Sunday 21st April,200210797العددالأحد 8 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

عرفات وشارون الرابحان بين شعبيهما عرفات وشارون الرابحان بين شعبيهما
التدخل الأمريكي المتأخر يهدد بوش بخسارة الشرق الأوسط

  * واشنطن خدمة الجزيرة الصحفية (*)
وجد الرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه بمواجهة رئيس الوزراء العنيد ارييل شارون وداخل معضلة الشرق الأوسط في ظل رفضه مقابلة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات خاصة بعد أن أصدرت إحدى المنظمات الفلسطينية الموالية لعرفات بياناً تعلن فيه المسؤولية عن العملية الاستشهادية الأخيرة الذي حصلت في القدس الشرقية المحتلة.
وباختصار فإنه وبعد ثمانية أيام من تدخل الرئيس الأمريكي في النزاع الحاصل في الشرق الأوسط يبدو أنه متورط بشكل كبير في الصراع الذي حاول جاهدا الابتعاد عنه.
وقد اعتبر ذلك بمثابة مفاجأة بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض الذين عبّروا عن تفاؤلهم حيال الخطة التي دعا إليها الرئيس بوش في عطلة نهاية الأسبوع من مزرعته حيث دعا إسرائيل إلى انسحاب كامل من الأراضي الفلسطينية وطلب من الجانب الفلسطيني إدانة أعمال العنف التي يقوم بها الفلسطينيون ضدالمدنيين اليهود كما أكد على تنديده للتدخل العميق من قبل البلدان العربية.
وقد قال السيد بوش أثناء وجوده في قاعة الجمباز الرياضية في مدرسة كرافورد الثانوية بأنه على ثقة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي «سيستجيب لندائه وسينسحب من الضفة الغربية» وقد اعتقد مساعدوه بأنه وبعد عدة أيام من تدمير معاقل الإرهابيين فإنه يجب على إسرائيل أن تقوم بسحب دباباتها إلى الخلف قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة. ولكن عند ثبوت العكس علق أحد المسئولين في الإدارة الأمريكية بأن «كان ذلك خطأ في التقديرات».
لقد بات الإسرائيليون يشعرون بأنه كفى ما حصل من إرهاب فلسطيني. وانه يجب أن تستمر الحملة العسكرية التي بدأها شارون من أجل القضاء على هذا الإرهاب.
وقد تم لهم ما أرادوا فقد تم إذلال الفلسطينيين وإشعال نيران غضبهم من الطريقة التي يعاملهم بها شارون. وعلاوة على ذلك فإن المسئولين الإسرائيليين يقولون إن السيد شارون قد اكتشف صمت الصقور (أي المتشددين) في الإدارة الأمريكية مثل نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وعلم أن المعارضة الأمريكية لحملته العسكرية ليست قوية. وهكذا فان قراءة ردود الفعل الأمريكية غير المتفق عليها من قبل البيت الأبيض الذي يوصف عادة بالاتزان ووحدة الرأي والصوت هي التي شجعت شارون على الاستمرار في حملته هذه.
وعلى أية حال فقد قال مسئول رفيع المستوى في اشارة منه إلى عرفات وشارون: «لقدحشرنا بين رجلين يبلغ أحد هما الثانية والسبعين والآخر الرابعة والسبعين. ويوجد شيء واحد مشترك بينهما وهو ازدياد شعبيتهما بين شعوبهما». وعندما سئل لماذا شعر الرجلان بأنه لن يكلفهم الأمر شيئاً عند إهمالهما دعوة الرئيس بوش أضاف قائلا: «نحن الآن في اليوم الثامن فقط في معالجة مشكلة مزمنة بدأت منذ2000 عام». وأصر على انه من المبكر جدا الحديث عن زيادة الضغط الأمريكي أو عن تأثير ذلك على مصداقية الرئيس الأمريكي نفسه. وانه لا يزال من الصعب الوصول إلى حل آخر للمشكلة الآن.من الواضح للعيان أن الدول العربية لم تتدخل في الصراع الدائر بما فيها العراق وذلك لرؤية مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه الرئيس بوش على مجرى الأحداث في المنطقة. وان الدول العربية ترتاب دائما وبشكل خاطىء بأنه إذا تم جر البيت الأبيض إلى الدوامة في الشرق الأوسط فانه لن يقدم على ضرب العراق من أجل إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين. ويعتقدون وبشكل خاطىء هم والإسرائيليون أيضا بأن البيت الأبيض يحتفظ ببعض الأعضاء المؤثرين على الإدارة وأنهم سعداء لرؤية شارون يقوم بتحطيم الكثير من قدرة الفلسطينيين بسبب قيامهم بالهجمات الانتحارية.
ويبدو أن الإسرائيليين قد تعالوا بسبب تغاضي الإدارة الأمريكية عن أفعالهم وعدم إيقافهم عند أي نقطة وقد قال مارتن انديك السفير الأمريكي لدى إدارة الرئيس كلينتون:«إنهم يعتقدون أن الرئيس بوش يتصرف ضد غرائزه الطبيعية». وأن الشاهد على ذلك كان منذ حوالي أسبوعين عندما أعلن الرئيس بوش بأن لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وبدا كأنه يعطي شارون الضوء الأخضر للمضي في حملته العسكرية.
وقد يعتقد الإسرائيليون بأنهم لا يزالون يتمتعون بالضوء الأخضر هذا. فالرئيس لم يصرح بأي شيء حول هذا الموضوع منذ يوم الاثنين، كما أن كل من ديك تشيني ودونالد رامسفيلد المعروفين بتعاطفهما الشديد مع إسرائيل لم يصرحا أيضا بأي شيء بالرغم من لقاء ديك تشيني بنيامين نيتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي دعا الى طرد ياسر عرفات من الضفة الغربية.
كما أن الرئيس ياسر عرفات يختبر الرئيس بوش أيضا وهو الرجل الذي لم يقابله أبداً لغاية الآن فقد تم تجاهله كلية في فترة رئاسة بوش خلال الخمسة عشر شهرا الماضية. وقد صرح الرئيس بوش مرارا بأنه لا يثق بالرئيس ياسر عرفات. أما الآن وقد أجبر على إرسال وزير خارجيته للتعامل معه في وقت وصف فيه عرفات بأنه فقد السيطرة على زمام الأمور إلا أن شعبيته قد ازدادت كثيرا عن قبل.
ويقول البيت الأبيض وبدون استهجان بأن كولن باول كان يتعامل بشكل نشط مع الزعماء في الشرق الأوسط منذ الأيام الأولى لإدارة الرئيس بوش وأن الرئيس لا يتحمل مسؤولية سوء الأحداث.
ولكن العديد من الخبراء بشؤون الشرق الأوسط من داخل وخارج الإدارة الأمريكية يقولون إن الرئيس بوش قد تعلم الدرس القاسي بأن الصمت دائما في الشرق الأوسط قد يقوده إلى المؤخرة.
وقد قالت كونديلزا رايس مستشارة الأمن القومي: «الأمر سيأخذ أسابيع أو ربما شهورا قبل أن تتضح الصورة فيما إذا كان تقاعس بوش عن إعادة التدخل في الشرق الأوسط كان دقيقا وصائبا أو أنه جاء بعد أن كان الصراع قد وصل إلى مرحلة اللا عودة.
وبغض النظر عن كل هذا فإنه يتوجب على الإدارة الأمريكية أن تواجه المرحلة القادمة بالإعلان عن خطة سلام أمريكية كما فعل بيل كلينتون والتي من الممكن أن تحول النقاش الدائر حول من يقتل من؟ إلى موضوع إنشاء الدولة الفلسطينية.
وفي الحقيقة فإن هذه عبارة عن خطوة لا يرغب الرئيس الأمريكي بوش في اتخاذها في الوقت الحالي.

(*)صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved