Thursday 25th April,200210801العددالخميس 12 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في ضوء زيارة كولن باول للمنطقة في ضوء زيارة كولن باول للمنطقة
هل فقدت أمريكا دورها كوسيط نزيه في المنطقة؟
تصريحات أمريكا متباينة ومتضاربة إزاء العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين

* القاهرة مكتب الجزيرة إنصاف ذكي محمد حسن:
كشفت التصريحات الأمريكية الأخيرة إزاء ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن انحياز واضح لما يرتكبه شارون من جرائم في حق الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية، فقد تباينت تصريحات الرئيس الأمريكي بل وصلت إلى حد التضارب فمرة يصرح بضرورة انسحاب إسرائيل من المدن الفلسطينية وفك حصار عرفات فوراً والآن ترفض اسرائيل تنفيذ ذلك.
ثم يعلن أن عرفات لديه ما يقدمه.. فكيف يقدم شيئاً وهو محاصر كما تبيانت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي كولن باول فمرة يعلن أنه لن يلتقي بعرفات ومرة أخرى يعلن مقابلته.. هذه التباينات والتناقضات يراها الكثير من المراقبين بأنها انحياز مشبوه وتواطؤ مع إسرائيل فهل انتهى الدور الأمريكي كوسيط نزيه في أحداث المنطقة، وما هو أثر تدخل أمريكا في المستقبل لحل الصراع القائم والعودة لمسيرة التسوية.
حول هذه التساؤلات استطلعت الجزيرة آراء نخبة من المفكرين والمحللين السياسيين.
إيجاد خطاب إعلامي عربي موحد لمواجهة الهجمةالشرسة
أكد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب أن الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بمساندة أمريكا تعد إرهاباً وتؤدي إلى اشعال التطرف في المنطقة.
وقال الفقي إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في الماضي تقدم نفسها للعالم على أنها راعية للحرية ولحقوق الإنسان ولكن أمريكا بموقفها المنحاز إلى إسرائيل تشعل التطرف في منطقة الشرق الأوسط بمساندتها لإسرائيل ليل نهار وبهذه الصورة المرفوضة عربياً وإسلامياً ودولياً.
وأشار د. الفقي إلى أن مساندة أمريكا لإسرائيل في ارتكاب جرائمها تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتعرضها للخطر بسبب تفاقم الغضب في الشارع العربي لهذا العدوان الوحشي الإسرائيلي والانحياز الأمريكي له.
وطالب الفقي بضرورة إيجاد خطاب إعلامي عربي موحد في هذه الظروف لمواجهة الهجمة الشرسة على منطقة الشرق الأوسط في ظل جرائم شارون والحرب المستمرة ضد الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية.
أمريكا لا تفرق بين الإرهاب وحركات التحرر وتعتبر كل ما هو إسلامي وعربي إرهاباً
الدكتور مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يرى أن القيادة الأمريكية ليست وسيطاً نزيهاً في عملية السلام. فقد تكشف موقفها الأخير المتمثل في اعتبار أن ما يقوم به شارون ضد الفلسطينيين هو دفاع عن النفس عن انحيازها التام والدائم لإسرائيل، فهي تشجع شارون على القيام بمزيد من الأعمال العدوانية وبذلك فقدت الولايات المتحدة الأمريكية ورقة التوت التي كانت تخفي بها عن تحيزها وتواطئها مع إسرائيل.
وأشار علوي إلى أنه في ظل سيطرة الجناح اليميني على الإدارة الأمريكية خاصة ذوي المواقف المتشددة مثل ديك تشيني ورامسفيلد فإن الموقف العدائي ضد الفلسطينيين سوف يستمر خاصة مع استمرار توجيهات الرئيس بوش الأب في عقلية بوش الابن ووجود نفس طاقم الإدارة في عهد بوش الابن.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية محكومان بفكر ومنطق ما بعد أحداث 11 سبتمبر لأنها تريد أن تحكم العالم من خلال منطق محاربة الإرهاب ومن ثم فهي لا تفرق بين الإرهاب وحركات التحرر وبذلك فهي تحاول أن تستخدم هذا المنطق في التعامل مع الدول العربية فتهدد إيران وسوريا والعراق وحزب الله وحماس والجهاد من منطلق محاربة الإرهاب، وفي الوقت نفسه لا تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرهاب شارون ولا تعتبره إرهاباً، وتعتبر كل ما هو إسلامي وعربي إرهابياً.
أما عن زيارة باول وجميع الزيارات التي سيقوم بها مسؤولون أمريكيون آخرون فيقول علوي إنها ستأتي للتهدئة فقط ولتبرير ما تقوم به إسرائيل وليس أكثر من ذلك.
أما الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي فيرى أن الانحياز الأمريكي لإسرائيل ليس جديداً حتى نفاجأ به وأرى أن هذا الانحياز التام سيؤدي لتعرض أمريكا لخسائر في المنطقة على مستوى مصالحها، وأصدقائها في المنطقة.
وأضاف عامر في ظل الجولات الملتهبة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية المحتلة من اعتداءات سافرة ومجازر وحشية ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والرئيس ياسر عرفات لا تملك أمريكا إلا تقديم محاولات تهدئة الموقف العربي، واعتقد أن زيارة باول وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة جاءت لتحقيق عدة أهداف أولها التنسيق مع القادة العرب لتقديم مزيد من التنازلات للحكومة الإسرائيلية للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وفك حصار الرئيس عرفات.
ثانياً محاولة تبرير المواقف الأمريكية الخاصة بدعم إسرائيل خاصة بعد انطلاق دعوات المقاطعة الأمريكية وزيادة الغضب الشعبي العربي.
شركاء السلام شركاء الحرب
ويرى المفكر الفلسطيني خالد الأزعر أن شراكة الولايات المتحدة الأمريكية في السلام تأتي من شراكتها في الحرب لأنها الممول الأساسي للطرف الإسرائيلي وبصفتها المسيطرة على النظام الدولي، ومن هنا أعطت لشريكها الإسرائيلي مساحة أخرى للحركة إقليميا ولذلك من الصعب إحلال الدور الأمريكي بأدوار أخرى بسبب هذه الخاصية باعتبار أنها الطرف المؤثر على إسرائيل مشيراً إلى أنه في حالة وجود تضامن واسع النطاق خلف التسوية السلمية من خلال مشاركة روسيا والدول الأوروبية والتضامن العربي وأيضاً القوى المحبة للسلام فمن الممكن التأثير على الموقف الأمريكي من خلال هذه الكتلة الضاغطة ولكن ما يحدث حالياً هو التواطؤ الأمريكي المستمر ضد العرب ولصالح الإسرائيليين فما يجري من أحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة ردة يشهدها العالم أجمع وهو عار في جبين البشرية التي تعيش قرنها ال21، فالسفاح الإسرائيلي أرييل شارون يقتل ويدمر كل شيء في الأراضي الفلسطينية ويقوم بحملة إبادة جماعية منظمة ضد الشعب الفلسطيني، وعلينا كشف الموقف الأمريكي المتواطىء والمنحاز لإسرائيل. فماذا يعني أن يعلن رئيس أمريكا بوش عن تفهمه لما يجري في الأراضي الفلسطينية من جانب إسرائيل تحت زعم حق الدفاع عن النفس فهذه رسالة واضحة لكي تستمر إسرائيل في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني وقياداته ومنظماته.
الدكتور سيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان يقول:
لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية وسيطاً نزيهاً في عملية السلام ولم تكن قبل ذلك وسيطاً نزيهاً وكل ما كان يحدث هو تدخلها لصالح إسرائيل بطريقة غير مباشرة، ولكن حالياً يأتي تدخلها بطريقة مباشرة وبصورة معلنة وسافرة وأرى أن ما شجعها على ذلك هو تراجع المواقف العربية وأحداث 11 سبتمبر التي أعطت لأمريكا فرصة واسعة لإعلان غضبها تجاه العالم العربي والإسلامي، وأمام تخاذلنا وعدم قدرتنا على إدارة أية أزمة لنا أو حتى إجراء حوار على مستوى الندية لم ننجح في تغيير المفاهيم الخاطئة عنا كعرب ومسلمين حتى يمكن أن يكون للدور الأمريكي فعاليته، فالولايات المتحدة ليست كتلة واحدة ومن ثم فلا تجب محاكمتها من منطلق سياسات جورج بوش لأنه رئيس انتقالي ومن المؤكد أنه سوف يخسر الانتخابات القادمة، وستأتي إدارة أمريكية أكثر شرعية وسيكون للمجتمع الأمريكي موقف من عملية السلام، فوجود التركيبة العسكرية الأمريكية الحالية والتقاؤها مع اليمين الديني الذي يعبر عن الحزب الجمهوري أديا إلى وجود أنماط أخرى من الحرب الباردة والقائمة على صراع الحضارات والاستبعاد والنفي لكل حضارة قد تنافس الحضارة الأمريكية في المستقبل، ومن ثم فإن التحالف العسكري الديني الموجود حالياً في أمريكا ينظر لإسرائيل على أنها جزء من المنظومة الحضارية الغربية.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved