* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
تشهد أسواق النفط حالة من الارتباك أكثر مما كانت عليه فقد ارتفعت اسعار النفط بنسبة 34% بعد إعلان العراق وقف صادرات الخام لمدة شهر احتجاجاً على الاعتداءات الوحشية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية، فقد قرر العراق وقف صادرات النفط من يوم الاثنين الماضي عبر الانابيب المتجهة إلى الميناء التركي عبر البحر المتوسط ومواني العراق في الجنوب لمدة 30 يوماً، ثم يتم بعد هذه المدة النظر، أو حتى ينسحب جيش الكيان الصهيوني من مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني وذلك بدون قيد أو شرط، وأن تحترم إسرائيل إرادة الشعب الفلسطيني وأحدث هذا القرار اندفاع الشراء خاصة بعد احتمال توقف فنزويلا رابع مصدر للنفط في العالم، وتمثل صادرات العراق من النفط مليون برميل يومياً بنسبة 4% من النفط المتداول وهي تحتل المرتبة السادسة بالنسبة لواردات أمريكا من النفط، ونتذكر أن دول«الاوبك» خفضت انتاجها بواقع 5 ملايين برميل يومياً من يناير 2001م لوقف نزيف انهيار الاسعار ونجحت في ذلك، أما ما تشهده الاسواق حالياً من ارتفاع في اسعار النفط وحالة الاضطرابات في فنزويلا وانخفاض انتاجها إلى النصف قد يدعم الهدف من قرار العراق، وخاصة أن فنزويلا تصدر بنسبة 15% للسوق الامريكي، ويمكن أن يكون القرار العراقي ورقة ضغط على أمريكا، وخاصة أن وزير الطاقة الامريكي سبنرابر اهام دعا إلى السماح بالتنقيب عن النفط في منطقة المحمية الطبيعية في الدائرة القطبية الشمالية لتقليل اعتماد امريكا على النفط الاجنبي المستورد، فقد اعلن ان ارتفاع اسعار البنزين في الاسابيع الماضية يثير قلقا شديداً لدى الإدارة الامريكية وهذا قبل قرار العراق حيث قال: ان ارتفاع اسعار البنزين مصدر قلق كبير لهذه الإدارة لأنها تضغط على موازنات الاسر الامريكية العاملة وتزيد كلفة الخدمات والسلع مما يضغط على مستوى معيشة المواطن الامريكي وعلى الاقتصاد ككل،
يرى بعض المحللون بضرورة تعميم القرار على كل الدول العربية والإسلامية وعدم تصدير النفط للدول المساعدة لإسرائيل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، للضغط على اسرائيل لحماية قرارات الشرعية الدولية واستخدام نفس سيناريو ما حدث عام 1973م في حين يرى البعض الاخر أن منظمة الاوبك تسيطر على ثلثي صادرات العالم من النفط وتستطيع أن تعوض النقص في صادرات فنزويلا، والعراق، وكذلك توجد دول خارج الاوبك تستطيع ذلك خاصة بعد خفض انتاج الاوبك بواقع 5 ملايين برميل يومياً،
يرى الدكتور عمرو كمال حموده الخبير البترولي ومدير مركز الفسطاط للدراسات والاستشارات أن ورقة النفط سلاح يمكن استخدامه في الصراع العربي الاسرائيلي، ولها دور سياسي أهم واعمق من دورها الاقتصادي، خاصة وأن حجم الانتاج العراقي الذي يطرح في الاسواق لا يمثل نسبة كبيرة، ولا تؤثر في العرض مع وجود دول تستطيع أن تعوض هذا النقص مثل روسيا والمكسيك وتزيد من الانتاج مما يحافظ على استقرار السوق،
ويضيف أن القرار جاء متزامناً مع الاضطرابات العمالية في فنزويلا مما يحدث ارتباكاً في اسواق النفط وارتفاعاً في الاسعار، مما قد يدفع امريكا الى الضغط على إسرائيل بجدية لحماية مصالحها في المنطقة خاصة أن القرار جاء ايضا خلال زيارة وزير الخارجية الامريكي للمنطقة، ومع تزايد الكراهية من الشعوب العربية والإسلامية بل والعالمية ايضا ضد امريكا وموقفها تجاه الصراع العربي الصهيوني والمنحاز دائماً لإسرائيل،
وأشار أن دول الاوبك لن تزيد من الانتاج لان رفع الاسعار في صالحها، ولتحقيق الخسائر الناتجه عن الانخفاض في العام الماضي، وكذلك الدول خارج الاوبك،
وأوضح أن هذا القرار له واقع نفس أكثر من الاثر الاقتصادي على أمريكا،
ويشير الدكتور عمرو كمال أن القرار يزيد من فاتورة البترول على إسرائيل مما يؤثر بالسلب على الاقتصاد الاسرائيلي إلى جانب الخسائر التي يحققها هذا الاقتصاد بسبب الانتفاضة الفلسطينية، كما يدفع امريكا الى الضغط على اسرائيل خوفاً من تحول شعور قومي جارف بوحدة عربية تضر بمصالح الولايات المتحدة الامريكية، وقال: إن الدول المنتجه حالياً للنفط إذا لم ترفع من انتاجها فسيكون للقرار واقع إيجابي للضغط على المجتمع الدولي لحل قضية الصراع العربي الاسرائيلي وخاصة أن برودة الجو في روسيا الان تمنع المراكب من الخروج إلى جانب زيادة الاستهلاك المحلي وهي من الدول خارج الاوبك،
ويتوقع الدكتور عمرو كمال أن يصل سعر البرميل خلال الايام القادمة إلى 32 دولاراً،
وإذا كانت الدول الصناعية الكبرى تستخدم الخطة الاقتصادية كرد فعل غير عسكري لمواجهة الانظمة الديكتاتورية فهل يمكن أن يكون سلاح البترول وسيلة لانشاء دولة فلسطين والضغط على أمريكا وطفلها المدلل إسرائيل؟!
|