* واشنطن من كارول جياكومو رويترز:
صوَّر الرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه منذ هجمات 11 سبتمبر/ايلول كزعيم لقوة عظمى ذات تصميم فولاذي لا يتحمل أي معارضة لاهدافه حتى وقف في مواجهة ارييل شارون رئيس وزراء اسرائيل.
فقد واجه على مدى الاسبوع الماضي تحديا كبيرا لسلطته الدولية من اسرائيل اكبر حليف للولايات المتحدة في الشرق الاوسط والتي تحصل على الحصة الاكبر من المعونات الخارجية الامريكية.
وحث بوش الذي اذهله تحدي اسرائيل المتكرر شارون علنا للمرة الثالثة على سحب قواته «دون تأخير» من الاراضي الفلسطينية التي تجتاحها منذ 11 يوما.
وارسل مبعوثه انتوني زيني لتوصيل الرسالة بشكل شخصي في الوقت الذي بدأ فيه وزير الخارجية كولن باول مبادرة امريكية جديدة لوقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وأعلنت اسرائيل مساء الاثنين عن انسحاب من مدينتي طولكرم وقلقيلية لكنها بعد ان فعلت ذلك عادت وحاصرت المدينتين.
ويرى بعض المحللين ان هذه المواجهة لم يسبق لها مثيل وانها قد تمثل صراعا مدمرا بين الولايات المتحدة واسرائيل التي تحصل سنويا على ثلاثة مليارات دولار من المعونات الامريكية.
وقال تشارلز فريمان وهو سفير امريكي سابق «هذه مخالفة مباشرة للرئيس وتحد مباشر».
وقال في حديث هاتفي «يوضح ذلك مدى ما لدى جماعات الضغط الاسرائيلية في الولايات المتحدة من تأثير على السياسات المتعلقة بالشرق الاوسط واعتقد انها تهيئ الرئيس اما إلى استسلام مهين لهذه الجماعات او مواجهة باهظة الثمن سياسيا معها».
لكن الادارة الامريكية وجهت ما يكفي من الاشارات المتباينة التي تظهر ان بوش قد لا يكون متصلبا كما تبدو كلماته، فحتى وقت قريب كان بوش الذي يقود حربه ضد الارهاب في مختلف ارجاء العالم قد اطلق يد شارون فعليا في ملاحقة المقاومين الفلسطينيين في اعقاب موجة من الهجمات الاستشهادية قتل فيها عشرات الاسرائيليين.
وبدأت مهمة باول للسلام هذا الاسبوع بزيارة للمغرب ولن يصل إلى اسرائيل حتى يوم الجمعة وهي فسحة زمنية يقول المحللون انها تهدف لاعطاء شارون فرصة لاستكمال حملته.
ولمحت كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الامريكية إلى ذلك عندما قالت في حديث تلفزيوني «الآن الكل يفهم ان هذه كانت تعبئة عسكرية كبيرة والكل يفهم انه لا يمكن ان يكون هناك انسحاب فوضوي، ليس هذا هو ما نطلبه هنا».
وقال المحللون ان بوش قد يكون صادقا في رغبته في ان تسحب اسرائيل قواتها لكنه يحاول ان يمسك العصا من النصف بأن يستمر في ترك قدر من المرونة لاسرائيل في حين يسعى لتعزيز مصداقية الولايات المتحدة لدى العرب باتخاذ موقف متشدد من شارون.
وبدأت مهمة باول بداية باردة امس الاثنين عندما سأله العاهل المغربي الملك محمد السادس عن سبب عدم توجهه إلى القدس المحتلة اولا.
ومنذ هجمات 11 سبتمبر يجد بوش نفسه محاصرا بين امريكيين متشددين يقولون انه يجب السماح لاسرائيل بسحق الناشطين الفلسطينيين كما فعلت الولايات المتحدة مع مقاتلي تنظيم القاعدة وطالبان في افغانستان وبين آخرين يصرون على ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لا يحل إلا عن طريق المفاوضات.
وقد تعرض لانتقادات حادة من اوروبا ومن العرب الذين يشعرون ان الولايات المتحدة منحازة بدرجة كبيرة لاسرائيل، ويهدد تصاعد الغضب في الشارع العربي نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال عضو ديمقراطي بارز بالكونجرس «إذا كان بوش يريد ان توليه اسرائيل اهتماما» لكان عليه المطالبة بوقف الاجتياح الإسرائيلي قبل ان يبدأ او فور بدئه.
وأضاف انه عندما يلزم شارون وهو جنرال سابق بالجيش نفسه بمسار عمل معين يكون من الصعب حمله على وقفه.
وقال فريمان وهو رئيس مجلس سياسات الشرق الاوسط وهو هيئة خاصة ان بوش يجب ان يفكر في تعليق المعونات الامريكية التي تحصل عليها اسرائيل.
واتهم بعض اعضاء الكونجرس الجمهوريين المحافظين شارون بعدم اظهار «العرفان بالجميل» تجاه الولايات المتحدة بسلوكه هذا، لكن لم يلمح احد إلى ان الادارة تبحث فعلا تعليق المعونات.
وإذا حدث ذلك فإنه سيقابل بمعارضة شديدة من جانب اعضاء الكونجرس الموالين لاسرائيل ومن المرجح ان يضر بوش وحزبه الجمهوري في الانتخابات.
وقد تعلم والده هذا الدرس عندما علق ضمانات قروض اسكان لاسرائيل في عام 1992 في إطار جهود السلام.
|