* تقرير - حسين بالحارث - تصوير - محمد درويش:
حين يتحدث صناع السياحة العالميين، وكذلك المثقف والمسؤول عن مقومات السياحة فإنه يعني جملة من أنواع وتصنيفات السياحة ومن هذه التصنفيات: السياحة الثقافية والترويحية والدينية والرياضية وسياحة المعارض والمهرجانات وسياحة المؤتمرات والسياحة العلاجية أما عناصر السياحة فهي وفق صناع السياحة تنضوي تحت ثلاثة عناوين رئيسية تمثل عناصر الطبيعة والترفيه والتسوق ما يعني انهم يتحدثون عن المواقع الأثرية حيث التاريخ وعن الطبيعة حيث متعة البر والبحر وما يحرر الانسان من غابة الأسمنت كما يتحدثون عن النشاط الثقافي من مسرح ومعارض ثقافية وما الى ذلك من صور المتع.
غير ان واقع السياحة في الخليج هو ان القائمين عليها يختزلون مقومات السياحة في صنف واحد هو سياحة التسوق باستثناء مهرجان منطقة عسير الصيفي أما غير ذلك فإن المهرجان السياحي الخليجي عكس جميع هذه المفاهيم بل سخطها واختزلها في عنصر التسويق حيث المردود المادي المباشر وهو بلاشك مهم لدعم الاقتصاد الوطني ولكن لو تمت عملية دقيقة لحصر النتائج لتفوقت النتائج السلبية على هذا العائد المادي فما يجري الآن لا يراعي المكاسب الثقافية والمعنوية بقدر الاهتمام بالمادة حيث نرى تكريسا للمجتمع الاستهلاكي وقبولا غير مقصود بالتغريب الثقافي فالسياحة وفق خطط مهرجانات الصيف هي عبارة عن ملاهي أطفال حديدية وتسوق نسائي جائر ثم يعود الطفل الى عالمه لا يحمل سوى تأصيلا لثقافة «أبطال الديجتال» و«ماوكلي وباقيرا» ومما يدعو للغرابة ان البلاد الخليجية تمتلك مقومات للسياحة لا تمتلكها دول رائدة في هذه الصناعة الخطيرة والمهمة.
وهنا يقول المصور المحترف عدنان شبر: اعتقد أنها فعلا صناعة خطيرة لأن دولا تعتمد عليها اقتصاديا وهي صناعة تحتاج الى خبراء ومبدعين لاستثمار الامكانات المتوفرة في دول الخليج.. وأضاف شبر يوجد لدينا في المنطقة الشرقية مثال حي أثق انه موجود في كل مدينة خليجية وهو وجود قلعة تاريخية بنيت بين عامي 1515 و1521م وهي قلعة تاروت وهذه القلعة موجودة في جزيرة تاروت ولكنها مجهولة حتى من سكان المنطقة بينما يفترض ان يتم تهيئتها من خلال بعض الأعمال وتحويلها الى مقصد سياحي بوضع لوحات ارشادية لها على الطرق وكتيبات توضع مع كتيبات عن مواقع أخرى في أكشاك ترويجية في المطارات والأسواق التجارية الضخمة وأماكن التجمع ويمكن استثمار هذه القلعة اقتصاديا كما يمكن الاكتفاء بها كوسيلة جذب سياحي.
ولفت شبر الى جانب آخر مهم وهو دور وكالات السفر والسياحة التي اكتفت بجانب السفر مؤكدا ان مثل هذه الوكالات يمكنها ان تلعب دوراً حقيقياً في تنشيط واحياء سياحة حقيقية لا تقوم على التسوق فقط وتساءل لماذا لا تنظم هذه الوكالات رحلات سياحية بالحافلات الى المواقع الأثرية والسياحية داخل المملكة وتقوم بتوظيف مرشدين سياحيين يحصلون على دورات متخصصة على عمل الارشاد من خلال معاهد التدريب الأهلية؟!
ومن جانبه تساءل المواطن يوسف عبدالله اليوسف عما يقدم للطفل في مسارح الملاهي التجارية ومدى توافق ما يقدم له مع الثقافة العربية والاسلامية كما تساءل عن غياب جمعيات الثقافة والفنون والأندية الأدبية ودور النشر عن هذه المناسبات وقال: ماذا يضير أن يعرض التشكيليون لوحاتهم في المجمعات التجارية وماذا سنخسر لو قامت دور النشر والجامعات بدورها في نشر العلم والثقافة باقامة معارض للكتاب في المواقع التي يرتادها السياح وتشكل مواقع تجمع وماذا يضير لو نسقت لجان هذه المهرجانات مع الأندية الأدبية والجمعيات الثقافية لتقديم انتاجها كجزء من الموسم السياحي أو ما يسمى مهرجان الصيف.
واختتم حديثه بمفارقة تكشف عدم صحة ما يجري وذلك بقوله: اقضي اجازتي مع أسرتي ولكنني اكتشف انها سياحة نساء وأطفال وأنا كالسائق اتنقل بهم من سوق الى مدينة ألعاب بينما لو وجدت مسرحية أو محاضرة لمفكر معروف مثلا أو معرض صور أو تشكيلي لربما أمضيت وقتا ممتعا منفرداً أو مع بقية أفراد أسرتي أو بعضهم وهنا أود أن يدرك المسؤولون ان هذه الطريقة لن تكسب عمرا مديداً لأن الأب والأسرة يريدون متعة جماعية ومن هنا سوف يعود الناس الى السياحة الخارجية!.
|