Saturday 6th April,200210782العددالسبت 23 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

نهارات أخرى نهارات أخرى
جهاد مريم
فاطمة العتيبي

لا أدري أين« أبلة مريم»
تلك المعلمة التي فتحت مداد القصة في أصابعي.. وأشعلت رحيق اللغة الحارقة في قلمي.. حين ابتهجت بدفتري «التعبير» الذي كان يحمل قصة شاب فلسطيني يعود لأرضه.. وأخذتها معها لكل الفصول لتقرأها التلميذات الاخريات.
اختارت هي هذه النهاية لاعلم.. واخترت أنا التفاصيل المؤدية لهذه النهاية وقالت لتلميذات الفصل التي كنت واحدة منهن.. وهي تغالب الدمع الساخن أكتبن قصة هذه هي نهايتها.. «وعاد الشاب الفلسطيني إلى أرضه منتصراً».كان ذلك قبل نحو سبعة عشر عاماً.. أين «مريم» الآن.. معلمتي التي لم أكن أراها إلا متورمة القدمين والعينين تحمل طفلاً في أحشائها.. تعمل وتعلم وتصعد الدرج وتحمل الأوراق والدفاتر والطباشير وتنتظر في كل عام طفلاً جديداً.. كانت تقول هذا هو جهادي الذي أستطيعه..
ان أمد شعبي بالرجال والنساء.. وأن تظل القضية متوارثة تحملها الأجيال المتوالية..
مرت السنوات..
وتخرجت من المدرسة..
وكنت أسمع أنها تذكر قصتي..
وظللت أنا أرى الجهاد النسائي الفلسطيني متشكلاً في ذاكرتي كأعظم جهاد حين أنجبت أنا طفلاً وثانياً وثالثاً.. واشعر أن ذلك من عظائم الأمور بينما كانت تنجب «أبلة مريم» الرقم «13» من أطفالها وهي تبتسم وهي تشعر في قرارة نفسها أن ذلك يسير جداً أمام قضية تناضل من أجلها..
ويتشكل الجهاد النسائي الفلسطيني إلى ما هو أبعد..
فترتدي الفلسطينية فستان عرسها وتزف نفسها إلى الموت لتجر معها عشرين أو ثلاثين من اليهود.
وتسير خلفها فتاة وثانية وثالثة..
ويقف الفلسطينيون الآن.
كأجمل ما يكونون.. أمام أنفسهم
صموداً وهديراً ومواجهة..
ويقف العالم أمامهم كأقبح ما يكون..
متفرجاً.. متخاذلاً..
**ويقف شارون الآن
كخنزير هائج
ترغي الدماء في فمه
«فيبجها» على العالم
ولا يدري أنه يرشق نفسه بالبشاعة.. بينما يمنح ياسر عرفات وهجاً ورونقاً.. يهطل على العالم كله في تهدجات صوته عبر هاتفه المحمول.. ويقف عرفات الآن أكثر من أي وقت مضى.. مجسداً القضية رمزاً سيؤجج الجهاد أن صمد ونجح في إيصال صوته للعالم وإن استشهد ورحل.. فالشعوب لن تنسى حماقة شارون ولن تنسى شجاعة عرفات والمحنة وإن كانت حارقة ولادغة تماماً مثل أفعى.. إلا أنها تضيق لكي تفرج.. والسماء وخالقها بانتظار الدعاء الصادق الواثق برحمة الله سبحانه.. فلا تبخلوا على أنفسكم بالدعاء ولا تبخلوا على أنفسكم بالجهاد كل حسب استطاعته..

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved