Saturday 6th April,200210782العددالسبت 23 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

بروح رياضية بروح رياضية
من يدعم الآخر.. الدولة أم الرياضة؟
د. خالد الباحوث

قد يوحي هذا العنوان بأن الموضوع هو جدل فلسفي عن علاقة جزء بالآخر وهل الدولة تدعم الرياضة ماديا ومعنويا او ان العكس صحيح. وفي الحقيقة وان كان الامر يدخل ضمن هذا الاطار والمفهوم الا انني اعني في عالمنا اليوم من يدعم الآخر ماديا هل هي الدولة ام الرياضة؟ او دعونا نحوِّل السؤال الى صيغ تفكيكية ليصبح لدينا سؤالان بدلا من واحد احدهما هل ما زالت الدول تدعم الرياضة ماديا؟ اما الآخر فهو في زمن تحوّلت فيه الرياضة الى صناعة قائمة لها مكوناتها وآلياتها واصبحت جزءاً لا يتجزأ من السياسة الاستثمارية لكثير من الدول هل تم الاستفادة من الرياضة ماديا؟
ففي عالمنا اليوم هناك انماط متعددة لطبيعة العلاقة بين الدولة والرياضة من حيث الدعم المادي للآخر فنجد ان هناك نمطاً من العلاقة يتجه الى اقصى اليمين وهو طريق الغانمين كما يقولون وبه تعتمد الرياضة كليا على الدولة في الوقت الذي نجد ان هناك نمطا مغايرا ويتطرف الى اقصى اليسار وهو طريق الشطار كما يقولون ايضا وبه تساند «أو تدعم» الرياضة الدولة ماليا.
وبين ذلك وذاك هناك انماط متدرجة من حيث طبيعة العلاقة الرابطة.
ولكي تتضح الصورة اكثر دعونا نستعرض بعض الامثلة القليلة والتي تمثِّل من تطرف يسارا ومن اتجه يمينا.
فايطاليا، على سبيل المثال، تقدم احد امثلة الدول التي تطرفت يسارا وهي اي ايطاليا، لم تجعل منذ تكوينها كدولة حديثة وزارة للرياضة كجهة داعمة ماديا لتطور الرياضة ومنشآتها بل ان العكس صحيح وخلال السنوات الاخيرة اصبحت الاندية والاتحادات الرياضية قادرة على دعم نفسها بنفسها وفوق ذلك تحولت الرياضة كصناعة، قادرة على ايجاد فائض مالي يتحول الى خزينة الدولة.
وما يأتي الى خزينة الدولة الايطالية من مساندة الرياضة!! وهو في الواقع يأتي من عدة مصادر متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر ما ينتج من عجلة ودوران الصناعة الرياضية ومنها كذلك الضرائب المختلفة على حقوق النقل التلفزيوني والمنتجات الرياضية وتنقلات اللاعبين.. الخ ومنها كذلك ما يأتي من عوائد التنظيمات والمناسبات والبطولات الرياضية.
وفي الحقيقة فان المراهنات الرياضية «Football Pools أو Totocakia وEnalotto» تظل احد أهم المصادر التي تدعم الخزينة الايطالية فهناك ما يقارب الخمسة عشر مليونا يشاركون في هذه المراهنات في ايطاليا اسبوعيا بمبالغ مالية متفاوتة ويدفع هؤلاء المشاركون الرغبة الجامحة للفوز بالجوائز المالية الكبرى من خلال توقعات نتائج المباريات وفي نفس الوقت فكل مائة بليون ليرة ايطالية يتم دفعها يوزعها المنضمون بنسب ثابتة وهي بالشكل التالي: 34 بليونا تذهب كجوائز مالية كبرى و14 بليونا كمصاريف لتنظيم تلك المراهنات وبليونان للصندوق الرياضي «sport credit bank» 20 بليونا تذهب للجنة الاولمبية و30 بليونا تذهب لخزينة الدولة.
وبالطبع فان المراهنات في المجال الرياضي هي ممارسات لاتوجد في ايطاليا لوحدها وانما تمارس في غالبية الدول الاوروبية ولكنها تستغل في ايطاليا بشكل واضح في دعم الدولة.
وقبل ان ننتقل من اليسار لليمين يجب التشديد اكرر يجب التشديد، بأن الحديث هنا عن المراهنات لا يعني بأي شكل من الاشكال الدعوة لتطبيقه لدينا فهو امر فيه شبهات ومخالفات قد لا يجيزها الدين الاسلامي او انها تتعارض مع معتقداتنا الدينية والامر هنا هو فقط لاستعراض بعض الامثلة المختلفة للعلاقة التي نتحدث عنها.
اما اذا تحولنا من اليسار الى اليمين فسنجد انماطا متفاوتة من العلاقة الرابطة ما بين الرياضة والدولة من حيث الدعم المادي والمعنوي فهناك بعض الدول والتي تتبع نمطا ليبراليا وفيه ينظر الى الرياضة كوسيلة تعبير وكحق مشروع للمواطنين ودور الدولة فيه يتجسد من خلال توفير اساسيات بسيطة وظروف مناسبة لكي تسهل ممارسة الرياضة من قبل الجميع وهو النمط الموجود في بعض الدول الاوروبية كبريطانيا وهولندا والنرويج.
وبعد ذلك نجد نمطا آخر وهو قيام الدولة الى درجة معينة بدعم التطور الرياضي وانشطته خاصة على المستوى الشعبي وكذلك القيام باعداد الفنيين والقادة في المجال الرياضي وهو النمط الممارس في بعض الدول كفرنسا والمانيا.
ثم تأتي بعد ذلك انماط متدرجة من العلاقة منها مثلا اعتبار الرياضة كجزء من الرعاية الاجتماعية وحق الجميع في الممارسة وتقوم به الدولة بدعم الرياضة بأشكال متفاوتة وهو الامر الحاصل في بعض الدول الاسكندنافية او بدرجة مختلفة بالصين.
ثم هناك نوع آخر من نمط العلاقة والتي بها تدعم الدولة التطور الرياضي وانشطته ومنشآته ولكن بمساعدة جهات خارجية ومنظمات دولية.
اما طريق الغانمين او الاتجاه لليمين فهو النمط الذي تنتهجه المملكة وفي الحقيقة فان رعاية ودعم حكومتنا الرشيدة منذ قيام هذا البلد المعطاء للرياضة وتطورها والانشطة الشبابية فانه لا يتكرر في بلد آخر والدولة عندما اهتمت في هذا الجانب الحيوي فهو ادراكا منها رعاها الله الى اهمية هذا الجانب وضرورة البناء الاساسي لقاعدة قوية وصلبة لرياضة وشباب هذا البلد.
ولكن وبسبب ظروف المرحلة وبسبب ما يمر به الاقتصاد الدولي من تقلبات وازمات وهو الامر الذي جعل حكومتنا الرشيدة تتجه نحو خطوات خيرة لانعاش الاقتصاد المحلي وفتح باب الاستثمار على مصراعيه للبدء في هيكلة اقتصادية جديدة تتجاوز احادية الانتاج والتسويق وتبني مقومات واساسيات الاقتصاد الحديث.
ومن هذا المنطلق بدأ مؤخرا طرح فكرة تشجيع الاندية الرياضية الى تنمية مواردها المالية على اسس حديثة قوية وسليمة الامر الذي سيتبعه بحول الله الامر الذي لابد منه الا وهو خصخصة الاندية الرياضية.
سوف احاول باذن الله فتح صفحة جديدة من ثقافة وحوار هذا التوجه للمساهمة وهو حتما سيكون بجهود الجميع نحو قيام الاندية الرياضية على رجليها ومن ثم محاولة الجمع بين طريق الغانمين وطريق الشطار في المجال الرياضي ما امكن ذلك.

فاكس 4871162

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved