما استطعت قراءته وبعض الكلمات كتبتها حسب ما ظهر لي صوابها مع عدم قدرتي على تأكيدها وهذه المعلومات وردت في ثلاث صفحات من المجموع وبعض الأسطر غير واضح بالكلية ولعل من لديه أصل المخطوط يبين ما خفي كما يمكن ان توجد ولو إشارات عن المؤلف الذي لم أكن متأكدا من اسمه.
ونعود إلى النص ففي احدى الصفحات التي تتحدث عن خالد بن الوليد رضي الله عنه ورد النص التالي:
(حتى ملك الخرج والمجاز وأقعد فيه من بني تميم قعيدة ورحل وقصد هيت وأهل السهباء ومعه ابن العنبر أمير أهل الفقي.
ثم ان خالدا رحل ونزل على المنافيح والمصانع فأتاه أهل منفوحة تلك الليلة وأتاه أهل الفقي مع أميرهم ابن العنبر وأتاه العبادل ومن تبعهم فاجتهدوا في القتال فملكوا المصانع وبقية القرى من المنافيح فملكوها وهرب منهم من هرب الى حجر.
ثم سارت بنو العنبر أهل الفقي وأهل منفوحة على القليب والمريدم ثم سار على السيوح والخرج والمجاز. الى ان قال: وكان عبدالله بن المنذر من رجال تميم في الشجاعة والكرم. إلى أن قال: فبرز غاصي بن عافر فارس ضيق وغبيرا«1»).
وفي صفحة أخرى ورد النص التالي:
(ضرية حتى نزل على بني تميم في الشعرا وواسط وصالوا على أهل الهدار ومحرقة ففر أهل الهدار الى رؤس الجبال فنزل خالد بالجيش على الهدار فأخذ كل مافيه ثم سار الى ضرما وفزعت له بنو عامر وعمير في الفين وأرسل خالد الى الأعور بن بشامة فأتاه في خمسمائة وأرسل للحرب الضبي فأتاه في خمسمائة وأرسل لعاصم العكلي فأتاه في خمسمائة وأما أهل الهدار فان فضيضهم وقع في بلدان بني حنيفة وبلغ ذلك مسيلمة الكذاب ومحكم بن الطفيل فأرسل الى بني قشير فأتوه في أربعة آلاف مقاتل وأرسل الى أهل الكرمة ومهشمة وفيشان«2» وهيت والسهباء فأتوه في عشرة آلاف مقاتل أرسل الى بني عدي وبني عامر فأتوه في عشرة آلاف مقاتل واجتمع عنده من المنافيح والمصانع وحجر وعرقة والعرض وضيق وغبيرا ستة آلاف مقاتل واجتمع عنده من أهل المديقر وبني سدوس و..ونهارة والحارث وبني جروة في عشرة آلاف مقاتل.
وباقي السيرة لا حاجة اليه انما المقصود ما نقلت هنا فقط).
وفي صفحة أخرى ورد النص التالي:
(ثم نزل خالد على القصبات فقاتل أهلها حتى أخذها عنوة ثم سار إلى نجيلة واخذها عنوة وسار بالجيوش دون الرمينة بثنية البانات ونزل مسيلمة الكذاب بوضة.
الى ان قال وكتب خالد إلى أبي بكر رضي الله عنهما اما بعد فمن من أخذنا عنوة من أهل القرى فأهل الهدار ومحرقة والثقب وفيشان ومهشمة ومحرقة«3» والكرس ومنفوحة والمصانع والقليت والعرض والوادي.. وضيق وغبيرا والقرية وسدوس والقصبات ونخيلة والسيوح والمجاز وقد قتلت من قاتل فيهن إلا من هرب إلى البحرين وهجر.
ثم كتب إليه أبو بكر أما بعد فإذا جاءك كتابي فأبعث إلى العرب كل من بجوانب اليمامة من تميم وغيرهم فنزلهم في بلدان بني حنيفة.
فبعث خالد إليهم فأتوا فنزلت بنو الأعرج وهم بنو الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم الهدار ومحرقة ونزلت بنو امرئ القيس ما والى مراة حتى غلبوا على مرات وجاءت بنو العنبر بن عمرو بن تميم حتى نزلوا الفقي ونزلت بنو سعد بن قيس بن ثعلبة بن صعب على بكر بن وائل المنافيح والمصانع والخرج ونزلت بنو يشكر بن بكر بن وائل المريديم والقلتة والضيق والوادي ونزلت بنو أنف الناقة بن قريع بن عوف بن كعب بن تميم الحوطة والسيوح ونزلت بنو هزان بن عنزة بن ربيعة المجاز ونزلت بنو سدوس وعمرو.. سدوس ونزلت عكل وهم بنو عبد مناة الوشم وشاركهم بنو عامر.. السيرة المذكورة لا فائدة فيها سوى ما نقلت من هذه الأسباب فقط).
وبعد هذا ما أحببت إيراده حول هذا النص عن حروب الردة لعله يبين لنا اسم الكتاب ومؤلفه الذي يعتبر مصدراً مهماً من مصادر التاريخ في منطقة نجد خصوصا لأنه تعرض لتفصيلات مهمة حول بعض الأماكن واسماء بعض القبائل وعدد الجيوش فيما لا نراه في مصدر آخر حسب علمي والله أعلم.
محمد بن عبدالعزيز الفيصل الرياض
1 موضع بلد الدرعية اليوم يسمى في الماضي بالضيق وغبيرا (مجموع ابن عيسى).
2 مهشمة وفيشان قريتان متصلتان في عوصا نمار (مجموع ابن عيسى).
3 ذكرها مرة أخرى.
|