Friday 19th April,200210795العددالجمعة 6 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

جِنِينُ جِنِينُ
الدكتور عدنان علي رضا النحوي



لهْفي عَلَيْكِ «جنينُ»! أنتِ جميلةٌ
غنَّاءُ زاهيةٌ ووجهُكِ أَنْضَرُ
ولقدْ طلعْتِ مع الدُّجى نوراً يمو
جُ على الزَّمانِ هُدىً وصبُحاً يُسْفِرُ
ولقد طَلَعْتِ وأنتِ أجملُ رَوْضةٍ
تَغْنَى ووردُكِ في المرابِع يُزهرُ
لهْفي عليك! وكم نواحٍ أقفرتْ
وبقيتِ في مَدَدٍ وساحُكِ أخضرُ
والعطرُ من ردنَيْكِ فوَّحَ فانتَشتْ
ساحٌ وهبَّ المسكُ دونكَ يُنشرُ
شرفُ الميادين التي عَطّرْتِها
برُؤىً تموَّجُ أو دمٍ يتفجَّرُ
لَهْفي عليكِ! وأنتِ آيةُ أمَّةٍ
تَغْفُو ووثبةُ من يُهِيبُ ويُنْذِرُ
يَتَنَفَّسُ التَّاريخُُ في ساحاتِها
عَبَقَ القُرونِ يعيدُه ويُذكِّرُ
ما غاب أمسِ، وكُنْت حَوْمَة جَوْلَةٍ
تثِبُ الفوارسُ في رُباكِ وتزخرُ
صَدُّوا عدوَّ الله عَنْكِ بِثورةٍ
كُبْرى تهُزُّ المجْرمين وتَقْهرُ (1)
الثورةُ الكُبْرى وذِكراها شذاً
وندىً وأنسامٌ ترفُّ وتنشُرُ
ومضيْتِ في التاريخ قصَّةَ أُمَّةٍ
تبْنِي وترفَعُ ما يُعزُّ ويُؤثَرُ
وَرُبَاكِ! مَا أَحْلى الظِّلالَ وَهَمْسَهَا
والذكرياتُ رؤىً تَمُوجُ وَتَبْهَرُ
«عَيْنَ الجَنَائِنِ»! والجَنَائِنُ كُلُّها
ضَمَّتْكِ في وَلَهٍ يُسِرُّ ويَجْهرُ (2)
تَحْنُو عَلَيْك يَظلُّ يَنْشُرُ عِطْرَها
ساحُ الملاحمِ في رُبَاكِ وأَعْصُرُ
لَهْفي عليكِ «جنينُ»! هذي عُصبةٌ
زَحَفَتْ وأهوالُ تُطِلُّ وتُظْهِرُ
تَتَلَفَّتُ الدُّنيا وأنتِ أسيرةٌ
وَحِماكِ في طَوْقٍ يَشُدُّ ويَحْشُرُ
واللَّيلُ يزحَفُ والطفولةُ رُوِّعَتْ
والشَّيخُ يُذهِلُهُ الهوانُ ويأسِرُ
وهوى الأُمُومَةِ والحنينُ وحَيْرةٌ
والأُفْقُ مُرْبدُّ الجَوَانبِ أغْبَرُ
وَشَبَابُكِ الغُرُّ الميامِيُن ارْتَقَوْا
لعُلاً على ساحِ الجهادِ وكَبَّرُوا
زَحَفَ العَدُوُّ! وهجمةٌ دوَّتْ بها
نكراءُ يَدْفَعُها الجُنونُ فَتَفْجُرُ
زُحَفُوا عَليكِ وقد ّتحصَّنَ جُندُُهُمْ
ما بين آلاتٍ تغِيبُ وَتَظْهَرُ
يمضي بدبّاباته وعتادِه
والموتُ يرصُدُ ما يشاءُ وينظُرُ
والطائراتُ تحومُ في آفاقِها
تُلقي عواصِفَ قَصْفِهَا وتُفَجِّرُ
والمِروَحيَّاتُ التي دكَّت مَنَا
زِلَ تَخْتَفي فيها النفوسُ وتُقبَرُ
تَهْوِي على أصحابها فتضُمُّهُمْ
وَكَأنَّهَا تَحْنُو! حَنانُكِ يُذْكَرُ
وَدَوِيُّ دبَّاباتِهم يُلقي اللَّهِي
بَ على الحُقولِ وكلِّ ما هُوَ يُثمِرُ
وَرَمَوْا بألوانِ القنابلِ والرَّصَا
صِ على الشُّيوخِ وكلِّ ما هو يَظهَرُ
عَظُمَ الحِصارُ على المدينة والمخيَّ
مِ والمنازِلِ والنفوسِ وأنذَرُوا
وَمَضَى الشَّبَابُ الصَّامِدُونَ لمعْرَكٍ
دامٍ عَزَائِمُهُمْ أشدُّ وأخْطرُ
شَهِدَ «المخيَّمُ» جَوْلةً لا تَمَّحِيْ
أبداً وَذِكْرَاهَا تهزُّ وتبْهَرُ
ومَضَوا يُلاقُونَ العدوَّ! سِلاَحُهم
صبرُ أبرُّ وذِمَّةٌ لا تُخْفَرُ
بين الأَزِقَّةِ، في الدُّروبِ، بكلِّ مُن
عَطٍَف بطولاتٌ هُنَاكَ تُسَطَّرُ
الصَّامِدُونَ الزَّاحِفُونَ البَاذِلُو
نَ نُفُوسَهُمْ بَذْلاً يُعِزُّ وينْصُرُ
وقَفُوا! وتَلْتَفِتُ العُصُورُ إِليهِمُ
والناسُ آمالٌ تَضِجُّ وَتَجْهَرُ
وَتَسَابَقُوا لِلْمَوْتِ في سَاحَاتِهِ
عزماً يثورُ وهمَّةً تتسعَّرُ
يعلُو هُناكَ الصَّادِقُونَ لجنةٍ
ومنازِلٍ فيها تطيبُ وَكَوْثَرُ
تَتَسُاقُطُ الجُثَثُ النَّدِيَّةُ والشذا
مِسكٌ وريحانٌ يموجُ وعنبرُ
وترى اليهودَ وقد تَعَاظَمَ حِقْدُُهُمْ
يُلْقُونها عبثاً يضلُّ ويفْجُرُ
وتَرَى كَأنَّ الأَرْضَ أضْحَتْ رَوْضةً
تنمو بِها هذي الورودُ وتُزْهِرُ
لَهْفِي عَلَيْكِ «جِنينُ»! أنتِ جميلةٌ
أبهى وأجملُ ما يكونُ المنظرُ
وشَّيْتِ أرضَك بالدماء كأنّما
تُلْقَى الَّلآلئ مِنْ بَنيكِ وتُنْثَرُ
ستظلُّ أرضُك يا «جِنِيْن» غنيّةً
تُرْوى فينبت مِنكِ غرسٌ أوفرُ
لهفي عليك «جنينُ»! تِلك لآلئ
أغلى وأجمل ما يكون الجوهرُ

(1) إشارة إلى ثورة 1936م ودور جنين وقراها فيها.
(2) عين الجنائن: اسم مدينة جنين قديماً.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved