Tuesday 23rd April,200210799العددالثلاثاء 10 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الهمجية «الشارونية» الهمجية «الشارونية»
فيجاي براشاد

يستمر الجيش الإسرائيلي في اعتداءاته الوحشية على السكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة، أو التي يطلق عليها بشكل أكثر لطفا مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، و اتفاقيات أوسلو التي أنتجت هذا الشكل المخجل من الحرية لم تبدل العلاقة الأساسية ما بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، حيث بقيت الهيمنة الاستعمارية واضحة في كل مظاهر الحياة، فالسلطة الفلسطينية، كما يرى معظم المعلقين المعتدلين، لم يكن لها الحق سوى بإدارة قائمة قصيرة من الأمور، وبشكل يشبه سياسة الوكيل او المستشار الذي يعمل بموجب توجيهات سيده المستعمر.
لكن هذا الشعب مع تاريخ صراعه الطويل، تم الاستخفاف به عبر قطعة أرض اعطيت له من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وأعضاء السلطة الفلسطينية، فمن وجهة النظر الإسرائيلية، يعتبر أي تحرك على منطقتهم معادلا للإرهاب، وفي وقت يتم فيه سحق أي معارضة، فما الذي يمكن أن يقدمه هذا الوضع سوى العمليات الاستشهادية؟ تلك العمليات التي هي نتيجة نهائية للسياسة المشؤومة منذ عام 1967 والتي تحاول سلب الفلسطينيين أي حق في تقرير مصيرهم الامر الذي يعني أن «النزعة الشارونية» خلفت ظروفا اجتماعية مرعبة تقود لهذا الطريق المسدود.
ومع استمرار عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في دك المدن الفلسطينية، فإن ما يجري يرجعنا الى أسوأ جريمة لشارون منذ عقدين وهي مذابح صبرا و شاتيلا عندما قتل بدم بارد 15 ألف فلسطيني بتوجيهات مباشرة من شارون في أيلول عام 1982و سالت الدماء بشكل أكبر مما سال في شوارع رام الله أو جنين اليوم، فما العبرة من تذكر هذه الهمجية عندما يستمر نفس الهمجي في ارتكاب مجازره دون عقاب؟
لم يكن شهر أيلول جيدا بالنسبة للنضال الفلسطيني، فالانتفاضة الحالية بدأت في 20 أيلول 2000، وذلك عندما أرسل أيهودا باراك الجيش الإسرائيلي الى ساحة الأقصى ليدمر السلام ومستقبله السياسي في آن، والتحريض لهذا العنف لم يكن فقط بسبب النزعة الشارونية، بل كان وراءه شارون نفسه، ويرينا سارا روي قبل عشر سنوات من انتفاضة الأقصى كيف ان الفيتو اليهودي الناتج عن اتفاقيات أوسلو يدمر حياة الفلسطينيين كل يوم: فالبطالة خلال التسعينيات بلغت تسعة أضعاف ما بين عام 1992 و 1996، وانخفض إجمالي الدخل القومي أكثر من 18% بينما انخفضت حصة الفرد من الناتج القومي 37% وبشكل دراماتيكي.. ويوضح روي بأن اسباب تراجع الاقتصاد الفلسطيني متعددة لكنها تتمحور حول مجموعة امور مبدأية هي: سياسة اسرائيل في إغلاق المناطق، فهي تحدد وفي احيان تمنع حركة العمال والبضائع من الضفة الغربية وقطاع غزة باتجاه إسرائيل، أو توقف أي تبادل بينهما، أو حتى حركة البضائع الى الأسواق الخارجية ويعتبر هذا العامل الأشد إيذاء للفلسطينيين، وسياسة الإغلاق بدأت عام 1993 مع توقيع الاطراف اتفاقية اوسلو في أيلول من نفس العام، وشهر أيلول هذا هو ابن أيلول الآخر الذي يشكل «أوديسا» الفلسطينيين.
فانتفاضة الأقصى بدأت في أيلول 2000 ليتم سحقها اليوم بمجازر من قبل الجيش الإسرائيلي، ويستنتج روي أن سياسة الإغلاق كانت الاستجابة لإضعاف وتهميش وإنكار الجماعات الفلسطينية.
إن مصمم النزعة الشارونية ليس شارون فقط، بل أيضا الولايات المتحدة بوجهها المحافظ الجديد مثل الكاتب «إيرفان كريستول»، الذي قال قبل عقد من الزمان: من يحتاج للسلام في الشرق الأوسط؟ (وول ستريت جورنال 21 حزيران 1989)، كما كتب أن دولة فلسطينية في غزة لن تكون اكثر من معسكر مسلح يبقى في حرب دائمة مع إسرائيل.
فلماذا على إسرائيل الموافقة على مثل هذا الاقتراح؟ عليها ان لا تفعل وهذا الأمر سينتهي مع إعادة احتلال غزة، والمليون لاجئ الذين يشكلون اليوم سكانها لم يأتوا من الضفة الغربية، ولا يملكون أي علاقات أسرية مع الضفة الغربية ولا حتى ذاكرة من هذه الضفة !!، فهؤلاء الفلسطينيون وحسب كلمات غولدا مائيرلا يملكون حق الانتماء الى هذا المكان منذ ان وجدوا، وهذه تمثل عقيدة الحجز الإسرائيلي حيث يتم التمترس خلف قوة جيش الدفاع ويتم الضرب على أي شخص يتوقع ان يقاوم هذه الذراع الطويلة.
واليوم يقول الرئيس الامريكي ان شارون رجل سلام ، وان ياسر عرفات شخص غير موثوق، نعم إن شارون موثوق إذا أردنا منه أن يغمس يديه بالدم و يحصل على الأسلحة من الولايات المتحدة.

أستاذ العلوم السياسة والدراسات الدولية في كلية ترينتي بلندن
المصدر: صحيفة «كونتر بانش» خدمة الجزيرة الصحفية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved