Saturday 6th April,200210782العددالسبت 23 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رؤية اقتصادية رؤية اقتصادية
أرواحنا أمانة بين أيديكم يا معالي الوزير
د. محمد الصالح

في الوقت الذي تهيب فيه وزارة التجارة الجميع للتعاون مع الوزارة والإبلاغ عن أي منتجات مغشوشة أو سلع مشكوك في مصدرها وسلامتها وجودتها في كافة الاسواق، نجد أن حجم العقوبات المطبقة من قبل اللجنة المختصة مكافحة الغش التجاري بوزارة التجارة ليست كفيلة بالقضاء على الكثير من ممارسات الغش التجاري التي ترتكب من قبل بعض التجار، بل إنني أعتقد أن ضآلة العقوبات المطبقة على الكثير من مخالفات (بل جرائم في اعتقادي) الغش التجاري انما هو عامل مساعد لدفع اعداد اخرى من التجار لممارسة مختلف انواع وصور الغش التجاري.
وإليكم إحدى ممارسات الغش التجاري التي حدثت في مدينة الرياض والكيفية التي تعاملت من خلالها وزارة التجارة مع تلك الممارسات:
قام احد تجار البسكويت وحلويات الاطفال بالمخالفات (الجرائم) التالية:
1 تزوير كميات كبيرة من كراتين وحلويات الاطفال المنتهية الصلاحية حيث تم استبدال بتواريخها القديمة تواريخ جديدة.
2 عُثر بحوزته على كميات كبيرة من البسكويت والحلويات التالفة والمعدّة ايضاً للتزوير.
3 ان المعمل الخاص بهذا التاجر غير مرخص.
4 ان المعمل غير مستوف الشروط الصحية ويقع في احد الاحياء الشعبية بمدينة الرياض حيث تتم في المعمل عملية التزوير والغش ووضع الملصقات لمعامل مشهورة ومعروفة.
5 ان عدد القطع الفاسدة من البسكويت والحلويات الخاصة بهذا التاجر والتي قامت وزارة التجارة بإتلافها يتجاوز المليون قطعة.
وأمام تلك الجرائم القذرة والتي لايمكن ان تصدر إلاّ من شخص قذر وفي الوقت الذي كنت اعتقد ان التاجر الذي سمح لنفسه بارتكاب مثل تلك الممارسات البشعة لايمكن ان يصنف سوى انه من المفسدين في الارض وبالتالي إمكانية تطبيق حد القتل تعزيراً عليه، نعم ان مثل تلك الممارسات البشعة التي سبق ان ارتكبها هذا التاجر في الماضي ولم تكتشفها وزارة التجارة وراح ضحيتها الكثير من اطفالنا إما وفاةً وإما مرضاً، لايمكن ان تصنف سوى انها جرائم قتل مع سبق الاصرار على ارتكاب مثل تلك الجرائم.
إن مما يزيد القلب حرقة ونحن نرى مثل تلك الممارسات غير الانسانية من قبل ذلك التاجر، أننا نجد أن ماتفضلت به لجنة الفصل في قضايا الغش التجاري بوزارة التجارة من عقوبات لاتتجاوز:
1 غرامة مالية لاتتجاوز عشرة آلاف ريال فقط.
2 إغلاق المحل لمدة شهر واحد فقط.
وعلى الرغم من اعتقادي أن العقوبة المناسبة لمثل هذا التاجر المفسد في الارض هي القتل تعزيراً خاصة وأن الكثير من الاطفال قد تذهب حياتهم هباءً بسبب تلك الممارسات، إلاّ أنني كنت اعتقد أن العقوبات التي ستطبقها وزارة التجارة بحق ذلك التاجر سوف تشمل:
السجن لعدد من السنوات.
الجلد في ساحات عامة في عدد من مناطق المملكة.
التشهير باسم ذلك التاجر وباسم محله او مصنعه.
شطب السجل التجاري الخاص به وإغلاق المحل او المصنع الخاص به.
عدم السماح له باستخراج سجل تجاري مرة اخرى.
نعم فبدلاً من قيام لجنة مكافحة الغش التجاري بوزارة التجارة بتوقيع اشد العقوبات بحق ذلك التاجر المجرم الذي يمثل خطراً حقيقياً على حياة اطفالنا نجد ان اللجنة تكتفي بتغريمه عشرة آلاف ريال (وهي تمثل نقطة في بحر قياساً بحجم الارباح الباهظة التي حققها من تسويقه تلك السلع المغشوشة)، وحيث اكتفت اللجنة ايضاً بسجنه لمدة شهر واحد فقط، فكأن اللجنة بهذا القرار تشجع ذلك التاجر على العودة لتلك الممارسات بعد انقضاء مدة سجنه، كما ان اللجنة بهذه العقوبة تشجع غيره من التجار على ارتكاب مختلف صور الغش التجاري.
معالي وزير التجارة: عرف عن معاليكم الحزم والقوة في التصدي للمخالفين من التجار وللمقصرين من منسوبي الوزارة، وحيث يعلم معاليكم ان التساهل في التعامل مع قضايا الغش التجاري من قبل المختصين بالوزارة إنما يمثل تشجيعاً لبعض عديمي الذمة من التجار (وهم قلة إن شاء الله) بارتكاب مختلف ممارسات الغش التجاري مما يمثل خطورة متناهية على صحتنا وأرواحنا، لذا فإننا نرجو من معاليكم ان تضعوا هذا الموضوع في قمة اهتمامكم، وقد يتفق معي معاليكم على أهمية تضمين انظمة مكافحة الغش التجاري كافة العقوبات القاسية والكفيلة بالقضاء على مختلف ممارسات الغش التجاري، كما انه من الاهمية ان يتصف كافة العاملين في لجان مكافحة الغش التجاري بالوزارة بالحزم وعدم المرونة غير النظامية عند البت في الكثير من ممارسات الغش التجاري.
معالي الوزير، في نهاية حديثي لا أملك سوى ان يدرك معاليكم أن التساهل في مكافحة الغش التجاري سواء من خلال قصور الأنظمة الخاصة بذلك أو من خلال التساهل غير النظامي من قبل القلة من منسوبي لجان مكافحة الغش التجاري إنما هو مساس بتلك الأمانة، وأؤكد على ان صحتنا وأرواحنا هي أمانة بين أيديكم، وأنتم مؤتمنون على ذلك.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved