انطلقت عصر يوم أمس الثلاثاء أعمال جلسات ندوة (ترجمة معاني القرآن الكريم تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل) التي افتتحها صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة بحضور معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي ينظم الندوة.
وقد رأس الجلسة الأولى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن المحيميد رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة، حيث ألقيت أربعة بحوث، الأول بعنوان: جهود المملكة العربية السعودية في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم، مقدمة من مركز الترجمات بمجمع الملك فهد بالمدينة المنورة، ويهدف إلى بيان الجهود التي بذلتها المملكة ولا تزال تُبذل في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف لغات العالم من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وبعض الهيئات الحكومية الأخرى كرابطة العالم الإسلامي التي اهتمت بإعداد بعض الترجمات، وذلك من خلال المكاتب والمراكز الإسلامية التابعة لها في الخارج.
واستعرض البحث أقوال العلماء في ترجمة معاني القرآن الكريم، وفصل في أنشطة مركز الترجمات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وتحدث عن الترجمات الصادرة عن المجمع والترجمات الجاري طبعها، أو دراستها، أو إعدادها، كما تحدث عن مكتبة المركز وما تحويه من ترجمات نادرة، لتمكين المسلمين الناطقين بغير العربية من فهم القرآن الكريم وحمايتهم من الترجمات المنحرفة.
أما البحث الثاني، فكان بعنوان (ترجمة سورة الفاتحة دراسة مقارنة في أشهر ترجمات القرآن الكريم)، وبين الباحث الدكتور زيدان بن علي جاسم في بحثه: أن سور الفاتحة تتمتع بمنزلة عظيمة في القرآن الكريم، وقلوب المسلمين، وعقولهم، وحياتهم اليومية، إذ إنها تلخص القرآن الكريم كله بسهولة ويسر، وجمال وشمول وكمال، واستهدف البحث إجراء دراسة مقارنة لكيفية ترجمة سورة الفاتحة في ثماني ترجمات للقرآن الكريم، وهي لرودويل (1909/1992م)، وآربري (1989/1956م)، وداود (2000/1956م)، وبكثول (2000م)، وبيولي (1999م)، وعلي (1410ه)، والمودودي (1988م)، والهلاي خان (1417ه)، ولقد تم اختيار هذه الترجمات لمترجمين من ديانات وأجناس شتى: فمنهم النصارى الإنكليز، وهما رودويل، وآربري، ومنهم اليهود كداود، ومنهم المسلمون من الإنكليز، وكيكول وبيولي، ومنهم الهنود كعلي والمودودي، ومنهم العرب والأفغان كالهلالي وخان، والسبب في هذا الاختيار هو أن الترجمة مهما كان نوعها تتأثر برؤية صاحبها، ومذهبه، فإلى أي مدى أثرت تلك المعتقدات في تلك الترجمات؟ وما نقاط الشبه والخلاف فيما بينها على المستوى اللغوي والدلالي، والأسلوبي والجمالي؟ وفي الختام نوصي بأحسن الترجمات التي تناسب القارىء والدارس والمتعبد.
وعن ملاحظات على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الهولندية للمستشرق الهولندي الدكتور فريد ليمهاوس كان بحث الدكتور سفيان بن ثوري سريجار حيث استهل بحثه قائلاً: ظهرت أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الهولندية في عام 1641م بألمانيا غير أنها لم تكن ترجمة مباشرة عن العربية، بل كانت نقلاً عن اللغة اللاتينية، وأعقبتها ترجمات أخرى لم تكن مباشرة عن العربية أيضاً، وفي عام 1859م قام طولنس بتقديم ترجمة جديدة أخذاً عن أربع ترجمات سابقة.
وفي عام 1934م صدرت ترجمة جديدة من قبل جماعة الأحمدية، وشأنها شأن ما سبقها فلم تكن مباشرة ولكن عن ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجليزية لمحمد علي، وتحتوي زهاء 190 صفحة تمتلىء بالدعاية للأحمدية، واستمر نشاط الترجمة إلى اللغة الهولندية حيث بدأ المستشرق كرامر ترجمة مباشرة عن اللغة العربية لكنه لم يتمكن من إكمالها، ثم جاءت ترجمة المستشرق الهولندي ليمهاوس في عام 1989م.
وقام الباحث بإنجاز ترجمة جديدة في عام 1996م، وفي هذا البحث الموجز تعرض الباحث لمناقشة ترجمة لميهاوس، وهي ترجمة مباشرة من اللغة العربية وتتميز بسهولةلغتها، فقد استخدم المترجم اللغة الهولندية المعاصرة، ولا شك أن هذه الترجمة تيسر للمسلمين الناطقين باللغة الهولندية وغيرهم فهم القرآن الكريم، ومع أن المترجم بذل جهداً كبيراً إلاَّ أن ترجمته هذه حوت أخطاءً، وقام الباحث بتفنيد بعضها، وتناول البحث حياة المترجم، والإشارة إلى بعض مؤلفاته، وأورد بعض آراؤه في القرآن، واستعرض منهجه في الترجمة، وأورد البحث بعض الملاحظات والتصويبات والاقتراحات.
والبحث الرابع كان دراسة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية التي أعدها ريجيس بلاشير للباحث الشيخ نودي سوريبا كمارا تحدث في مقدمة البحث عن أهمية الترجمة والتبليغ والاتصالات، وعن كونها سلاحاً ذا حدين يستعمله أهل الخير للخير، وأهل الشر للشر، ثم ألقى نظرة خاطفة على تاريخ ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية، التي كانت وما زالت تستهدف محاربة القرآن الكريم بالقرآن الكريم وفي هذا النطاق استعرض الباحث تطور الترجمة الفرنسية، حتى وصل عددها إلى العشرات.
وأشار إلى ردود فعل المسلمين حيالها، ثم تحدث بشيء من الإسهاب عن بلاشير وترجمته لمعاني القرآ ن الكريم، فلخص سيرته الذاتية، وأتى بأمثلة من ترجمته توضح موقفه العدائي من القرآن الكريم، ثم أشار إلى بعض أخطائه النحوية واللغوية فيها، كما نقل آراء بعض القراء فيها.
وقد وقع اختيار الباحث على ترجمة هذا المستشرق؛ لأنه من ألمع مستشرقي فرنسا في القرن العشرين، وقد تمكن عن طريق التمويه والازدواجية من الوصول إلى عضوية المجمع العلمي العربي بدمشق، وعلاوة على ذلك هو أستاذ بجامعة السوربون، وله عدة مؤلفات في الأدب العربي؛ وبناء على هذه الاعتبارات يعتمد كثير من المثقفين في اللغة الفرنسية على ترجمته؛ لذلك رأى الباحث ضرورة الكشف عن حقيقة هذا الرجل في هذا البحث لئلا ينخدع هؤلاء المثقفون بسعة أفقه الثقافي، وليعرفوه على حقيقته.
وفي الجلسة الثانية التي رأسها الشيخ عبدالعزيز الفالح نائب الرئيس العام لشؤون الحرم المدني، تمت مناقشة أربعة بحوث، الأول بعنوان: «حول ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الروسية» مقدم من الدكتور عبدالرحمن بن السيد عطية: حيث قدم الباحث تمهيداً عن أهمية علم الترجمة ومنجزاته، ثم تحدث عن دوافع ترجمة القرآن لدى المستشرقين الروس، ثم قدم سرداً تاريخياً لأبرز ترجمات معاني القرآن الكريم، فأول ترجمة هي التي قام بها الأمير ديمتري كاتنتامير بناء على تكليف من قبل القيصر الروسي بطرس الأول، ثم جاءت ترجمة أندريا دوريا، وقد صدرت ترجمته في باريس عام 1647م، وأنجزت المحاولة الثالثة في الربع الأول من القرن الثامن عشر، ثم ظهرت ترجمة الكاتب المسرحي ميخائيل إيفانوفيتيش، وكانت الترجمة عن الترجمة الإنجليزية التي قام بها جورج سيل سنة 1734م، واستعرض الباحث الترجمات الأخرى، وسجل عليها بعض المآخذ النقدية، ثم دعا إلى القيام بتفسير للقرآن الكريم، ثم يُترجم هذا التفسير إلى اللغة الروسية وعرض نموذجاً لما ينشده.
والبحث الثاني للدكتور هيثم بن عبدالعزيز ساب بعنوان دراسة لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية (القرآن مترجماً) للمستشرق آرثر ج. آربري وقد استهدف البحث إلى تقويم ترجمة المستشرق الإنجليزي آرثر ج. آربري لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية عن طريق دراستها شاملة، إذ إنها تعد من أبرز الترجمات الإنجليزية المعاصرة لمترجم غير مسلم نظراً لمكانتها الكبيرة؛ وكونها ترجمة أدبية راقية، وأيضاً للمواقف الإيجابية للمترجم تجاه القرآن والإسلام من حيث الإنصاف والموضوعية التي تجاوزها إلى الدفاع عن القرآن ضد افتراءات المستشرقين، ولقد تبين بعد تحليل مميزات هذه الترجمة من جانب وأخطائها من جانب آخر أنه يمكن القول: إن ترجمة آربري هي من أفضل الترجمات الإنجليزية لمعاني القرآن، وربما الأفضل بين الترجمات الإنجليزية التي قام بها المستشرقون؛ لكونها بلغة حديثة تمكن المترجم فيها من الجمع بين الدقة والوضوح وسهولة الألفاظ من جهة وبين استخدام الأسلوب الأدبي الفصيح من جهة أخرى.
ورغم فشل المترجم في إدعائه ابتداع أنماط إيقاعية مقابلة لما في النص القرآني من إعجاز صوتي إيقاعي، إلاًَّ أن المترجم نجح في إبراز الأسلوب الأدبي الراقي من خلال حرصه على استخدام ألفاظ وتعبيرات فصيحة باللغة الإنجليزية متناسبة مع بلاغة القرآن الكريم، ولوحظ كذلك خلو هذه الترجمة غالباً من كل ما يمس الإسلام وتعاليمه، إلاَّ أنها كسابقاتها ومن خلال الأمثلة الكثيرة لم تخل من أخطاء لغوية دلالية ونحوية متكررة: من حذف وإضافة وعدم فهم لبعض التعبيرات والألفاظ القرآنية والكنايات، وكذلك الخلط فيما بينها في بعض الأحيان.
أما البحث الثالث فتضمن دراسة مقارنة بين ثلاث من ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإسبانية للدكتور علي بن إبراهيم منوفي والترجمات الثلاث هي ترجمة كورتيس، ترجمة برنيت، الترجمة التي رعاها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
وتضمن البحث مقدمة وعدة فقرات، فتناول المقدمة البحث عن الأسباب التي أدت إلى كثرة ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإسبانية ومنها زيادة عدد المسلمين المتحدثين بالإسبانية، وحرية العقيدة في إسبانيا مؤخراً، ثم ينتقل البحث لدراسة المناهج النظرية التي استخدمها المترجمون الثلاثة، ومدى تطابق ذلك مع ما ساروا عليه في عملهم لصالح المعاني القرآنية.
وانتقل البحث لدراسة بعض إشكاليات ترجمة معاني القرآن الكريم، ومنها الاختلاف الظاهر في الجنس والعدد في بعض آيات القرآن الكريم، ومدى ارتباط ذلك مع عدمه ببعض الظواهر العلمية المكتشفة حديثاً، ثم تنتقل الدراسة لعرض نقدي لترجمة معاني بعض الآيات، ثم خلصت الدراسة إلى ضرورة مراجعة الترجمات الموجودة على الساحة، إذ إن فيها أخطاء قد تخل بالمعنى القرآني، وتنادي بضرورة تكوين فريق من الباحثين في هذا الميدان والاتصال بالمترجمين للتنسيق معهم في طبعات قادمة.
وقدم البحث الرابع الذي جاء تحت (عنوان ملاحظات على ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق الفرنسي جاك بيرك، الدكتور حسن بن إدريس بزوزي) وجاء في مقدمة البحث يعد المستشرق جاك بيرك (19101995) أحد رموز الفكر الفرنسي المعاصر، فهو يستطيع أن يحاضر ويكتب بلغتنا بكل طلاقة، وبالتالي فإن ترجمته لمعاني القرآن الكريم لها أهميتها وقيمتها، ولا سيما أنها تتربع على كرسي الصدارة في الاستشراق الفرنسي.
بيد أنه إذا كان الجهد الذي بذله جاك بيرك في ترجمة معاني القرآن الكريم (استغرق عشر سنوات) كبيراً، فإن المتخصص في علوم القرآن وتفسيره سرعان ما يصطدم وهو يتمعن في ترجمته بكثرة الأخطاء والنواقص، إضافة إلى العديد من الافتراءات التي أوردها في المقدمة المطولة التي ألحقها بالترجمة.
ويعالج البحث المقترح إبداء ملاحظات على منهج المترجم في ترجمته للمعاني القرآنية، وذلك من خلال مباحث تتعلق بحذف وزيادة أجزاء من النص القرآني وما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة، ثم بحث ما يرتبط بالتحريف المعجمي، ثم التنبيه على قلب المترجم لكثير من الحقائق القرآنية من خلال عملية الترجمة، وهناك ملاحظات تتعلق بالأخطاء الناجمة عن سوء الفهم للمعنى القرآني، وأخيراً أنصبت الملاحظات على الجهاز النقدي المرتبط بالحواشي والتعليقات، مبينة خطورة تأثير التعليقات الخاطئة.
وفي الجلسة الثالثة التي رأسها الدكتور مانع بن حماد الجهني الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي ضمت أربعة بحوث، الأول بعنوان (ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية للدكتور مراد هوفمان) حيث أشار الباحث إلى بدء احتكاك ألمانيا بترجمة معاني القرآن الكريم، وذلك 1143م تحت رعاية الأسقف بطرس المكرم رئيس دير كلوني في فرنسا، وقال ثم تتابعت الترجمات، ويعد عام 1649م عاماً متيمزاً في تاريخها إذ شهد طباعة نسخة للقرآن الكريم في مدينة هامبورغ، وقد أحدثت طبعة المستشرق غوستاف فلوجل في مدينة لا يبتغ بلبلة كبيرة لعدم التزامها بما تعورف عليه من ترقيم الآيات. وقد زاد الاهتمام العام بالقرآن الكريم على نحو ملحوظ في ألمانيا في القرن السابع عشر عندما برزت الحاجة لحماية الإمبراطورية الألمانية أمام الهجمات العثمانية.
ولفت الدكتور هوفمان إلى أن أول ترجمة استقت مباشرة من النص العربي فقد صدرت عام 1772م قام بها دافيد ميغرليف في خرناسفورت تحت عنوان: الإنجيل التركي، وأشار الباحث بعد ذلك إلى الترجمات المعاصرة التي بدأت عام 1901م، كما أشار إلى ترجمة مة هننغ وبارت، ثم تحدث عن الترجمات التي قام بها مسلمون من مثل محمد أحمد رسول، وحليمة كروان، وأحمد فون دنغر، ومحمد أمان، وأفادت أن ثمة ترجمات أخرى قيد الإعداد.
والبحث الثاني بعنوان (ترجمة معاني القرآن الكريم بين نظريتين: الدلالية والتداولية)، وقدمه الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الجمهور الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث بدأ البحث قائلاً: ما زالت ترجمة معاني القرآن الكريم مثاراً للجدل العلمي من حيث تصنيف المشاكل التي تعترضها والنظرية المقترحة لحلها، حيث لا يقتصر عمل المترجم على التعامل مع لغتين فحسب، بل مع الثقافة المصدر (الغربية) والثقافة الهدف، فالمشكلات الثقافية تفوق في أهميتها المشكلات الناجمة عن التباين اللغوي سواء في البنية النحوية أو الدلالات المعجمية للألفاظ.
وتضمن البحث ثلاثة أجزاء، عرض في الجزء الأول منه بشيء من الإنجاز لأدبيات الترجمة التحريرية سواء قبل ظهور علم اللغة الحديث أو بعده، وللظروف المختلفة التي أدت إلى ظهور هذه الأدبيات، وما ثار حولها من جدل، منتهياً إلى نظريتين رئيسيتين في الترجمة: النظرية الدلالية والنظرية التداولية. ويختص الجزء الثاني باستعراض المشكلات المتواترة في ترجمة معاني القرآن الكريم على المستويين اللغوي والثقافي ومناقشتها، مع إيلاء عناية خاصة بالمشكلات الثقافية والتمثيل لها من أبرز الترجمات المتداولة. أما المشاكل اللغوية فقد عولجت بشكل مقتضب.
ويعزي هذا الاقتضاب إلى أن التباين على المستويات الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية بين معظم اللغات المعاصرة قد قُتل بحثاً ودراسة وتنظيراً في علم اللغة المقارن وعلم اللغة التقابلي.
وجاء البحث الثالث تحت ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، رينيه خوام، وأندريه شوركي، وجاك بيرك نموذجاً وقدمه الدكتور محمد خير الله محمود البقاعي الأستاذ في جامعة الملك سعود عرض في مقدمته لصورة العرب المسلمين التي ارتسمت في أذهان الغربيين من خلال الصحافة المغرضة، والأبحاث التي قام به باحثون غير موضوعين، تقف وراءهم هيئات معادية للإسلام، ثم جرى الحديث باقتضاب عن إشكالية الترجمة، واستعرض البحث بعد ذلك تاريخ الترجمات الأولى لمعاني القرآن الكريم إلى اللاتينية، وإلى بعض الترجمات التي شكلت معالم في تاريخ هذا المجال.
ثم تحدث الباحث في بحثه عن تاريخ الترجمات الفرنسية مع تقويم كل ترجمة انطلاقاً من ظروف ترجمتها، وأهدافها، وملابساتها، كما تطرق إلى استقبالها في العالم العربي من خلال ما وصل إلى أيدينا من التعليقات والبحوث التي تناولتها. وقرن في خلال ذلك كله الترجمات الفرنسية بأشباهها ونظائرها في اللغات الأخرى، لأن حركة الترجمة مترابطة وكثيراً ما كان بعضها ينجز انطلاقاً من بعضها الآخر.
وتوقف الباحث ملياً عند الترجمات المختارة، موضوع البحث، فتحدث عن طبيعتها، والتقنيات التي استخدمها كل مترجم ومثل للأخطاء التي وقع فيها، وحاول استعراض ردود الفعل المتباينة حول هذه الترجمات الثلاث من خلال النقد الذي أنصب عليها في الوطن العربي، وحذر من خطورة ما قام به أندريه شوراكي، وعرض الآراء المختلفة في ترجمة بيرك، والتقنيات التي استخدمها، ولا سيما مفهوم الحقول الدلالية.
ودعا الباحث في نهاية البحث إلى فكرة الجماعية لتلافي النقص الذي يقع في ترجمة الفرد الواحد.
وتحت عنوان (ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة البلغارية تقرير) قدم الشيخ مصطفى عليش حجي رئيس المجلس الإسلامي في بلغاريا بحثاً تحدث فيه عن دخول الإسلام بلغاريا في القرن التاسع الهجري عندما فتحت الدولة العثمانية تلك البلاد، وقد تعلم السكان القرآن الكريم، لأن أبناء المسلمين بحاجة إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة البلغارية، وإنما كانوا يتعلمون القرآن الكريم بتعلمهم العربية في المدارس وتفاسير القرآن الكريم بقراءة ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة العثمانية. وبعد انهزام الدولة العثمانية وقيام الدولة البلغارية 1878م صارت البلغارية هي اللغة الرسمية، وبقيت الحروف العربية هي الحروف الهجائية إلى عام 1938م حيث أصدر الملك البلغاري قراراً باستخدام الحروف اللاتينية.
وقال في عام 1944م طبقت الدولة الشيوعية عقيدتها، فأصبح المسلمون مضطرين لإخفاء حاجتهم إلى ترجمتهم إلى ترجمة معاني القرآن الكريم، لأن الشيوعية تحارب الأديان كلها.
وأشار إلى أن أول ترجمة للبلغارية كانت بعد الأربعينات من القرن الماضي، وهي ترجمة من اللغة الألمانية، وهكذا كل ما ظهر من الترجمات إما من اللغة الإنجليزية أو التركية، وأول ترجمة من ا لأصل قام بها تسفيتان تيوفانوف، وقد طبعت مرتين عام 1997م وعام 2000م، وقد تميزت بسهولة عبارتها وفصاحتها.
وفي الجلسة الرابعة التي عقدت برئاسة الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، عرضت أمام الندوة أربعة بحوث: الأول بعنوان (معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية ومراعاة خروج الكلام عن مقتضى الظاهر: دراسة تطبيقية على بعض آيات من الذكر الحكيم)، مقدم من الدكتور أحمد بن عبدالله البنيان الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يتناول هذا البحث بعداً لغوياً بلاغياً مهماً في ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، من حيث مدى مراعاتها لأسلوب من أساليب النظم القرآني البليغ، ألا وهو خروج الكلام عن مقتضى الظاهر.
وأوضحت الدراسة أن الترجمتين اللتين تمت دراستهما لا تراعيان هذا الأسلوب البلاغي الرفيع ويصعب عليهما ذلك، وأن هناك بعض الاختلافات اللغوية بين تلك الترجمتين، ومما أوصت به الدراسة أن تتضمن كل صفحة ما تحتاج إليه من تعليقات لسد الفجوة المعنوية والبلاغية ما بين النص العربي والنص الإنجليزي.
أما البحث الثاني فقد كان بعنوان دراسة بعض الترجمات لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة السندية، قدمه الدكتور عبدالقيوم عبدالغفور السندي بجامعة أم القرى، حيث مهد الباحث للموضوع موضحاً أسباب اختيار بعض الترجمات للدراسة عدم إمكان دراستها كلها لكثرتها، ووقع اختياره على خمس ترجمات، وهي: الأمروتية، والإيرانية، والمدنية، والقرشية، والأحمدية (المنظومة) لشهرتها وكثرة تداولها بين الخواص والعوام، ثم عقد مقدمة في ذكر نبذة تاريخية عن بلاد السند وحضارتها وانضمامها إلى الدولة الإسلامية.
ثم ذكر الباحث نشأة الترجمات السندية وتطورها وتوصل فيها إلى أن اللغة السندية هي أول اللغات الأعجمية وأسبقها إلى ترجمة القرآن الكريم إليها، حيث ترجم إليها القرآن الكريم في القرن الثالث الهجري، ولعلها أول لغة تتشرف بترجمة منظومة لكامل القرآن الكريم في شبه القارة الهندية، وتتشرف اللغة السندية بكثرة ترجمات معاني القرآن الكريم إليها بحيث يصل عددها إلى حوالي 100 ترجمة وتفسير.
ومن أجل تلك الأمور وكثرة التصنيف والتأليف فيها توصل الباحث إلى أن اللغة السندية من أهم اللغات الحية العالمية، ولا سيما من أجل صلتها الوثيقة باللغة العربية، حيث إن رسمها مأخوذ من العربية، وتكثر فيها الكلمات العربية، وكانت العربية لغة البلاد إلى جانب السندية في العهد الأموي والعباسي، ثم استبدلت بها الفارسية التي استبعدت في العهد الإنجليزي.
وفي دراسة الترجمات الخمس، توصل الباحث إلى أنها أفضل الترجمات السندية، وأسلمها منهجاً وعقيدة، وأحسنها لغة وأدباً، وأجملها بياناً.
وجاء البحث الثالث تحت عنوان (دراسة ترجمات القرآن الكريم إلى اللغة الإسبانية)، حيث قدمه الدكتور محمد عبدالقادر برادة من المركز الثقافي الإسلامي بمدريد واشتمل البحث على فصلين، أشار في الفصل الأول إلى ترجمة الكتب المقدسة والاهتمام الكبير الذي حظيت به، وتحدث عن حكم الترجمة، وأعطى نبذة تاريخية عن ترجمات القرآن الكريم إلى اللغة الإسبانية، ثم يأتي الفصل الثاني وهو بعنوان (ترجمات القرآن الكريم: دراسة ونقد)، وتحدث فيه عن الكلمات ذات الدلالة المختلفة وقدم أمثلة لذلك، ثم أشار إلى «تدخلات سافرة في الترجمة» وقدم أمثلة لذلك، وتأتي بعد ذلك الترجمة الحرفية وترجمة مالا يترجم وما سماه بفيروس الترجمة، وأشار إلى التعليقات ذات الطابع الأيدلوجي والتعليقات التي تهدف إلى إبراز التناقضات المزعومة في القرآن الكريم، وختم البحث بخاتمة لخص فيها أهم معالم البحث .
وقدم الشيخ عبدالله قاسم الصيني من جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت تاريخ تطورات ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، حيث أشار في الفصل الأول إلى أهمية ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغةالصينية، فالقرآن الكريم نظام كامل لحياة الناس، وعدد سكان الصين خمس العالم، ودعوتهم إلى الإسلام وعبادة الله وفق ما شرع تتطلب ترجمة معاني القرآن الكريم، أما في الفصل الثاني فقد تناول الأوضاع التاريخية لمسلمي الصين قبل ظهور ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغةالصينية، وتحدث في الفصل الثالث عن ظهور ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الصينية في التاريخ الإسلامي للصين.
وتناول مراحل الترجمة، وأنواعها، ومنافعها المتعددة، وتحدث في الفصل الرابع عن ترجمة الأستاذ محمد مكين رحمه الله وترجم له ترجمة موجزة، وقوم هذه الترجمة، وتحدث عن الأخطاء الواردة فيها، ثم تأتي الخاتمة والتوصيات التي رآها الباحث لخدمة مسألة الترجمة خدمة عملية.
|