اطلعت على المقال الذي نشر في إحدى الصحف المحلية لإحدى الأخوات مؤخراً في البداية أحب أن ألفت النظر إلى أن التسمية الصحيحة والنظامية للعاملين في جهاز الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي (أعضاء هيئة) وليست (جماعة) على حد قولها، فالفرق بين الاسمين واضح وواسع جداً كان الأليق بالكاتبة حينما أشارت الى انتشار أعضاء الهيئة في كل مكان سواء في الأسواق أو الحدائق أو غيرها، أن تبين فرحها بذلك وسعادتها به، كما هو حال كل مسلم ومسلمة، لأن انتشار العاملين في هذا الجهاز ظاهرة صحية تدل على الالتزام الصادق بالكتاب والسنة والذي ما فتئ ولاة أمر هذه البلاد المباركة يؤكدون على التمسك بهما ثم إن انتقادها لأعضاء الهيئة في الإنكار على النساء اللاتي يضعن العباءة على الكتف أو يقمن بالكشف عن أعينهن، لا أدري ما الباعث عليه؟ إذ إن الأصل في الحجاب الشرعي أن يكون ساتراً لاجزاء البدن كلها، وألا يحجم جسد المرأة، ومن واقع التجربة الميدانية والمشاهدة، والتي لا أظن عاقلاً يخالفني في ذلك أن النساء اللاتي وضعن العباءة على الكتف أقل ستراً بعدة مراحل من بنات جنسهن اللاتي التزمن شرع الله ووضعن العباءة على الرأس، كما أن الشباب في الأسواق لا يتابعون إلا النساء من ذوات عباءة الكتف. وأما بالنسبة لستر العينين فهذا مما استفاضت النصوص الشرعية به وليس هذا محل الإطالة سيما وأن العين محل جمال المرأة ومقياس من مقاييسه، لو تأملنا حال قدواتنا من نساء الصحابة في الازمنة الفاضلة والقرون المفضلة لوجدناهن يكتفين بالنظر من شق واحد لمعرفة الطريق، بينما حال كثير من النساء في زمننا أنهن يكشفن عن العينين كاملتين وما حولهما من الوجنات بغض النظر عما يقمن به من وضع مساحيق الزينة بمختلف أشكالها وألوانها، في زمن ابتعد الناس فيه عن شرع الله وكثر فيه مخالفوه. أما عن سواد العباءة فيكفي فيه قول أم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها لما نزلت: {وّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى" جٍيٍوبٌهٌنَّ...} [النور: 31] خمرن رؤوسهن كالغربان، ولا أعلم أن هناك غراباً أحمر أو أبيض؟ وأود أن أوضح أن أعضاء الهيئة لم يعطوا أنفسهم حق التدخل في شؤون الغير، بل الله عز وجل الذي أمرهم بذلك في مثل قوله :{وّلًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى پًخّيًرٌ وّيّأًمٍرٍونّ بٌالمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ پًمٍنكّرٌ وّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ پًمٍفًلٌحٍونّ} [آل عمران: 104] والنبي صلى الله عليه وسلم بقولن فيما ثبت عنه :«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان» وفي رواية «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل»، ثم يأتي بعد ذلك تخويل ولاة الأمر وفقهم الله لهم بذلك. ما أشارت إليه من تهجم أعضاء الهيئة على النساء بهذه الالفاظ فهذه دعوى، والدعوى تحتاج إلى دليل، ورجال عملهم التصدي لشهوات النفوس الأمارة بالسوء لا بد أن يجدوا في طريقهم من يتقوّل عليهم. كما أوضح بأن من يتعين في هذا الجهاز المبارك وهم على المستوى المطلوب من الخلق الحسن والعلم الشرعي. ما أشارت إليه من وضع بطاقة يعلقها عضو الهيئة، فلهم بطاقات عمل تحمل صوراً لهم، ولم يغفل القائمون على هذا الجهاز وفقهم الله هذا الجانب، ومع ذلك فمكاتب المسؤولين مفتوحة للتوجه بأي شكوى ضد أعضاء الهيئة. أختم بأن أذكرّ هذه الأخت بالله، وأنها محاسبة مستوقفة فيما كتبته، ومجزية عنه يوم العرض على الله.
وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهرَ ما كتبت يداهُ فلا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراهُ |
حمد سليمان الحقيل
واحات الرسالة
|